كوبرى إمبابة.. طراز معمارى يبحث عن فنان

مرت شهور طويلة منذ أن بدأ العمل فى العناية والتجديد والصيانة لكوبرى إمبابة بعد سنوات طويلة من الإهمال ولكن لا أحد يعرف متى ينتهى هذا العمل، فقد تم مسح موعد الانتهاء من هذه الأعمال من على اللوحة المعلقة على مدخل الكوبرى، وكان محددًا فيها موعد البدء فى التجديد وموعد الانتهاء منه كذلك!
وقبل إنشاء هذا الكوبرى كانت القطارات تصل من صعيد مصر لتنتهى عند محطة قطارات إمبابة وينزل الركاب بأغراضهم الشخصية وبضاعتهم متجهين إلى النيل ليستقلوا القوارب التى تنقلهم إلى الجانب الآخر من النهر واستكمال رحلتهم إلى العاصمة .
سألت الفنان التشكيلى عصام كمال عن انطباعاته عن كوبرى إمبابة قال: عندما يبحث الفنان عن الموضوع الذى يميز أعمالة التشكيلية خاصةً لو كان موضوعًا يحمل بعدًا أثريًا كالكبارى العتيقة المنتشرة فى ربوع مصر، فى بعض الأحيان يقف عاجزًا عن تسجيل أحد الكبارى مثل كوبرى إمبابة، حيث أجد فيه زحمة البنيان الحديدى الذى يشكل عائقًا فى جمال العمل التشكيلى، كما هو موجود فى كوبرى أبوالعلا وكوبرى قصر النيل الذى اندثر، وقد سجلت العملين فى معرضى الأخير «معرض حدوتة مصرية» بقاعة الباب بساحة الأوبرا المصرية.
ويقول المستشار هشام قطب: كوبرى إمبابة هو الكوبرى المتحرك الأول والوحيد الذى يعمل بالكهرباء من إجمالى 41 كوبريًا يعبر النيل فى مناطق مصر المختلفة عام 1937 بحسب تقرير عسكرى عن مصر للجيش الإنجليزى فى نفس السنة.
نرصد فى هذا التقرير أيضًا ما يدل على اعتبار إمبابة منطقة مركزية وهامة من مناطق مصر فى هذا الوقت فهى واحدة من 11 منطقة بها وحدات لصيانة الطرق موزعة فى أنحاء مصر من شمالها لجنوبها، وتم إنشاء وابور مياه بها ليعمل على ضخ المياه لباقى البر الغربى للنيل بجانب وابور الجيزة.
ويمر خط الترانك المقبل من الصعيد عبر كوبريها للقاهرة، ولعب هذا الكوبرى الدور الأساسى فى تغير طبيعة المنطقة وتطويرها تحويلها من مركز ريفى إلى مدينة حديثة تحمل أحلام وطموحات الدولة ومخططيها العمرانيين.
ويعتبر هذا الكوبرى بجمال تصميمه مادة خصبة للتصوير السينمائى أو الفوتوغرافى، فهو يعد واحدًا من أهم الأماكن عند المخرجين ومصورى الأفيشات والبوسترات.
تم تصميم الكوبرى بطراز معمارى فريد وتصميم شامل لممرين للسيارات جانبيين يعلوهما ممران للمشاة وبينهما أول ممر يصل الشمال بالجنوب من خلال خطى سكك حديدية من الشمال للجنوب والعكس.
والأمر المعجز فى هذا الكوبرى هو إمكانية افتتاحه لخدمة حركة الملاحة النهرية تحته وقد أنشئ عام 1891، وفى الخامس من مايو عام 1892 قام الخديوى عباس حلمى الثانى بافتتاح الكوبرى رسميًا ليصبح ثانى كبارى مصر وأقدمها ويصبح أول كوبرى يمر عليه خط السكك الحديدية فوق النيل ثم تم تعديله وانتقل جزء منه إلى دمياط (كوبرى دمياط) عام 1927.
ويصل طول الكوبرى إلى 495 مترًا وعرضه 18.5 متر، وهو الأكثر تفردًا على مستوى العالم وقتها، وقد قام بتنفيذه الاستشارى المهندس الفرنسى دافيد ترامبلى وهو نفسه الذى قام ببناء برج إيفل الفرنسى الشهير.