الزمان
جريدة الزمان

فن

رئيس لجنة الآداب بوزارة الثقافة اليونانية: جناح اليونان بمعرض الشارقة الدولي للكتاب يجسد جسورا إبداعية جديدة مع العالم العربي

-

أعربت الدكتورة سيسي باباثاناسيو، رئيسة لجنة الآداب في وزارة الثقافة اليونانية، ضيف شرف معرض الشارقة للكتاب في دورته الـ44، عن التنظيم المتميز للمعرض، ووصفت مؤتمر الناشرين الدولي بأنه "من أقوى المؤتمرات التي شهدتها في مسيرتها المهنية"، مشيرة إلى إعجابها الكبير بالبرامج التعليمية الموجهة للأطفال والناشئة.

وانتقلت الدكتورة باباثاناسيو، في بيان اليوم الثلاثاء، لتتحدث عن جناح اليونان في المعرض، الذي جاء هذا العام بتصميم فني يحمل دلالات رمزية عميقة، إذ اتخذ شكل سفينة أثينية قديمة تجسد فكرة انتقال شرارة الفكر الإغريقي إلى العالم.

وقالت: "السفينة هي الجسر الذي يربطنا بالثقافات الأخرى، وتحديدًا بالعالم العربي ودولة الإمارات، وتصميم الجناح يجسّد حركة الثقافة والمعرفة من خلال مجاديف رمزية تمثل دفّتين؛ إحداهما تحمل الكتب والإبداعات الأدبية اليونانية، والأخرى الترجمات بين اللغتين العربية واليونانية، وفي المنتصف طاولة مستديرة للحوار والتواصل المباشر بين الزوار والمبدعين، بما يعكس جوهر المشاركة القائمة على التفاعل الثقافي والانفتاح الحضاري".

رحلة الأدب اليوناني ما بعد العصر الكلاسيكي

وأشارت الدكتورة باباثاناسيو، إلى أن جناح اليونان يضم معرضًا مصغّرًا يوثق رحلة الأدب اليوناني ما بعد العصر الكلاسيكي، حيث يمكن للزائر أن يتتبع تطور الأدب من الحقبة البيزنطية حتى يومنا هذا، عبر أعمال أعلام الأدب اليوناني، ومنهم الشاعران الحائزان على جائزة نوبل للأدب: جورجيوس سفريس (1963) وأوديسياس إليتيس (1979)، بجانب عرض نماذج من المخطوطات القديمة والقطع الأثرية ذات الصلة بالأدب والكتابة، في تجربة تمزج بين التاريخ والفكر والإبداع الحديث.

وفي مقدمة الجناح، تتوسط شجرة الزيتون المشهد كرمز خالد للحضارة اليونانية، اختيرت لتجسّد مفهوم العطاء والتنوّع والإنتاج، إذ تقول باباثاناسيو: "شجرة الزيتون تمثل جوهر اليونان، فهي الجذور التي تمنح ثمارًا متعددة، مثلما تمنح الثقافة ثمارها للإنسانية".

* صورة شاملة عن اليونان الحديثة

وحول الأهداف الاستراتيجية للمشاركة، أكدت أن وجود اليونان كضيف شرف هذا العام يأتي لتقديم صورة شاملة عن اليونان الحديثة وأدبها وفكرها المعاصر، موضحة أن المشاركة تمتد لبناء شراكات ثقافية حقيقية مع المؤسسات العربية.

وقالت: "العالم العربي يعرف الكثير عن اليونان القديمة، ونحن هنا اليوم لنقدّم له اليونان الحديثة بكل أبعادها الفكرية والفنية، ولنؤسس لحوار مستمر مع الناشرين والمؤلفين العرب في مختلف مجالات الأدب والثقافة".

وأشارت إلى أن الوفد اليوناني المشارك يضم أكثر من 70 شخصية من كتّاب وأكاديميين وفنانين ومترجمين وناشرين، يجتمعون تحت مظلة واحدة لتعزيز التواصل الثقافي بين البلدين، مضيفة: "هذه المشاركة ليست بداية جديدة، بل امتداد لمسيرة طويلة من التعاون، واليوم نحن نعمل على ترجمة هذا الحضور إلى شراكات مؤسسية ستُحدث نقلة نوعية في العلاقات الأدبية والفنية بين اليونان والعالم العربي".

واختتمت حديثها بالتأكيد على أن مشاركة اليونان في معرض الشارقة الدولي للكتاب تأتي تحت شعار "الأدب اليوناني.. الرحلة الطويلة"، وتتضمن برنامجًا متنوعًا من الجلسات الأدبية والعروض الموسيقية وورش الأطفال وفعاليات الطهي والفنون، جميعها تهدف إلى إبراز التقاء العراقة بالحداثة في التجربة الثقافية اليونانية، وإلى تأكيد أن الثقافة هي المركب الأجمل الذي يوصل الشعوب نحو فهم أعمق لبعضها البعض.

* برنامج ثقافي وأدبي وفني حافل

وجاء من هذه الفعاليات جلسة بعنوان "المونودراما اليونانية المعاصرة"، التي تحتفي بترجمة مجموعات شعرية يونانية إلى اللغة العربية للمرة الأولى، وتستعرض أعمالًا مستوحاة من الأساطير الإغريقية القديمة وتاريخها المسرحي العريق.

كما تُقام جلسة "الشعر اليوناني المعاصر: أصداء بالعربية"، التي تسلط الضوء على مختارات من القصائد الحديثة ضمن أنطولوجيا شعرية جديدة تجمع بين الشعراء العرب واليونانيين، وتُقدَّم خلالها قراءات شعرية باللغتين.

وفي محور المسرح، يشهد المعرض عرضًا خاصًا بعنوان "فيلوكيتيس"، وهو أداء مستوحى من الأسطورة الإغريقية التي تتناول مفهوم العزلة والوفاء الإنساني.

كما يشهد الجناح سلسلة من العروض الموسيقية اليومية تحت عنوان "البرنامج الثقافي والفني - المسرح المتجول"، تجمع بين الشعر والموسيقى عبر أعمال مستوحاة من قصائد كبار الشعراء اليونانيين.

وفي جانب الفنون والتعليم، يخصص الجناح اليوناني مساحة لعدد من ورش الأطفال التفاعلية تحت عنوان "الحياة والكتابة"، كما يشارك الفنانون والرسامون اليونانيون في ورشة بعنوان "الطفل والتعليم من اليونان القديمة حتى اليوم"، التي تبرز تطور الفكر التربوي والفني في اليونان عبر العصور بأسلوب مبسّط يناسب طلاب المدارس واليافعين.

ويكمل المشهد الثقافي برنامجٌ خاص حول المطبخ اليوناني من خلال سلسلة من جلسات الطهي التفاعلية التي تبرز العلاقة بين المذاق والتراث الثقافي، مقدمة للزوار تجربة تجمع بين الحواس والمعرفة، حيث يتم استعراض المأكولات التقليدية وأصولها التاريخية وصلتها بالثقافة المتوسطية والعربية.

وتتوج هذه الفعاليات بحزمة من الورش الفنية والحلقات النقاشية التي تحتفي بالحوار الثقافي، وتؤكد أن مشاركة اليونان كضيف شرف في هذه الدورة ليست مجرد احتفاء بالحضارة القديمة، بل تجسيدًا لروح الإبداع الإنساني المستمر الذي يربط بين ضفّتي المتوسط عبر الأدب والفن والموسيقى.