الزمان
جريدة الزمان

اقتصاد

آلاف المصانع المتعثرة تنتظر طوق النجاة الحكومي

محمد عبدالمنصف - هاني سليمان - مصطفى زكريا - آية زكي -

الصناعة تتحدث عن خطط عاجلة لإنقاذ الموقف
الخبراء: مطلوب رؤية شاملة لحل المشكلة من جذورها

يعتبر ملف المصانع المتعثرة أحد أهم الملفات التى تعمل عليها الحكومة المصرية بعد إعادة تشكيلها، وفى أكثر من تصريح للفريق كامل الوزير نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير النقل والصناعة، أكد خلاله أن هذا الملف على رأس أولويات المرحلة المقبلة، فماذا تفعل الحكومة لإنقاذ عشرات المنشآت الصناعية المتعثرة.
الإجابة على هذه السؤال يقتضى أولاً تحديد عدد من المحاور لعل أهمها، هو هل بالفعل لدينا حصر بعدد المصانع المتعثرة خاصة فى ظل وجود عدد كبير من أسباب التعثر منها الأسباب المالية ومنها الأسباب الفنية والإجرائية، المحور الثانى كيف للحكومة التعامل مع المصانع التى تعثرت مالياً، فهناك عدد غير قليل من المنشآت الصناعية تعثرت نتيجة سوء الإدارية المالية لأصحابها.. كل هذه التحديات تجعلنا نترقب عمل قوى وإجراءات قوية من الحكومة للتعامل مع هذا الملف.
ماذا يمكن أن تقدمه الحكومة للمصانع المتعثرة؟
قال الدكتور محمد عبد الوهاب، المحلل الاقتصادى والمستشار المالى، إن اتجاه الحكومة للتعامل الفورى مع ملف المصانع المتعثرة هو بداية حقيقية لتحسين أداء القطاعات الإنتاجية، مشيرا إلى أنه يجب الوقوف على أسباب تعثر هذه المصانع من أجل عدم تكرار سيناريو حدوث تعثر لأى منشأة صناعية أو إنتاجية.
وشدد الخبير الاقتصادى، على أنه يجب معرفة العدد الحقيقى للمصانع المتعثرة لأنه لا يوجد حصر واضح لها بسبب تعدد أسباب التعثر فى مصر خاصة بعد ثورة 2011 وحدوث مشكلات كبيرة لدى قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
وأشار "عبد الوهاب" إلى أن دعم الصناعة وزيادة الإنتاجية ينعكس بصورة مباشرة على التصدير ومن ثم زيادة الحصيلة الدولارية وهذا يدعم الجنيه أمام العملات الاخرى، لأن حل أزمة الاقتصاد تبدأ من زيادة الإنتاج وتحقيق قيمة مضافة وزيادة التصدير والحد من الاستيراد للصناعات التى يمكن إنتاجها فى مصر.
سمير عارف رئيس جمعية مستثمرى العاشر من رمضان، حصر المطلب الأساسى لإنقاذ المصانع المتعثرة فى توفير تمويلات سريعة للمنشآت المتعثرة ماليًا، وكذلك حماية المنشآت التى توقفت نتيجة صعوبة المنافسة مع المستورد بأن يتم تحجيم الاستيراد فى عدد من القطاعات الإنتاجية التى عانت من صعوبة المنافسة فى ظل بعض الممارسات المغرقة.
فى هذا الإطار يرى الدكتور محمد البهى عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات، أن أسباب تعثر المصانع كثيرة لكن العدد الأكبر قد يكون تعثر مالى، لذا يجب أن يكون هناك مبادرات تمويلية لهذا الأمر، وتفعيل مبادرات تمويل القطاع الصناعى بفائدة مميزة لأن الوضع الحالى للفائدة صعب للأنشطة الصناعية.
آليات تشغيل المصانع
أكدت الدكتورة يمن الحماقى، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن معالجة أزمات المصانع المتعثرة لا بد وأن تكون بشكل قطاعى، ويتم التعامل مع كل قطاع بحسب الآلية المناسبة له لضمان تحقيق الهدف المنشود منه، موضحة أن المطلوب هو وجود رؤية شاملة لكيفية التعامل مع هذا الملف المهم.
