جريدة الزمان

تقارير

تغيرات المناخ تهدد شجر المانجروف بالانقراض

شجرة المانجروف
محمد عبد المنصف -

أدت التغيرات المناخية التي تمر بها مصر والعالم الي تدهور اشجار المانجروف علي شواطئ البحر الأحمر، والتي تشارك في خلق بيئة نباتية نظيفة خالية من "الكربون الازرق" وهو الاسم الذي اطلق علي هذه الاشجار لأنها لا تنمو الا على شواطئ البحار التي تتميز بخاصية المد والجزر كي تستطيع ان تنمو وتعطى بيئة ايكولوجية تتمتع بالاتزان، حيث يوجد بها تناغم كامل بين الانسان والبيئة النباتية والبحرية.

وتتميز هذه الأشجار بقدرتها علي امتصاص ثاني اكيد الكربون المحيط بها من الغلاف الجوي وامتصاص المياه المالحة ، حيث تقوم مادة الكلوروفيل بالأوراق بعملية البناء الضوئي وامتصاص ضوء الشمس لتكوين الكربوهيدرات وانطلاق الاوكسجين بكميات كبيرة وبذلك تتخلص من ثاني اكسيد الكربون المسبب الرئيسي للتغيرات المناخية.

نظرا لأنه يساعد في ظاهرة الاحتباس الحرارى وارتفاع درجات حرارة الجو التي من شأنها أن تؤدى الى المزيد من الكوارث الطبيعية التي يمر بها العالم حاليا من ذوبان الجليد وارتفاع منسوب المياه بالمحيطات والبحار مما سيؤدى الى اختفاء بعض المدن الساحلية بمرور الوقت كما يساهم في خلق العديد من مظاهر تغير المناخ التي نسعى للحد من تأثيراتها الضارة على العالم .

وقالت الدكتور ناهد نور الأستاذ بمركز بحوث الصحراء، ان مصر من بين البلدان التي تتمتع شواطئها بأشجار المانجروف ، حيث تبلغ مساحة المناطق التي ينبت فيها 5 آلاف كيلو متر، بالإضافة الي مساحات أخري في محميات محافظة جنوب سيناء.

أوضحت لـ الزمان" أن هذه الشجرة إحدى أندر النباتات الموجودة على سطح الأرض، حيث تتواجد في الشواطئ الساحلية لثلاث قارات فقط حول العالم هي افريقيا – اسيا- استراليا, وأن من مساوئ ارتفاع درجات الحرارة عن معدلها الطبيعي خلال فصول السنة الاربعة التأثير السلبي على نمو هذه الأشجار مما يجعلها تنمو متقزمة عكس الشجرة التي تنمو في درجات الحرارة المثلي والتي يتراوح طولها بين 3الي 6امتار.

أضافت الدكتورة ناهد ان ظاهرة الجزر تساعد بادرات النباتات الصغيرة، في الانبات الكامل على الشجرة الام، ثم تسقط في الماء الغدقة بعد بزوغ جذور النبتة الصغيرة لتستكمل دورة حياتها.

أشارت خبيرة التنوع البيولوجي الي أن من اضرار التغيرات المناخية الملحوظة قلة سقوط الأمطار وارتفاع درجات الحرارة بصورة تعمل على انخفاض او تقليل حركة الجزر حيث تعتمد النبته الصغيرة على امدادها بالأكسجين من خلال عملية الجزر، وفى حالة نقص اتمام عملية الجذر لا تستطيع النبته اخذ احتياجاتها من الاكسجين خلال الثغور الموجودة على اسطح اوراق البادرات مما يتسبب في موتها.

وحول أهمية هذه الاشجار لمصر أوضحت الدكتور ناهد أن فروعها وجذورها تعمل كحاضنات تسهل تزاوج العديد من الكائنات الدقيقة المصاحبة لها مثل البكتيريا المثبتة للنيتروجين والتي تعتبر أكثر الأنظمة البيئية إنتاجا , كما تعمل على توفير حياه طبيعية للشواطئ التي تتواجد عليها حيث تقاوم وتساعد على الاقلال من عملية النحر وتأكل الشريط الساحلي الذى تنمو به.

أضافت استاذة البيئة انها تعمل على توفير اماكن طعام للعديد من الأسماك، والقشريات البحر التى ينمو بها حوالى ( 35 نوعاً من الأسماك والقشريات لبعضها أهمية غذائية مثل الجمبري والكابوريا والجندوفلى والبوري والشعري وغيرها من الاسماك)، كما تلعب دورا كبيرا في تقديم الغذاء للعديد من الحيوانات البرية خاصة الجمال.

وقالت الدكتورة ناهد ان هذه الأشجار تعمل كمصدات طبيعية للرياح، كما تستطيع تحويل المياه المالحة لعذبة وذلك عن طريق اخراج الاملاح الزائدة في صورة بلورات كرستالية ملحية على سطح اوراقها التي تتميز بتركيب تشريحي يساعدها على البقاء حية وسط الماء الغدق الذى تنمو فيه ، ومعني ذلك أن تواجدها في مكان ما يدل على وجود تنوع بيئي بيولوجي ضخم متعدد الفوائد البيئية.

في سياق متصل لفت الدكتور فوزي يونس الاستاذ بمركز بحوث الصحراء، ان الحفاظ علي مناطق تواجد نباتات المانجروف يتطلب عدم التدخل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في توقيت وكمية انسياب الماء العذب من الوديان إلى مناطق تجمعها، وعدم التدخل في استمرار عملية الغمر بماء الجزر أو ماء الجريان السطحي.

أكد الدكتور فوزي علي قدرة أشجار المانغروف تخزين الكربون بمقدار خمسة أضعاف غيرها من النباتات. حيث تفصل حوالي 1.5 طن متري على مدى عمرها الذي يصل في المتوسط الي 60 عاما، مؤكدا علي ضرورة عدم الإخلال بالتركيب الطبيعي والكيميائي والإحيائي للمنظومة البيئية لهذه النباتات أو لمستوى ارتفاع الوسط الترسيبي بالنسبة لمستوى سطح البحر ، ومنع كافة أشكال التلوث( النفطي والنفايات) ومخلفات المشاريع العمرانية عن تلويث مناطق تواجد اشجار المانجروف.

وقال ان الحفاظ علي هذه الاشجار يتطلب وضع برنامج إكثار نسيجي بواسطة مخابر زراعة الخلايا والأنسجة النباتية لتعويض ما تم فقده من هذه النباتات وإعادة استزراعها في موطنها الأصلي، ووضع برنامج مكافحة متكامل لمكافحة الحشرات والأمراض التي تصيب هذه الاشجار باستخدام المبيدات العضوية الطبيعية صديقة البيئة وليست الكيميائية التي تسمم وتلحق الضرر بالبيئة وكافة أشكال الحياة فيها.