جريدة الزمان

مقالات الرأي

الطابع الشخصى للخطاب السياسى

ماهر المهدي -

أشرنا فى مقالين سابقين إلى التحول الجارى فى منصات التواصل الاجتماعى لتصبح -على يد بعض رؤساء الدول وبعض السياسيين البارزين- إلى منصات للتواصل السياسى. كما أشرنا إلى الطبيعة الخاصة لمنصات التواصل السياسى، من حيث تمنعها بالشمول وبالانتشار الواسع محليا ودوليا، ومن حيث كون تلك المنصات مملوكة لشركات تجارية خاصة أصبحت -بشكل ما- شريكا للفاعلين السياسيين على المنصات المملوكة لها.

ويلاحظ أن الطابع الشخصى لرسائل الزعماء والقادة السياسيين على أى من "منصات التواصل السياسى" هو سبب رئيسى هام لإقبال الساسة على تلك المنصات، لأن الوصول الدافئ والشخصى الملموس -دون القالب الرسمى- إلى آذان وقلوب المستمعين والأنصار هو هدف حيوى لكل زعيم أو قائد حريص على التقرب إلى شعبه وإلى مؤيديه فى كل مكان.

فمهما كان الخطاب السياسى الرسمى حريصا على التقرب إلى الشعوب، قد لا يستطيع الاقتراب من تلك الحرية الكببرة التى توفرها "منصات التواصل السياسى" للساسة والقادة.

فعلى منصات التواصل يستطيع الساسة والقادة صياغة رسائلهم باللغة أو اللهجة التى يرونها مناسبة وأكثر دفئا وحيوية وتعبيرا عن مشاعرهم وأفكارهم وليس أفكارهم فقط. كما يستطيع القادة والزعماء والساسة المستخدمون "لمنصات التواصل السياسى" انتهاج الأسلوب المختار -بالنسبة إليهم- خاصة ما تضمن قدرا من السخرية مثلا أو كشف عن شىء من التهديد المباشر فى كلمات وتعبيرات الزعيم أو القائد أو السياسى صاحب الرسالة أو الخطاب، وهو ما قد يمثل اقترابا كبيرا من شخص الزعيم أو القائد أو السياسى. فبالكلمات والتعبيرات الشخصية المميزة للقاموس السياسى للزعيم أو القائد أو السياسى، يمنح المتحدث أو صاحب الرسالة أتباعه وأنصاره وأعداءه أيضا فرصة قراءته هو شخصيا والإنصات إليه عن قرب، كما لم يحدث من قبل أو حتى ينتظر، الأمر الذى قد لا يتاح فى رحاب الخطاب السياسى الرسمى للدولة.