الزمان
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقال رئيس التحرير

إلهام شرشر تكتب: رسائل السيسى فى ذكرى الثلاثين من يونيو

رئيسية مجلسي الإدارة والتحرير
رئيسية مجلسي الإدارة والتحرير


في لحظةٍ مفصليةٍ تعانق فيها الذاكرة الوطنية تطلعات الحاضر، جاء خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لثورة الثلاثين من يونيو، حاملًا في طياته ملامح رؤيةٍ سياسيةٍ متكاملة، تعكس ثوابت الدولة المصرية، وترسخ قيم الانتماء الوطني، ورسائل ذات أبعادٍ داخلية وخارجية توازنت بين الاحتفاء الوطني بالتاريخ، والالتزام الأخلاقي بقضايا الإقليم، مع لمسةٍ إنسانيةٍ داعمةٍ للشعب المصري وسط التحديات الراهنة.
كيف لا؟!!! وقد استهل الرئيس السيسي خطابه بالتأكيد على رمزية ثورة 30 يونيو حين وصفها بالملحمة الوطنية الخالدة التي مثّل الشعب المصري فيها حجر الزاوية، حين توحدت إرادته، وعلت كلمته، مؤكدًا أنها لم تكن مجرد احتجاج، بل كانت قرارًا جماهيريًا بـاستعادة الدولة المصرية وهويتها ومصيرها، في مواجهة الإرهاب ومحاولات الفوضى والاختطاف السياسي!!!!
كيف لا، وقد اعتبر الرئيس أن هذه الثورة كانت نقطة انطلاق نحو الجمهورية الجديدة؟؟!!! حيث تحولت الأقوال إلى أفعال، والشعارات إلى مشروعات ملموسة، لافتًا إلى أن الطريق لم يكن ممهّدًا، بل شقه المصريون بدماء الشهداء وبسالة الرجال في مواجهة الإرهاب والتحديات الخارجية والداخلية بكل وعيٍ ومسؤوليةٍ، حتى تمكنت مصر من ترسيخ دعائم نهضتها وبناء بنيةٍ تحتيةٍ معتبرة تمثل حجر الأساس في مشروع الدولة الحديثة.
لقد كان خطابًا محوريًا برزت خلاله ملامح رؤيةٍ تنمويةٍ واضحة، حين اتسق خطاب الرئيس مع واقع التنمية الشاملة التي تشهدها مصر خلال العقد الأخير، فأشاد بمشروعات البنية التحتية، والمبادرات الوطنية التي تؤسس لمجتمع حديث، مؤكدًا على استمرار الدولة في مسار البناء والتطوير، ومشيدًا بدور المصريين في تشييد وتحديث مختلف القطاعات، وهو ما عكس وجود شراكةٍ حقيقةٍ بين القيادة السياسية والشعب المصري في رسم ملامح مستقبل هذا الوطن، والسعي نحو حياةٍ أفضل.
كما تضمن الخطاب بُعدًا خارجيًا مهمًا، تمثّل في قراءة دقيقةٍ للواقع الإقليمي المتأزم، حيث أشار الرئيس إلى أن المنطقة بأسرها تئن تحت نيران الحروب، من غزة المنكوبة، إلى السودان، وليبيا، وسوريا، واليمن، والصومال، وانطلاقًا من المسئولية التاريخية، وجه سيادته نداءً صريحًا إلى المجتمع الدولي وأطراف النزاع، بضرورة الاحتكام لصوت العقل والحكمة، محذرًا من مغبة الاستمرار في دوامات العنف والدمار، ومؤكدًا أن مصر كانت – ولا تزال – «داعمة للسلام»، لكنها ترفض السلام الزائف الذي «يولد بالقصف» أو «يفرض بالقوة» أو «يُفرض بتطبيع ترفضه الشعوب»... وهذا بلا شك يعكس دور بلادنا الفاعل وصوتها العاقل في ظل هذا المحيط مشتعل.
وفي هذا السياق، أكد أن استمرار الاحتلال لن يؤدي إلى السلام، بل سيغذي الكراهية ويُبقي أبواب الانتقام والمقاومة مفتوحة، مشددًا على أن السلام الحقيقي في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، مستشهدًا بالتجربة المصرية في السلام مع إسرائيل في السبعينيات التي تعد أكبر دليل وأصدق برهان على أن السلام خيارٌ ممكن إذا ما صدقت النوايا وتوسّط الحكماء.
وكالعادة فإن الرسالة الداخلية التي دائمًا ما يلفت الرئيس أنظارنا إليها هي ضرورة الوعي بأهمية التماسك الوطني الذي يعد على الحقيقة أول خطوط الدفاع، إذ وجّه رسائل مباشرة للشعب المصري، فقال: «نعم، الأعباء ثقيلة، والتحديات جسيمة، ولكننا لا ننحني إلا لله»، مشددًا على أن وعي الشعب وتماسكه ورفضه للإحباط والكراهية هي قوة مصر الحقيقية، وليس فقط في سلاحها.
وفي نبرة صريحةٍ تلامس وجدان المواطنين- وتعكس شعوره بهم وتقديره لصبرهم ووعيهم العميق بالتحديات المفروضة، أكد السيسي أن تخفيف الأعباء عن المواطنين أولوية قصوى للدولة، خاصة في ظل الأزمات الإقليمية المحيطة.
وفي لمسة وفاءٍ للرموز والشهداء، لم ينسَ الرئيس في ختام خطابه أن يُجدد العهد مع أرواح الشهداء الذين سقوا تراب الوطن بدمائهم الزكية، موجّهًا التحية والتقدير لقوات الجيش والشرطة، ولكافة مؤسسات الدولة، على العمل المتواصل ليل نهار لخدمة أبناء الشعب المصري.
إن إصرار الرئيس على ترديد الشعار الشعار الوطني الخالد «تحيا مصر» ثلاث مرات في ختام خطابه، رسالةٌ مُفعمًةٌ بروح الثقة والعزم، تجدد التأكيد على أن مصر الشامخة تبنى بإرادة شعبها، وتحيا بإخلاص أبنائها.

click here click here click here nawy nawy nawy