جسر معلق جديد يختصر عبور وادي عملاق من ساعتين إلى دقيقتين

في إنجاز هندسي فريد من نوعه، كشفت الصين الستار عن جسر هوادجيانج جراند كانيون في مقاطعة قويتشو بجنوب غرب البلاد، ليُسجل رقماً قياسياً عالمياً جديداً كأعلى وأطول جسر معلق فوق وادٍ على مستوى الكوكب. هذا الصرح العملاق، الذي تجاوز كل التوقعات، ليس مجرد معبر، بل شهادة على قدرة الصين الفائقة في تحويل أصعب التضاريس إلى نقاط قوة في البنية التحتية.
يرتفع جسر هوادجيانج 625 متراً فوق نهر بيبان، بطول امتداد رئيسي يصل إلى 1,420 متراً، ويمتد الجسر بطول إجمالي يبلغ 2,890 متراً. هذه الأبعاد الهائلة جعلت منه أعلى بنحو تسع مرات مقارنة بجسر البوابة الذهبية الشهير في سان فرانسيسكو، ما يعكس مدى التطور الهندسي والتقني الذي وصلت إليه الصين في هذا المجال.
هذا المشروع لم يكن مجرد تحدٍ هندسي، بل نقلة نوعية في تسهيل حركة التنقل داخل المقاطعات الجبلية، حيث قلّص زمن عبور الوادي من ساعتين إلى دقيقتين فقط، مما يعزز الترابط الإقليمي ويحفز التنمية الاقتصادية في المناطق النائية.
ويأتي جسر هوادجيانج ليزيح الرقم القياسي السابق الذي كان يحتله جسر آخر في نفس المقاطعة، افتتح في عام 2016 بارتفاع 565.4 متراً، مؤكداً ريادة قويتشو في مجال بناء الجسور الفريدة، إذ تحتضن أكثر من نصف أعلى مئة جسر في العالم.
ولم يكن بناء الجسر سهلاً، فقد واجه المهندسون تحديات ضخمة نظراً لطبيعة الوادي العميق والبيئة الجبلية الوعرة. لكن الصين اعتمدت على أحدث التقنيات العالمية، مثل الملاحة بالأقمار الصناعية، والطائرات المسيّرة للمراقبة، وأنظمة ذكية للرصد، بالإضافة إلى استخدام مواد فائقة القوة وضبط دقة البناء على مستوى المليمتر.
ولفت رئيس إدارة النقل في قويتشو، تشانج ين، إلى أن الجسر يرمز إلى الابتكار الصيني، مشيراً إلى حصول المشروع على 21 براءة اختراع تم اعتماد بعضها كمعايير وطنية لبناء الجسور، ما يدل على المستوى العالي من الإبداع الهندسي والتقني المتوفر.
تجدر الإشارة إلى أن مقاطعة قويتشو، رغم كونها من أقل المناطق تطوراً في الصين، إلا أنها نجحت خلال العقود الماضية في بناء أكثر من 30 ألف جسر لتجاوز تضاريسها الوعرة، حيث يصل طول الجسور القائمة وتلك تحت الإنشاء إلى أكثر من 5,400 كيلومتر، وهو ما يعادل تقريباً المسافة بين شمال وجنوب الصين.
هذا الإنجاز المذهل يسلط الضوء على قدرة الصين في تحويل التحديات الجغرافية إلى فرص حقيقية للتنمية، ويضعها في مقدمة الدول الرائدة عالمياً في مجال الهندسة والبنية التحتية. إن جسر هوادجيانج ليس مجرد جسر، بل هو جسر نحو المستقبل، يعبر به الناس من الماضي إلى الحاضر ويحتضنون مستقبلًا أكثر اتصالاً وسلاسة.