الزمان
جريدة الزمان

وا إسلاماه

من الكتاب والسنة.. 13 دليلًا على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي

المولد النبوي
عبدالرحمن دويدار -

إن الاحتفال بذكرى مولد سيد العالمين و خاتم الأنبياء والمرسلين نبى الرحمة سيدنا محمد– صلى الله عليه و آله وسلم– من أفضل الأعمال وأعظم القربات لأنه تعبير عن الفرح والحب للنبى- صلى الله عليه وآله وسلم- ومحبة النبى- صلى الله عليه وآله وسلم- أصل من أصول الإيمان، و قد صح عنه- صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين" رواه البخارى.

و قد درج سلفنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم- صلوات الله وسلامه عليه- بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام و تلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح فى رسول الله- صلى الله عليه و آله وسلم- كما نص على ذلك غير واحد من المؤرخين و الحفاظ مثل الحافظين ابن الجوزى، وابن كثير، والحافظ ابن رحية الأندلسى، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطى رحمهم الله تعالى.

وألف فى استحباب الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف جماعة من العلماء والفقهاء بينوا بالأدلة الصحيحة استحباب هذا الاحتفال ومن هذه الأدلة الآتى:

الأول: إن الاحتفال بالمولد النبوى الشريف تعبير عن الفرح والسرور بالمصطفى- صلى الله عليه و آله وسلم- وقد انتفع به الكافر، فقد جاء فى (البخارى) أنه يخفف عن أبى لهب كل يوم اثنين بسبب عتقه لثويبة جارتيه لما بشرته بولادة المصطفى- صلى الله عليه وآله وسلم- و فى ذلك يقول الحافظ بن ناصر الدين الدمشقى:

إذا كان هذا كافرا جاء ذمه.. بتبت يداه فى الجحيم مخلدا

أتى أنه فى يوم الاثنين دائما.. يخفف عنه للسرور بأحمدا

فما الظن بالعبد الذى كان عمره.. بأحمد مسرورا و مات موحدا

الثانى: أنه- صلى الله عليه وسلم- كان يعظم يوم مولده، و يشكر الله تعالى فيه على نعمته الكبرى عليه، وتفضله عليه بالوجود فى هذا الوجود، و كان يعبر عن ذلك التعظيم بالصيام، كما جاء فى الحديث عن أبى قتادة: «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سئل عن صوم يوم الاثنين؟ فقال: فيه ولدت، وفيه أنزل على" رواه مسلم فى الصحيح».

الثالث: أن الفرح به- صلى الله عليه وسلم- مطلوب بأمر القرآن فى قوله تعالى: "قل بفضل الله و برحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون" سورة يونس آية: 58

فالله تعالى أمرنا أن نفرح بالرحمة، والنبى– صلى الله عليه وآله وسلم- أعظم رحمة قال الله تعالى: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" سورة الأنبياء آية:107

الرابع: قول الله تعالى فى شأن يحيى بن زكريا-عليهما السلام: "وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا"

وقوله جل شأنه على لسان عيسى عليه السلام: "والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا" إن هذا التعبير الإلهى يشعر بتقديس هذا اليوم يوم الميلاد لم فيه من الخصائص الربانية فتقديم الله بذكر يوم الولادة أفهم معنى الاهتمام به.

الخامس: أن الله تعالى قال: "وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك"

يظهر منه أن الحكمة فى قص أنباء الرسل عليهم السلام تثبيت فؤاده الشريف بذلك، ولا شك أننا اليوم نحتاج إلى تثبيت أفئدتنا بأنبائه وأخباره أشد من احتياجه هو صلى الله عليه و آله وسلم.

السادس: أحيا رسول الله- صلى الله عليه و آله وسلم- يوم مولده فقد ثبت أنه ذبح فى حجة الوداع من الإبل بعدد سنى عمره و أمر عليا- رضى الله عنه- بذبح الباقى. أخرجه ابن ماجة فى سننه

"أن النبى- صلى الله عليه وسلم- احتفل بعمره المبارك فى حجة الوداع فنحر ثلاثا و ستين بدنة بيده الشريفة بعدد سنى عمره عن كل سنة بدنة أطعم منها الفقير و المسكين و الجائع و البائس و اليتيم".

السابع: أحيا رسول الله- صلى الله عليه وآله و سلم- اليوم السابع كم ولادة كل من الحسن و الحسين- رضى الله عنهما- حيث عق عن كل واحد منهما بذبيحة و تصدق بوزن شعره و الاهتمام باليوم السابع إنما هو فى الحقيقة اهتمام باليوم الأول وهو يوم الميلاد لأنه لو لم يكن أولا لم يكن سابعا.

