جريدة الزمان

تقارير

تداعيات التعامل بالروبل عالميا.. بوتين يضع الغرب في مأزق

إسراء نبيل -

قبل أيام قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن المدفوعات لشراء الغاز الطبيعي الروسي من الاتحاد الأوروبي، ستكون بالروبل بدلا من الدولار أو اليورو، وهو ما قوبل برفض قاطع من الدول الأوروبية، ولكن هذا القرار جاء نتيجة العقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا، التي أعقبت عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا.

وفي المقابل، نددت دول أوروبية عدة، بينها ألمانيا وبولندا وفرنسا بهذا القرار، قائلة إن عقود استيراد الغاز تحدد العملة وإن أحد الأطراف لا يمكنه تغييرها بين عشية وضحاها، مؤكدين أنهم يعتزمون الاستمرار في الدفع باليورو والدولار.

وفي هذا الصدد، وصفت المحللة السياسية علياء الهواري، قرار بوتين بالتعامل بالروبل الروسي، أنه قرار جريء من الرئيس الروسي، مؤكدة في الوقت ذاته أنها خطوة جيدة لأن بهذا القرار ستنخفض قيمة الدولار أمام الروبل عالميا.

وأوضحت الهواري، لجريدة «الزمان»، أن هذا القرار جاء كرد فعل أمام اتخاذ عددا من الدول الغربية قرارات غير شرعية خلال الأسابيع الماضية بتجميد الأصول الروسية، وهو الأمر الذي أظهر تقاعس الغرب في الوفاء بالتزاماته وزعزع الثقة بعملاته.

وأشارت إلى أنه بعد إعلان قرار بوتين، قفز سعر الروبل مقابل الدولار بنسبة 8.27%، للمرة الأولى في نحو 3 أسابيع، ليتراجع سعر صرف الدولار بعد تعاملات الأربعاء، دون مستوى 95 روبلا.

ومن جانبه، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، إن تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية أثرت بالسلب على العالم بأكمله، ونظراً للعقوبات التي فرضها الغرب على موسكو أردات روسيا أن تحد منها بفرض آليات جديدة تتمثل في توريد الغاز الروسي بالروبل بدلاً من الدولار.

وأضاف بدرة: "روسيا تعلم تماما احتياج أوروبا للغاز الروسي ومن أجل ذلك فرضت هذه الآلية الجديدة في بيع الغاز".

وأشار إلى أن الجانب الروسي، أراد أن يحد من آليات التعامل الناجمة عن العقوبات الغربية عليه ويصل إلى أمر يحسن من أوضاعه من خلال فرض بعض آليات ومنها توريد الغاز بالروبل بدلاً من الدولار وهذا من حقه.

وأكد الخبير الاقتصادي، أن ما تقوم به روسيا الآن يُعد خروج من الساحة العالمية والدخول في مرحلة جديدة، لافتا إلى أنه في حال نجاح هذه التجربة ستكون أحد الآليات المعتمدة في السوق العالمية بعد ذلك وستقدم بعض الدول على فعل ذلك وفي هذه الحالة أوروبا لا تملك أي خيارات إلا الدفع بالروبل.

• التجربة الباكستانية بعد قرار التعامل بالروبل

وعقب قرار الرئيس الروسي، التعامل بالروبل مع الدول غير الصديقة، برزت باكستان كبديل اقتصادي مهم لروسيا، إذ تشير التقارير إلى أنه بإمكان باكستان استيعاب نحو 16 مليار متر مكعب من الغاز سنويا.

ويبدو واضحا أن واشنطن منزعجة من السياسات التي يتبعها رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، وتسعى إلى إطاحته من السلطة وخاصة بعد الزيارة غير المسبوقة التي قام بها خان، إلى موسكو أواخر شهر فبراير المنصرم، ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

واستطاع عمران خان، البقاء في منصبه عقب إلغاء جلسة التصويت على سحب الثقة منه، الأحد الماضي، بعد شهر عصيب، كانت الأمور فيه تُشير إلى احتمالية خروجه من السلطة بعد جمع أحزاب المعارضة الأصوات اللازمة لإقصائه، وهي المرة الثانية التي ينجو فيها من سحب الثقة.

هذا واتهم عمران خان، الولايات المتحدة، أنها تتدخل بشكلٍ سافر في شأن بلاده وتدعم المعارضة من أجل إسقاط حكومته، مُرجِعاً السبب في ذلك إلى رفضه إقامة قواعد عسكرية أمريكية في بلاده، مؤكدا أنه لن يسمح لشعبه بالركوع أمام أحد، وأن سياسة باكستان الخارجية يجب أن تكون مستقلة.

وفي هذا السياق، أكد المحلل السياسي محمد صالح، أن تصريحات عمران خان خطيرة للغاية، والذي يعتبر صاحب أول قرار بالتعامل مع روسيا بالروبل، وقام بصفقتين للبترول والقمح خلال زيارته لموسكو الأخيرة.

واعتبر صالح، أن الغرب يقوم باللعب مع رئيس الوزراء الباكستاني، من سحب ثقة واتهامات بالفساد من المعارضة في البرلمان الباكستاني.

وأكد المحلل السياسي، أن تجربة باكستان ستكون مؤشر هام للغاية على مستقبل قرار التعامل بالروبل أو العملات المحلية بين الدول، ومعرفة ردود الأفعال الغربية.

والشهر الماضي، قال وزير المالية الباكستاني، شوكت تارين، إن الصفقة التي أبرمتها باكستان مع روسيا لبناء خط الأنابيب باكستان ستريم، الذي تبلغ قيمته مليارات الدولارات، شارفت على الانتهاء، موضحا أن ذلك في إطار بحثها عن بدائل لتخفيف أزمة الطاقة المحلية.