جريدة الزمان

مقالات الرأي

إريتريا.. أقبلوا عليها بحرا أو نهرا

محمد عبد المنصف -

تتحكم إريتريا فى مدخل البحر الأحمر بشاطئ طوله نحو 1100 كيلو متر، يضم في مياهه جزر دهلك التى تتعدى 163 جزيرة، تمثل خطرا حقيقيا على سلامة الملاحة البحرية عند مضيق باب المندب، المدخل الجنوبى لقناة السويس، فيما تلعب دورا هاما في إدارة ملف حوض النيل، نظرا لأنها  تطل غربا على النيل ، ولديها حدود ملاصقة مع إثيوبيا تمتد لأكثر من 600 كيلو متر، وكل هذا يجعل التعاون معها جزء من الأمن القومي المصري.​

ويعتبر التعاون بين مصر وإريتريا فى قطاع الزراعة هو الأنسب، لبناء مصالح دائمة، فبالرغم من قيام الاقتصاد الإريترى على تصدير خام النحاس والذهب والجرانيت والرخام، والبوتاس، إلا أن قطاع الزراعة يظل أكثر حيوية حيث يستوعب نحو 80% من قوى العمل هناك ، ويتركز فى قطاعين الأول صيد الأسماك حيث تقدر مياهها الإقليمية بنحو 52 ألف كيلو متر مربع، وينتشر بها أكثر من ألف نوع من الأسماك فى مقدمتها الجمبرى والتونة والسلمون.​

وتقدر إمكانيات الصيد الآمن سنويا بنحو 80 ألف طن، فيما لا تتعدى صادراتها من الأسماك 6 آلاف طن، ولهذا وقعت الحكومة الإريترية أكثر من 40 اتفاقية ثنائية مع العديد من دول العالم للصيد فى مياهها الإقليمية منها السعودية واليمن هولندا وإسرائيل بهدف إقامة شراكات لتطوير الصناعات السمكية، وهو ما يعنى وجود منافسة قوية، الأمر الذى يتطلب إنشاء شركة مصرية تابعة لقطاع الأعمال العام، لتنشيط التعاون فى مجال تصنيع وتصدير الأسماك، وعدم قصر العلاقة معهم على توقيع اتفاقية تسمح للمراكب المصرية بالصيد فى مياهها الإقليمية. ​

وبالرغم من سيطرة الشركات الإيطالية على مشروعات تعليب اللحوم والفواكة والأسماك، وصناعة الجلود والسماد والكبريت وحتى الأسمنت والبلاستيك، فإن مصر يمكنها أن تلعب دورا فعالا باستغلال شركات استصلاح الأراضى الخمسة "مساهمة البحيرة والعامة والعقارية والعربية وكوم أمبو لاستصلاح الأراضى"، التى تم تجميدها منذ أكثر من عشرين عاما ، ولديها مخزون ضخم من المعدات والكوادر البشرية المدربة فى استصلاح الأراضى وإقامة مشروعات تنمية زراعية متكاملة بإريتريا شريطة أن يتم ذلك تحت إشراف مباشر للحكومة ضمانا لتحقيق النتائج المرجوة للبلدين.​

إن فلسفة التعاون مع إريتريا يجب أن تحقق المصلحة المباشرة للمواطن الإريترى، فلا زالت دولته تعانى عجزا فى الميزان التجارى، حيث تقدر وارداتها بنحو 1.1 مليار دولار فيما لا تتعدى صادراتها 624 مليون دولار، كما تعاني من ضعف البنية التحتيه ، وتفشي البطالة، وتنتظر تعاونا حقيقيا من مصر يعود بالنفع المباشر علي مواطني البلدين.​