الثامن: أن النبى- صلى الله عليه وآله وسلم- كان يلاحظ ارتباط الزمان بالحوادث الدينية العظمى التى مضت وانقضت، فإذا جاء الزمان الذى وقعت فيه كان فرصة لتذكرها، وتعظيم يومها، لأجلها ولأنه ظرف لها.

وأصل- صلى الله عليه و آله وسلم- هذه القاعدة بنفسه كما صرح فى الحديث أنه- صلى الله عليه وآله و سلم- لما وصل إلى المدينة ورأى اليهود يصومون يوم عاشوراء سأل عن ذلك فقيل له: إنهم يصومون لأن الله نجى نبيهم و أغرق عدوهم فهم يصومونه شكرا لله على هذه النعمة فقال- صلى الله عليه و سلم-: نحن أولى بموسى منكم فصامه و أمر بصيامه.

التاسع: أن المولد الشريف يشتمل على ذكر مولده الشريف و معجزاته و سيرته و التعريف به ، أولسنا مأمورين بمعرفته و مطالبين بالاقتداء به، والتأسى بأعماله، والإيمان بمعجزاته و التصديق بآياته وكتب المولد تؤدى هذا المعنى تماما.

العاشر: أن المولد أمر استحسنه العلماء و المسلمون فى جميع البلاد، فهو مطلوب شرعا للقاعدة المأخوذة من حديث ابن مسعود الموقوف: "ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، و ما رآه المسلمون قبيحا فهو عند الله قبيح" أخرجه أحمد.

الحادى عشر: يؤخذ من قوله- صلى الله عليه و آله وسلم- فى فضل يوم الجمعة، وعد مزاياه: و فيه خلق آدم تشريف الزمان الذى ثبت أنه ميلاد لأى نبى كان من الأنبياء عليهم السلام، فكيف باليوم الذى ولد فيه أفضل النبيين و أشرف المرسلين!.

الثانى عشر: كان السلف الصالح يذكرون مولده- صلى الله عليه وآله وسلم- بالخير ويتناشدون فيه الأشعار فهذا هو العباسى بن عبدالمطلب- رضى الله عنه- يقول فى قصيدة طويلة مخاطبا رسول الله- صلى الله عليه و آله وسلم:

و أنت لما ولدت أشرقت الأرض.. و أضاءت بنورك الآفاق

الثالث عشر: ورد عن عدة من الصحابيات أن كل واحدة منهن نذرت لله تعالى– إن رده الله سالما من بعض أسفاره ، أو من بعض الغزوات– أن تضرب بالدف على رأسه الشريف فرحا برجوعه سالما آمنا مطمئنا فأمرهن– عليه الصلاة والسلام- بأن يفين بنذرهن بالتمام، وفى ذلك روايات عن غير ماواحد من الرواة فى سنن أبى داود، و جامع الترمذى وغيرهما. و لفظ رواية الترمذى فى مناقب عمر عن بريدة– رضى الله عنه- قال: "خرج رسول الله- صلى الله عليه و آله وسلم- فى بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله إنى كنت نذرت إن ردك الله صالحا أن أضرب بين يديك بالدف و أتغنى، فقال لها رسول الله– صلى الله عليه وسلم: "إن كنت نذرت فاضربى و إلا فلا فجعلت تضرب" قال الترمذى : حديث حسن صحيح غريب.

فإذا كان الضرب إعلانا للفرح بقدوم النبى- صلى الله عليه وآله وسلم- من الغزو أمرا مشروعا أقره النبى– صلى الله عليه وآله وسلم- وأمر بالوفاء بنذره، فإن إعلان الفرح بقدومه– صلى الله عليه وآله وسلم- إلى الدنيا بالدف أو غيره من مظاهر الفرح المباحة فى نفسها أكثر مشروعية و استحبابا.

الثالث عشر: ثبت أن النبى– صلى الله عليه وآله وسلم- عق عن نفسه بعد النبوة مع أنه قد ورد أن جده عبدالمطلب عق عنه فى سابع ولادته و العقيقة لا تعاد مرة ثانية.

فيحمل ذلك على أن الذى فعله النبى- صلى الله عليه وآله وسلم- إظهار للشكر على إيجاد الله تعالى إياه رحمة للعالمين و تشريع لأمته، فيستحب لنا أيضا إظهار الشكر بمولده بالاجتماع، وإطعام الطعام، و نحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرات.

و مما سبق يتضح لنا أن الاحتفال بالمولد النبوى جائز و مستحب و ليس بدعة.

ولله در الإمام الرازى المعروف بابن الخطيب حيث يقول:

ماذا يقول المادحون و ماعسى.. أن يجمع الكتاب من معنا كا

والله لو أن البحار مدا دهم ... و العشب أقلام جعلن لذا كا

لم تقدر الثقلان تجمع ذرة ... أبدا ولا اسطاعوا لذا إدراكا

صلى عليك الله يا خير الورى ... ما حن مشتاق إلى مثواكا

slot online