جريدة الزمان

مقال رئيس التحرير

 ألم الختام.. لاستشهاد الإمام..

-

هكذا‭ ‬حال‭ ‬الدنيا‭ ‬أن‭ ‬يجتمع‭ ‬فيها‭ ‬التضاد‭ ‬الموت‭ ‬والحياة‭.. ‬الفرح‭ ‬والحزن‭.. ‬البسمة‭ ‬والدمعة‭.. ‬السعادة‭ ‬والشقاء‭.. ‬الفراق‭ ‬واللقاء‭.. ‬
هكذا‭ ‬دومًا‭ ‬تختلط‭ ‬النقائض‭ ‬لترسم‭ ‬أصدق‭ ‬الصور‭ ‬التى‭ ‬تترك‭ ‬أعمق‭ ‬الذكريات‭ ‬تأثيرًا‭.. ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬لحظاتها‭ ‬الجميلةة‭ ‬دومًا‭ ‬خاطفة‭ ‬زائلة‭ ‬سريعة‭.. ‬كأنها‭ ‬كانت‭ ‬حلمًا‭.. ‬لأن‭ ‬كوابيسها‭ ‬أعظم‭ ‬عذابًا‭.. ‬وأكثر‭ ‬بقاءً‭... ‬وأشد‭ ‬إيلامًا‭.‬
ولا‭ ‬يعرف‭ ‬ماهيتها‭ ‬كى‭ ‬يتغلب‭ ‬عليها‭ ‬بأفراحها‭ ‬وجراحها‭.. ‬إلا‭ ‬من‭ ‬يعرف‭ ‬الله‭ ‬حق‭ ‬معرفته‭.. ‬ويمتلأ‭ ‬قلبه‭ ‬بشديدد‭ ‬الإيمان‭.. ‬وعظيم‭ ‬اليقين‭ ‬بالله‭.. ‬فلا‭ ‬ينزلق‭ ‬فى‭ ‬دهاليزها‭ ‬ولا‭ ‬يعطيها‭ ‬قدرًا‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬قدرها‭.. ‬حين‭ ‬يعرف‭ ‬أنه‭ ‬فيها‭ ‬ضيفًا‭ ‬زائرًا‭ ‬عليها‭ .. ‬فلا‭ ‬ينخدع‭ ‬أبدًا‭ ‬ببريقها‭.. ‬ولا‭ ‬يضل‭ ‬فى‭ ‬ضلالها‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬إغراؤها‭ .. ‬
لكن‭ ‬هذا‭ ‬المرء‭ ‬دائمًا‭ ‬يعيش‭ ‬موجوعًا‭.. ‬حزينًا‭ .. ‬متألمًا‭.. ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬ذكيًا‭ ‬لأنه‭ ‬متفقه‭ ‬ورع‭ ‬زاهد‭ ‬عابد‭.. ‬لأنهه‭ ‬بالله‭ ‬عارف‭.. ‬فلا‭ ‬يهمه‭ ‬تلك‭ ‬الليالى‭ ‬والأيام‭.. ‬لأنه‭ ‬يعلم‭ ‬علم‭ ‬اليقين‭ ‬أنها‭ ‬إلى‭ ‬مآل‭ ‬وزوال‭.. ‬فأبدًا‭ ‬لا‭ ‬يبكيها‭ ‬وإنما‭ ‬يبكى‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬فيها‭.. ‬يتمنى‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬يبارحها‭ .. ‬وقد‭ ‬عرف‭ ‬أن‭ ‬خلوده‭ ‬بعيدًا‭ ‬عنها‭.. ‬فوقها‭ .. ‬فى‭ ‬بعدها‭ ... ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬تحت‭ ‬ثراها‭.. ‬لكن‭ ‬مكانه‭ ‬فى‭ ‬العلى‭ ‬بين‭ ‬ثرياها‭..‬‭. ‬
هكذا‭ ‬تعمدت‭ ‬أن‭ ‬أكتب‭ ‬خلفية‭ ‬الإمام‭ ‬عليّ‭ ‬ذلك‭ ‬الواعظ‭ ‬والحكيم‭ ‬لنعرف‭ ‬ماذا‭ ‬كان‭ ‬وراء‭ ‬حكمته‭ ‬وفصاحةة‭ ‬لسانه؟؟‭!!.. ‬وهو‭ ‬عظم‭ ‬الألم‭.. ‬كلما‭ ‬عظم‭ ‬الألم‭.. ‬كلما‭ ‬عظمة‭ ‬الشخصية‭.. ‬وارتفعت‭ ‬المكانة‭... ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أبدًا‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬منها‭ ‬عيب‭ ‬بل‭ ‬هى‭ ‬قائدة‭ ‬رائدة‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬رحيلها‭ ‬أو‭ ‬مغادرة‭ ‬الدنيا‭!!.. ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬أخوض‭ ‬فى‭ ‬أعمال‭ ‬الإمام‭.. ‬أتحدث‭ ‬عن‭ ‬خلافته‭ ‬العصماء‭ ‬الغراء‭ ‬التى‭ ‬بدأت‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬الخليفة‭ ‬الثالث‭ ‬سيدنا‭ ‬عثمان‭ ‬بن‭ ‬عفان‭... ‬

