رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

خارجي

مصر تفتح «الملفات السوداء» لإثيوبيا أمام المجتمع الدولى

وضع الرئيس عبدالفتاح السيسى، المجتمع الدولى أمام مسئولياته تجاه قضية سد النهضة الإثيوبى، موضحا خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الثلاثاء الماضى، أن مصر قضت عشرة أعوام كاملة فى مفاوضات مضنية، مع أشقائنا فى السودان وإثيوبيا للتوصل إلى اتفاق بشأن طريقة ملء وتشغيل السد، بما يسمح بتحقيق التنمية للشعب الإثيوبى الشقيق ويحافظ على حقوق مصر التاريخية فى مياه النيل، إلا أن المفاوضات لم تسفر عن النتائج المرجوة منها.

وأوضح الدكتور أيمن شبانة أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، أن إثيوبيا أخلت باتفاق إعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا فى الخرطوم مارس 2015 والذى نص على عدم البدء فى ملء خزان السد قبل التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث وقامت خلال شهر أغسطس الماضى بالملء الأول دون موافقة مصر والسودان.

أضاف لـ"الزمان" أن مصر أدخلت البنك الدولى والولايات المتحدة الأمريكية كوسطاء بين الدول الثلاث، حيث جرت سلسلة من المفاوضات فى العاصمة الأمريكية واشنطن، انتهت بتقدم الوسطاء بمشروع اتفاق نهاية فبراير الماضى وافقت عليه مصر ورفضت كلا من إثيوبيا والسودان التوقيع عليه.

وقال شبانه إن مصر تقدمت بمذكرة تفاهم إلى مجلس الأمن فقام بنقل الملف إلى الاتحاد الأفريقى، وعندما لم تجدى المحاولات الأولى تقدمت بشكوى إلى مجلس الأمن والى الاتحاد الأفريقى، كما تقدمت السودان هى الأخرى بشكوى مماثلة، ومع هذا استمرت الدولتان فى المفاوضات التى لم تسفر عن شىء، وهذا أقصى ما يمكن أن تقدمه مصر.

أكد أستاذ السياسة الدولية، أن الكرة الآن أصبحت فى ملعب المجتمع الدولى الذى أصبح مطالبا بممارسة ضغوط أكثر إيجابية على إثيوبيا، مشيرا إلى فرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على إثيوبيا بوقف بعض المساعدات إلا أنها لم تؤت بنتائج واضحة، وأصبح الاتحاد الأوروبى مطالبا هو الآخر بفرض عقوبات مماثلة للضغط عليها.

أشار الدكتور شبانة إلى أن الفيضانات التى تعرضت لها السودان هذا العام وأدت إلى تدمير عشرات الآلاف من المنازل وتشريد نحو نصف مليون مواطن، ووفاة أكثر من 103أشخاص، تؤكد المخاوف من خطورة الاستمرار فى بناء السد قبل التوصل لتفاهمات حول طريقة تشغيله.

وقال الخبير السياسى، إن انهيار سد النهضة سيصيب السودان بإعصار مثل "تسونامى" يدمر كل شىء يقابله، مشيرا إلى تصريحات الرئيس بأن نهر النيل ليس حكرا لطرف ومياهه بالنسبة لمصر ضرورة للبقاء دون انتقاص من حقوق الأشقاء، مؤكدا خطورة هذه القضية على الأمن والسلم الدوليين، وأهمية استمرار المفاوضات إلى ما لا نهاية بهدف فرض الأمر الواقع على الشعبين المصرى والسودانى، مما يحمل معه تحذيرا واضحا من وصول المفاوضات إلى طريق مسدود.

من جانبه قال الدكتور عدلى سعداوى عميد معهد بحوث حوض النيل يجامعة الفيوم إن المرحلة الأولى من ملء بحيرة السد وقدرها 4.9 مليار متر مكعب قد انتهت خلال شهر أغسطس، ولا زال أمامنا وقت حتى أغسطس القادم لملء المرحلة الثانية، يجب استثماره فى تقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث.

وقال إن هناك محاولات دبلوماسية تتم بهدوء على أمل التوصل إلى حل تبذلها العديد من دول العالم وفى مقدمتها الصين، وعلى الشعوب أن تعطى الفرصة الكاملة لهذه المحاولات بعيدا عن الصخب الإعلامى، مؤكدا تفهم العالم لحقوق مصر التاريخية فى مياه النيل.

فى سياق متصل أكد السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية المصرى الأسبق للشئون الأفريقية، أن أديس أبابا ضغطت باتجاه اللجوء إلى الاتحاد الأفريقى بهدف تعطيل المفاوضات، ثقة منها فى عدم التوصل إلى اتفاق.

أضاف حليمة، أن مصر أقدمت على تلك الخطوة كى تؤكد للعالم أجمع مساعيها للحل السياسى فى كل اتجاه، لكن إذا حاولت إثيوبيا الإضرار بالمصالح المصرية، فإن للإدارة المصرية بدائل عدة، مؤكدا أن إثيوبيا تنتظر نهاية فيضان النيل مطلع أكتوبر، لاستكمال عملية البناء قبل التوصل إلى اتفاق، يلزمها بتجنب الإضرار بمصر والسودان.

شدد حليمة، على ضرورة تعديل طريقة التفاوض، بعد أن أصبحت الطريقة الحالية غير ذات جدوى على أن يتضمن التعديل إعطاء المراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى والبنك الدولى دوراً أكبر كى يصبحوا وسطاء تحت مظلة الاتحاد الأفريقى، لتقريب وجهات النظر.

وتابع مساعد الوزير الأسبق، أن استمرار تعنت إثيوبيا سيدعو مصر والسودان إلى اللجوء إلى مجلس الأمن مرة أخرى لتحديد قواعد التشغيل والملء والتوقيع على وثيقة ملزمة للجميع، مشيرا إلى أن مصر تملك تفاؤلا حذرا قبل إصدار الاتحاد الأفريقى رأيه فى الأزمة.

وأكد أبوحليمة بأنه على الأطراف المراقبة كالاتحاد الأوروبى والبنك الدولى والولايات المتحدة والاتحاد الأفريقى وكافة المراقبين القيام بدور مؤثر لتحويل الأمور إلى شكلها الصحيح بممارسة الضغوط على إثيوبيا، مشددا على أن مصر قد تلجأ لحق الدفاع الشرعى عن نفسها حتى من خلال مجلس الأمن والأمم المتحدة.