وأوضحت أن ترتيب الأولويات وتحديد المشروعات التى سيتم البدء بها، خلال معالجة هذه المشكلة هو أمر مهم وذلك بناء على البيانات المتاحة حول هذه المشروعات، مشيرة إلى إجراءات التعويم بمراحله الثلاث على مدار السنوات الماضية كان بمثابة «زلزال» وتسبب الانهيار فى قيمة الجنيه بتحديات كبيرة للقدرات الاقتصادية وألقى بظلاله على المصانع، وتوقف عدد كبير منها لهذا السبب.
وقالت، إنه يجب أن يتم بحث قدرات هذه المصانع المتعثرة، وبحث أسباب التعثر، ومن خلال بيانات الجدوى الاقتصادية لهذه المشروعات، يمكن عودة هذه المشروعات للعمل مرة أخرى، وأضافت: جميع المبادرات السابقة فى هذا الأمر كتب لها الفشل لأن المعالجة لم تكن بالكفاءة والفعالية المطلوبة ولم يتم استهداف القطاعات ذات الأولوية لضمان معالجة المشكلة بطريقة صحيحة، ولهذا الأمر كانت النتائج السابقة مغايرة للأهداف المطلوبة.
وشددت على ضرورة وجود فريق فنى ومتخصص لتقييم هذه المشروعات ووضع الحلول الأنسب لتشغيلها، مرة أخرى، مؤكدة أن إعادة إحياء هذه المصانع مرة أخرى من شأنه أن يعمل على وجود مشروعات صغيرة ومتوسطة وجدت على أسس اقتصادية صحيحة، تساهم فى تشغيل المزيد من الأيدى العاملة وجلب مزيد من النقد الأجنبى.
وأوضحت أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن أعداد هذه المصانع كبيرة جدا وفى العديد من القطاعات، وتسبب الأزمات الاقتصادية الأخيرة فى مضاعفة عددها بشكل لا يمكن التنبؤ به، مؤكدة أن حل هذه الأزمة سيكون بمثابة علاج بصورة مستدامة لمشكلة سعر الصرف، وعدم النهوض بالتصنيع سيتسبب فى رجوع هذه الأزمة مرة أخرى، مشددة على ضرورة التحرك بسرعة لتفعيل مفاتيح الصناعة، عن طريق منح إعفاءات جمركية وضريبية وتشجيع الصناعات الصغيرة، فضلا عن وجود استراتيجية تدريبية متكاملة للتشغيل، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تسهم فى تعزيز النمو الاقتصادى وخلق فرص عمل جديدة، مع التأكيد على ضرورة التعاون بين الجهات المختلفة لتحقيق هذه الأهداف.
مبادرات حكومية
أكد الدكتور مصطفى بدرة الخبير الاقتصادى، أنه فى ظل التحديات الاقتصادية الحالية، يعد تشغيل المصانع المتوقفة خطوة ضرورية لتعزيز النمو الاقتصادى وخلق فرص العمل، مؤكدا أن ذلك يتطلب إطلاق مبادرات حكومية قوية تشمل توفير تمويلات ميسرة وضمانات للمستثمرين، بالإضافة إلى تبسيط الإجراءات الإدارية وتحفيز الاستثمار فى البنية التحتية الصناعية.
وقال «بدرة»: يجب أن تتبنى الحكومة سياسات داعمة تشجع على التحول الصناعى واستخدام التكنولوجيا الحديثة فى الإنتاج، مما يعزز من كفاءة المصانع ويزيد من جودة المنتجات المصرية المحلية، بالإضافة إلى ذلك، ينبغى تدريب الكوادر العاملة على مهارات جديدة تتوافق مع احتياجات سوق العمل المتغيرة، مما يسهم فى رفع مستوى الإنتاجية وتعزيز التنافسية الصناعية، مؤكدا أن الاستثمار فى المصانع المتوقفة سيسهم فى تعزيز الاقتصاد الوطنى وتوفير فرص عمل جديدة للشباب، مما يعزز من استقرار السوق الداخلى ويزيد من قدرة مصر على تحقيق التنمية المستدامة فى المدى الطويل.
وطالب بضرورة إزالة كل المعوقات التى تحول دون إعادة تشغيل المصانع المتعثرة مثل الروتين فى الإجراءات أو الديون أو المواد الخام وغيرها من المعوقات، والعمل على تذليلها، مؤكدا أهمية الفرص الاستثمارية التى توفرها الحكومة، لتعزيز النمو الاقتصادى وخلق فرص العمل، مشيرا إلى أن هذه الفرص يمكن أن تسهم بشكل كبير فى تسريع وتحسين معدلات التنمية الاقتصادية، وزيادة معدل النمو الاقتصادى، موضحا أن من بين الخطوات الحاسمة التى يمكن اتخاذها، تقديم مبادرات حكومية قوية تشمل توفير تمويلات ميسرة وضمانات للمستثمرين، إلى جانب تبسيط الإجراءات الإدارية وتعزيز الاستثمار فى البنية التحتية الصناعية، فضلا عن تحفيز الاستثمارات فى الصناعات الوطنية وتوفير البنية التحتية اللازمة، لتحقيق خريطة اقتصادية تدعم التنمية المستدامة وتعزز من تنافسية الاقتصاد الوطنى.
