الزمان
وزير الري يتابع حالة محطات رفع المياه خلال فترة أقصى الإحتياجات المائية إيران.. الدفاعات الجوية تسقط مسيرات إسرائيلية في مناطق مختلفة من البلاد إنريكي بعد الفوز على أتلتيكو مدريد: من الصعب اللعب في الأجواء الحارة كتائب القسام تعلن تنفيذ عمليتين ضد إسرائيل السوداني يدعو الى إتخاذ كل الإجراءات للحفاظ على الأمن في العراق هيئة البث الإسرائيلية: 8 إصابات جديدة جراء سقوط صواريخ إيران على إسرائيل صواريخ إيرانية تستهدف مصانع أسلحة رافائيل الإسرائيلي في حيفا المحتلة زراعة النواب تناقش مع وزير التموين خلط الشعير مع القمح لإنتاج رغيف الخبز أشرف صبحي: لجنة الرياضة بالبرلمان تقوم بالدور الأهم والمحوري في تذليل كافة الصعوبات التي تواجه الشباب وزير التموين: لدينا توجيهات رئاسية بضرورة أن يحصل الفلاح على سعر يفوق الأسعار العالمية في المحاصيل الاستراتيجية كشف ملابسات فيديو تضمن قيام ”جزار” بالتعدى على ماشية وزارة الخارجية تتابع أوضاع الجالية المصرية في إيران.. وتخصص أرقام تواصل
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

الجرائم الأسرية تفضح الفساد الأخلاقى للمجتمع

المخالفات تسقط القناع عن الانحلال المجتمعى

هروب الواعظات يزيد من الأزمات الإنسانية

غياب المثل العليا من العلماء واعتلاء نجوم الفن الهابط.. وراء انتشار الظاهرة

تربويون: مناهج تعليمية كثيرة ترسخ القيم والمبادئ والأخلاق.. والدورات التدريبية للمعلمين تواجه السلوكيات الخاطئة

 

فساد الأخلاق، اندثار المشاعر الطيبة، الزمن الجميل يذهب أدراج الرياح، وغيرها من الكلمات التى تعبر عن حالة السوء والاضمحلال التى يعيشها المجتمع حاليا والتى أظهرتها الجرائم الأسرية التى يندفع فى بعضها الأبناء لقتل آبائهم طمعا فى الحصول على المال، أو رغبة فى شراء المخدرات، أو أن يقوم الآباء بالتخلص من أبنائهم وأحيانا تكون هذه الجرائم الأخيرة بدافع الرغبة فى الانتقام من الأب أو الأم، وفى الحالتين ينجح الشيطان فى إيهام مرتكب الجريمة بأن الطرف الآخر والذى يحمل نفس جيناته يمثل عقبة كبيرة فى حياته، وأن بقاءه سيزيد الأمور أزمة، وأنه يجب الإسراع بالتخلص منه وإزاحته من حياته، وما يضطره للانتقام بأى شكل وأى وسيلة دون أن يضع فى اعتباراته أن من يتخلص منه هو قلعة الاحتماء به وقت الأزمات.

وعندما تبحث عن السبب فستجد المجتمع الذى خلا من القدوة الحسنة والطيبة، والمؤسسات الدينية التى أساء بعضها إلى الإسلام، بالإضافة إلى المؤسسات التربوية والتعليمية والتى أهمل فيها المعلم الجانب التربوى، واهتم وأخذ يلهث وراء المكاسب المادية التى سيجلبها من الدروس الخصوصية، بالإضافة إلى القوى الناعمة والتى لها نصيب الأسد فى هذا الشكل التخريبى الذى أصاب المجتمع المصرى، حيث أباح الفن الهابط كل ما هو محرم، كما أن الإعلام بفروعه كانت له الكثير من السقطات التى لا تغتفر بأن ناقش قضايا أحدثت جدلا بين أفراد المجتمع لكن الاهتمام بجزء وإهمال آخر تسبب فى انتشار الظواهر الغريبة بالمجتمع، وأن أحدث بآرائه ومناقشاته غير السوية أزمات لا تنتهى أبدا.

