جريدة الزمان

مقالات الرأي

هنا قبر والدى

نفين عباس -

بين هدوء القبور وعتمة الليل ورياح الاشتياق وقفت عاجزة عن البوح بما يدور داخل قلبى فهذا القبر وهذه الرمال تحمل جسد أبى الذى أنهكه المرض طويلاً حتى استرد الله وديعته فى ليلة مشؤومة انقطع الرجاء منها رحل من كان الأصدق، الأقرب، الأحب للقلب، واليوم أقف أمام مقبرة صغيرة تحوى جسد أغلى ما فقدت فى ذاكرة كلٍ منا تاريخ يوم لا يُنسى واليوم المحفور فى ذاكرتى يوم رحيل أبى رحمه الله لكنه كالجرح المتجدد الذى لا يبرأ صاحبه منه مع اقتراب شهر رمضان المبارك يتجدد الحزن من جديد فكل مكان بالمنزل شاهد على ذكريات أبى مع اقتراب ذلك الشهر الفضيل خسارتى أكبر من أى حديث ولا يشعر بها إلا من تجرع من نفس ذلك الكأس المُر للغاية أصبحت الوحدة هى سيد الموقف هذا العام، فمقعد أبى اليوم أصبح خاليا بيننا، لا يوجد من سيوقظنى للصلاة فجراً ولا من سيحرص على أن أتناول وجبة السحور حتى لا يتألم عندما يرانى أشعر بالجوع فى نهار رمضان هذا العام لن أجد من أتقاسم معه ختام القرآن الكريم أو أُصلى خلفه، فقد رحل إلى مكان بعيد للغاية، مكان لا رجعة منه ذهب أبى الحبيب بلا عودة وتجددت أحزانى ودموعى التى لا تنطفئ على رحيله المُوجع أيام تفصلنا عن الشهر الكريم الذى تمنيت لو أنه لم يأتِ هذا العام بكل تلك التفاصيل المُوجعة التى أنهكت قلبى ومزقته أقف اليوم أمام مقبرة تحتضن بداخلها جسد أبى أتيت إليه حاملة مشاعرى لعل أن تكون هناك لحظة التقاء أو لحظة أشعر فيها بالدفء والأمان الذى فارقنى منذ رحيله رحلت عن عالمنا أبى الحبيب لكنك لم ترحل من ذاكرتى وقلبى فراقك أوجعنى كثيراً، وها هو يأتى أول رمضان بعد رحيلك يدق الأبواب بالكثير من الذكريات التى لا أعرف كيف ستمر علىّ من دونك رحمك الله يا قطعة من القلب فارقتنى وأسكنك فسيح جناته بجوار الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام وأنار لك قبرك وجميع موتى المسلمين الذين رحلوا عن أحبابهم وتركوا فى القلب وجعا لا ينتهى.