الزمان
جريدة الزمان

أخبار

الجولة الخليجية للرئيس السيسى فى عيون الخبراء والنواب: نتائج كبيرة على المستويات السياسية والاقتصادية

إيمان فهمي -

شهدت المنطقة العربية خلال الأيام الماضية جولة خليجية مكثفة للرئيس عبدالفتاح السيسى، شملت كلاً من قطر والكويت، فى زيارة حملت أبعاداً استراتيجية متعددة المستويات.هذه الجولة جاءت فى ظل تحديات إقليمية ودولية متشابكة، حيث تشهد المنطقة تحولات جيوسياسية كبيرة وتتصاعد الأزمات فى عدة بؤر ساخنة، لا سيما فى قطاع غزة الذى يعيش كارثة إنسانية غير مسبوقة وهذه الزيارة تمثل "محطة بالغة الأهمية فى مسار العلاقات المصرية الخليجية"، حيث حملت نتائج كبيرة على المستويات السياسية والاقتصادية والتنموية.
فى ظل التحديات المتسارعة التى تشهدها المنطقة، برزت جولة الرئيس السيسى كفرصة حقيقية لتعزيز الموقف العربى الموحد تجاه القضايا الإقليمية والدولية الملحة. وخاصة أن هذه الزيارات تعكس حرص القيادة المصرية على تعميق التعاون المصرى الخليجى الذى أصبح "أولوية وضرورة استراتيجية أكثر من أى وقت مضى".وجاءت المباحثات فى الدوحة والكويت لتعكس هذا التوجه، حيث ناقش الرئيس السيسى مع الأمير تميم بن حمد آل ثانى أمير قطر، والأمير مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت، سبل تعزيز الجهود لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة ومعالجة الوضع الإنسانى المتدهور هناك.
اتسمت المباحثات الثنائية بالتركيز على القضية الفلسطينية، حيث أكد الزعماء رفضهم القاطع لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، وشددوا على ضرورة دعم الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير الفلسطينيين.كما اتفقوا على العمل من أجل إيجاد أفق سياسى ينتهى بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.هذا الموقف المشترك يعكس إدراكاً عربياً متزايداً لأهمية التنسيق فى ظل التحديات التى تواجهها القضية الفلسطينية.
تجاوزت المباحثات القضية الفلسطينية إلى مناقشة عدد من الملفات الإقليمية الساخنة، بما فى ذلك الأوضاع فى سوريا ولبنان والسودان، حيث أكد الزعماء أهمية الحفاظ على وحدة هذه الدول وسلامة أراضيها، وحماية مقدرات شعوبها واستقرارها.هذه المواقف المشتركة تعكس رؤية استراتيجية لتعزيز الاستقرار فى المنطقة التى تعانى من تداعيات الصراعات المتعددة.
شكل البعد الاقتصادى محوراً أساسياً فى الجولة الخليجية، حيث حققت الزيارة مكاسب اقتصادية واضحة من خلال تعزيز التعاون الاستثمارى والتجارى مع قطر والكويت حيث إن هذه الشراكة تفتح آفاقاً جديدة لدعم الاقتصاد المصرى، وجذب المزيد من الاستثمارات الخليجية فى قطاعات واعدة، على رأسها الطاقة، والبنية التحتية، والسياحة، والصناعة.هذه التحركات تأتى فى إطار استراتيجية مصر لتنويع شراكاتها الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
فى سياق متصل، تشير تجربة العلاقات الاقتصادية بين دول الخليج إلى إمكانات كبيرة للتعاون المصري-الخليجى.فعلى سبيل المثال، بلغت التجارة غير النفطية بين الإمارات والكويت فى عام 2023 أعلى مستوياتها تاريخياً بقيمة إجمالية تجاوزت الـ12 مليار دولار.هذا النموذج الناجح يمكن أن يكون مصدر إلهام للتعاون المصرى مع دول الخليج، خاصة فى ظل الاتجاه لتوسيع قاعدة الشراكة ليشمل قطاعات الصناعة والتجارة والطاقة المتجددة، والنقل، والبنية التحتية.
من بين القطاعات الواعدة للتعاون المشترك، يأتى مجال الطاقة والبنية التحتية فى المقدمة.ففيما يتعلق بحقل الدرة الغنى بالغاز، أكدت بعض المواقف الخليجية أن "ملكية الثروات الطبيعية فى المنطقة المغمورة المقسومة المحاذية للمنطقة المقسومة السعودية - الكويتية، بما فيها حقل الدرة بكامله، هى ملكية مشتركة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت فقط".هذا النوع من الشراكات الاستراتيجية فى مجال الطاقة يمكن أن يكون نموذجاً للتعاون المصرى- الخليجى فى هذا القطاع الحيوى.
يرى الدكتور أحمد جبيلى، الخبير العقارى أن الجولة الخليجية للرئيس السيسى تفرض على البرلمان المصرى أدواراً جديدة وتحديات متعددة.فمن ناحية، يتعين على البرلمان أن يواكب هذه التطورات الدبلوماسية من خلال تعزيز دوره التشريعى فى إطار العلاقات الدولية، حيث يمكنه العمل على تعديل التشريعات لتسهيل الاستثمارات الخليجية فى مصر، وتذليل العقبات القانونية أمام الشراكة الاقتصادية.
كما يرى جبيلى أن البرلمان مطالب بدور رقابى أكثر فاعلية لضمان تحقيق المصالح الوطنية من هذه الشراكات الاستراتيجية، مع ضرورة متابعة تنفيذ الاتفاقيات التى يتم توقيعها خلال هذه الزيارات.ويشير إلى أن البرلمان يمكن أن يكون منصة للحوار حول أولويات التعاون مع دول الخليج، خاصة فى ظل التحديات الاقتصادية التى تواجهها مصر.

