الزمان
جريدة الزمان

خارجي

الشرع: إسرائيل تعمل على تصدير الأزمات للدول الأخرى والهروب من المجازر التي ترتكبها في غزة

-

قال الرئيس السوري أحمد الشرع، السبت، إن إسرائيل تعمل على تصدير أزماتها والهروب من المجازر التي ترتكبها في قطاع غزة.

وأشار إلى أنها كثفت اعتداءاتها على سوريا بشكل غير مسبوق بعد سقوط نظام بشار الأسد، حيث شنت أكثر من 1000 غارة ونفذت 400 توغل على الأراضي السورية منذ 8 ديسمبر 2024.

جاء ذلك خلال جلسة حوارية ضمن أعمال منتدى الدوحة 2025 في العاصمة القطرية، وفق ما أوردته وكالة الأنباء السورية "سانا".

وتعليقا على الاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة على سوريا ولبنان، أوضح الشرع أن "إسرائيل تعمل على تصدير الأزمات إلى الدول الأخرى والهروب من المجازر التي ترتكبها في قطاع غزة، وتبرير كل شيء بالمخاوف الأمنية".

ولفت إلى أن سوريا بالمقابل ومنذ التحرير "أرسلت رسائل إيجابية لإرساء دعائم الاستقرار الإقليمي"، لكن "إسرائيل قابلت سوريا بعنف شديد" وكان آخر اعتداءاتها "المجزرة التي ارتكبتها في بلدة بيت جن بريف دمشق وراح ضحيتها العشرات".

وقبل 8 أيام، ارتكب الجيش الإسرائيلي مجزرة في بلدة بيت جن بريف دمشق، راح ضحيتها 13 قتيلا وعشرات الجرحى، بقصف جوي استهدف المنطقة بعد توغل قصير مصحوب باشتباكات مع الأهالي الذين حاولوا الدفاع عن أرضهم.

وكشف الشرع أن هناك "مفاوضات مع إسرائيل" بمشاركة أمريكية، وأن جميع الدول تدعم مطلب دمشق بانسحاب تل أبيب إلى ما قبل 8 ديسمبر 2024.

وأعرب عن إصرار سوريا على التزام إسرائيل بـ"اتفاق فض الاشتباك عام 1974".

وحذر من أن "مطلب المنطقة منزوعة السلاح حوله كثير من التساؤلات، فمن سيحمي هذه المنطقة إن لم يكن هناك تواجد للجيش السوري؟".

والثلاثاء، جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مطالبه بـ"ضرورة جعل جنوب دمشق منطقة منزوعة السلاح"، رغم تحذيرات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتل أبيب بعدم عرقلة "تطور سوريا إلى دولة مزدهرة".

جاء ذلك بعد زيارته جنودا إسرائيليين أصيبوا خلال اقتحامهم لبلدة بيت جن جنوبي سوريا، وفق بيان صدر عن مكتبه.

وقبل ذلك بيوم، طالب ترامب عبر منصته "تروث سوشيال"، إسرائيل بالمحافظة على "حوار قوي وحقيقي" مع دمشق، وضمان عدم حدوث "أي شيء من شأنه أن يتعارض مع تطور سوريا إلى دولة مزدهرة".

وزعم نتنياهو أن "المتوقع من سوريا هو إنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح من دمشق إلى المنطقة العازلة، بما في ذلك بالطبع مداخل جبل الشيخ وقمة الشيخ".

كما جدد زعمه بأن "الاحتفاظ بهذه الأراضي لضمان أمن المواطنين الإسرائيليين"، مضيفا: "هذا ما يُلزمنا" في إشارة إلى استيلاء إسرائيل على المنطقة السورية العازلة نهاية العام الماضي.

واستغلت إسرائيل الإطاحة برئيس النظام المخلوع بشار الأسد أواخر 2024، لتوسيع رقعة احتلالها لمعظم هضبة الجولان السورية منذ 1967 لتمتد إلى ما وراء المنطقة العازلة وجبل الشيخ جنوبي سوريا، وتواصل مطالباتها بنزع السلاح حتى حدود العاصمة دمشق.

كما تواصل إسرائيل تنفيذ توغلات برية وغارات جوية قتلت مدنيين ودمرت مواقع وآليات عسكرية وأسلحة وذخائر للجيش السوري، مع أن الحكومة السورية لم تشكل أي تهديد لتل أبيب.

ورغم تعدي إسرائيل المستمر على سيادة سوريا، ادّعى نتنياهو أنه "من الممكن أيضا التوصل إلى اتفاق مع السوريين، لكننا سنتمسك بمبادئنا في كل الأحوال".

وفي سياق الوضع الداخلي، أكد الشرع أن سوريا "استعادت الكثير من علاقاتها الدولية" بعد التحرير، وأنها تحولت من "منطقة مصدّرة للأزمات إلى منطقة يمكن أن تكون نموذجا للاستقرار الإقليمي".

وتعهد بمواصلة العمل على إقناع الولايات المتحدة بإلغاء قانون قيصر بشكل كامل، مشيرا إلى أن "إدارة الرئيس ترامب تدعم مسار رفع العقوبات عن سوريا"، وأن التعافي الاقتصادي "سيساعد بشكل كبير على تحقيق الاستقرار".

