الزمان
جريدة الزمان

خارجي

مفتي تشاد: قضايا الواقع الإنساني المعاصر تستدعي اجتهادا جماعيا وفقها مؤسسيا

-

أكد الشيخ أحمد النور الحلو، مفتي جمهورية تشاد، أن الفتوى في الإسلام لم تكن يوما منفصلة عن الإنسان ولا بعيدة عن واقعه، بل جاءت لتحقيق مقاصد الشريعة القائمة على حفظ الدين، والنفس، والعقل، والمال، والكرامة الإنسانية.

جاء ذلك في كلمته التي ألقاها خلال جلسة الوفود ضمن فعاليات الندوة الدولية الثانية للإفتاء، حيث عبَّر عن شكره وتقديره للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، ودار الإفتاء المصرية، على الدعوة الكريمة وتنظيم الندوة المنعقدة في القاهرة، حاضرة العلم والفتوى، تزامنا مع اليوم العالمي للفتوى.

وأكد مفتي تشاد، أن عنوان الندوة "الفتوى وقضايا الواقع الإنساني.. نحو اجتهاد رشيد يواكب التحديات المعاصرة" يعكس جوهر رسالة الفتوى في الإسلام، مشددا على ارتباط الفتوى الوثيق بواقع الناس واحتياجاتهم، وسعيها الدائم إلى تحقيق مصالحهم ودفع الحرج عنهم.

وأشار إلى أن القرآن الكريم والسُّنة النبوية رسخا منهج التيسير ورفع الحرج، مستشهدا بقوله تعالى: "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ"، وقوله سبحانه: "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ"، وبقول النبي ﷺ: "يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا".

وأوضح أن الفتوى الرشيدة هي التي تنزل النص على الواقع تنزيلا حكيما، وتوازن بين الثوابت والمتغيرات، وتستحضر أحوال الناس ومآلات الأحكام، مؤكدا أن الفقه لا يقتصر على حفظ النصوص، بل يقوم على فهم مقاصدها ومعرفة واقع الناس الذين يخاطبون بها.

ولفت مفتي تشاد الانتباه إلى أن التحديات الاجتماعية والأسرية والاقتصادية والتقنية التي يشهدها الواقع الإنساني المعاصر تستوجب اجتهادا جماعيا وفقها مؤسسيا يحسن قراءة الواقع، مع الحفاظ على أصول الشريعة وثوابتها، حتى تبقى الفتوى عامل استقرار وبناء، لا سبب اضطراب أو انقسام.

وأكد أن تجربة تشاد تنطلق من الإيمان بأن الفتوى إذا قامت على العلم، واتكأت على المقاصد، واستحضرت البُعد الإنساني، كانت أقرب إلى قبول الناس، وأصدق في تمثيل روح الدين القائم على العدل والإحسان.

واختتم كلمته بالتأكيد على أهمية هذه الندوة بوصفها منطلقا لمزيد من البحث والنقاش العلمي حول تفعيل منهج الفتوى الرشيدة في الواقع المعاصر، داعيا الله تعالى أن يبارك في هذه الجهود، وأن يوفق العلماء والمفتين للسداد والرشاد، وأن يجعل الأعمال خالصة لوجهه الكريم نفعا للإنسان وخدمةً للدين.