رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

اقتصاد

أسعار توريد القمح تغضب الفلاحون

تلويحات باستخدام المحصول علفا للماشية.. وخفض قيمته تدفع الفلاح لهجرته

نقيب الفلاحين: السعر غير عادل وصادم للجميع.. وخبراء: الحكومة تواجه تكلفة الإنتاج.. والفلاح مظلوم.. والقطاع يحتاج إلى تنمية حقيقية

أثار قرار أسعار توريد القمح هذا العام الذى استقر على 680 جنيها لأجود الأصناف، تحفظ المزارعين والنقابات المعنية بالشأن الزراعى، معتبرين أن السعر لم يحقق رغبات الفلاح المصرى ولم يحقق له أى هامش ربح بل يفقده أمواله التى أنفقها على زراعة المحصول طول الموسم، مشددين على ضرورة تدخل الجهات المهنية ومجلس النواب لتحقيق سعر عادل لإردب القمح وفقا للأسعار العالمية.

وطالب الفلاحون بضرورة تواصل الحكومة مع المزارعين للتعرف على التحديات التى يواجهونها والأموال التى ينفقونها على زراعة المحصول، مؤكدين أن السعر العادل لإردب القمح هو 800 جنيه فى ظل ارتفاع الأسعار وزيادة تكلفة الفدان التى تصل إلى 16 ألف جنيه فيما لم يحقق متوسط إنتاج الفدان 12 ألف جنيه، ما يتسبب فى خسارة كبيرة تجعل الفلاحين يهجرون مهنة الزراعة.

وكانت وزارة التموين والتجارة الداخلية، قد أقرت فى وقت سابق، سعر أردب القمح بـ680 جنيهًا عند درجة نقاوة 23.5% و670 جنيها عند درجة نقاوة 23%، و655 جنيها عند درجة نقاوة 22.5%.

حسين عبدالرحمن أبو صدام، النقيب العام للفلاحين، قال إن سعر إردب القمح 685 جنيها غير عادل مع العلم أن القمح المصرى جودته أعلى من القمح الروسى صاحب السعر الزهيد، فالأخير نسبة البروتين به أقل من 12.5%، كما أن نسبة الرطوبة به مرتفعة تصل إلى 14% ولا يصلح خبزه إلا بإضافة القمح المصرى معه.

وأشار إلى أن القمح المصرى يعادل القمح الأمريكى الذى يبلغ سعر 350 دولارا، مضيفا أن المادة 29 من الدستور المصرى تنص على أن (تلتزم الدولة بشراء المحاصيل الاساسية بهامش ربح)، فيجب عدم المقارنة بالأسعار العالمية سواء كانت مرتفعة أو منخفضة، فهناك اختلاف فى التغيرات المناخية والحالات السياسية، إضافة إلى أن الفلاح المصرى لا يأخذ دعما كافيا.

ولفت إلى أن تسعير أردب القمح جاء عشوائيا دون الرجوع لحساب التكلفة وهامش الربح كما ينص الدستور، مبينا أن تكلفة الفدان بالقيمة الإيجارية تصل إلى 16 ألف جنيه بينما ينتج من 16 إلى 18 أردب قمح سيعادل ما يقارب 12 ألف جنيه، إضافه إلى ألفى جنيه من التبن ليصبح ناتج الفلاح من الفدان 14 ألف جنيه فى مقابل 16 ألف جنيه.

وأوضح أن التغيرات المناخية والأمراض (الصدأ الأصفر، انتشار المن... وغيرها)، إضافة إلى العوامل أخرى المرتبطة بزراعة محصول القمح، أثرت على إنتاج فدان القمح ليصبح أقل مقارنة بالسنين الماضية، فقد نجد أن الفدان لا يحصد سوى 10 أرادب فقط.

وقال حسين إن التقاوى التى توزعها الدولة تكفى لزراعة مليون فدان ونحن نقوم بزراعة 3 ملايين، وبالتالى هناك 2 مليون فدان يتم زراعتهم بتقاوى كسر، وهذا يؤثر بشكل ملحوظ على إنتاجية الفدان بالخفض.

وشدد على ضرورة معاملة القمح معاملة خاصة تختلف عن المحاصيل الأخرى لأنه سلعة أساسية، فالزراعة عامة مقوم أساسى للاقتصاد الوطنى، مع العمل على تنمية الإنتاج الزراعى، فضلا عن التزام الدولة بتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعى والحيوانى، وشراء المحاصيل الزراعية الأساسية بسعر مناسب يحقق هامش ربح للفلاح، وذلك بالاتفاق مع الاتحادات والنقابات والجمعيات الزراعية، على النحو الذى ينظمه القانون.

وبين أن مصر تعد أكبر مستورد للقمح فى العالم، إذ نستورد حوالى 48% من احتياجاتنا من القمح، إذ نستهلك حوالى 15 مليون طن قمح سنويا ننتج منها 9 ملايين طن، وتشترى منها الحكومة 3 ملايين طن تقريبا وتستورد حوالى 7 ملايين طن لتوفير رغيف العيش المدعم فيما يذهب باقى الإنتاج للسوق الحرة.