وفى الوقت الذى تهمل الكثير من المؤسسات دورها المجتمعى تتقدم الشرطة وحدها لمواجهة هذه الظواهر ومحاربتها، حيث تكشف الكثير من الجرائم الأسرية الخفية، وتترصد للجناة حتى تلقى القبض عليهم، وتقدمهم إلى العدالة التى تعاقبهم على ما اقترفوه من جرائم فى حق المجتمع، والقائمة ممتلئة بالجرائم التى لا تفرق بين المشاعر والدماء الجامعة بين أطرافها، فالأب قاتلا أو مقتولا، والابن قاتلا أو مقتولا، والأم قاتلة أو مقتولة، والزوجة قاتلة أو مقتولة، ويأتى دور الشرطة فى الوقت الذى يمثل الاتحاد بين مؤسسات الدولة أهمية كبرى لمواجهة هذا التحرر من القيود المجتمعية والإنسانية.. "الزمان"، تفتح ملف فساد الأخلاقيات بالكثير من المجتمعات.

فى البداية، اتهم عدد من الأهالى مؤسسات الدولة والقائمين عليها بالاهتمام بما لا يفيد المجتمع بأى شىء، موضحين أن التكنولوجيا التى تدخلت فى كل مناحى الحياة، ويخطئ الشباب فى استخدامها هى الأخرى تلعب دورا بارزا فى الإساءة للمجتمع، قائلين إن العادات والتقاليد التى استخدمها آباؤهم فى تربيتهم عليها كانت تخلو من أمور كثيرة هى الآن المسيطرة على كل شىء، ففى الزمن الجميل كان تقديس المعلم واجب قومى، أما الآن فالكثير من المعلمين أساءوا لأنفسهم قبل المجتمع، وبينما كان رجل الدين الواعظ يتحدث ويدلى بدلوه بعلم وعقيدة أصبح اليوم البعض يكرس علمه فى خدمة السياسة وهو ما يفسد رسالته ويجعل الكثير ينفر منه.

كما أن التليفزيون الذى يمثل قنبلة موقوتة حاليا أصبح أزمة كبيرة هو الآخر، بمعنى أن التليفزيون كان فى الماضى هو مصدر الثقافة المجتمعية فكانت هناك برامج هادفة تعمل على إكساب الفرد المهارات والعلوم المجتمعية المختلفية، فكانت بعضها تحث على تعليم التسامح والانتماء وغيرها، فيما كانت الأفلام والمسلسلات ترسخ مبادئ الوطنية والاحترام والمثل فى المجتمع، إلا أن كل هذه الأمور تبدلت وأصبح هناك برامج تناقش قضايا جدلية دون حسم أو حزم، حيث تأتى بأشخاص ضعاف قد يكون لا علاقة لهم بالقضايا التى تتم مناقشتها إلا أنه تمت الاستعانة بهم لإحداث حالة من الجدل التى تكون كفيلة لانتشار الظواهر السلبية فى المجتمع، بالإضافة إلى ما اتجهت إليه الأعمال الفنية من تقديم دور البلطجى والقاتل والشبيح وتاجر الممنوعات على أنه البطل دائما، وهو ما جعل الكثير من الشباب يتمنى الفرصة التى تأتيه ليصبح بطلا يحاكى أبطال الفن.

فى الوقت الذى أظهرت الإحصائيات الرسمية أن 92% من جرائم القتل التى تحدث فى محيط الأسرة تكون بدافع الشرف، وغالبا ما تتم الجرائم فى لحظة غياب عن الوعى، ويمثل غياب التوعية الدينية سببا رئيسيا فى انتشار مثل هذه الجرائم، فبات الجميع يبتعد بصورة كبيرة عن الدين والأخلاق والقيم والمبادئ والعادات الذى اعتدنا عليها.

وأكد هاشم الحديدى، إمام مسجد الحسين، أن غياب الوازع الدينى، وتراجع القيم والأخلاق لدى الشباب أدى لظاهرة الجرائم الأسرية، فنجد الأب يرتكب جريمة ضد أبنائه، وهذا يتنافى مع المودة والرحمة التى يجب أن تكون بين أفراد الأسرة، فلا بد من عودة منظومة القيم والأخلاق للمجتمع، على أن تكون البداية بالأسرة، فيتحقق الترابط والتكاتف بين أفرادها، ويقوم كل فرد بدوره، فالأب لا بد أن يقوم بواجبه نحو رعاية الأبناء، وتربيتهم تربية سليمة على القيم والأخلاق، ولا ينشغل فقط بالجانب المادى، ولا بد أن يرسخ القيم والمبادئ والأخلاق، واحترام الكبير.

