رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

خارجي

خبير في الشأن الإسرائيلي: خطوة البرهان ليست تطبيعا بل دبلوماسية

دبلوماسية دولة الإحتلال تضع السودان في مأزق التطبيع

بالتزامن مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إعلان صفقة القرن التي تخدم مخططات دولة الإحتلال في أرض فلسطين وتنزع عنهم أحقيتهم بالضفة الغربية وغور الأردن، كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن اجتماع سري جمع بينه وبين رئيس مجلس السيادة في السودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، خلال زيارة الأخير إلى أوغندا، وفي الوقت ذاته، تلقى نتنياهو وعدا من الرئيس الأوغندي، يوري موسيفيني، بفتح سفارة لبلاده في إسرائيل، وعلى الوجه الآخر تلعب إسرائيل دورا في مسئلة سد النهضة الأثيوبي فهي تتدخل بشكل صريح فيه حيث كشفت الصحافة الإسرائيلية، عن عروض قدمتها حكومة الإحتلال وتتعلق جميعها بالسد ومن بينها إبداء استعدادها لتبادل الخبرات مع إثيوبيا في مجال إدارة المياه، الأمر الذي له تأثير مباشر على أمن مصر المائي.

 

رفضت القيادة الفلسطينية، يوم السبت، الخطة الأمريكية وقطعت جميع العلاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل، بما في ذلك تلك المتعلقة بالأمن، ليعقبه الكشف عن اجتماع البرهان بنتنياهو في عنتيبي بحضور الرئيس الأوغندي الذي يتمتع بعلاقات وطيدة مع دولة الأحتلال، وانتقد السياسي البارز في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات الاجتماع ووصفه بالـ "طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني، مستنكرا نية أوغندا بنقل سفارتها إلى القدس، كما دانت كل من حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" اللقاء السوداني الإسرائيلي، الأمر الذي اعتبرته "تايمز أوف إسرائيل" إنجازًا دبلوماسيًا كبيرًا خاصة مع دولة إفريقية ذات غالبية مسلمة، بعد يومين من رفض جامعة الدول العربية اقتراح الرئيس الأمريكي خطته للسلام.

 

ووصف نتنياهو عبر حسابه على «تويتر»، بأنه "تاريخي"، وكان التقى رئيس مجلس السيادة السوداني، وناقشا «تطبيع» العلاقات بحضور سياسيين سودانيين كباراً في أوغندا، وصدر عن مكتب رئيس الوزراء بيانا أكد فيه موافقة البرهان على بدء التعاون لتطبيع العلاقات بين البلدين، إلا الناطق الرسمي باسم الحكومة الانتقالية بالسودان، فيصل محمد صالح أنه لم يتم الإخطار أو التشاور مع مجلس الوزراء بشأن لقاء، مؤكدا "سننتظر التوضيحات بعد عودة رئيس مجلس السيادة".

 

وقالت "تايمز أوف إسرائيل" أن السودان "يائس" لرفع العقوبات الأمريكية التي فرضتها باعتبارها دولة راعية للإرهاب، أن لقاء البرهان ونتنياهو سينهي عزلتها ويعيد بناء اقتصادها الذي تدهور في عهد عمر البشير، وبالفعل دعت الإدارة الأمريكية البرهان في زيارة رسمية إليها، وفي سياق منفصل، خلال زياته الخامسة لأوغندا قال نتياهو في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأوغندي في عنتيبي أنه يتمنى عليه أن يفتح سفارة لبلاده لدى إسرائيل، في مدينة القدس، مؤكداً أنه سيفتح سفارة إسرائيلية في العاصمة الأوغندية كامبالا، مضيفا "لقد عادت إسرائيل إلى أفريقيا وعادت أفريقيا إلى إسرائيل".

 

واعتبر البرهان فى بيان صحفى، في اليوم التالي من كشف مقابلته بنتنياهو، أن اللقاء يعد خطوة من موقع مسئوليته بأهمية العمل الدؤوب لحفظ وصيانة الأمن الوطنى السودانى، وتحقيق المصالح العليا للشعب السودانى، وأكد البرهان على أن بحث وتطوير العلاقة بين السودان وإسرائيل مسؤولية المؤسسات المعنية بالأمر وفق ما نصت عليه الوثيقة الدستورية، مشددا على أن موقف السودان المبدئي من القضية الفلسطينية وحق شعبه في إنشاء دولته المستقلة ظل ومازال وسيستمر ثابتا، وفق الإجماع العربي ومقررات الجامعة العربية .