لقد‭ ‬تولى‭ ‬الإمام‭ ‬عليّ‭ ‬بن‭ ‬أبى‭ ‬طالب‭ ‬‮«‬رضى‭ ‬الله‭ ‬عنه‮»‬‭ ‬الخلافة‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استشهد‭ ‬خليفة‭ ‬المسلمين‭ ‬الثالث‭ ‬سيدنا‭ ‬عثمان‭ ‬بن‭ ‬عفان‭ ‬‮«‬رضى‭ ‬الله‭ ‬عنه‮»‬‭... ‬إذ‭ ‬جاء‭ ‬بعض‭ ‬الناس‭ ‬يعرضون‭ ‬على‭ ‬الإمام‭ ‬عليّ‭ ‬بن‭ ‬أبى‭ ‬طالب‭ ‬‮«‬رضى‭ ‬الله‭ ‬عنه‮»‬‭ ‬أن‭ ‬يتولى‭ ‬الخلافة‭.. ‬ويعطوه‭ ‬البيعة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭... ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬كرم‭ ‬الله‭ ‬وجهه‮»‬‭ ‬أبى‭ ‬فى‭ ‬البداية‭ ‬وأنكر‭ ‬عليهم‭ ‬بيعتهم‭.. ‬قائلًا‭: ‬إنما‭ ‬البت‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬يملكه‭ ‬أهل‭ ‬الحل‭ ‬والعقد‭ ‬‮«‬أهل‭ ‬الشورى‮»‬‭ ‬من‭ ‬أكابر‭ ‬الصحابة‭ ‬كطلحة‭ ‬بن‭ ‬عبيدالله‭ ‬والزبير‭ ‬بن‭ ‬العوام‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬والأمراء‭.. ‬
وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬جاء‭ ‬الناس‭ ‬فى‭ ‬المرتبة‭ ‬الثانية‭ ‬وفى‭ ‬مقدمتهم‭ ‬‮«‬أهل‭ ‬الشورى‮»‬‭ ‬يطلبون‭ ‬من‭ ‬عليّ‭ ‬بن‭ ‬أبى‭ ‬طالبب‭ ‬‮«‬رضى‭ ‬الله‭ ‬عنه‮»‬‭ ‬تولى‭ ‬إمارة‭ ‬المؤمنين‭ ‬فرفض‭ ‬ذلك‭ ‬أيضًا‭... ‬فألحوا‭ ‬عليه‭ ‬فى‭ ‬السؤال‭ ‬والطلب‭ ‬فجلس‭ ‬فى‭ ‬بيته‭ .. ‬ولكن‭ ‬الناس‭ ‬دخلوا‭ ‬عليه‭ ‬فى‭ ‬بيته‭ ‬وفى‭ ‬مقدمتهم‭ ‬طلحة‭ ‬بن‭ ‬عبيدالله‭ ‬والزبير‭ ‬بن‭ ‬العوام‭ ‬وقالوا‭ ‬له‭: ‬‮«‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬بقاؤه‭ ‬بلا‭ ‬أمير‭.. ‬وألحوا‭ ‬عليه‭ ‬فى‭ ‬أن‭ ‬يقبل‭ ‬الإمارة‭.. ‬فقبلها‭ ‬عليّ‭ ‬بن‭ ‬أبى‭ ‬طالب‭ ‬‮«‬رضى‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عنه‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬إلحاح‭ ‬المسلمين‭ ‬الشديد‭... ‬
وهذا‭ ‬يعكس‭ ‬مدى‭ ‬عدم‭ ‬تمسك‭ ‬الإمام‭ ‬على‭ ‬بأى‭ ‬أمر‭ ‬من‭ ‬أمور‭ ‬الدنيا‭ ‬لأنها‭ ‬زائلة‭.. ‬فهو‭ ‬يعرف‭ ‬قدر‭ ‬ومقدار‭ ‬هذهه‭ ‬الدنيا‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تساوى‭ ‬عنده‭ ‬جناح‭ ‬بعوضة‭!!!... ‬
فهو‭ ‬شخص‭ ‬انقطعت‭ ‬صلته‭ ‬بالأرض‭.. ‬فوصلت‭ ‬صلته‭ ‬السماء‭!!!... ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬على‭ ‬بن‭ ‬أبى‭ ‬طالب‭ ‬يا‭ ‬من‭ ‬لاا‭ ‬تعرفه؟؟‭!!.. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬عليّ‭ ‬أبو‭ ‬الحسنين‭ ‬يا‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬تعطيه‭ ‬حقه؟؟‭!!... ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬عليّ‭ ‬الخليفة‭ ‬الرابع‭ ‬يا‭ ‬من‭ ‬تنكره؟؟‭!!... ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬عليّ‭ ‬أمير‭ ‬المؤمنين‭ ‬يا‭ ‬من‭ ‬تسفهه؟؟‭!!.. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬عليّ‭ ‬الإمام‭ ‬يا‭ ‬من‭ ‬تتأول‭ ‬عليه؟؟‭!!... ‬رحم‭ ‬الله‭ ‬إمامنا‭ ‬عليّ‭ ‬بن‭ ‬أبى‭ ‬طالب‭ ‬وجزاه‭ ‬عن‭ ‬الأمة‭ ‬الإسلامية‭ ‬خير‭ ‬الجزاء‭ ‬وأفضله‭.. ‬