وفي 11 ديسمبر 2019، أقر الكونغرس الأمريكي "قانون قيصر" لمعاقبة أركان نظام الأسد على "جرائم حرب" ارتكبها بحق المدنيين في سوريا.

وفي 10 نوفمبر الفائت، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية تعليق تطبيق عقوبات "قانون قيصر" المفروضة على سوريا لمدة 180 يوما "باستثناء المعاملات الخاضعة للعقوبات مع روسيا وإيران".

وعلى صعيد جهود بناء الدولة، أكد الشرع أن سوريا انتقلت إلى نظام حكم لا يشبه سابقه بعد "نجاح الثورة الشعبية".

وشدد على أن "الجميع ممثل اليوم في الحكومة وفق مبدأ الكفاءة لا المحاصصة"، وأن نظام الحكم الجديد سيتأسس على إعلان دستوري مؤقت وسيتبعه كتابة الدستور والتوجه للانتخابات بعد أربع سنوات.

وفي 29 مارس الماضي، شهدت سوريا تشكيل أول حكومة في البلاد بعد الإعلان الدستوري الجديد والإطاحة بنظام الأسد.

وضمت الحكومة 23 وزيرا، بينهم سيدة واحدة و5 منهم من الحكومة الانتقالية التي تشكلت في 10 ديسمبر 2024 لتسيير أمور البلاد.

من جهة أخرى، قال الشرع: "أورثنا النظام البائد مشاكل كبيرة جميعنا فيها ضحايا ويجب معالجتها بحكمة، حصلت نزاعات وشكلنا لجان تقصي حقائق واستقبلنا لجانا دولية، ونعمل على محاكمة مرتكبي الجرائم في الساحل والسويداء".

وأوضح "من بدأ هذه النزاعات هم فلول النظام البائد ثم تطور ووصل إلى ما وصل إليه، لكن سوريا دولة قانون يصون حقوق الجميع".

وشهد الساحل السوري في مارس الماضي أحداثا دامية بين موالين للنظام السابق والأمن، تلتها سيطرة حكومية شابتها انتهاكات وقتل؛ بالتزامن مع استمرار وقف النار بالسويداء جنوبا منذ 19 يوليو بعد اشتباكات مسلحة خلفت مئات القتلى.

ولفت الشرع إلى أن "سوريا بلد متطور قائم على الانتخابات، ورغم أننا لسنا جاهزين لها في هذا الوقت أجرينا انتخابات مجلس الشعب بطريقة تتناسب مع المرحلة الانتقالية، ومبدأ اختيار الشعب لمن يحكمه مبدأ أساسي".

وفي 5 أكتوبر الفائت، شهدت سوريا إجراء انتخابات مجلس الشعب، لأول مرة بعد سقوط نظام الأسد، حيث دُعي 6 آلاف ناخب من هيئات انتخابية مشكلة في المحافظات للإدلاء بأصواتهم في انتخابات غير مباشرة، ولاختيار ثلثي مقاعد مجلس الشعب (140 مقعدا من إجمالي 210)، على أن يُعين الثلث المتبقي (70 مقعدا) بمرسوم من الرئيس الشرع.

وتقول السلطات إنها لجأت إلى هذا النظام بدلا من الاقتراع العام للافتقار إلى بيانات موثوقة للسكان، وبسبب نزوح ملايين السوريين بسبب الحرب التي شنها نظام الأسد عليهم لمدة 14 عاما (2011- 2024).

وتبلغ مدة ولاية مجلس الشعب 30 شهرا قابلة للتجديد، وذلك ضمن مرحلة انتقالية تمتد إلى 4 أعوام، مع إمكانية تمديدها عاما إضافيا.

ويتولى المجلس مهام اقتراح القوانين وإقرارها، وتعديل أو إلغاء القوانين السابقة، والتصديق على المعاهدات الدولية، وإقرار الموازنة العامة للدولة، والعفو العام.

كما تطرق الرئيس السوري إلى الإعلان الدستوري الذي وقعه في مارس الماضي، جرى خلاله تحديد المرحلة الانتقالية في البلاد بمدة خمس سنوات.

وقال: "بعد التحرير أجرينا مؤتمر حوار وطني شامل انبثق منه إعلان دستوري مؤقت، وهذا الإعلان أعطى صلاحية للرئيس بالاستمرار خمس سنوات سيتم خلالها إصدار كثير من القوانين وسيكتب الدستور الذي سيكون المرجعية الأساسية لنظام الحكم، وبعد 4 سنوات سنذهب بالتأكيد للانتخابات".

ومساء الجمعة، وصل الشرع إلى العاصمة القطرية للمشاركة في منتدى الدوحة 2025.

وعلى مدى يومي السبت والأحد، يشارك في المنتدى، الذي ينعقد تحت شعار "ترسيخ العدالة: من الوعود إلى الواقع الملموس"، أكثر من 6 آلاف شخص، و471 متحدثا من نحو 160 دولة.

وانعقدت النسخة الأولى من منتدى الدوحة عام 2001، ويعد منصة عالمية للحوار، تجمع قادة وصناع السياسات لبحث التحديات الكبرى التي يواجهها العالم، وبناء شبكات مبتكرة قائمة على العمل والحلول.