الزمان
جريدة الزمان

تقارير

كارثة صحية.. «بودرة» عظام الحيوانات تدخل فى صناعة «الفينو»

عظام الحيوانات تدخل فى صناعة 10 سلع يستهلكها المصريون يوميًا أبرزها «الحلويات»

صورة أرشيفية
مصطفى شاهين -

بعض المخابز يستخدمونها لتحسين جودة الرغيف وزيادة حجمه


هل سألت نفسك يومًا، كيف تمكن أصحاب مخابز «العيش الفينو» من الإفلات من زيادة سعر الدقيق الحر وتحقيق نفس الأرباح التى حققوها قبل تعويم الجنيه، فالوزن لايزال كما هو على الأقل من حيث الشكل، والسعر كذلك على الأقل فى أغلب المخابز، وهو ما دفعنا للتساؤل، ما هى الخدعة التى لجأ إليها أصحاب تلك المخابز للغفلات من مقصلة زيادة أسعار الخامات؟

من خلال البحث والتواصل مع مصادر ذات صلة بالموضوع، وعلى دراية تامة بألاعيب تلك المخابز، توصلنا إلى الإجابة، وسر حفاظ «رغيف الفينو» على شكله كما هو دون أن يتأثر، إذ استعان بعض أصحاب المخابز ممن باعوا ضمائرهم بالخلطة السحرية، هكذا يلقبون «بودرة عظام الحيوانات» التى يشترونها من مصانع «طحن العظام» المنتشرة بالقليوبية والمنوفية، والتى تدخل فى صناعة الأعلاف الخاصة بالماشية، ولأن عظام الحيوانات تتمتع بمادة جيلاتينيه، تم استغلالها كمحسن للرغيف الفينو، وبالتالى تصبح نسبة إصابة الإنسان بالأمراض السرطانية أعلى.

الخلطة السحرية

كانت واقعة مايكل عماد البالغ من العمر 43 عامًا، هى الخيط الذى قادنا لمزيد من المعلومات، بعد أن لاحظ تحول «رغيف الفينو» بعد سقوطه فى الماء إلى مادة بلاستيكية.

عماد والذى يعول أسرة مكونة من ثلاثة أطفال بالمراحل التعليمية المختلفة، قال لـ«الزمان»: «الشهر الماضى حدثت واقعة غريبة الشكل، أخبرتنى بها زوجتى وهى تحول الرغيف الفينو إلى مادة بلاستيكية بعد ملامسته الماء، فأخذته وتوجهت به إلى صاحب المخبز، وبمجرد أن واجهته بالواقعة ارتبك للغاية وحاول إرضائى بأى شكل حتى لا يفضح أمره، وفى اليوم التالى عرضت الأمر على صديق وهو دكتور بكلية العلوم، والذى أخبرنى بأن مادة الجيلاتين الموجودة داخل جسد الحيوانات هى الوحيدة القادرة على تحويل الرغيف الفينو لهذا الشكل.

وتابع: لم أعد أشترى من هذا المخبز وقمت بتحرير محضر بجهاز حماية المستهلك برقم 1123، وآخر بالتموين حتى لا يتعرض أبناؤنا لمثل هذه المخاطر.

واقعة مايكل عماد قادتنا لصاحب توكيل دقيق، وهو المسئول عن توزيعه بذات المنطقة التى شهدت واقعة عماد، وتحول الرغيف الفينو إلى مادة بلاستيكية.

الحاج كرم الصعيدى، أوضح لـ«الزمان» أن غياب الضمير دفع أصحاب المخابز إلى إضافة «بودرة العضم» للدقيق قبل أن يتم عجنه واستخدامه فى صناعة العيش الفينو، إذ توفر هذه البودرة شكلًا يبدو ضخمًا بالنسبة للمستهلك ولكن داخل الرغيف يكون فارغًا والكارثة أن هذه المادة تسبب أمراضًا، واللجوء إليها لضمان أن جوال الدقيق الذى ينتج 3 آلاف رغيف، بعد إضافة المادة ينتج 6 آلاف رغيف.

وتابع الصعيدى، غياب الرقابة على المخابز الحرة التى لا تحصل على حصة من وزارة التموين هو سبب وجود هذه الخامات واستعمالها كمحفز للعيش لتحقيق مكاسب أكثر، وبأقل الإمكانيات.