وشدد على أهمية تعزيز توطين الصناعة وزيادة التنافسية كأهداف استراتيجية حيوية للحكومة الجديدة، موضحا أن الدولة قد حددت هذه الأهداف كمحور رئيسى لتعزيز الاقتصاد الوطنى وجذب الاستثمارات، مشيراً إلى التعاون مع المؤسسات الدولية للمساندة فى هذا السياق، بما فى ذلك صندوق النقد الدولى والاتحاد الأوروبى، مضيفا أن هذه الجهود تتضمن عددًا من المحاور المهمة، مثل إنشاء مناطق صناعية متقدمة توفر بيئة استثمارية مواتية، حيث تم إنشاء حوالى 145 منطقة صناعية، وجارٍ العمل على الانتهاء من تنفيذ العديد منها.
أشار الخبير الاقتصادى إلى ضرورة إعادة حصر كل المناطق الصناعية، سواء المستغلة حالياً أو غير المستغلة، مؤكداً أهمية سرعة إنهاء التراخيص والأوراق اللازمة لكل راغب فى استثمار مشروعات جديدة، وأن هذا يتطلب تعاونًا فعالًا بين جميع الجهات الحكومية ذات السيادة والولاية على هذه المناطق الصناعية، سواء كانت وزارات أو هيئات أو محليات، بهدف تحقيق الهدف الأساسى للدولة فى تعزيز الاستثمار وتعزيز الاقتصاد الإنتاجى والتشغيلى.
بيانات كاملة للمصانع المتعثرة
وأكد أسامة حفيلة، نائب رئيس اتحاد المستثمرين، أن الخطوة الأولى فى عملية تشغيل المصانع المتعثرة هى الحصول على بيانات دقيقة وشاملة عن حالتها الحالية، موضحا أن هذه البيانات بداية العمل الفعلى على إعادة تشغيل هذه المصانع، بجانب أهمية تحليل الوضع الحالى وتقييم الاحتياجات والتحديات التى تواجهها، مشددا على ضرورة التعاون بين القطاعين العام والخاص والجهات المعنية، لتسهيل هذه العملية وتوفير البيئة الملائمة لإعادة تأهيل وتشغيل المصانع، مما يسهم فى تعزيز النشاط الصناعى وخلق فرص عمل جديدة.
وأشار، نائب رئيس اتحاد المستثمرين، إلى ضرورة تعاون كل أجهزة الدولة لإنشاء قاعدة بيانات شاملة للمصانع فى مصر، بهدف تحديد المصانع المتعثرة والعمل على إيجاد حلول لإعادة تشغيلها، مؤكدا أن التحدى الرئيسى يتمثل فى مشكلة التمويل التى تواجهها بعض المصانع، مشيرًا إلى أنه من خلال التعاون مع البنوك وتقديم حلول مالية مناسبة يمكن تخطى هذه العقبة، قائلا: توفير بيئة ملائمة للمستثمرين يعد أمرًا حاسمًا لتعزيز النشاط الصناعى وزيادة الاستثمارات، مؤكدًا أهمية دور الحكومة فى تسهيل هذه العملية وتوفير الدعم اللازم للمشروعات الصناعية.
وأشار إلى أهمية تعاون القطاع المصرفى مع القطاع الصناعى لتحقيق هذه الأهداف الاقتصادية، مطالبا البنوك بأن يكون لها دور حيوى فى تحفيز المصانع المتعثرة، من خلال تقديم مرونة فى السياسات المالية تجاه هذه المصانع المتوقفة، متابعا: وفى حالات التعثر الإدارى، ينبغى تدريب الإدارة وتحديثها، مما يساهم فى إعادة تنشيط عمليات المصانع، فضلا عن ضرورة تشكيل لجان محكمين لحل خلافات الشركاء، أو إنشاء إدارة مستقلة بعيدة عن الشركاء، بهدف استعادة الاستقرار والاستمرارية فى عمل المصانع المتعثرة.
وأكد، نائب رئيس اتحاد المستثمرين، ضرورة التعاون مع منظمات الأعمال والجامعات لتقديم الدعم الفنى والاستشارى للمصانع المتعثرة، موضحا أن البحث العلمى يلعب دورا مهما فى هذه العملية للمساهمة فى تحسين أداء المصانع وتعزيز فرص نجاحها فى السوق.