وشدد "الحديدى" على ضرورة أن تقوم الأم بواجبها نحو الزوج والأبناء، وأيضا على الأبناء الطاعة والاجتهاد فى الدراسة والعمل، وفى هذه الحالة تتحقق منظومة شاملة داخل الأسرة، تضمن للجميع العيش فى سلام وأمان واستقرار.

وأوضح الدكتور عادل المراغى، إمام مسجد النور بالعباسية، أن ضعف العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة الواحدة، وضعف الوازع الدينى، والاختلال العقلى والنفسى والضغوط الاجتماعية والنفسية والظروف الاقتصادية وأبرزها الفقر، بالإضافة إلى إدمان المخدرات، وكذلك زيادة سرعة نمط الحياة والعداء بينهم، وأساليب التنشئة الاجتماعية وزيادة العنف فى الإعلام، وفقدان الروابط الأسرية، كل هذه الأسباب أدت إلى انتشار الجرائم الأسرية.

وتاب المراغى: لا بد من الحث على الصلاة ومشاهدة البرامج الدينية، كى يتم تربية العقيدة والتمسك بالدين وزرع الأخلاق والقيم هو السبيل الوحيد لقضاء على هذه الظاهرة التى تؤدى إلى كارثة سوف تقضى على المجتمع.

وقال المراغى: عندما تتعرض الطفلة للعنف والاغتصاب من والدها أو أشقائها فهناك خلل من البذور، وهو ما سينتشر فى الفروع بمعنى أن هذه الطفلة لن تكون أما صالحة، ولن تنتج مجتمعا صالحا أو سويا، فلا بد من الاهتمام بالفتيات أكثر من الشباب، وغرس القيم والأخلاق والمبادئ فى نفوسهم ليتمكنوا من إنتاج مجتمع تربوى سليم، ولا بد من تفعيل دور الواعظات التابعين لوزارة الأوقاف أكثر من ذلك، فهم الذين يمكنهم التواصل بشكل مباشر مع النساء والفتيات، وهم من يقدمون التوعية فى ظل انتشار الجرائم الأسرية، لافتا إلى أن الواعظات مقصرات فى واجباتهن المجتمعية، حيث اختفوا تماما فى ظل انتشار جائحة فيروس كورونا.

ويقول الشيخ إبراهيم البحيرى أحد علماء الأزهر الشريف: تعتبر ظاهرة السقوط الأخلاقى ظاهرة خطيرة خاصة فى السنوات الأخيرة وهى فى الأصل فقدان بعض القيم والمبادئ الأخلاقية والعادات والتقاليد التى تهدف إلى كل سلوك حميد.

وأضاف «البحيرى»: يرجع ذلك إلى سوء التربية وغياب القدوة الحسنة داخل البيت لذا يجب الحث على التقويم والتوجيه من الأسرة أولا ومن ثم مراقبة الأبناء بحذر لكى يعلموا ما يشاهده الأبناء على وسائل التواصل الاجتماعى والتليفزيون ومتابعة أصدقائهم أولا بأول، موضحا أنه يجب ألا نغفل عن دور الأسرة فى متابعة الأبناء فى المراحل التعليمية لمراقبة السلوكيات فى المدرسة والجامعة وغيرهما، حيث إن الأخلاق تعمل على زيادة الترابط الاجتماعى بين الأفراد وهذا يزيد من ألفة المجتمع فيغرس فى نفس الفرد صفات الرحمة والصدق والإحسان والعدل والأمانة والتكافل وغيرها من الصفات الحميدة فتكون من باب أولى بين الأب وولده والابن وأبيه ثم تفيض على المجتمع آمنين مطمئنين.

وأشار إلى أن العلاقة بين المؤسسات الدينية والأسرة إيجابية تقوم على الحب والمساواة والانتماء للأسرة والوطن والمؤسسات الدينية فى بلدنا الحبيب مشاركة فى تقوية العلاقات فيما بينهم كالمسجد والكنيسة، مشيرا إلى أن للأزهر الشريف دورا قويا وفعالا فى التوعية الأسرية لأفراد المجتمع ومنها مبادرة فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، من أجل حماية الأسرة المصرية والحفاظ عليها.