حديثى‭ ‬إليك‭ ‬يا‭ ‬من‭ ‬تجرى‭ ‬وراء‭ ‬الدنيا‭ ‬الآن‭ ‬تبيع‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬نفسك‭ ‬وكرامتك‭ ‬وشرفك‭ ‬واسمك‭ ‬وأهلك‭ ‬ودينكك‭!!!... ‬ودون‭ ‬حياء‭ ‬أو‭ ‬استحياء‭!!.. ‬
أيها‭ ‬القزم‭ !!.. ‬اللا‭ ‬شيء‭!!!.. ‬لتتحدث‭ ‬عن‭ ‬الإمام‭ ‬عليّ‭ ‬وصحابة‭ ‬النبي‭.. ‬هؤلاء‭ ‬الأسياد‭ ‬الذين‭ ‬تحاول‭ ‬أنن‭ ‬يكون‭ ‬لك‭ ‬شأنًا‭ ‬بينهم‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬سبابهم‭ ‬أو‭ ‬التطاول‭ ‬عليهم‭ .. ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لك‭ ‬وزنًا‭!!!!... ‬وكلما‭ ‬اقتربت‭ ‬منهم‭ ‬سببًا‭.. ‬كلما‭ ‬خف‭ ‬وزنك‭ ‬فأصبح‭ ‬ضبابًا‭ ‬أسود‭ ...!!‬
وكذلك‭ ‬حديثى‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬يلصقون‭ ‬أنفسهم‭ ‬يحاولون‭ ‬أن‭ ‬ينتسبوا‭ ‬إلى‭ ‬الإمام‭ ‬عليّ‭ ‬زورًا‭ ‬وبهتانًا‭.. ‬أقول‭ ‬لهم‭: ‬إنن‭ ‬الإمام‭ ‬عليّ‭ ‬بريء‭ ‬منكم‭.. ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬بيننا‭ ‬الآن‭ ‬لكان‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬حاربكم‭ ‬وواجهكم‭.. ‬والله‭ ‬لو‭ ‬كنت‭ ‬تعرفون‭ ‬حق‭ ‬معرفته‭ ‬لكنتم‭ ‬تعظمنه‭ ‬حق‭ ‬تعظيمه‭ ‬ولكن‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تؤلهونه‭.. ‬

وهكذا‭ ‬قبل‭ ‬الإمام‭ ‬عليّ‭ ‬أن‭ ‬يتولى‭ ‬الخلافة‭.. ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬جدد‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬‮«‬أهل‭ ‬الشورى‮»‬‭ ‬بيعته‭ ‬فى‭ ‬منزله‭.. ‬دخل‭ ‬المسجد‭ ‬فبايعه‭ ‬الناس‭ ‬البيعة‭ ‬العامة‭.. ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬لخمس‭ ‬بقين‭ ‬من‭ ‬ذى‭ ‬الحجة‭ ‬سنة‭ ‬خمس‭ ‬وثلاثين‭ ‬للهجرة‭.. ‬صعد‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬الإمام‭ ‬عليّ‭ ‬بن‭ ‬أبى‭ ‬طالب‭ ‬‮«‬رضى‭ ‬الله‭ ‬عنه‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬المنبر‭ ‬وخطب‭ ‬أول‭ ‬خطبة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تولى‭ ‬الإمارة‭... ‬فحمد‭ ‬الله‭ ‬وأثنى‭ ‬عليه‭ ‬ثم‭ ‬قال‭: ‬‮«‬إن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬أنزل‭ ‬كتابًا‭ ‬هاديًا‭ ‬بيّن‭ ‬فيه‭ ‬الخير‭ ‬والشر‭.. ‬فخذوا‭ ‬بالخير‭ ‬ودعوا‭ ‬الشر‭.. ‬إن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬قد‭ ‬حرم‭ ‬حرمًا‭ ‬مجهولة‭... ‬وفضّل‭ ‬حرمة‭ ‬المسلم‭ ‬على‭ ‬الحرم‭ ‬كلها‭.. ‬وشد‭ ‬بالإخلاص‭ ‬والتوحيد‭ ‬حقوق‭ ‬المسلمين‭... ‬والمسلم‭ ‬من‭ ‬سلم‭ ‬المسلمون‭ ‬من‭ ‬لسانه‭ ‬ويده‭ ‬إلا‭ ‬بالحق‭... ‬لا‭ ‬يحل‭ ‬لمسلم‭ ‬أذى‭ ‬مسلم‭ ‬إلا‭ ‬بما‭ ‬يجب‭.. ‬بادروا‭ ‬أمر‭ ‬العامة‭... ‬وخاصة‭ ‬أحدكم‭ ‬الموت‭.. ‬فإن‭ ‬الناس‭ ‬أمامكم‭.. ‬وإنما‭ ‬خلفكم‭ ‬الساعة‭ ‬تحدو‭ ‬بكم‭.. ‬فخففوا‭ ‬تلحقوا،‭ ‬فإنما‭ ‬ينتظر‭ ‬بالناس‭ ‬أخراهم‭.. ‬واتقوا‭ ‬الله‭ ‬عباده‭ ‬فى‭ ‬عباده‭ ‬وبلاده‭.. ‬فإنكم‭ ‬مسئولون‭ ‬حتى‭ ‬عن‭ ‬البقاع‭ ‬والبهائم‭.. ‬ثم‭ ‬أطيعوا‭ ‬الله‭ ‬ولا‭ ‬تعصوه‭.. ‬وإذا‭ ‬رأيتم‭ ‬الخير‭ ‬فخذوه‭.. ‬وإذا‭ ‬رأيتم‭ ‬الشر‭ ‬فدعوه‮»‬‭.. ‬
هكذا‭ ‬بدأت‭ ‬المهمة‭ ‬الشاقة‭ ‬لإمام‭ ‬العادلين‭ ‬وسيد‭ ‬وولى‭ ‬المتقين‭ ‬سيدنا‭ ‬عليّ‭ ‬بن‭ ‬أبى‭ ‬طالب‭.. ‬بدأت‭ ‬أعماله‭ ‬التىى‭ ‬سجلها‭ ‬التاريخ‭.. ‬والتى‭ ‬تتحاكى‭ ‬عنه‭ ‬كلما‭ ‬حكينا‭ ‬سيرته‭... ‬لأعود‭ ‬وأقول‭: ‬إنه‭ ‬الإمام‭ ‬عليّ‭.. ‬إنه‭ ‬عليّ‭!!... ‬

إنــــــه‭ ‬عـــــــــليّ‭.. ‬
الذى‭ ‬محا‭ ‬آثار‭ ‬الجاهليّة‭.... ‬إذ‭ ‬أنّه‭ ‬أرسل‭ ‬أبا‭ ‬الهياج‭ ‬الأسدى‭ ‬لطمس‭ ‬التماثيل‭ ‬وتسوية‭ ‬القبور‭ ‬ومحو‭ ‬تلكك‭ ‬التماثيل‭ ‬فى‭ ‬البلاد‭... ‬لمنع‭ ‬محاولة‭ ‬تقديس‭ ‬القبور‭ ‬أو‭ ‬عبادة‭ ‬هذه‭ ‬التماثيل‭.... ‬

إنــــــه‭ ‬عـــــــــليّ‭.. ‬
الذى‭ ‬أبطل‭ ‬الاعتقاد‭ ‬بالكواكب‭.. ‬إذ‭ ‬إنّه‭ ‬عندما‭ ‬أراد‭ ‬‮«‬رضى‭ ‬الله‭ ‬عنه‮»‬‭ ‬الخروج‭ ‬لقتال‭ ‬الخوارج‭ ‬ظهر‭ ‬له‭ ‬منجِّمٌٌ‭ ‬‮«‬عراف‮»‬‭ ‬ونصحه‭ ‬بأن‭ ‬لا‭ ‬يخرج‭... ‬لأنّ‭ ‬القمر‭ ‬فى‭ ‬العقرب‭ ‬‮«‬يعنى‭ ‬برج‭ ‬العقرب‮»‬‭ ‬وهذا‭ ‬سيؤدى‭ ‬إلى‭ ‬خسارتهم‭ ‬فى‭ ‬الحرب‭... ‬ولكن‭ ‬عليًّا‭ ‬‮«‬رضى‭ ‬الله‭ ‬عنه‮»‬‭ ‬أصر‭ ‬على‭ ‬الذهاب‭ ‬والقتال‭ ‬لإبطال‭ ‬ذلك‭ ‬الاعتقاد‭ ‬بالكواكب‭ ‬وبالفعل‭ ‬استطاع‭ ‬بفضل‭ ‬الله‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الخوارج‭....‬

إنــــــه‭ ‬عـــــــــليّ‭.. ‬
الذى‭ ‬اهتم‭ ‬باحتساب‭ ‬فى‭ ‬مجال‭ ‬الأسواق‭... ‬ونظّم‭ ‬شئونها‭.... ‬وحث‭ ‬التجار‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬بالشرع‭ ‬الحنيفف‭... ‬حيث‭ ‬قام‭ ‬ببناء‭ ‬السجون‭ ‬وولاية‭ ‬الشرطة‭... ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬كانت‭ ‬وظيفة‭ ‬الشرطة‭ ‬إحدى‭ ‬الوظائف‭ ‬المهمة‭ ‬المعروفة‭ ‬آنذاك‭.... ‬وبعدها‭ ‬بنى‭ ‬سجنًا‭ ‬فى‭ ‬الكوفة‭ ‬سمّاه‭ ‬‮«‬نافعًا‮»‬‭.... ‬

إنــــــه‭ ‬عـــــــــليّ‭.. ‬
الذى‭ ‬أبقى‭ ‬على‭ ‬أسلوب‭ ‬القضاء‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬فى‭ ‬عهد‭ ‬من‭ ‬سبقه‭ ‬من‭ ‬الخلفاء‭..... ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يدخلل‭ ‬التغييرات‭ ‬التى‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬طرأ‭ ‬من‭ ‬تطوّرات‭ ‬فى‭ ‬المجتمع‭..... ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬أجَّل‭ ‬ذلك‭ ‬حتى‭ ‬تستقر‭ ‬الأمور‭ ‬الداخلية‭ ‬للدولة‭ ‬الإسلاميّة‭... ‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬الإمام‭ ‬عليّ‭ ‬بن‭ ‬أبى‭ ‬طالب‭ ‬‮«‬رضى‭ ‬الله‭ ‬عنه‮»‬‭.. ‬الذى‭ ‬ما‭ ‬عكست‭ ‬السطور‭ ‬القليلة‭ ‬ولا‭ ‬الكلمات‭ ‬الصغيرة‭.. ‬قدره‭ ‬ومقداره‭ ‬ومكانته‭.. ‬هو‭ ‬بحق‭ ‬شخصية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬توصف‭.. ‬كم‭ ‬كان‭ ‬عظيمًا‭ ‬زاهدًا‭ ‬عابدًا‭ ‬مطيعًا‭ ‬لله‭ ‬ولرسوله‭ ‬ولأولى‭ ‬أمره‭ ‬‮«‬رضى‭ ‬الله‭ ‬عن‭ ‬عليّ‭ ‬وكرم‭ ‬الله‭ ‬وجهه‮»‬‭... ‬
وإذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬العرض‭ ‬لجانب‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬الإمام‭ ‬عليّ‭ ‬لمنزلته‭ ‬‮«‬رضى‭ ‬الله‭ ‬عنه‮»‬‭.. ‬حتى‭ ‬يتبين‭ ‬الخيط‭ ‬الأبيض‭ ‬منن‭ ‬الخيط‭ ‬الأسود‭.. ‬حتى‭ ‬يظهر‭ ‬للجميع‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬عليّ‭ ‬ابن‭ ‬أبى‭ ‬طالب؟؟‭!!.. ‬الذى‭ ‬تناله‭ ‬الألسنة‭ ‬وتتحاكى‭ ‬عنه‭ ‬الشخصيات‭ ‬المريضة‭.. ‬ويتأول‭ ‬عليه‭ ‬أصحاب‭ ‬الأقلام‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬الله‭ ‬ولا‭ ‬تعرف‭ ‬قدر‭ ‬أصحاب‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬آله‭ ‬وصحبه‭ ‬وسلم‮»‬‭.. ‬أو‭ ‬لأنها‭ ‬تعرف‭ ‬مقدارهم‭!!!.. ‬فتحاول‭ ‬بنفس‭ ‬ملأتها‭ ‬الخسة‭ ‬والنذالة‭ ‬أن‭ ‬تجعلهم‭ ‬مرمى‭ ‬للشبهات‭ ‬الباطلة‭ ‬والمضللة‭... ‬لعلهم‭ ‬يجدون‭ ‬لهم‭ ‬مكانًا‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬المشهد‭ ‬العظيم‭ ‬قدر‭ ‬عقولهم‭ ‬الضيقة‭ ‬ونفوسهم‭ ‬المريضة‭.. ‬وإفلاسهم‭ ‬السافر‭ ‬السفيه‭.. ‬لمجرد‭ ‬ربط‭ ‬أسمائهم‭ ‬بتلك‭ ‬الصحبة‭ ‬الطيبة‭ ‬المباركة‭ ‬المكرمة‭ ‬الشريفة‭ !!!... ‬

ومرت‭ ‬الأيام‭ ‬وعاش‭ ‬عليّ‭ ‬وفيا‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬فى‭ ‬عهده‭ ‬الطويل‭ ‬لله‭ ‬عزوجل‭ ‬ولرسوله‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬آله‭ ‬وصحبه‭ ‬وسلم‮»‬‭.. ‬وكذلك‭ ‬لخدمة‭ ‬دينه‭ ‬الإسلام‭.. ‬تلك‭ ‬الرسالة‭ ‬التى‭ ‬أودعها‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬بين‭ ‬يديه‭ ‬حين‭ ‬أذن‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬رابع‭ ‬الخلفاء‭ ‬الراشدين‭.. ‬
ولكن‭ ‬لتكون‭ ‬الدنيا‭ ‬دنيا‭ ‬ولا‭ ‬يبكى‭ ‬عليها‭ ‬الصالحون‭ ‬فما‭ ‬بال‭ ‬آل‭ ‬البيت‭ ‬والصحابة‭ ‬الكرام‭ ‬العظام‭.. ‬لابد‭ ‬وأنن‭ ‬يكون‭ ‬مصابهم‭ ‬فادح‭ ‬جلل‭ ‬عظيم‭.. ‬حتى‭ ‬نتأكد‭ ‬أن‭ ‬الدنيا‭ ‬حقًا‭ ‬هى‭ ‬دار‭ ‬الابتلاء‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نحزن‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬فات‭.. ‬ولا‭ ‬نفرح‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬آت‭.. ‬وقد‭ ‬صدق‭ ‬الرسول‭ ‬الكريم‭ ‬الذى‭ ‬قال‭: ‬‮«‬أشد‭ ‬الناس‭ ‬بلاءً‭ ‬الأنبياء‭ ‬ثم‭ ‬الأمثل‭ ‬فالأمثل‮»‬‭... ‬
