رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

استغلال «المكممين أمعاءهم» فى خداع المواطنين بأدوية التخسيس

فى الماضى كانت شركات أدوية التخسيس تستعين بعدد من العارضين أصحاب الأجسام الممشوقة الرياضية لترويج منتجها والذى لديه القدرة على تخسيس الشخص عددا من الكيلوجرامات فى أسابيع، ومع مرور الوقت وتطور وسائل البيع والتسويق لجأت الشركات إلى أشخاص يعانون من السمنة قبل الخضوع للمنتج وبعده وذلك ليعطى مزيدا من الثقة للمستهلك والأمان قبل تناول المنتج ويكون مطلعا على النتيجة، ولكن مجرد الصورة لم تكن كافية فقامت بعض الشركات مثل "أبليكس" ذائعة الصيت والتى لاحقتها الأجهزة الأمنية بالاتفاق مع أشخاص قاموا بإجراء عمليات "تكميم للمعدة" ومن ثم تستغلهم فى الإعلانات بدعوى خضوعهم للمنتج وعليه وصلوا لتلك النتيجة فى فترة زمنية قصيرة، علمًا بأن خبراء حذروا من تناول ذلك المنتج ومنتجات أخرى مشابهة تسببت فى مضاعفات طبية للمستهلك بالنسبة للكبد والكلى والأمعاء، لكن أمام المقاطع المصورة بالصوت والصورة لأشخاص كانوا فى الماضى 160 كيلوجراما والآن باتوا 80 كيلو كفيل بأن يدفع المتابع للإعلان بشراء المنتج.

"الزمان" وفى السطور التالية، جمعت شهادات حية لأشخاص تلقوا عروضا من شركات أدوية للظهور فى الإعلانات مقابل أموال على أن يدعوا قدرة المنتج المعلن عنه على تخسيس الجسم فى أيام قليلة، فيما لجأت شركات أخرى للتكفل بإجراء عمليات "تكميم معدة" مقابل الظهور فى إعلانات الشركة.

"وصلوا لى عن طريق الطبيب المعالج، واتفقوا معى على مبلغ مالٍ وكنت فى أشد الحاجة إليه لكى أنفق على مصاريف الفيتامين المضطر إليه"، بتلك العبارة بدأ "محمد شومان" حديثه وهو غير راضٍ عن ما قام به فى إعلان واحدة من شركات التخسيس، مضيفًا: كنت أعانى من السمنة المفرطة ووزنى وصل إلى 170 كيلوجراما بالشكل الذى حرمنى من ممارسة أشياء كثيرة غيرى ينعم بها، وقمت بتجربة أدوية تخسيس والخضوع لنظام غذائى قاس لكن دون فائدة خاصة أن معدل الحرق ضعيف، ووقتها فكرت فى إجراء عملية "تكميم المعدة" لكن للأسف لم أكن أمتلك قيمة العملية التى وصلت إلى 35 ألف جنيه بدون مصاريف العلاج، ولكن بعد محاولات أهل الخير التوسط لدى طبيب على أن يقوم بإجرائها لى مقابل 10 آلاف جنيه فقط وهذا قيمة المساعدين له بالغرفة لكن هو تبرع بقيمة العملية حينما عرف أن لدى أولاد وأنفق على أبى وأمى.

وتابع، أجريت العملية بنجاح وفقدت من وزنى بعد أسابيع قليلة عدد من الكيلوجرامات ووصل وزنى الآن 90 كيلو، ومنذ فترة قصيرة فقدت عملى بسبب ظروف جائحة كورونا وكنت فى أشد الحاجة للمال فتلقيت اتصالا من شركة شهيرة لبيع منتج للتخسيس واتفقوا معى على الظهور فى إعلان مصور لعرضه فى التليفزيون للادعاء بأنى وبعد استخدام المنتج فقدت وزنى فى فترة زمنية قصيرة وبدون عملية جراحية، وللأسف وافقت تحت ضغط نظرًا لحاجتى للمال، ولست الحالة الوحيدة التى تعرضت لنفس المساومة خاصة أن مصاريف الفيتامين التى يحتاجها الشخص الذى أجرى عملية تكميم المعدة كبيرة ولا يمكن الاستغناء عنها لضمان بقاءك على قيد الحياة لكى لا تتعرض لهبوط حاد بالدورة الدموية، وحصلت من الشركة على مبلغ 20 ألف جنيه مقابل الظهور.

فيما تعرض "رضا. أ" لنفس المعاناة ولكن بواقع أشد قسوة، حينما أضطر للموافقة على إجراء العملية عن طريق إحدى الشركات العاملة فى بيع منتجات التخسيس وكان الاتفاق أن تتكفل الشركة بمصروفات العملية على أن يظهر لاحقًا فى إعلان مصور يتحدث فيه عن قدرة المنتج الخاص بالشركة على إفقاد الوزن خلال فترة زمنية قصيرة، ليكتشف أنه مجرد رقم فى قائمة طويلة اضطرت لهم الشركة وتعاملت معهم بنفس الوسيلة من أجل ضمان انتشار واسع للمنتج، والشركة بحسب الرواية قامت بتوظيف فريق طبى داخلها وغرفة عمليات لإجراء تلك العملية لعدد من الحالات الأخرى.

