الزمان
جريدة الزمان

أخبار

التنمية الصناعية والتجارية.. استراتيجية طموحة لزيادة الإنتاج ودعم الصادرات

محمد عبدالمنصف - هاني سليمان - مصطفى زكريا - آية زكي -

شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة طفرة غير مسبوقة فى مشروعات البنية التحتية، خاصة فى قطاع الطرق والكبارى، وهو ما انعكس بشكل مباشر على دعم منظومة الصناعة وتطوير الاقتصاد الوطنى، هذه المشروعات لم تقتصر فقط على تسهيل حركة الأفراد، بل تجاوزت ذلك لتصبح عنصرًا أساسيًا فى تحفيز الاستثمار الصناعى.
وتُعد البنية التحتية عنصرًا أساسيًا لدعم التجارة فى أى دولة، وفى مصر تلعب دورًا محوريًا فى تعزيز حركة السلع والخدمات محليًا ودوليًا، من خلال تطوير شبكة حديثة من الطرق، الموانئ، والمناطق اللوجستية، تمكنت مصر من تسهيل حركة التجارة وتقليل تكاليف النقل.
وعلى مدى السنوات الماضية، نفذت الحكومة المصرية مشروعات ضخمة لتحسين البنية التحتية، مثل إنشاء مناطق لوجستية متكاملة وتوسيع الموانئ الرئيسية على البحرين الأحمر والمتوسط، ما ساهم فى تحويل مصر إلى مركز إقليمى للتجارة.
وفقًا للخبراء، تسهم البنية التحتية الحديثة فى تقليل زمن الشحن وتكاليف النقل، مما يعزز تنافسية المنتجات المصرية فى الأسواق العالمية.
كما أن تطوير منظومة النقل البحرى والجوى أسهم فى زيادة حجم الصادرات والواردات، ودعم التجارة الإلكترونية من خلال تحسين البنية التحتية الرقمية.
وتبرز أهمية البنية التحتية فى دعم التجارة أيضًا من خلال دورها فى تحسين الاتصال بين المناطق الصناعية والأسواق المحلية والدولية، مما يضمن وصول المنتجات إلى المستهلكين بكفاءة.
وفى إطار رؤية مصر 2030، تستمر الدولة فى ضخ استثمارات جديدة لتطوير البنية التحتية بما يحقق التنمية الاقتصادية المستدامة ويعزز مكانة مصر على خريطة التجارة الدولية.
وأصدرت وزارة الصناعة بيانًا رسميًا تناولت فيه أحدث التطورات المتعلقة بقطاع الصناعة والمصانع والبنية التحتية الداعمة لهذا القطاع الحيوى.
وأكدت الوزارة تعمل على تعزيز القدرة التنافسية للصناعات الوطنية من خلال تطوير البنية التحتية الصناعية وتحفيز الاستثمار فى القطاع.
وأشار البيان إلى أن الوزارة قامت خلال الفترة الماضية بتنفيذ مجموعة من المشروعات الرامية إلى تحسين بيئة الأعمال الصناعية، بما فى ذلك إنشاء وتطوير مناطق صناعية جديدة، وتحديث البنية التحتية للمصانع القائمة، وتقديم حوافز للمستثمرين المحليين والأجانب.
وفى هذا السياق، قال وزير الصناعة إن الوزارة ملتزمة بدعم القطاع الصناعى باعتباره أحد الركائز الأساسية للتنمية الاقتصادية، مشيرًا إلى أن الجهود الحالية تستهدف زيادة معدلات الإنتاج وتوفير المزيد من فرص العمل.
وأوضحت الوزارة تولى اهتمامًا خاصًا بالصناعات ذات القيمة المضافة العالية، وتسعى إلى تعزيز سلاسل التوريد المحلية وتحقيق الاكتفاء الذاتى فى عدد من الصناعات الحيوية.
وأشارت إلى جهود الوزارة فى تطبيق معايير الجودة والابتكار فى الصناعات الوطنية، بهدف تعزيز تنافسية المنتجات المصرية فى الأسواق العالمية، فضلًا عن دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال برامج تمويل وتدريب متخصصة.
واختتم البيان بالتأكيد على استمرار الوزارة فى متابعة أداء القطاع الصناعى والعمل على إزالة أى معوقات تواجه المستثمرين، بما يسهم فى تحقيق التنمية المستدامة وزيادة مساهمة الصناعة فى الناتج المحلى الإجمالى.
وفيما يلى تقرير شامل عن وضع المصانع، الصناعة، والتجارة فى مصر لعام 2025، استنادًا إلى أحدث البيانات والتقارير الحكومية:
أولًا: قطاع الصناعة والمصانع فى مصر
- أداء الصناعة التحويلية
شهد قطاع الصناعات التحويلية غير البترولية نموًا ملحوظًا بنسبة 7.1% خلال الربع الأول من العام المالى 2024/2025، مقارنة بـ1.2% فى نفس الفترة من عام 2013/2014، مما يعكس تحسنًا كبيرًا فى الأداء الصناعى.
- التوسع فى عدد المصانع
تستهدف الحكومة المصرية رفع عدد المصانع إلى 100 ألف مصنع بحلول عام 2030، مقارنة بعدد أقل حاليًا، وذلك ضمن خطة لزيادة الإنتاج الصناعى من 76 مليار دولار فى 2024 إلى 170 مليار دولار بحلول 2030، بمعدل نمو سنوى يُقدّر بنحو 10%.
- استراتيجية الصناعة الوطنية