ويقول الدكتور عبدالفتاح العوارى، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر: الشرع حرم الاعتداء على النفس مطلقاً، وأن الله تبارك وتعالى نهانا عن قتل النفس، أيا كانت هذه النفس، مسلمة أو غير مسلمة، قريبة أو بعيدة، ويقول الله تعالى: "ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق"، والحق معلوم للناس، فإذا كانت الشريعة الإسلامية قد بينت لنا أن النفس الإنسانية معصومة الدم، لا يجوز الاعتداء عليها، وأن المحافظة عليها من الضرورات الخمس، التى جاءت بكل ملة وكل شريعة من الشرائع.

جريمة بشعة تهز أرجاء الحى الشعبى، ابن يقتل أبويه بسبب المال.. شاب يقتل والده وهو تحت تأثير المخدر.. أبناء يتفقون على قتل أبوهم بسبب الميراث".. جرائم من نوع خاص، القلب فيها يعتصر ألما، والعيون تجف منها الدموع وتتحجر وتأبى البكاء، فالمجنى عليه والجانى، تجمعهما الدماء، كلها أخبار سيئة نسمعها يوميا على صفحات الجرائد وشاشات التليفزيون، وعند التفكير عن كيفية وقف هذه الظواهر، وكيف تعالج السينما ولدراما المصرية هذه الظواهر وهلا حقا هى المتهم الرئيسى فى نشر وانتشار هذه الظواهر.

من جانبه اعترض الناقد السينمائى أحمد عبد الصبور على تقديم تلك القضايا فى السينما والدراما المصرية مؤكدا أن معالجتها قد تؤثر بالسلب وليس بالإيجاب عندما ترى على مستوى واسع من المشاهدة.

وأضاف عبدالصبور أن الدور الخطير الذى تلعبه الدراما فى حياتنا من خلال المشاهد التى تحتوى على العنف والمخدرات، مناشدًا العاملين فى مجال السينما والدراما على اختيار الموضوعات الهادفة التى تبنى الأمم، قائلا: كفانا مشاهد عنف وقتل ومخدرات، فمشاهد العنف والقتل موجودة فى حياتنا، ولكن كفانا تسليط الضوء عليها.

وقال الناقد الفنى حسام أحمد: السينما والدراما هى القوى الناعمة فى المجتمع ومن الممكن أن تكون الأداة الراقية للقضاء على الظواهر الغريبة على المجتمع، وذلك من خلال مناقشتها بشكل جيد وقصص محكمة تتميز بالحبكة الدرامية، مشيرا إلى تناولها بأى شكل يخالف ذلك فإنه يلحق الأضرار الجمة بالمجتمع الباحث عن استقرار وأمن لمواطنيه.

ويرى الناقد الفنى ممدوح سليمان، أن الدراما من حقها مناقشة أى قضية بالمجتمع أيا كانت سلبية أو إيجابية مشيرا إلى أن المشاهد ينتقى ما يريد مشاهدته ويرفض ما يشاء معتبرا أن الأمر مزاجى بحت لدى المشاهد.

وقال إن العقلية الآن اختلفت بكثير عن الماضى وكل مشاهد يختار ما يشعر أنه يحتاج مشاهدته أو الاستفادة منه وفى النهاية يجب أن تكون نهاية الجانى فى القضايا السلبية سيئة حتى يفهم المشاهد أن تلك القضايا قد تودى بحياة صاحبها إلى الأكثر سوءا.

ويرى الفنان القدير يوسف شعبان، أن الفن عليه عبء كبير خلال مناقشة تلك القضايا، حيث إن المدمن هو من يستهين بسلوك الجريمة ولا يقدر حجم الكارثة التى يرتكبها، لأن العقل يكون وقتها مغيّبا تماما بسبب المخدرات، كما أن الدور السلبى للفن والدراما فى ترسيخ العنف والعدوانية فى العلاقات من خلال تقديم الشخصيات غير السوية بصورة ملفتة تخدع الشباب وتصورهم كأبطال، يضر بالشباب والمجتمع.

وتابع شعبان: ولا نستبعد وجود أجندة لتمويل تلك المسلسلات والأفلام الهابطة لتفكيك العلاقات المجتمعية الطيبة والنادرة لدى الشعب المصرى.

