الزمان
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقال رئيس التحرير

رسالتى لآخر الزمان «محطة الضبعة النووية»... من الحلم إلى التنفيذ

رئيسية مجلسي الإدارة والتحرير
رئيسية مجلسي الإدارة والتحرير

في خطوة تؤكد التزام الدولة المصرية برؤيتها الطموحة نحو التنمية المستدامة والتحول إلى اقتصاد قائمٍ على الطاقة النظيفة، استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء الماضي، بمدينة العلمين، أليكسي ليخاتشوف المدير العام لهيئة الدولة للطاقة النووية الروسية "روسأتوم"، بحضور وفود رفيعة المستوى من الجانبين المصري والروسي، وذلك في إطار التعاون المصري الروسي في مشروع محطة الضبعة النووية، والذي يمثل تطورًا كبيرًا ومهمًا في مسار العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، ويعكس جدية مصر في تنفيذ واحدٍ من أكبر وأهم مشروعاتها القومية في العصر الحديث.
فضلًا عن أن ما شهده اللقاء من توقيع اتفاقٍ تكميليٍ حكوميٍ بين مصر وروسيا بشأن بناء محطة الضبعة النووية، وتوقيع عقدٍ تكميلي بين شركة "أتوم سترو إكسبورت" – ذراع التنفيذ الخارجي لـ"روسأتوم" – وهيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء المصرية، يعد نقلة نوعية في التنفيذ، لا سيما وأن العقد يتضمن تفاصيل دقيقة حول التصميم والمشتريات والإنشاءات ونظم الحماية المادية المرتبطة بالمشروع.
إن في هذا التوقيع دلالة لا تقف عند رمزها إلى التقدم الفني في تنفيذ المشروع، بل تؤكد أيضًا مدى النضج الذي بلغته العلاقات بين القاهرة وموسكو، وخاصة في المجالات ذات الطابع الاستراتيجي والعلمي، مثل الطاقة النووية، فقد بات واضحًا للجميع أن محطة الضبعة النووية لم تعد مجرد فكرةٍ حبيسة الأدراج أو مجرد حبرٍ على الورق، بل أصبحت مشروعًا حيًّا يتقدم بخطى ثابتة.
إن محطة الضبعة النووية، التي تقام في محافظة مطروح على ساحل البحر المتوسط، هي على الحقيقة ليست مجرد مشروع بل نقلة حضارية في قطاع الطاقة.
كيف لا، وهي أول مشروع نووي سلمي في تاريخ مصر؟؟!!!!
كيف لا، وهي أحد أكثر المشروعات تطورًا في المنطقة من الناحية التقنية والأمنية؟؟!!!!!
نعم، هي أول مشروع نووي سلمي في تاريخ مصر، وأحد أكثر المشروعات تطورًا في المنطقة من الناحية التقنية والأمنية، إذ تتضمن إنشاء أربع وحدات نووية بقدرة إجمالية تصل إلى 4800 ميجاوات، باستخدام مفاعل روسي من الجيل الثالث (VVER-1200)، وهو ما يضع مصر ضمن مجموعة محدودة من الدول التي تمتلك قدرات نووية سلمية متطورة.
كيف لا تكون كذلك، وقد علمنا أن الهدف الرئيسي من إقامتها ليس مجرد توفير طاقةٍ كهربائيةٍ آمنة ومستدامة، بل يمتد ليشمل أيضًا تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، بما يتماشى مع التزامات مصر الدولية في مجال المناخ والبيئة، فضلًا عما ستسهم به هذه المحطة في دعم جهود التنمية الصناعية وتوفير فرص عمل في مجالات عدة كالهندسة، والتصنيع، والبناء، والتدريب، ونقل التكنولوجيا.
إن اللقاء الذي جمع الرئيس السيسي بمدير "روسأتوم" لم يكن محصورًا في الجانب الفني، بل حمل أبعادًا سياسية واستراتيجية تعكس عمق العلاقات المصرية الروسية في وقتنا الراهن، فالتعاون النووي بين البلدين يمثل ذروة التقارب في مجالاتٍ حساسةٍ تتطلب ثقةً متبادلة عالية، وهو ما يؤكد على التقدير الروسي للدور الإقليمي والدولي للدولة المصرية، وكذلك رغبة مصر في تنويع شراكاتها الاستراتيجية خارج الأطر التقليدية.
كما يتضمن شراكةً في بناء كوادر بشريةٍ مصريةٍ مؤهلة في مجال الطاقة النووية، عبر التدريب والتعليم ونقل الخبرات، وهو ما يعزز بدوره من السيادة التكنولوجية لمصر، ويفتح آفاقًا جديدة في مجالات البحوث والتطوير.
مشروعٌ يُعزز أمن الطاقة ويحقق الاستقلال الاستراتيجي، فمن خلاله تسعى بلادنا لتحقيق أمن الطاقة بها على المدى الطويل، والتحول إلى مركز إقليمي للطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لاسيما وأن المحطة ستوفر مصدرًا مستقرًا ونظيفًا للكهرباء لعقودٍ قادمة، مع قدرة تنافسية عالية مقارنة بالمصادر التقليدية، كما أن وجود منشأة نووية حديثة يعزز من قيمة مصر الاستراتيجية في محيطها الإقليمي، ويرسّخ مكانتها في منظومة الدول ذات الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.
إننا نستطيع القول بأن هذا المشروع داعمٌ حقيقي لرؤية مصر 2030، التي تهدف إلى بناء اقتصادٍ تنافسي متنوع قائم على الابتكار والمعرفة، فهو لا يقدم حلًا لمشكلة الطاقة فقط، بل يسهم في تأسيس قاعدة تكنولوجيةٍ وعلميةٍ واقتصاديةٍ مستدامة، كما يعد أنموذجًا فريدًا للتعاون الدولي المسؤول، الذي يجعل مصر شريكًا موثوقًا به في المجتمع الدولي في هذا المجال الحساس.
وفي ختام هذا المقال، فإن لقاء الرئيس السيسي مع مدير "روسأتوم" يعكس بوضوحٍ لا لبس فيه متابعة القيادة السياسية لأدق تفاصيل المشاريع القومية، ويؤكد كذلك على أن مصر تتحرك بخطى مدروسة نحو المستقبل، وتهدف أن تكون الطاقة النووية جزءًا أساسيًا من معادلة التنمية الشاملة.
حفظ الله بلادنا التي تسعى بخطى ثابتة ورؤية واضحة نحوم التقدم، وتثبت يومًا بعد يومٍ أنها تمضي قدمًا في طريق البناء الذي تتحوّل معه محطة الضبعة من حلمٍ مؤجلٍ إلى واقعٍ يتحقق يومًا بعد يوم، بفضل الإرادة السياسية، والتعاون الدولي، والرؤية الاستراتيجية لمستقبل أفضل.

موضوعات متعلقة

click here click here click here nawy nawy nawy