بؤر خوف وبرد.. خيام النازحين الفلسطينيين بغزة تغرق في وحل الشتاء

• يضرب منخفض جوي ثالث قطاع غزة، ليضاعف معاناة النازحين المقيمين في خيام بالية وسط نداءات عاجلة للحصول على المساعدات والبيوت المتنقلة
يضرب منخفض جوي جديد قطاع غزة، ليضيف فصلًا قاسيًا جديدًا إلى معاناة مستمرة للنازحين الفلسطينيين في الخيام منذ أكثر من عامين، حيث لم تعد الخيام البالية قادرة على صدّ الأمطار الغزيرة ولا الرياح العاتية.
ومع ساعات فجر الأحد، لقيت شابة فلسطينية مصرعها، إثر سقوط جدار منزل قصفته إسرائيل خلال حرب الإبادة على خيمتها في حي الرمال غربي مدينة غزة، فيما تسببت مياه الأمطار والرياح العاصفة التي تضرب القطاع منذ مساء السبت، بغرق وتطاير آلاف من خيام النازحين الفلسطينيين.
وهذا المنخفض هو الثالث الذي يضرب قطاع غزة منذ بدء فصل الشتاء الحالي، حيث تسبب سابقاه بمصرع 17 فلسطينيا بينهم 4 أطفال، وانهيار عدد من المنازل المتضررة من قصف إسرائيلي سابق، وغرق وتطاير عشرات الآلاف من الخيام.
** بؤر خوف وبرد
وتتحول الخيام المتلاصقة إلى بؤر خوف وبرد، إذ تشعل العائلات النار باستخدام الحطب وبقايا الأخشاب في محاولات يائسة لتدفئة أطفالها.
وبينما تمزق الرياح الأقمشة البسيطة التي بالكاد تغطي أجزاء من الخيام، في مشهد يعكس هشاشة الحياة داخل المخيم، يغرق ما تبقى من مقتنيات النازحين في الأرض الموحلة والمياه المتراكمة.
ويقف سامي عسلية أمام خيمته المهترئة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، عاجزا عن حماية عائلته من الأمطار الغزيرة والرياح العاتية، مطالبا بكرفانات (بيوت متنقلة) بعد تكرار غرق خيمته للمرة الثالثة منذ بداية فصل شتاء العام الحالي.
ويضيف للأناضول: "نحتاج كرافانات، الخيام الحالية لا تحمينا من المطر والرياح، لقد غرقت مرات عدة".
وفي الجهة المقابلة لعسلية، يكافح شاب آخر لتثبيت بعض القماش الممزق كسدّ لتسرب المطر، متشبثا بأيدٍ مرتعشة وسط الرياح، في محاولة يائسة للحفاظ على قليل من الدفء والحماية داخل الخيم المهترئة.
وفاقم المنخفض الحالي من معاناة الفلسطينيين الذين يعيشون داخل خيام هشة، عجزت عن حمايتهم من تسرب مياه الأمطار إلى الداخل، ومن لسعات البرد القارس.
وفي حديث للأناضول السبت، أفاد الراصد الجوي ليث العلامي بأن الأراضي الفلسطينية بما فيها قطاع غزة، ستتأثر بمنخفض جوي رابع بدءا من يوم غد الاثنين.
** واقع قاسٍ
هادية عطية فرج الله، امرأة عجوز تقف عاجزة أمام خيمتها المغمورة بالمياه، تراقب المطر وهو يغمر كل شيء حولها، فتشعر بالعجز الكامل أمام قسوة الحياة في المخيم.
تناشد بصوت مليء بالحزن، العالم أجمع لمساعدتها وعائلتها ومئات آلاف النازحين في القطاع، مؤكدة أن الوضع صعب للغاية وأن المخيم الذي تعيش فيه بأكمله بحاجة للمساعدة.
وتقول للأناضول: "فقدت 5 من أبنائي وتعرضت خيمتي للغرق مرتين، وزوجي رجل عجوز لا يستطيع فعل أي شيء".
وناشدت بسرعة مد يد الرحمة والشفقة لتوفير أبسط مقومات الحياة لعائلتها المنكوبة.
وتتواصل الأزمة الإنسانية بغزة، رغم انتهاء حرب الإبادة الإسرائيلية مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي.
ولم تشهد هذه الأزمة تحسنا ملحوظا بسبب تنصل إسرائيل من التزاماتها التي نص عليها الاتفاق، بما فيها إغلاق المعابر، وعدم إدخال الكميات المتفق عليها من المواد الغذائية، والإغاثية، والطبية، ومواد الإيواء والبيوت المتنقلة.
وفي 8 أكتوبر 2023، بدأت إسرائيل إبادة جماعية بغزة استمرت عامين، وخلفت أكثر من 71 ألف شهيد فلسطيني وما يزيد على 171 ألف جريح، ودمارا هائلا طال 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية، بتكلفة إعمار قدرتها الأمم المتحدة بنحو 70 مليار دولار.