وعن معدل استهلاك هذه المادة بالمخابز، أكد الصعيدى، أن معدل استعمالها متفاوت على حسب حجم مبيعات المخبز الذى يستعملها، فهناك مخابز تستهلك 20 كيلوجرامًا وأخرى 100 كيلوجرام وهناك مخابز تتخطى هذا الرقم.

شهادة مورد دقيق آخر اتفقت مع رواية الصعيدى، إذ أكد أحمد عميش صاحب شركة أبوالخير لتوريد الدقيق، أن هذه المادة انتشرت بين المخابز مؤخرًا بعدما زادت الأسعار بنسبة 100% وبات تحقيق هامش ربح من الأمور الصعب تحقيقها، وعليه كان لابد من تقليص وزن رغيف الفينو مع ضرورة الحفاظ على شكلة الضخم الذى سرعان ما ينكمش مجرد أن يلامسه الماء.

وتابع عميش، يتم الاتفاق بين صاحب المخبز وبين مصنع لطحن العظام، على توريد كمية وسعر الكيلو لا يزيد فى الغالب عن 50 جنيهًا، وتأخذ شكل بودرة بيضاء ولا تتمتع بأيه رائحة، والكارثة هو تعاقد جامعى القمامة مع تلك المصانع لتوريد الحيوانات النافقة والتى يتم العثور عليها ومن ثم تقوم المصانع بسحق عظامها مع جلودها لاستخلاص مادة الجيلاتين والتى تأخذ شكل البودرة التى يتم توريدها.

مصانع طحن العظام

على هامش «الخلطة السحرية» التى تستخدمها بعض المخابز، تواصلت «الزمان» هاتفيًا مع مصنع لطحن عظام الحيوانات بشبرا الخيمة وذلك للتأكد من صحة المعلومات حول استخدام تلك البودرة فى صناعة العيش الفينو، وكانت المفاجأة مع استعداد المصنع لتوفير الكميات المطلوبة وبسعر 80 جنيهًا للكيلوجرام، والتوصيل على عنوان المخبز مجانًا.

«ج.ع» موظف بالمصنع، أوضح فى حديثة  لـ«الزمان»، أن 70% من مخابز القاهرة والقليوبية والجيزة تتعامل بهذه المادة وتقوم بإضافتها لتحسين جودة المنتج وزيادة حجمه.

وبسؤاله عن استخدامات البودرة، أجاب قائلا: بودرة العظام تدخل فى صناعة أكثر من 10 سلع استهلاكية يتناولها الأنسان يوميًا، مثل الحلويات ومستحضرات التجميل والعيش الفينو، وسلع أخرى، علاوة على الصناعات الأخرى والمسموح بها حيث تستخدم نفس البودرة فى صناعة «الغراء» اللازمة فى صناعة غرف النوم والسفرة وخلافة.

كارثة صحية

من جانبه، حذر الدكتور بسام محمد، استشارى أمراض الباطنة والكبد، من خطورة هذه المادة السامة التى يتم إضافتها للرغيف الفينو، مشددًا على أنه فى حال ثبت استخدامها ستكون سابقة ليس لا مثيل، وتستلزم تحرك فورى من وزارة الصحة وحماية المستهلك ووزارة التموين.

وتابع محمد: استعمال تلك البودرة كارثة صحية، تصيب المتعامل معها بشكل مباشر ومن يتناولها، بفيروسات الكبد «بى وسى» وأمراض جنون البقر وفيروسات المعدة المزمنة والتسمم ونقل العدوى، وتنشيط الخلايا السرطانية، واضطرابات هضمية وعصبية علاوة على أمراض القلب.

كما أكد الدكتور معاذ الشخص استشارى أمراض القلب، أن ظاهرة الموت المفاجئ لمواطنين فى عمر الشباب دفعت الكثيرين إلى إعداد أبحاث ودراسات لمعرفة أسبابها، واتفقت الآراء على أن هذه المسألة مقترنة بالطعام والشراب، الذى بات أغلبه مسرطن بفعل المواد التى يتم استخدامها لتحقيق مكاسب على حساب حياة البشر.