مات‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ .. ‬ومر‭ ‬زمن‭ ‬على‭ ‬الرسالة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬حية‭ ‬ولكن‭ ‬فى‭ ‬قلوب‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬ربى‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬ماتت‭ ‬فى‭ ‬قلوبب‭ ‬الكثيرين‭.. ‬يكاد‭ ‬يكون‭ ‬الغلبية‭ ‬العظمى‭.. ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬يتناحرون‭ ‬على‭ ‬الدنيا‭ ‬وكأنهم‭ ‬مخلدون‭.. ‬تناسوا‭ ‬أنهم‭ ‬جاءوا‭ ‬إلى‭ ‬الدنيا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عبادة‭ ‬الحى‭ ‬القيوم‭.. ‬فالدنيا‭ ‬مجرد‭ ‬طريق‭ ‬عبور‭.. ‬يتكالبون‭ ‬عليها‭ ‬يتصارعون‭ ‬من‭ ‬أجلها‭.. ‬يرتكبون‭ ‬كل‭ ‬المحرمات‭ ‬والموبقات‭... ‬من‭ ‬الشرك‭ ‬بالله‭.. ‬وإعلان‭ ‬الإلحاد‭ ‬والتباهى‭ ‬به‭.. ‬والتطاول‭ ‬على‭ ‬الذات‭ ‬العلية‭ ‬والحضرة‭ ‬الإلهية‭ ‬وترك‭ ‬السنة‭ ‬المحمدية‭.. ‬مما‭ ‬جرأ‭ ‬أعداء‭ ‬الإسلام‭ ‬للنيل‭ ‬من‭ ‬رسول‭ ‬الدعوة‭ ‬الإسلامية‭.. ‬والإطاحة‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬فى‭ ‬الدستور‭ .. ‬دستور‭ ‬الإسلام‭.. ‬القرآن‭ ‬الكريم‭.. ‬وقد‭ ‬تجرءوا‭ ‬عليه‭ ‬أيضًا‭ ‬يحاولون‭ ‬تشويهه‭ ‬بالتطاول‭ ‬عليه‭.. ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬حرقه‭ ‬ودهسه‭ ‬بالأقدام‭.. ‬
استباحوا‭ ‬كل‭ ‬المحرمات‭ .. ‬استباحوا‭ ‬الزنا‭.. ‬وأعلوا‭ ‬شعار‭ ‬الربا‭.. ‬وهتكوا‭ ‬العرض‭.. ‬وباعوا‭ ‬الأرض‭.. ‬ولمم‭ ‬يرحموا‭ ‬ضعف‭ ‬النساء‭ .. ‬سمحوا‭ ‬بإهدار‭ ‬نخوة‭ ‬الرجال‭.. ‬سمحوا‭ ‬بتشريد‭ ‬الطفولة‭ ‬واغتيالها‭... ‬سمحوا‭ ‬بهتك‭ ‬حرمة‭ ‬دماء‭ ‬المسلم‭.. ‬سمحوا‭ ‬بكل‭ ‬صور‭ ‬الفساد‭ ‬الأخلاقى‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة‭.. ‬
ضربوا‭ ‬عرض‭ ‬الحائط‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬فى‭ ‬القرآن‭.. ‬فكان‭ ‬أرذله‭ ‬عقوق‭ ‬الوالدين‭ ‬والخيانة‭ ‬والغدر‭ ‬وبيع‭ ‬الأوطان‭.. ‬ثمم‭ ‬كانت‭ ‬الموضة‭ ‬الأخيرة‭ ‬لتكون‭ ‬العرف‭ ‬الذى‭ ‬يتربع‭ ‬على‭ ‬عرش‭ ‬المسلمين‭ ‬الآن‭.. ‬السحر‭ ‬وغلبته‭ ‬ليتمكنوا‭ ‬من‭ ‬الدنيا‭ ‬قدر‭ ‬الاستطاعة‭.. ‬يحاولون‭ ‬به‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أهدافهم‭ ‬ومبتغاهم‭.. ‬
بدلًا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يحيوا‭ ‬الدين‭ ‬ورجاله‭ ‬بسرد‭ ‬سيرهم‭ ‬الشريفة‭ ‬بأحياء‭ ‬النفوس‭ ‬والضمائر‭.. ‬يحاولون‭ ‬طمس‭ ‬معالمم‭ ‬هذه‭ ‬السير‭ ‬الكريمة‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬آل‭ ‬البيت‭ ‬والصحابة‭ ‬الكرام‭.. ‬
لكن‭ ‬والله‭ ‬ومهما‭ ‬طال‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬ومهما‭ ‬قدر‭ ‬ليّ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬لن‭ ‬أموت‭ ‬إلا‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬لسانى‭ ‬حديث‭ ‬سوى‭ ‬اللهه‭.. ‬ورسول‭ ‬الله‭.. ‬وآل‭ ‬بيت‭ ‬رسول‭ ‬الله‭.. ‬وصحابة‭ ‬رسول‭ ‬الله‭.. ‬والله‭ ‬ولو‭ ‬كره‭ ‬الكافرون‭.. ‬ولو‭ ‬كره‭ ‬الفجرة‭ ‬المجرمون‭.. ‬