وقال النجم جمال فؤاد، إن السينما لها دورها الكبير فى تحسين سلوكيات المجتمع إذا ما تم استحسان هذه العلاقات، فعندما تناقش قضايا المجتمع المتعلقة بالعادات والتقاليد فعليها أن تناقشها بالالتزام بالعادات والتقاليد الواضحة والتى تمثل جزءا لا يتجزأ من المعاملات الإنسانية اليومية، وإذا ما اضطرت لعرض السلوكيات غير السوية، فعليها أن تظهر النهايات المأساوية لأصحاب هذه الأخطاء حتى يجد المشاهد نفسه أمام اختيار الخير والشر، ويكون اختياره متعلقا بالنهايات المصاحبة للبطل الذى يتابعه.

ويقول الناقد طارق الشناوى، إن الفن مرآة المجتمع والأسرة هى المسئول الأول قبل الفن عن نشر السلوكيات الخاطئة المسيئة للمجتمع، وانتشار الظواهر السيئة، وألقى بالمسئولية على الأسرة باعتبار أنها المهيمنة على الأفراد فى كل وقت وأنه يمكن لرب الأسرة أن يمنع أبناءه من مشاهدة الأعمال الفنية، ويمكنه أيضا قطع الإنترنت من المنزل وغيرها من الأمور التى يمكن له أن يعاقب أبناءه أو يقنن تعاملاتهم مع التكنولوجيا، والسوشيال ميديا.

ولفتت الناقدة خيرية البشلاوى، إلى أن الفن مسئول عما يقدم ويجب أن تطبق وزارة التربية والتعليم اسمها والدين يطبق بشريعته، مشيرة إلى أنه من الخطأ أن نلقى الضوء على مثل هذه القضايا حتى لا نساعد فى نشرها حيث إنها لم تصبح ظاهرة فهى مجرد حوادث فردية، وهذا يرجع لأمور كثيرة فى مجتمعنا منها انتشار المخدرات وتدنى مستوى التعليم بالإضافة إلى الدين الذى أصبح لدى البعض مجرد دين ظاهرى فقط حيث انقلبت الموازين كثيرا عما كانت عليه، وأصبح الدين يستخدم بصورة خاطئة ومشاهد الدواعش وهم يذبحون ويقتلون الأبرياء، وهم يرددون الله أكبر.

وطالبت البشلاوى، وزارة التربية والتعليم، بتفعيل دورها التربوى، الذى تراجع كثيرا ويجب أن يعود دورها إلى ما كان عليه فى الماضى، موضحة أن الفن ينقل الواقع لكن ليس كل الواقع، ويجب التأكيد على المنتجين بألا يكون الهدف الرئيسى من أعماله الفنية التى يقوم بإنتاجها الربح المادى وأن يشارك فى ترسيخ المبادئ القويمة فى المجتمع الشرقى، مشيرة إلى أن الحل يكمن فى ضرورة تكاتف كل المؤسسات بالدولة سواء الدينية والتعليمية والقوى الناعمة بالتنسيق مع الأسرة.

من جانبه أعرب أستاذ الإعلام الدكتور صفوت العالم، عن استيائه من انتشار العنف الأسرى بالمجتمع وانتشار الجريمة بين الآباء والأبناء، وقال أندهش مما يحدث داخل الأسرة الواحدة، على الرغم من أنه من المفترض أن دور الآباء الحفاظ على أبنائهم وأما الأبناء فيجب أن نساعدهم فى الوصول بإحساس الحب بمشاعره وعاطفته، وقال: ما يحدث للمجتمع يمثل انهيارا للقيم، وعن اتهام الفن فى هذا الأمر وانتشار الجريمة اتفق العالم مع الناقدة خيرية البشلاوى عن مسئولية الفن والفنانين فى مواجهة الجريمة بتقديم أعمال أسرية تقدم روح الأسرة المحترمة والقيم الهامة بالمجتمع.

وأضاف العالم، أن أفلام السبكى التى أشهر فيها البطل سكينه ولسانه وخلع ملابسه وتشاجر فى الشارع جعل الأبناء يمارسون العنف ويقلدونه والمفترض أن الرقابة عليها مسئولية عليها أن تمنع هذه المشاهد.

وأكدت أستاذ علم النفس والاجتماع د. سامية خضر، أن الجريمة الأسرية أصبحت ظاهرة مخيفة وانتشرت فى الأعوام الأخيرة، قائلة: الكارثة الكبيرة هى خلو قلب الأب والأم من الرحمة وتخليهم عن مشاعرهم بالحنان وحماية الأبناء، وأرجعت السبب فى انتشار الظواهر السلبية والحوادث الأسرية إلى الأسرة التى غاب دورها، فعلى الأم أن ترسخ فى نفوس أبنائها أن دورها الحقيقى هو رعاية الأبناء والمساعدة فى تربية جيل راقٍ وواعٍ.

