رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

اقتصاد

مصر تلجأ للمؤسسات الدولية لمواجهة جائحة كورونا

مراقبون: الاقتراض بات ضرورة ملحة للحفاظ على التوازن الاقتصادى.. وشهادة ثقة بقدرتنا على السداد والوفاء بالالتزامات

نسيبة حسين

وافق مجلس إدارة مجموعة البنك الدولى مؤخرا على تقديم 50 مليون دولار لمصر كاستجابة طارئة فى إطار حزمة التمويل السريع التى أقرتها مجموعة البنك الدولى ضمن حزمة الدعم الفورى البالغة ٦ مليارات دولار التى يقدمها البنك لأعضائه لمواجهة فيروس كورونا.

ويهدف القرض الجديد إلى تقوية تدابير الوقاية وكشف حالات الإصابة وتمويل شراء وتوزيع التجهيزات والمستلزمات الطبية اللازمة لمواجهة الفيروس، تدريب الكوادر الطبية، عمليات الحجر الصحى والعزل، ومراكز العلاج المُعدة خصيصا، تعبئة فرق الاستجابة السريعة فى تتبع المخالطين لحالات الإصابة بالفيروس، تطوير منصات وأدوات تقديم المحتوى لتحسين الوعى العام بالوقاية من الفيروس، الرصد والتقييم المبتكر لاستراتيجيات التباعد الاجتماعى، ومنها التعبئة المجتمعية.

ويعد هذا القرض الثانى التى حصلت عليه مصر منذ بداية أزمة كورونا بعد القرض الأول من صندوق النقد الدولى بقيمة ٢.٨ مليار دولار مما أثار التساؤلات حول عودة مصر بقوة الاقتراض الدولى مرة أخرى.

رغم ذلك أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولى أن الاقتراض من المؤسسات الدولية أمر طبيعى تلجأ إليه مختلف الدول فى الأوضاع الاقتصادية الحالية، خاصة أنه أقل تكلفة.

وأكدت الحكومة أن لجوئها للاقتراض مرة ثانية من الصندوق، يهدف للاستمرار فى الحفاظ على استقرار مؤشرات الاقتصاد المصرى، وتحوطا من تأثيرات سلبية محتملة قد تعوق قدرته على التعافى وعودة النمو الاقتصادى، بالإضافة إلى دعم ثقة السوق والحفاظ على المكتسبات والنتائج الإيجابية التى تحققت فى السنوات الأخيرة من خلال برنامج الإصلاح الاقتصادى.

وتوقع معهد التمويل الدولى أن يوافق الصندوق مرة أخرى على إقراض مصر وفقا لاتفاقيات الاستعداد الائتمانى لمدة عامين، مع إمكانية للحصول على قرض يمثل نحو 200% من إجمالى حصتها (5.6 مليار دولار)، ليصبح قيمة القروض الإجمالية المتوقع أن تحصل عليها مصر من صندوق النقد الدولى 8.4 مليار دولار.

وأشار إلى أن القرض الأول يساعد فى الإنفاق على قطاع الصحة، وتقوية شبكة الأمان الاجتماعى، ومساعدة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التخفيف من وطأة الأزمة، ووقف نزيف احتياطى النقد الأجنبى.

وقدر المعهد فى تقرير له وصول الفجوة التمويلية لمصر خلال العام المالى المقبل إلى 37.1 مليار دولار، بسبب عجز الميزان التجارى بقيمة 13.1 مليار دولار، واستحقاق سندات قصيرة الأجل بـ 13.8 مليار دولار، واستهلاك سندات طويلة الأجل بـ10.2 مليار دولار.

فى ذات السياق قال محمد عبدالهادى، خبير اقتصادى، إن مصر استطاعت تحقيق عدة مؤشرات إيجابية بعد تطبيقها برنامج الإصلاح الاقتصادى المصاحب للحصول على قرض صندوق النقد الدولى بقيمة ١٢ مليار دولار بما تضمنه من إجراءات تقشفية وتعديلات تشريعية، دفعت مؤسسات دولية الإشادة بالاقتصاد المصرى وارتفاع تصنيفه عالميا.

وأضاف أن أبرز تلك المكتسبات تمثلت فى ارتفاع معدلات النمو والقضاء على السوق الموازى لسعر الدولار الذى سبب انهيار العملة، وارتفاع قياسى لمعدلات احتياطى النقد الأجنبى ليصل إلى 45 مليار دولار.

وأيد ضرورة الاقتراض فى ظل إجراءات التحوط التى تتخذها الحكومات مع انتشار جائحة كورونا التى تسببت فى خسائر اقتصادية كبيرة وعلى رأسها انخفاض احتياطى النقد الأجنبى بأكثر من 5 مليارات دولار نتيجة خروج العديد من الاستثمارات الأجنبية من البورصة، وتوقف قطاعات اقتصادية إنتاجية مثل قطاع السياحة الذى يمثل ١٨% من الدخل القومى، وتوقف حركة الملاحة فى قناة السويس، وتحويلات المصريين فى الخارج، مصادر العملة الصعبة فى البلاد.

وأكد عبدالهادى أن موافقة الصندوق على إقراض دولة يعد شهادة ثقة بقدرتها على السداد والوفاء بالتزاماتها، فضلا عن قدرتها على جذب استثمارات مستقبلية.

وقال محمد سمير الخبير الاقتصادى، إننا فى فترة استثنائية خاصة بعد خروج الاستثمارات الأجنبية بقيمة ٨ مليارات دولار، وتخرج الأصول الأجنبية من البنوك بحوالى ١٠ مليارات دولار مما أنشأ فجوة تمويلية هائلة.

وأضاف أننا نحتاج إلى هذا القرض لسداد الاحتياجات من الاستيراد خلال الفترة المقبلة وعلى رأسها المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والدوائية، مشيرا إلى أن هذه النوعية من القروض تعتبر ذات فائدة صفرية ولا تكلف الدولة أعباء إضافية لخدمة الدين سوى سداد القيمة الأصلية فى المواعيد المحددة.

وأشار إلى أن الاقتراض الخارجى من المؤسسات الدولية أقل تكلفة من الاقتراض الداخلى، إذ يتسبب الأخير فى زيادة حجم النقد بالسوق المحلى نتيجة زيادة إنفاق الدولة على شراء السلع والخدمات وسداد الأجور والرواتب، مما ينتج عنه ارتفاع قياسى فى معدلات التضخم وانهيار سعر الصرف.

بينما أوضح محمد سمير، أن الاقتراض المحلى ذو خسائر أقل إذ يحافظ على حجم الاحتياطى النقدى من العملة الأجنبية ومعدلات تضخم أقل وبالتالى الحفاظ على سعر صرف العملة المحلية.