إنها‭ ‬حكاية‭ ‬بشر‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬زمان‭ ‬ومكان‭.. ‬أكتب‭ ‬إليكم‭ ‬وأنا‭ ‬أشعر‭ ‬بغصة‭ ‬شديدة‭ ‬وأنتظر‭ ‬وأدعو‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬بتعجيل‭ ‬نهاية‭ ‬الدنيا‭... ‬فعند‭ ‬كتابتى‭ ‬وحديثى‭ ‬عن‭ ‬قضاء‭ ‬نحب‭ ‬آل‭ ‬البيت‭ ‬والصحابة‭ ‬أكون‭ ‬حزينة‭ ‬جدًا‭... ‬ولا‭ ‬أجد‭ ‬متعة‭ ‬فى‭ ‬الدنيا‭ ‬ولا‭ ‬أمان‭ ‬بها‭ ‬إلا‭ ‬بذكر‭ ‬الله‭ ‬فيها‭.. ‬
لأنى‭ ‬أشعر‭ ‬مع‭ ‬غيابهم‭.. ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬فقدت‭ ‬معان‭ ‬كثيرة‭.. ‬لماذا؟؟‭!!.. ‬حين‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬عيناى‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬وصية‭ ‬رسولل‭ ‬الله‭ .. ‬بما‭ ‬يحمل‭ ‬ذلك‭ ‬الحديث‭ ‬من‭ ‬حولي‭.. ‬‮«‬تركت‭ ‬لكم‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬تمسكتم‭ ‬به‭ ‬لن‭ ‬تضلوا‭ ‬بعدى‭ ‬أبدًا‭ ‬كتاب‭ ‬الله‭ ‬وسنتي‭........‬‮»‬‭... ‬
متثاقلة‭.. ‬أعود‭ ‬إلى‭ ‬سيرة‭ ‬الإمام‭ ‬عليّ‭ ‬فى‭ ‬أكبر‭ ‬مصاب‭.. ‬مصاب‭ ‬فادح‭.. ‬مصاب‭ ‬آل‭ ‬البيت‭ ‬العظيم‭.. ‬حتىى‭ ‬أستمر‭ ‬فى‭ ‬الحياة‭.. ‬أحاول‭ ‬بكل‭ ‬مساوئها‭ ‬أن‭ ‬أقتدى‭ ‬بعقيلة‭ ‬بنى‭ ‬هاشم‭ ‬السيدة‭ ‬زينب‭.. ‬وهى‭ ‬تعيش‭ ‬تلك‭ ‬اللحظات‭ ‬الأليمة‭ ‬فى‭ ‬وداع‭ ‬سيدنا‭ ‬ومولانا‭ ‬الإمام‭ ‬عليّ‭.. ‬
فبعد‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬المضنى‭ ‬الإسلامى‭ ‬المشرف‭ ‬لرابع‭ ‬الخلفاء‭ ‬الراشدين‭ ‬الإمام‭ ‬عليّ‭.. ‬كان‭ ‬ابتلاءء‭ ‬الدنيا‭ ‬ليكون‭ ‬ذلك‭ ‬الألم‭ ‬الدامى‭ ‬العصيب‭ ‬على‭ ‬آل‭ ‬البيت‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬محب‭ ‬رسول‭ ‬الله‭.. ‬حتى‭ ‬نحشر‭ ‬معهم‭ ‬ببركة‭ ‬انتمائنا‭ ‬لهم‭ ‬ومحبتنا‭ ‬لهم‭ ‬ودفاعنا‭ ‬عنهم‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬ينتظرونه‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬فرط‭ ‬حبنا‭ ‬لهم‭ ‬وواجبنا‭ ‬لهم‭.. ‬وحقهم‭ ‬علينا‭ .. ‬
فبعد‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يخوض‭ ‬المعركة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى‭.. ‬يعود‭ ‬سالمًا‭ ‬غانمًا‭.. ‬ولم‭ ‬يهدأ‭ ‬عن‭ ‬ظلم‭ ‬أو‭ ‬كفر‭ ‬حتى‭ ‬كانت‭ ‬ليلةة‭ ‬ليلاء‭.. ‬فى‭ ‬‮١٩‬‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬سنة‭ ‬‮٤٠‬‭ ‬هجريًا‭.. ‬وقد‭ ‬خرج‭ ‬الإمام‭ ‬ليصلى‭ ‬بالناس‭ ‬بالمسجد‭ ‬الأعظم‭ ‬بالكوفة‭.. ‬وسط‭ ‬همهمة‭ ‬القرآن‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬الآوان‭ ‬قبل‭ ‬الفجر‭.. ‬قولًا‭ ‬وعملًا‭.. ‬لكن‭ ‬الدنيا‭ ‬تخلو‭ ‬حتى‭ ‬رغم‭ ‬ذكر‭ ‬القرآن‭ ‬العالى‭ ‬حينئذ‭ ‬من‭ ‬الخيانة‭ ‬والغدر‭ .. ‬من‭ ‬الخونة‭ ‬الغادرين‭.. ‬