 

ومن جانبها، أوردت صحيفة "يدعوت أحرنوت" الإسرائيلية أنه على الرغم من الصمت النسبي لوسائل الإعلام في السودان، شجب النقاد السودانيون الاجتماع على وسائل التواصل الاجتماعي، متهمين برهان بمحاولة الوصول إلى التفاهم مع الإدارة الأمريكية عبر إسرائيلية، وأشاد آخرون بالاجتماع، قائلين إنه جيد لمستقبل السودان ، ويذكر أن إسرائيل حالياً تقيم علاقات دبلوماسية مع 39 من 47 دولة جنوب الصحراء الأفريقية.

 

وفي نفس السياق، قال الدكتور جلال الزناتي المختص في التاريخ السياسي والمحاضر في جامعة الاسكندرية، إن جواز السفر السوداني منذ عهد وزير الخارجية إبراهيم الغندور وقت حكم عمر البشير يسمح بالسفر إلى كل دول العالم ماعدا إسرائيل، معتبرا أن خطوة البرهان ليست خطوة على مستوى التطبيع السياسي بل دبلوماسية، نتيجة الضغوط التي يتم ممارستها عليه من قبل جنوب السودان وعلاقتها الوطيدة بدولة الاحتلال، ومن ناحية الفصائل الفلسطينية فهي منقسمة على نفسها، هناك 4 جبهات فلسطينية تعمل هم دحلان، وأبو مازن، وجماعة الجهاد برئاسة النخالة، وحماس، بالإضافة إلى كتائب القسام التي تعمل بمفردها، كما أنهم ركزوا في مضمون الزيارة ولم ينظروا إلى الخلافات بينهم متناسين أزمة الأعلان عن صفقة القرن، واقتصر الأمر على البيانات الصادرة عن كل جهة

 

وأوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي أنها ليست المرة الأولى التي تقدم فيها إسرائيل على هذه الخطوة، فقد كررت الزيارة من قبل في عمان مع السلطان قابوس، متابعا أن هناك خطر على الأنظمة في الشرق الأوسط بسبب أن التحركات الإسرائيلية مدعومة من خلال الاستراتيجية الأمنية الأمريكية، والدول التي تمارس عليها ضغوط كالاحتجاجات في السودان فطبيعي أن تحاول الاحتفاظ بالعلاقات الحسنة واللقاء لا يعني التطبيع.

 

وأشار الزناتي إلى أن لقاء نتنياهو بالبرهان الهدف منه محاولة إظهار قبول عروبي لصفقة القرن، وإدخال السودان كدولة مؤيدة للفكرة وإن لم تعلن ذلك، ومن ناحية أخرى نتنياهو تقليل ضغظ الرأي العام عليه خاصة أن منافسه جانتس يتحرك بجدارة داخليا على المستوى السياسي والإعلامي، متابعا أن التوقيت يؤكد ذكاء نتنياهو وقد تتكرر الزيارة لدول أخرى.

 

وذكر أن رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي ستنتهي العام الجاري، ولكنها تدعو لعمل برلمان شعبوي للقارة الأفريقية، لأن مصر مدخل أفريقيا كما أنها ستجد منافسة اقتصادية قوية داخل دول القارة من جانب إسرائيل، مشيرا إلى أن هناك بنك إسرائيلي قدم تمويل لإثيوبيا لبناء سد النهضة الذي كان يكلف وقتها 4.8 مليار دولار، مقابل الاستفادة من تصدير الكهرباء لدول الجوار التي يدعم بعضها اسرائيل، فالأخيرة تحرص على العمق الاستراتيجي وتنافس مصر في أهم مواردها وهي المياه أساس تفاخر حضارتها. وأضاف أن دولة الاحتلال استغلت فئة يهود الفلاشا التي ترجع أصولهم لأثيوبيا، في التطبيع في جوانب أخرى كالتعليم فالخريجيين يتعلمون في الجامعات الإسرائيلية مجانا. وتابع أن مصر لم يكن لها أي دور تجاه افريقيا منذ حكم مبارك حتى عام 2013، والمؤسسة الرئاسية الحالية تتعامل مع العمق الإفريقي بشكل صحيح، إلا أنهم يدفعون ثمن "فاتورة باهظة".