وأشارت خضير، إلى أن الحل فى مواجهة الظواهر الغريبة هى مساعدة الأبناء فى ممارسة الظواهر الإنسانية التى تؤسس مبادئ الرحمة وتنشر مبادئ التسامح والتفاهم، وعلى الأب والأم أن يكونا أيقونة للأمل الدافع للأبناء للارتقاء بمستواهم سواء التعليمى أو الفكرى أو المجتمعى.

أكد خبراء التربية وعلم النفس، أن الخلافات الدائمة بين الأسر، ومتابعة السوشيال ميديا وسوء معاملة المعلم لطالبه من الأسباب الرئيسية فى زيادة معدلات الجرائم الأسرية الناتجة عن السلوكيات الخاطئة فى المجتمع.

من ناحيته، أكد الدكتور محمد كمال، أستاذ القيم والأخلاق بكلية الآداب جامعة كفر الشيخ، أن الأفلام والمسلسلات التى يغلب عليها العنف والبلطجة ساعدت بشكل كبير فى نشر الفساد والفوضى بين الأسرة بشكل خاص، وأفراد المجتمع بشكل عام، مما جعلها من الأسباب الرئيسية فى زيادة معدلات الجرائم الأسرية، كما أن الخلافات والمشاجرات الدائمة بين أفراد الأسرة من السلوكيات الخاطئة التى تساعد فى زيادة الانفلات الأخلاقى وزيادة الجريمة بالمجتمع، لافتا إلى ضرورة تكثيف التوعية الدينية والاجتماعية بالمدارس والمساجد، باعتبارهم من المؤثرات الهامة فى تنمية وتدريب الأطفال والشباب حول تفادى هذا السقوط الأخلاقى خاصة أنه تزايد بشكل مخيف فى الفترات الأخيرة، مشددًا على ضرورة إعادة تأهيل الأبناء عن طريق التربية السليمة سواء بالبيت أو المدرسة أو الجامع، موضحا أن الخلافات الدائمة بين الأسر على الميراث والطمع بين الأشقاء، هى من العوامل المهمة فى انتشار الجرائم الأسرية، الأمر الذى قد ينتهى فى كثير من الأحيان بالتعدى على رب الأسرة هذا بخلاف البعد عن العادات والتقاليد الشرعية، وعدم تحمل المسؤلية وعدم استخدام العقل، لافتًا إلى أن رب الأسرة عليه عاتق كبير فى خفض معدلات الجريمة الأسرية، فطالما يقوم بواجبه نحو رعاية أطفاله وتربيتهم تربية سليمة على القيم والأخلاق، ولا يكتفى بالانشغال عنهم للحصول على الجانب المادى، سيتم خفض معدل السلوكيات الخاطئة والعنف التى نشهده هذه الأيام بكرة شديدة.

وشدد على ضرورة وضع مناهج تعليمية كثيرة تقوم على ترسيخ القيم والمبادئ والأخلاق واحترام الكبير، لطلاب المدارس بدءً من الحضانة وحتى الجامعة للقضاء على هذه الأزمة التى زادت بشكل غير طبيعى، مشيرًا إلى أن المدرسة هى التعاون الوثيق مع البيت الذى يتم عن طريق إنشاء مجالس الآباء والمعلمين، ومجالس الأمهات والمعلمات بها، بالإضافة إلى الدور الأهم الذى تمارسه الأم فى المنزل من خلال القيام بواجبها نحو الزوج والأبناء، وحث الأبناء على الطاعة والاجتهاد فى الدراسة والعمل، حيث إنه لن يتم القضاء على هذه الظاهرة السيئة، إلا بوجود منظومة شاملة داخل الأسرة تضمن للجميع العيش فى سلام وأمان واستقرار.

وطالب الخبير التربوى كافة المسئولين بالمؤسسات المختلفة ضرورة عقد دورات تدريبية لجميع العاملين بالقطاعين الخاص والعام، وعدم الاكتفاء بالمدارس فقط من أجل توعية أبنائهم وتقويمهم ضد السلوكيات الخاطئة التى ظهرت بشكل كبير، ولا سيما مواقع التواصل الاجتماعى التى تلعب دورا هاما وحيويا فى التأثير على نشر الجريمة.