وأضاف "رضا"، كنت أعمل بالشركة "عامل بوفيه" ووزنى 150 كيلوجراما، والحياة أصبحت صعبة جدًا مع رغبتى فى العمل بعد الظهر بوظيفة أخرى لكى أستطيع الإنفاق على أبنائى، ومع توسع الشركة ووجود منافسين فى المجال، فوجئت بالمدير الإدارى يطلبنى فى مكتبه ويعرض على تكفل الشركة بإجراء عملية تكميم معدة لى مقابل التصوير قبل وبعد إجراء العملية والادعاء بأن منتج الشركة هو صاحب الفضل على أن تتكفل الشركة كذلك بمصروفات ما بعد العلاج، ووافقت على الفور بعد معرفة الآثار الجانبية للعملية وقدرتى على تجاوزها.

واستطرد، تم تصميم موقع تصوير داخل فيلا وقيامى بممارسة بعض التمرينات الرياضية والتمثيل بأن كل هذه الأمور لم تجدِ نفعًا ولا حتى نظام غذائى قاسى، لأقوم بمتابعة تصوير الإعلان بعد الخضوع للعملية بحوالى شهرين ووقتها وبعد ثلاث أشهر استكملنا الجزء الأخير من الإعلان، وقد ارتفعت أسهم الشركة لدى المستهلكين بعد عرض الإعلان وارتفع الطلب خاصة أن المتابع للإعلان لن يظن ولو للحظة أن كل هذه المشاهد ليست بفضل المنتج وإنما بفضل عملية تكميم المعدة التى تكفلت بها الشركة، وأنا الآن خارج الشركة وكنت أتمنى ظهورى بالصوت والصورة وأقوم بفضحهم لكن للأسف أجبرونى على توقيع إيصال أمانة بقيمة العملية "40 ألف جنيه" لضمان عدم حديثى لأى شخص حول تلك الخدعة التى قاموا بها.

من جانب آخر، يؤكد الدكتور باسم محمد استشارى الجهاز الهضمى: ما يتعرض له أشخاص خضعوا لعمليات تكميم أمعاء أو تم الاتفاق معهم على إجرائها مقابل الظهور والادعاء بقدرة منتج بعينه على إفقاد الوزن بهذا الشكل الذى تتسبب فيه عمليات التكميم هو نصب واحتيال، ولكن لننظر إلى الجانب الطبى وكيفية التأثير السلبى لبعض تلك المنتجات والتى منها منتجات مجهولة المصدر وغير معترف بها من جانب وزارة الصحة ولم يحصل على ترخيص بالمداولة فى الصيدليات، ولنبدأ أولاً بأدوية الشبع التى كثر الحديث عنها حيث يعمل هذا النوع على تغيير كيميائية الدماغ من خلال رفع نسبة السيرتونين بالمخ مما يؤدى إلى الشعور بالامتلاء بسرعة أكبر وبالتالى التخلص من الوزن الزائد وتؤدى إلى ارتفاع فى ضغط الدم، الصداع، الشعور بالعطش وجفاف الفم، حدوث إمساك، الشعور بالأرق.

ويتفق معه الدكتور مايكل عادل استشارى أمراض السمنة والنحافة، قائلاً: ما تقوم به الشركات من عمليات تسويق وهمى وإعلان عن قدرة جبارة لمنتج بعينة وقدرته على إنقاص الوزن هى حيلة معروفة بالنسبة لاستشاريين السمنة ويمكن لمجرد رؤية صورة الشخص الظاهر فى الإعلان الحكم عليه إن كان تعرض لعملية تكميم معدة أم لا فمثل تلك العمليات حين يتم إجراؤها لشاب ممتلئ الجسم ونتيجة إنقاص الوزن بشكل مفاجئ يتدلى "الجلد" من أسفل الذراعين ومنطقة الصدر والبطن، بعكس التمارين الرياضية والدايت، ومهما كانت الظروف التى دفعتك للموافقة على الظهور فى الإعلان والادعاء يجب الوضع فى الاعتبار أنك شريك فى هذه الجريمة، فالمشاهدون لن يعرفوا الفرق بين الشخص الذى حصل على المنتج وأصبح نحيل الجسم وبين الشخص الذى خضع لعملية تكميم.

وتابع، تفعيل أقصى رقابة من وزارة الصحة على مثل تلك الإعلانات هو المطلوب الآن لحماية المواطنين من الآثار الجانبية القاتلة لكثير من تلك المنتجات.