وفور‭ ‬دخوله‭ ‬المسجد‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يعرف‭ ‬الإمام‭ ‬عليّ‭ ‬بما‭ ‬خطط‭ ‬له‭ ‬وحيك‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جماعة‭ ‬الخوارج‭.. ‬إذ‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬رضىى‭ ‬الله‭ ‬عنه‮»‬‭ ‬قاتلهم‭ ‬فى‭ ‬معارك‭ ‬كثيرة‭ ‬منها‭ ‬‮«‬معركة‭ ‬النّهروان‮»‬‭ ‬حين‭ ‬انتصر‭ ‬فيها‭ ‬عليهم‭ ‬وقتل‭ ‬الكثيرين‭..‬
فبيّت‭ ‬هؤلاء‭ ‬الخوارج‭ ‬فى‭ ‬اجتماع‭ ‬لهم‭ ‬قتل‭ ‬ثلاثة‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬المسلمين‭ ‬منهم‭ ‬الإمام‭ ‬على‭ ‬ابن‭ ‬أبى‭ ‬طالب‭ ‬خليفةة‭ ‬المسلمين،‭ ‬ووالى‭ ‬الشّام‭ ‬معاوية‭ ‬بن‭ ‬أبى‭ ‬سفيان‭ ‬ووالى‭ ‬مصر‭ ‬عمرو‭ ‬بن‭ ‬العاص‭..‬
وقد‭ ‬قرّروا‭ ‬إرسال‭ ‬ثلاثة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬تلك‭ ‬المهمة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬اثنين‭ ‬منهم‭ ‬فشلوا‭ ‬فى‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذه‭ ‬المهمّة‭ ‬بسبب‭ ‬الحراسةة‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬واليى‭ ‬مصر‭ ‬والشّام‭ ‬بينما‭ ‬تمكّن‭ ‬الثّالث‭ ‬ويدعى‭ ‬‮«‬عبدالرّحمن‭ ‬بن‭ ‬ملجم‮»‬‭ ‬من‭ ‬التّربّص‭ ‬بالإمام‭ ‬عليّ‭ ‬وهو‭ ‬خارج‭ ‬إلى‭ ‬صلاة‭ ‬الفجر‭ ‬فى‭ ‬مسجد‭ ‬الكوفة‭ ‬فضربه‭ ‬اللّعين‭ ‬على‭ ‬رأسة‭ ‬فابتلّت‭ ‬لحيته‭ ‬بالدّماء‭... ‬تحقيقًا‭ ‬لنبوءة‭ ‬النّبى‭ ‬لعليّ‭ ‬بذلك‭.. ‬الذى‭ ‬قال‭ ‬له‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬آله‭ ‬وسلم‮»‬‭: ‬‮«‬أشقى‭ ‬الناس‭ ‬الذى‭ ‬عقر‭ ‬الناقة،‭ ‬والذى‭ ‬يضربك‭ ‬على‭ ‬هذا‭ - ‬ووضع‭ ‬يده‭ ‬على‭ ‬رأسه‭ - ‬حتى‭ ‬يخضب‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬يعنى‭ ‬لحيته‮»‬‭... ‬وبالفعل‭ ‬ضرب‭ ‬الإمام‭ ‬عليّ‭ ‬على‭ ‬رأسه‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذى‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬رسول‭ ‬الله‭.. ‬ضرب‭ ‬عليّ‭.. ‬ضرب‭ ‬ضربة‭ ‬فجرت‭ ‬الدماء‭ ‬من‭ ‬رأسه‭ ‬حتى‭ ‬غمرت‭ ‬لحيته‭ ‬ووسط‭ ‬الألم‭ ‬والدماء‭ ‬صاح‭ ‬الإمام‭ ‬على‭ ‬عند‭ ‬ضربه‭ ‬بالسّيف‭ ‬غدرًا‭.. ‬هاتفًا‭: ‬‮«‬فزت‭ ‬وربّ‭ ‬الكعبة‮»‬‭!!... ‬
نكتفى‭ ‬بهذا‭ ‬القدر‭ ‬المؤلم‭ ‬المؤسف‭ ‬المحزن‭ ‬من‭ ‬سيرة‭ ‬رابع‭ ‬الخلفاء‭ ‬الراشدين‭ ‬الإمام‭ ‬عليّ‭..‬وذلك‭ ‬لإسكات‭ ‬الكلابب‭ ‬التى‭ ‬تعوى‭ ‬بين‭ ‬الحين‭ ‬والآخر‭ ‬ولا‭ ‬ترحم‭ ‬شرفاء‭ ‬البشر‭ ‬حتى‭ ‬فى‭ ‬أصعب‭ ‬لحظات‭ ‬حياتهم‭.. ‬بل‭ ‬وبعد‭ ‬وفاتهم‭..‬

ونستكمل‭ ‬الأسبوع‭ ‬المقبل‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭.. ‬إن‭ ‬قدر‭ ‬لنا‭ ‬الحياة‭ ‬والبقاء‭ ..‬