واتفق معه فى الرأى الدكتور على المليجى، الخبير التربوى، الذى علق قائلًا: «رغم أن المدرسة لديها عامل رئيسى أيضًا فى تغيير السلوكيات الخاطئة التى تزيد من انتشار الجرائم الأسرية بالمجتمع، من خلال نمو وتشكيل الطفل والشاب، داخلها وخارجها، بعمل وظائف التربية ونقل الثقافة وتوفير الظروف المناسبة للنمو جسميا وعقليا وانفعاليا واجتماعيا، إلا أنه على الدولة أن تقوم بوضع حملات ومبادرات مثل «حملة 100 مليون صحة» من أجل تنظيم دورات تدريبية للأباء والأبناء تساعد فى تأهيلهم على كيفية التعامل والتعايش مع كل جيل خاصة فى المناطق العشوائية والتى تزداد بها معدلات الجريمة الأسرية، بالإضافة إلى تدريب الأباء على استخدام الوسائل المناسبة للعقاب، بعيدًا عن العنف والضرب وتدريبهم على استيعاب مشكلات الأجيال الجديدة ومواكبة عصر التكنولوجيا».

وأشار إلى أن الآباء الذين يستخدمون العنف ضد أبنائهم فى الغالب قد تعرضوا لمشكلات كبيرة فى فترة المراهقة مثل العنف الأسرى وعدم الاحتواء، أو ارتكبوا أخطاء كبيرة، مؤكدًا أنهم يريدون تربية أبنائهم بنفس طريقة تربيتهم، غير مكترثين باختلاف العصر ونمط الحياة وهو الأمر الذى يزيد من ممارسة السلوكيات الخاطئة فى المجتمع.

وفى ذات السياق، ذكر الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة، أن دور الأب تغير فى الفترة الأخيرة، فأغلب الآباء يعتقدون أن دوره يقتصر على الجانب المادى فقط دون إتاحة وقت كاف للتربية والتقرب من الأطفال، ولهذا يجب تغيير هذا المفهوم، كما أن البيت ليس المكان الوحيد الذى يحتاج إلى ترويض بل المدرسة أيضًا فقد ينشأ الطفل ولديه عنف شديد من المدرسة، ويرجع السبب لسوء معاملة المعلم وقسوته، الأمر الذى يجعل المدرسة سببًا رئيسيًا فى ألم الطفل، ويكون نتيجة طبيعية لهروبه من المدرسة خاصة أنها تكون الوسيلة المناسبة لخفض التوتر والقلق وحينها تصبح المدرسة أقل جاذبية لبعض التلاميذ الذين يجدون فى البيئة الخارجية للمدرسة أكثر إمتاعا لتحقيق رغباتهم فيهربون إلى المناطق الجاذبة مما يسهل تعرضهم للانحراف وخاصة إذا ما اجتمعوا مع أصدقاء السوء.

وطالب بضرورة ترتيب دورات تدريبية للمعلمين والآباء لتلقى دروس علمية ونظرية فى أصول التدريس وعلم النفس التربوى وطرق معالجة المشكلات المدرسية المحتملة. وأوضح أهمية المؤسسات التعليمية فى التوجه السياسى للمجتمع من حيث طريقة التفاعل الاجتماعى مع الاخرين، وتوعية الأجيال الصاعدة بأهمية ترويض السلوكيات الخاطئة فى المجتمع، من أجل الحصول على حياة كريمة ولائقة تكفل تعويض نفاذ الموارد الطبيعية وتضمن تنمية دائمة للبلاد. وأشار إلى ضرورة إعداد التلاميذ بتلقينهم آداب الحياة الجماعية وجعلهم يدركون أن الحرية والمسئولية عاملان متوازيان، من أجل تكوين أفراد قادرين على المبادرة والإبداع والتكيف وتحمل المسئولية فى حياتهم الشخصية والمدنية والمهنية. ونصح بضرورة تفعيل دور الرقابة أيضًا على السوشيال ميديا، لتقديم مواد هادفة وثقيفية تتناسب مع الثقافة المصرية والبعد عن المواد العنيفة التى تقدم وجبة مسممة للأجيال الجديدة وتساهم فى زيادة سلوكهم العدوانى الخاطئ مما يزيد من معدلات الجرائم الأسرية.

click here click here click here nawy nawy nawy