فى السياق ذاته، يؤكد جبيلى على أهمية أن يعكس البرلمان المصرى فى أعماله وتشريعاته الرؤية الاستراتيجية للقيادة السياسية فى تعزيز العلاقات مع الأشقاء فى الخليج، مع الحفاظ على المصلحة الوطنية العليا.ويرى أن هذه الجولة تمثل فرصة للبرلمان لتعزيز دوره فى السياسة الخارجية من خلال اللجان المتخصصة وزيارات التبادل البرلمانى.
من جانبها، ترى النائبة فاطمة سليم أن الجولة الخليجية تفتح آفاقاً اقتصادية واسعة لمصر، لكنها تحمل فى طياتها تحديات اجتماعية وسياسية تحتاج إلى معالجة.وتشير إلى أن تدفق الاستثمارات الخليجية المتوقع يمكن أن يسهم فى خفض معدلات البطالة وزيادة النمو الاقتصادى، لكنه يتطلب سياسات واضحة لضمان تحقيق التنمية المستدامة.
وتؤكد سليم على أهمية أن تركز هذه الشراكات الاقتصادية على نقل التكنولوجيا وبناء القدرات المحلية، وليس فقط على تدفق رؤوس الأموال.كما تحذر من الآثار الاجتماعية المحتملة لبعض أشكال الاستثمار، داعية إلى وجود ضوابط اجتماعية وبيئية تحمى المجتمع المصرى من أى تداعيات سلبية.
فى الإطار ذاته، تدعو سليم البرلمان إلى لعب دور أكثر نشاطاً فى مراقبة ومتابعة الاتفاقيات الاقتصادية مع دول الخليج، وضمان شفافية هذه الاتفاقيات وحماية حقوق العمالة المصرية.وتشير إلى أن البرلمان يمكن أن يكون جسراً بين الحكومة والمستثمرين الخليجيين من جهة، وبين هذه الاستثمارات والمجتمع المصرى من جهة أخرى.
أما أحمد أمين مسعود،أمين العمل الجماهيرى بحزب مستقبل وطن فيرى أن الجولة الخليجية للرئيس السيسى تتجاوز الأبعاد الاقتصادية إلى أبعاد جيوسياسية وأمنية بالغة الأهمية.ويشير إلى أن التقارب المصري-الخليجى يعزز من قدرة الدول العربية على مواجهة التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية الراهنة، كما ذكر نائب رئيس حزب الاتحاد.
ويؤكد مسعود على أن هذه الجولة تأتى فى إطار إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية فى ظل المتغيرات الدولية المتسارعة، حيث أصبح التعاون العربى ضرورة استراتيجية لمواجهة التحديات المشتركة.ويرى أن البرلمان المصرى مطالب بدور فاعل فى دعم هذا التوجه الاستراتيجى، من خلال تعزيز التعاون البرلمانى مع نظائره فى دول الخليج.
كما يلفت مسعود إلى أهمية البعد الأمنى فى هذه الشراكة، خاصة فى ظل التهديدات المشتركة التى تواجهها المنطقة.ويقترح أن يعمل البرلمان على تعزيز التشريعات التى تدعم التعاون الأمنى والعسكرى مع دول الخليج، فى إطار احترام السيادات الوطنية والمصالح المشتركة.

slot online