أطلقت الحكومة الاستراتيجية الوطنية للصناعة (2024–2030) بهدف زيادة مساهمة القطاع الصناعى فى الناتج المحلى الإجمالى من 14% إلى 20% بحلول عام 2030، مع التركيز على توطين الصناعات ذات القيمة المضافة العالية، مثل الصناعات التكنولوجية والخضراء.
- ثانيًا: التجارة الخارجية والتصدير
- دعم الصادرات
تعمل وزارة الصناعة على تنفيذ خطة شاملة لدعم الصادرات خلال عام 2025، ضمن استراتيجية التنمية المستدامة "رؤية مصر 2030"، بهدف تعزيز التنافسية وزيادة الإيرادات من العملة الصعبة، وتركز الخطة على تحسين البيئة التشريعية من خلال تبسيط الإجراءات، إنشاء منصات إلكترونية لتقديم الخدمات بشكل رقمى، وتخفيض تكاليف التخليص الجمركى.
- نمو التجارة فى الخدمات
تتوقع المؤسسات الدولية نمو التجارة فى الخدمات التجارية بنسبة 4.0% فى عام 2025، مما يعكس تحسنًا فى أداء هذا القطاع الحيوى.
- ثالثًا: البنية التحتية الداعمة للصناعة
- تطوير المناطق الصناعية
أطلقت وزارة الاستثمار والتعاون الدولى النسخة الثانية من خريطة الاستثمار الصناعى فى مصر، حيث تحتوى على نحو 2000 فرصة استثمارية بمختلف القطاعات المؤثرة فى الاقتصاد المصرى، وعلى مستوى محافظات مصر، ليصل بذلك إجمالى الفرص الاستثمارية إلى 3000 فرصة.
- البنية التحتية اللوجستية
تُعد قناة السويس عنصرًا أساسيًّا من عناصر البنية التحتية للنقل البحرى الدولي؛ ولعل أبرز مثال على أهمية قناة السويس للتجارة الدولية يكمن فى حادثة جنوح سفينة الحاويات "إيفر جيفن" (Ever Given) فى نهاية مارس 2021، التى أدت إلى عرقلة حركة المرور فى كلا الاتجاهين.
وتُظهر المؤشرات أن مصر تسير بخطى ثابتة نحو تعزيز قطاعى الصناعة والتجارة، من خلال تنفيذ استراتيجيات طموحة تستهدف زيادة الإنتاج، دعم الصادرات، وتطوير البنية التحتية، وهذه الجهود من شأنها تعزيز مكانة مصر كوجهة استثمارية رئيسية فى المنطقة، وتحقيق نمو اقتصادى مستدام.
وقال المهندس أحمد سمير، خبير النقل والبنية التحتية، إن تطوير شبكة الطرق والكبارى ساهم فى تسهيل نقل المواد الخام والسلع بين المناطق الصناعية والأسواق المحلية والدولية، مما خفض تكلفة النقل وزاد من كفاءة العمليات اللوجستية.
وأكد سمير أن هذه المشروعات عززت الربط بين المناطق الصناعية فى مختلف المحافظات، ما أسهم فى تنمية المناطق الصناعية الجديدة وجذب المزيد من الاستثمارات.
وفى السياق ذاته، أوضح الدكتور محمد عبد الله، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن مشروعات الطرق والكبارى أسهمت فى تسهيل وصول العمالة إلى المصانع، وخفض معدلات التأخير، وزيادة إنتاجية العمل.
وأضاف عبد الله أن توفير شبكات طرق حديثة ومتكاملة يخلق بيئة جاذبة للمستثمرين الصناعيين، ما يساهم فى تنويع الاقتصاد وتوفير فرص عمل جديدة.
من ناحية أخرى، تعتبر مشروعات البنية التحتية أحد أهم عوامل تقليل تكاليف الإنتاج، حيث تساهم فى تقليل الزمن اللازم لنقل المنتجات والمواد الخام، مما ينعكس بشكل مباشر على سعر المنتجات فى السوق المحلية والعالمية. ويؤكد المهندس حسين إبراهيم، مدير إحدى شركات النقل الثقيل، أن الطرق الحديثة ساهمت فى تقليل الحوادث وتحسين مستوى الأمان، وهو ما يعزز من ثقة المستثمرين.
وفيما يتعلق بالمناطق الصناعية، فقد شهدت المناطق الاستثمارية فى مدن الصعيد والدلتا رواجًا كبيرًا نتيجة لربطها بشبكة طرق وكبارى حديثة، مما ساهم فى تحقيق التنمية المتوازنة وتوزيع الاستثمارات على مستوى الجمهورية، بدلاً من تركزها فى المدن الكبرى فقط.
وعلى الصعيد البيئى، فإن تحسين الطرق وتطوير البنية التحتية ساهم فى تقليل استهلاك الوقود وخفض الانبعاثات الضارة، مما يدعم جهود الدولة فى التحول إلى اقتصاد أخضر مستدام. وتعمل الحكومة حاليًا على تنفيذ المزيد من مشروعات الطرق الصديقة للبيئة والتى تعتمد على الطاقة المتجددة.
وبحسب بيانات وزارة النقل، فإن مشروعات الطرق والكبارى التى نفذتها الدولة خلال السنوات الأخيرة أسهمت فى تحسين تصنيف مصر العالمى فى مؤشر جودة الطرق، مما يعكس التزام الدولة بتطوير البنية التحتية كركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة.
ويؤكد خبراء الصناعة والاقتصاد أن استمرار تطوير مشروعات البنية التحتية، خاصة فى قطاع النقل، يعد خطوة أساسية لدعم النمو الصناعى وتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية فى مصر، كما يسهم فى تحسين بيئة الأعمال وجذب المزيد من المستثمرين المحليين والأجانب.