«المعددة»موديل 2016.. سيارة خاصة وموظفون بمرتبات مغرية

على الرغم من أننا على مشارف 2017، فإن عادات وتقاليد سيئة مرت عليها آلاف السنين لا تزال متوارثة، منها "المعددة"، التى تستأجرها عائلات بغرض اللطم على الخدود والصراخ والبكاء على المتوفى وإنشاد بعض الكلمات بمصاحبة النساء.
"أم أحمد"، 37 عامًا، كانت تجلس فى غرفة السيدات المعزيات ترتدى العباءة السوداء، ولا تبدو عليها علامات الفقر أو التعب، فالسيدة التى وصلت إلى مكان العزاء بسيارة خاصة، يصل سعرها إلى عشرات الآلاف من الجنيهات وتحمل بيدها هاتفين حديثين، تتحدثُ بلباقةٍ مع الآخرين، غير أنها عندما تبدأ الانخراط فى عملها تلفت إليها الأنظار.
أم أحمد، التى نشأت فى محافظة بنى سويف، وتقيم حاليًا فى شارع السودان بالجيزة، تتلخص مهنتها فى ضرب جسدها ووجهها بالكفوف بأقصى طاقتها، وسط صرخات ونحيبٍ يشاركه بكاء وعويل نساء الفقيد، بينما تلاحقها مساعدتها أو زميلتها فى المهنة "علياء مجدى" ذات 32 عامًا، بالأدعية وتنطق جملًا من نوع "ليه سبتنا يا خويا"، و"هنعمل إيه من غيرك".. إلخ، من تلك التساؤلات التى تجعل المعزين وأسرة الفقيد فى حالة من الحزن والانهيار والبكاء.
أم أحمد تحدثت لـ"الزمان" قائلة: أعمل فى تلك المهنة منذ 7 سنوات، إذ رأيت فى أحد المآتم فى بنى سويف بعض السيدات يتم استدعاؤهن للنحيب على الميت، ففكرت فى الأمر، وكنت أمر بضائقة مالية شديدة، بعد وفاة زوجى أثناء عمله "شيالا"، ولم أجد المال الكافى لإطعام أطفالى، وعندما اشتد الأمر، وجدت نفسى أوزع رقمى على الحاضرين باعتبارى "لطامة" فى العزاءات، ومن هنا بدأ عملى.
وأضافت أم أحمد، بدأت المكالمات تنهال علىّ بكثرة فى الصعيد والجيزة وبعض محافظات أخرى، وسمعتى أصبحت معروفة لدى الأسر التى تحتاج إلىّ.
وتابعت أم أحمد: "فى البداية رفض أهلى أن أسافر إلى القاهرة للبحث عن العمل بلا رجل معى، لكننى صممت على قرارى، وصحبت أطفالى الخمسة، واستقررت للإقامة بشارع السودان بمنطقة المهندسين".
وتكشف أم أحمد أنها تمتلك مكتبًا لإدارة عملها فى نفس المنطقة التى تعيش بها وأنها عينت إحدى بناتها كمديرة لمكتبها لتحجز الأسماء والمواعيد، وتدفع لها مرتبًا شهريًا 1700 جنيه كأى موظف لديها فى المكتب، مشيرة إلى أن لديها 11 عاملًا بعضهم يقوم بالبحث عن من يعملون بنفس المهنة فى منطقتها من أجل حد المنافسة، وآخرون يوزعون الإعلانات الورقية على جدران المساجد وسرادقات العزاء.
وتلفت إلى أن أغلب من يتواصلون معها أشخاص عرفوها عبر آخرين عملت معهم سابقًا، مؤكدة أن معظمهم من الطبقات الشعبية، وأن أسرًا من صعيد مصر والفيوم وأرياف الشرقية، وبعض المناطق فى الجيزة كمنطقة ميت عقبة وإمبابة وبولاق وغيرها من المناطق الشعبية فى مصر يتواصلون معها.
من جهته، يقول الدكتور رشدى أنور، رئيس قسم الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق بجامعة حلوان، إن تلك المهنة تشابه عادات الشيعة فى العراق وإيران وباكستان، وليست من الإسلام الصحيح، مؤكدًا أن التهويل والنحيب على الميت من المحرمات، مشيرًا إلى أن البكاء على الفقيد يهوّن على أسرته، لكن الصراخ والعويل غير مستحبين لدى الفقهاء.