رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

شركات «الأوت سورس» تهدد الاستقرار الوظيفى

مع الجهود التى تبذلها الحكومة من أجل توفير مناخ داعم للاستثمار، لحل مشكلة البطالة، ظهرت شركات تعرف باسم "الأوت سورس" أو شركات توريد الموظفين ضربت مفهوم الاستقرار الوظيفى الذى تبحث عنه الحكومة للشباب خاصة الخريجين، وهى شركات مسئولة عن توفير عمالة للشركات العاملة فى قطاعات مختلفة يكون الموظف ومن خلال هذا النظام الجديد الذى ظهر حديثًا يؤدى وظيفة داخل الشركة أو البنك الذى استعان به ولكن راتبه وكل حوافزه وتأميناته وغيرها تتكفل به شركة أخرى وهو النظام الذى يضمن لصاحب الشركة تصفية أعماله فى مصر بأى وقت دون تكبد معاناة تغطية مبالغ التأمين، وذلك بموجب اتفاق مسبق بين شركة "الأوت سورس" وبين الطرف الثانى.

"الزمان" وفى السطور التالية، تستعرض ضحايا تلك الشركات بعد أن استعانت بها الحكومة فى عدد من المواقع، مثل عمال النظافة ممن كانوا بالماضى يعينون داخل الحى وأصبحوا الآن مكلفين بالعمل من جانب شركة أجنبية اتفقت مع الحكومة لتوريد عمالة، كذلك مترو الأنفاق، إضافة إلى بعض الوزارات والتى سمح لها من جانب وزارة التخطيط والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة التعاقد مع شركات لتوفير عمالة الخدمة المعاونة وشغل بعض الوظائف عبر هذا النظام مستقبلاً.

وفى هذا السياق، كشف عدد من الشباب عن مساوئ تلك الشركات، حيث يروى "إسلام عرفات" موظف خدمة عملاء لدى أحد البنوك، قائلاً: التحقت للعمل فى البنك قبل عام وذلك عن طريق شركة "أوت سورس" وهى المسئولة عن توريد موظفين خدمة عملاء ومتابعة وعمال نظافة، وخلال الفترة الماضية كنت أؤدى نفس المهام التى يقوم بها صديقى فى البنك ولكن الفرق أنه معين على قوة المكان وبالتالى يخضع لمظلة تأمينات صحية واجتماعية وكل المزايا، أما أنا فلا أخضع لأى شىء سوى تأمينات اجتماعية تخصم بالكامل من راتبى.

وأضاف، أن الفرق بينى وبين صديقى أنه يمكن الاستغناء عنى فى أى وقت دون استشارتى حتى أو دون أدنى حقوق يمكن الحصول عليها لاحقًا بعكس صديقى الذى من غير الممكن استبعاده حتى لو تعرض البنك لإفلاس دون حصوله على كامل مستحقاته، وللأسف زاد عدد الشباب العاملين فى البنك بنظام "أوت سورس" ونحصل على مجرد وعود بالانتقال بعد عدة أعوام من "أوت سورس" إلى "إن سورس" بمعنى الانتقال من كفالة الشركة إلى كفالة البنك الذى يقوم بالتأمين على الموظف وضمان حقوقه، لكن الشركة لا تضمن لك أدنى حقوقك ولا يمكن مقاضاتها أمام المحاكم.

ويلتقط "عبدالله حسن" طرف الحديث، والذى يعمل موظف فى خدمة العملاء لواحدة من شركات الاتصالات، قائلاً إن أغلب الشركات فى مصر الآن وبسبب شىء غير معلوم ربما لنا كموظفين لم تعد تجازف لتقوم بتعيين جيش من موظفى خدمة العملاء ومع حدوث أزمة لا تستطيع الوفاء بالتأمينات والضرائب وكل هذه الأشياء التى تضطر إليها الشركات قبل ظهور شركات "أوت سورس" وبالتالى يمكن للشركة التى أعمل بها الآن تصفية العمال مثلما حدث مع شركة اتصالات تم بيعها مؤخرًا ولم تتكبد الشركة معاناة الوفاء بأى التزامات تجاه غالبية الموظفين.

وتابع، طول الوقت نحن مهددون تمامًا بأن يتم الاستغناء عنا لمجرد عدم التزام موظف بموعد الحضور أو الانصراف أو مواعيد الراحة، أضف إلى ذلك تغيير مواعيد العمل حسب رغبة المدير دون مراعاة ظروف العاملين وهو ما يتسبب فى إرهاق مستمر لطاقم العمل، كذلك الخصم بسبب وبدون سبب، وكلها ظروف لا تؤدى إلى استقرار وظيفى، وأتمنى إلغاء نظام تلك الشركات فى مصر وجعل التعاقد مباشرا بين المنشأة وبين راغبى العمل وتجريم عمل تلك الشركات.

فيما أكد مصدر حكومى لـ"الزمان" أن الحكومة سعت إلى عمل إصلاح إدارى بالجهاز الإدارى للدولة عن طريق تقليص عدد العاملين مع وقف التعيينات لفترة لتخفيف الضغط على الموازنة العامة للدولة ومن أجل ذلك ظهر مصطلح "أوت سورس" ضمن أوراق عملية الإصلاح بأن يتم إسناد الوظائف الموسمية أو وظائف الخدمات المعاونة التى انتشرت بقوة فى أروقة الحكومة لتلك الشركات وكانت البداية من شركات النظافة التى مارست عملها بتلك الطريقة قبل سنوات بعيدة، وليس كل وظيفة يمكن إسنادها لتلك الشركات.

بدوره، أوضح محمود رشاد الخبير الاقتصادى: أنه رغم لجوء المستثمرين لتلك الشركات لحل مشكلة التوظيف والتخلص من العمالة فى أى وقت إلا أنها لا تضمن ولاء الموظفين للكيان الذى يعملون به، كما أنها تفسد العلاقة بين الشركة والعامل، ولكن للأسف شركات أجنبية فى مصر لجأت لتلك الشركات لتوفير العمالة وذلك ليتوفر لديها القدرة على تصفية الأعمال بأى وقت ودون تحمل مسئولية العاملين.

ولفت إلى أن تلك الشركات تعمل على توفير عمالة دون التزام الطرف الثانى بأى شىء تجاه الموظف وهو ما يهدد استقراره الوظيفى رغم قدرة تلك الشركات على حل نسبة من أزمة البطالة المنتشرة.