جريدة الزمان

فن

طريق متسع لشخص وحيد.. أسامة علام يحلق بأدب الرحلات بعيدا عن المألوف

-

عادة ما تتميز الكتب التي تنتمي لأدب الرحلات بأنها كتابات مسلية"خفيفة" تحمل طابع الانبهار، انبهار كاتبها بالبلد أو البلاد التي يقصدها للمرة الأولى، ولا مانع من بعض الدعابة من معتقدات الآخرين وعاداتهم وأفكارهم، ولعل أشهر هذه الكتب"حول العالم في 200 يوم" الصادر عام 1993" للكاتب الراحل أنيس منصور، والذي برع في هذا النوع من الكتابات، إذ صدر له أيضًا كتاب"اعجب الرحلات في التاريخ"1972، والذي استعرض فيه منصور رحلة 54 من المستكشفين والغزاة والرحالة والمهاجرين والمسافرين..

هذا الطابع الذي"وصم" به أدب الرحلات ولعل سببه أن بعض هذه الكتب التي لاقت رواجًا ربما كان أصحابها يزورن البلاد التي كتبوها عنها لأول مرة، أو ربما افتقد بعضهم حسا أدبيًا وخيالا متسعا يمكنهم من تدوين قصص من هذه الزيارات.

في كتابه الصادر حديثًا بعنوان"طريق متسع لشخص وحيد"، قدم الدكتور أسامة علام تجربة جديدة وممتعة لأدب الرحلات، بقصص واقعية وغرائبية لا تقل واقعية وغرائبية عن العالم الذي نعيشه في حاليًا.

تجمع هذه المجموعة القصصية التي صنفتها الدار بأنها أدب رحلات،12 فصلاً يحمل كل واحد منهم اسم مدينة من المدن الأمريكية أو الأوروبية، إضافة إلى القاهرة وسورية التي تنقل بينهم الدكتور علام أثناء دراسته وعمله كطبيب بيطري.

تختلف هذه المجموعة التي جمع كل فصل فيها عدة قصص قصيرة لأنها لم تحمل حكاياتها طابعًا مبهجًا، ربما لان الكاتب هنا يقيم ويعمل في المدينة وليس سائحا يموج في شوارعها لعدة ايام كتب علام هذه المجموعة او بعض حكايات أثناء فترة الإغلاق العام الذي فرضه تفشي فيروس كورونا على العالم فزاد أفراده وحدة على وحدتهم، ووضعهم في مواجهة القلق والخوف، والفقدان على أنفسهم وأحبابهم، كما تنقل بعض هذه المجموعة أيضًا أخطر أمراض هذا العصر- الوحدة وتأثيرها على حياة الأفراد والأشخاص ومن بينهم الكاتب.

خرجت هذه المجموعة التي تقع في 190 صفحة، بمقدمة للكاتب الدكتور محمد المنسي قنديل جاء فيها:" تتجلى موهبة أسامة علام في استنطاق كل من يقابلهم فيحولهم جميعًا إلى حكايات صغيرة، تتجلى فيها موهبة الكاتب وقدرته على مزج الواقع بالخيال، يرسم فيها صورًا فنية فائقة الجودة، ترتقي لجودة الشعر، يحوِّل البشر الذين يقابلهم إلى جزء من أسطورة المدينة ويضع على رءوسهم هالات من الخيال، وعلينا أن نصدّق كل ما يطرحه من رموز، علينا أن نصدق أن هناك مخلوقات ضئيلة لا تكاد ترى تعيش معنا في المنزل نفسه، وأن الأفيال تستجيب للغناء وتمارس الاحتضان، وأن كاتبًا عجوزًا يحقق أمنيته ويتحول إلى طائر نورس، ونستمع معه إلى كورال راهبات كنيسة نوتردام وهن يغنين بأصوات ملائكية، ونعقد مثله صداقة مع فأر المكتبة، نفحات لا تتوقف من السحر تنبعث من كل حكاية، مرحة وآسرة ومعبرة عن بؤس الوحدة. نحن أمام كاتب يمتلك رهافة الشعراء، وتمعن الفلاسفة، يأخذنا في رحلته الغرائبية عبر المدن، ويجعلنا نتمنى ألا يوقف ترحاله، وأن يواصل غناءه العذب".

أسامة علام طبيب وكاتب صدر له عدة روايات من أبرزها:" الحي العربي"، و" الوشم الأبيض"، و"أربع محاولات للحياة"، و، الاختفاء العجيب لرجل مدهش"، و"قهوة صباحية في مقهى باريس.