الزمان
جريدة الزمان

سياسة

”حزب الوعي: تهجير أسرة بسبب جلسة عرفية مساس خطير بالمواطنة وهيبة الدولة”

رئيس حزب الوعي
بسمة فرج -

يعرب "حزب الوعي" عن رفضه القاطع وإدانته البالغة لما شهدته قرية "نزلة الجلف بمركز بني مزار بمحافظة المنيا"، من أحداث طائفية مؤسفة تمخضت عنها جلسة تحكيم عرفي أصدرت قرارا بتهجير أسرة مسيحية من القرية وتغريمها مبلغا قدره مليون جنيه، على خلفية واقعة لم يُحسم فيها التحقيق القانوني بعد، ووسط روايات متضاربة وملابسات لم تُعرض بعد على جهات التحقيق المختصة.

يؤكد" حزب الوعي"، وهو يتابع بقلق بالغ هذه التطورات، أن ما حدث يُعد انتهاكا صريحا لمبدأ المواطنة، ومساسا بهيبة الدولة والمجتمع معا، وتناقضا جوهريا مع ركائز الدولة المصرية الحديثة القائمة على العدالة وسيادة القانون والمساواة التامة في الحقوق والواجبات دون تمييز بسبب الدين أو النوع أو العقيدة.

ويرى الحزب أن إدارة مثل هذه الوقائع عبر محاكمات عرفية أو قرارات اجتماعية ذات طابع طائفي هو مسار بالغ الخطورة، يعيد إنتاج أنماط تقليدية من معالجة الأزمات خارج إطار الدولة، ويُضعف ثقة المواطن في مؤسسات العدالة والنظام العام، فالقانون هو الحكم والفيصل، ولا يجوز أن تحل الأعراف محل القضاء، إلا في حضور الدولة وبضمان سيادتها، ولا أن يُستبدل الإنصاف بالترضية، أو يُختزل الأمن المجتمعي في تهجير مواطنين من بيوتهم تحت ذرائع دينية أو اجتماعية.

ويُحذر "حزب الوعي" من أن تفشي مظاهر التطرف الديني، وتغذية الخلافات الطائفية بدعاوى التشدد والوصاية على المجتمع، يشكل خطرا داهما على سلامة ووحدة نسيج المجتمع القوي، فمحاولات فرض أنماط فكرية أو سلوكية على المواطنين باسم الدين، أو إخضاع العلاقات المجتمعية لمعايير سلفية أو مذهبية مغلقة او متشددة، هو عدوان على روح الدولة المدنية، وإخلال بعقد المواطنة الذي يجمع المصريين تحت مظلة القانون والدستور، فالدين لا يمكن أن يكون أداة إقصاء، بل هو طاقة بناء وإحياء لقيم الرحمة والعدل والمساواة، والدين داعم لوحدة المجتمع، لا العكس.

هذا، ويري "حزب الوعي" أن ما جرى في المنيا ليس أزمة طائفية بالمعنى المباشر فقط، بل هو أحد مظاهر الخلل المجتمعي المتجذر الناتج عن ضعف الوعي بمفهوم المواطنة، وغياب ثقافة الاحتكام للقانون، واتساع الفجوة بين الموروث الاجتماعي ومتطلبات الدولة الحديثة، ومن ثم فإن مواجهة هذه الظواهر لا تكون بالمسكنات أو المعالجات الوقتية، بل بجهد وطني متكامل في مجالات التعليم والإعلام والثقافة والدين والتنمية المحلية والعمل الحزبي ليتم بناء الوعي الجمعي على أسس التعايش والمساواة والاحترام المتبادل.

ويطالب حزب الوعي بأن تتخذ الدولة إجراءات عاجلة لإلغاء أي قرارات عرفية صدرت بشأن الواقعة، وضمان حق الأسرة المتضررة في الأمان الكامل والعودة إلى منازلها دون قيد أو تهديد، وفتح تحقيق قضائي نزيه وشفاف يُحدد المسؤولين عن إصدار تلك القرارات أو تمريرها، وما سبقها من وقائع أو تحركات أدت إليها، كما يجدد الحزب دعوته إلى تفعيل مفوضية مكافحة التمييز المنصوص عليها في الدستور، ومنحها صلاحيات تنفيذية ورقابية حقيقية، لحماية قيم المواطنة ومواجهة كل ما من شأنه تكريس الانقسام أو التفرقة على أساس ديني أو اجتماعي أو فكري.

ويشدد الحزب على أن صون الوحدة الوطنية واجب وطني ومسؤولية مشتركة، وأن أي تهاون في مواجهة هذه الانتهاكات يُعد إخلالا بالأمن المجتمعي وتقويضا لثقة المواطنين في دولة القانون، كما يهيب الحزب بجميع مؤسسات الدولة، وبالقيادات المحلية، وبالرموز الدينية والثقافية والحزبية، أن يتحملوا مسؤولياتهم في تعزيز ثقافة السلم الأهلي، وترسيخ مبدأ سيادة القانون فوق كل اعتبار، وتجفيف منابع الفكر المتطرف الذي يهدد تماسك المجتمع المصري.

(وفي هذا الإطار، يؤكد حزب الوعي أنه سيتابع هذا الملف ميدانيا من خلال لجنة المواطنة وحقوق الإنسان بالحزب، وبتكليفات مباشرة من السيد رئيس الحزب، النائب "باسل عادل" عضو مجلس الشيوخ المصري، وبتنسيق مع الجهات الرسمية المعنية، ومؤسسات المجتمع المدني، ولجان الحزب بمحافظة المنيا، والقيادات الرسمية والشعبية بالمحافظة، لضمان تنفيذ القانون وحماية الحقوق الدستورية الكاملة للمواطنين دون تمييز،
كما سيعمل الحزب على إعداد ورقة عمل متكاملة تتضمن رؤيته لمعالجة مثل هذه الظواهر ضمن إطار وطني شامل يعزز العدالة الاجتماعية، ويرسخ روح الانتماء المشترك بين أبناء الوطن الواحد.)

بينما يعيد "حزب الوعي" التأكيد على موقفه الثابت في رفض كل أشكال التمييز والتهجير والإقصاء والتطرف، ويجدد إيمانه بأن الأمن المجتمعي لا يُبنى إلا بالعدالة، والعدالة لا تتحقق إلا بسيادة القانون، والمواطنة لا تُصان إلا بالمساواة الكاملة بين جميع المصريين، ويدعو الحزب إلى تجاوز هذه الحوادث المؤسفة برؤية إصلاحية شاملة تُعيد الاعتبار للإنسان المصري وتضعه في صميم أي معالجة أو سياسات، حفاظا على نسيج الأمة وقيمها الجامعة، وصونا لمكانة مصر كدولة قانون ومواطنة وعدالة.