القلق عدو القلب الصامت.. كيف يؤثر التوتر النفسي على صحة القلب؟

في اليوم العالمي للقلب، يُطلق العالم حملات للتوعية بأهمية حماية هذا العضو الحيوي، لكن رغم التركيز على الأنظمة الغذائية وممارسة الرياضة، يتم التغافل عن أحد أخطر أعداء القلب: القلق المزمن.
فبينما يظن البعض أن القلق مجرد شعور نفسي عابر، تؤكد الأدلة العلمية أن القلق المستمر يُنهك القلب ببطء ويهدد صحته على المدى الطويل.
بحسب تقرير صادر عن موقع Baptist Health، تحدث ذروة النوبات القلبية في مواسم الأعياد، حيث تنشغل العائلات بالتحضيرات والسفر، وتغمرهم الضغوط النفسية. اللافت أن أقسام الطوارئ في المستشفيات تشهد تزايدًا في حالات الأزمات القلبية خلال هذه الفترات، ليس فقط بسبب الإفراط في الأكل أو قلة النوم، بل نتيجة مباشرة للتوتر والانفعال النفسي.
القلق في جوهره استجابة طبيعية لأي موقف يثير الخوف أو الضغط، لكنه حين يتحوّل إلى حالة مزمنة، تبدأ الأعراض العضوية بالظهور. أبرز هذه الأعراض ما يسمى باضطراب النظم القلبي، حيث تزداد نبضات القلب عن الحد الطبيعي، ويشعر المريض بخفقان غير منتظم قد ينذر بوجود خطر.
تؤكد التقارير الطبية أن القلق المزمن يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، وزيادة في هرمونات التوتر كالأدرينالين والكورتيزول، والتي تُجبر القلب على العمل بطاقة أكبر مما يحتمل. ويُظهر تحليل بيانات أن نسبة الوفاة بأمراض القلب ترتفع بنسبة 5% خلال شهر ديسمبر، بينما ترتفع زيارات المستشفيات بسبب مشاكل القلب بنسبة تصل إلى 33%.
من جهة أخرى، تشير بيانات من موقع Nuvance Health إلى أن العلاقة بين القلق وصحة القلب لم تعد نظرية. القلق المستمر يؤدي إلى تغيرات بيولوجية ملموسة في القلب والأوعية الدموية، منها ارتفاع الالتهابات، وهو عامل رئيسي في تطور تصلب الشرايين، المسبب الأول للنوبات القلبية.
القلق لا يسبب فقط مشكلات فسيولوجية، بل يفاقم الحالات المرضية الموجودة. على سبيل المثال، المرضى المصابون بضغط الدم المرتفع أو اضطرابات القلب يكونون أكثر عرضة لتفاقم أعراضهم تحت تأثير التوتر.
فما الذي يمكن فعله للوقاية؟
الخطوة الأولى تبدأ بـ الوعي. إدراك أن القلق لا يؤثر فقط على المزاج أو النوم، بل قد يُهدد الحياة، هو بداية الطريق إلى الوقاية. بعد ذلك، تأتي الإجراءات العملية:
-
اتباع نمط حياة صحي يشمل التغذية المتوازنة والنوم الكافي وممارسة الرياضة.
-
اللجوء إلى تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق، التأمل، أو المشي في الهواء الطلق.
-
تقليل المنبهات مثل الكافيين والكحول التي تزيد من حدة القلق.
-
الحفاظ على شبكة دعم اجتماعي تتيح التحدث عن المشاعر وتخفيف العبء النفسي.
-
وأخيرًا، استشارة طبيب نفسي عند استمرار القلق، خاصة إن ترافق مع أعراض جسدية مثل الخفقان أو ضيق التنفس.
في النهاية، لا يكفي أن نعتني بأجسامنا من الخارج. القلب، بما يحمله من رمزية وعاطفة ووظيفة، يحتاج أيضًا إلى راحة داخلية. والعقل، حين يتعب، لا يُرهق صاحبه فقط، بل يُضعف قلبه أيضًا.