حصار الفلوجة بالعراق .. في مثل هذا اليوم التاريخ يشهد علي تحطيم اسطورة الجيش الامريكي علي يد المقاومة العراقية عام 2004

في مثل هذا اليوم من عام 2004، بدأ حصار الفلوجة. واحدة من أعنف وأطول المعارك في تاريخ الاحتلال الأمريكي للعراق، حيث اندفع عشرة آلاف جندي أمريكي مدعومون بالطائرات الحربية والمدفعية الثقيلة وأحكموا الطوق حول مدينة الفلوجة، في ما عرف لاحقًا بـ«معركة الفلوجة الأولى».
كيف بدأ حصار الفلوجة ؟
بدأت الشرارة مطلع أبريل 2004، حين قتل أربعة من عناصر شركة الأمن الأمريكية «بلاك ووتر» وسحلت جثثهم في شوارع المدينة، وكان المشهد صادمًا لواشنطن، التي قررت الرد بقوة مفرطة، معتبرة أن السيطرة على الفلوجة ضرورة لإعادة فرض الهيبة الأمريكية بعد عام واحد فقط من سقوط بغداد.
ومنذ اليوم الأول، فرض حصار شامل على المدينة. أغلقت الطرق، قطعت الكهرباء والمياه، ومنع دخول الغذاء والدواء والقصف الجوي لم يتوقف ليلًا أو نهارًا، في وقت تحصن فيه مئات المقاتلين داخل الأزقة الضيقة والمساجد والمنازل المهجورة، واستخدمت القوات الأمريكية قنابل عنقودية وصواريخ موجهة، بينما اعتمد المقاتلون على حرب العصابات وزرع العبوات الناسفة، ما جعل كل شارع معركة قائمة بذاتها.
أسباب فشل القوات الأمريكية في السيطرة على الفلوجة
رغم الفارق الهائل في القوة، فشلت القوات الأمريكية في السيطرة الكاملة على المدينة، وقتل المئات من الجنود الأمريكيين، وأسقطت طائرات مروحية، واضطرت القيادة العسكرية إلى وقف العمليات بعد أسابيع تحت ضغط سياسي وإعلامي داخلي وخارجي، فالصور التي خرجت من الفلوجة لجثث الأطفال والنساء بين الأنقاض، أشعلت موجة غضب عالمية دفعت واشنطن إلى إعادة النظر في أسلوب إدارتها للاحتلال.
لكن الفلوجة لم تنج دون ثمن، دمر أكثر من نصف مبانيها، قتل الآلاف من سكانها، ونزح عشرات الآلاف إلى مدن مجاورة وسط ظروف إنسانية قاسية، وكانت المدينة تبدو في نهاية الحصار كأنها أطلال حرب عالمية مصغرة، لكنها خرجت من الركام كرمز للمقاومة العراقية، ومثال على أن التفوق العسكري لا يعني بالضرورة الانتصار السياسي.
وبعد شهور قليلة، عادت القوات الأمريكية بهجوم أوسع في ما عرف بـ«معركة الفلوجة الثانية» نهاية عام 2004، مستخدمة أسلحة محرمة دوليًا كالفسفور الأبيض، ليبقي اسم الفلوجة حاضرًا في ذاكرة العراقيين والعالم، باعتبارها المدينة التي وقفت في وجه أعتى قوة في العالم، ودفعت ثمنًا باهظًا لتكتب بدمائها أول فصل في نهاية أسطورة الاحتلال الأمريكي السهل للعراق.