وأضاف أن الفلاح المصرى أصبح يقترض تكلفة مستلزمات الإنتاج من التاجر، والدولة تأتى فى النهاية لكى تأخذ القمح بأسعار أقل من العالمية فضلًا عن أنها لا تسمح له بتصدير القمح، ومن المؤسف أنها أصبحت لا تنصف الفلاح ولا تعطيه على الأقل حقه، مؤكدًا أنه لم يحدث تواصل بتاتا مع الحكومة ولم يؤخذ رأى أحد فى موضوع تسعير القمح، قائلًا: «نحن فوجئنا بالخبر مكتوب فى الجرائد».

 وحذر أبوصدام من انخفاض المساحات التى سيتم زراعتها بمحصول القمح نتيجة ما حدث، خاصة أن المساحة الحالية انخفضت عن السنة الماضية، فبعد أن كان يزرع 3 ملايين و260 ألف فدان لم يعد يتعدى 3 ملايين فدان، والفلاح سوف يتجه لزراعات أكثر ربحا مثل الورود والنباتات الطبية والفول البلدى والطماطم حتى البرسيم الذى أصبح مربحًا أكثر من القمح.

وأكد حسين أن الفلاحين لن يمدوا وزارة التموين بالكمية المطلوبة، فالوزارة تطلب 3 ملايين و600 ألف طن سنويًا، لكن الحقيقة أن الفلاحين لن يعطوا حتى 3 ملايين، وسيستخدمون الإنتاج كعلف أو كخبز للبيوت لأنه من المتوقع خلال الأيام المقبلة رفع الدعم، وبالتالى سيصبح الضرر على الدولة عامة وليس على مستوى المزارع فقط، فيجب السعى وراء الاكتفاء الذاتى من القمح، فنحن بذلك نرجع للوراء بعدم تشجيع المزارعين.

أما خيرى حامد، أستاذ الاقتصاد الزراعى بالمركز القومى للبحوث الزراعية، قال إن قرار تحديد سعر القمح غير عادل، يأتى كنوع من أنواع التقليل من الفلاحين، فعدم استقرار أسعار السلع الزراعية وتذبذب السوق، أدى إلى انقلاب حياة الفلاحين رأسا على عقب.

وأضاف حامد أن المزارع وهو المنتج الرئيسى يحصل على 40% تقريبا من هامش الربح، بينما يحصل تجار الجملة والقطاعى وجميع الحلقات الوسيطة فيما بعد على 60% من الربح فى منتج الفلاح سواء الخضروات أو الفواكه أو الحبوب، رغم أن دورة عمل المزارع تزيد عن 6 أشهر فى الزرعة الواحدة، بينما دورة حياة المنتج لدى التاجر لا تتعدى أسبوعين على أقصى تقدير، ومع ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعى كلها ونزع الدعم عن الأسمدة والمبيدات وارتفاع سعر السولار وغيره أدى كل هذا إلى تراكم الأعباء على الفلاحين.

واقترح خيرى تشكيل لجنة من ممثلى وزارة الزراعة والتموين، ولجنة الزراعة بمجلس النواب إضافة إلى ممثلى الاتحاد التعاونى للفلاحين والاتحاد التعاونى للجمعيات الزراعية، وأن يكون هناك تعاون من قبل خبراء الاقتصاد الزراعى لتحديد سعر توريد مناسب لمحصول القمح يتناسب مع الفلاح والحكومة.

ومن جانبه أكد البندارى ثابت البندارى، رئيس الجمعية العامة لمنتجى الحبوب، أن الوزارة اتخذت القرار دون الرجوع إلى الاتحاد التعاونى الزراعى، لافتا إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج بصورة غير طبيعية، إذ وصل سعر شيكارة الكيماوى إلى 250 و300 جنيه فى السوق السوداء، كما ارتفع أجر العامل من 50 جنيها إلى 150 جنيها، ووصلت القيمة الإيجارية للفدان خلال موسم القمح إلى 5 آلاف جنيه.

وأضاف رئيس الجمعية أن الفلاح كان ينتظر أن تستلم الحكومة منه الإردب بمبلغ 800 جنيه، لتعويضه العادل عن ارتفاع التكلفة، موضحا أن متوسط إنتاجية الفدان تتراوح بين 16 و18 إردبا، وإن كان هناك بعض الأراضى تصل إنتاجيتها إلى 24 إردبا إلا أنها مساحات محدودة.

وقال محمد عبدالمنصف، مستشار رئيس مركز بحوث الصحراء سابقا، إن الدولة تواجه مشكلة ارتفاع تكلفة إنتاج القمح وهذا سيؤدى إلى ارتفاع عنصرين وهما أجور العمالة وكل مشتقات المنتج فى السوق.

وأضاف عبدالمنصف أن الحل الأمثل هو زيادة إنتاجية القمح للفدان، فمن غير المنطقى أن تكون إنتاجية الفدان من بعض الأصناف 30 إردبا بينما متوسط إنتاج فدان القمح 18 إردبا فقط، وهو ما يمثل إهدارا للموارد الطبيعية.

واستند عبدالمنصف فى تحليله إلى تصريح أسامة سالم رئيس شعبة البيئة الأسبق الذى قال أشار خلاله إلى قيام الدولة بتحمل تكلفة مستلزمات الإنتاج بما يضمن تحقيق أعلى إنتاجية لفدان القمح وتعويض هذه التكلفة من فارق الإنتاج.