رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

خارجي

مفاوضات لترسيم الحدود البحرية بين بيروت وتل أبيب

يعانى لبنان، منذ أكثر من سنة، من أزمة سياسية واقتصادية خانقة، مع ارتفاع كبير فى سعر صرف الدولار فى السوق السوداء، وانقطاعه عند المصارف والصرافين، بالإضافة إلى فشل تشكيل حكومة تنتشل البلاد من الانهيار.

وبجانب الأزمة الداخلية، يخوض لبنان، خارجيا نزاعا طال أمده أكثر من 30 عامًا، مع إسرائيل، جوهره 964 كلم مربعا فى المياه الإقليمية و13 نقطة برية، وخاصة نقطة تعرف بالمنطقة رقم «9» الغنية بالنفط والغاز، وبعد سنوات من الوساطة الأمريكية، أجريت مفاوضات مباشرة بين شخصيات دبلوماسية من إسرائيل ولبنان بقضية سياسية.

مفاوضات مشتركة

وانعقدت الجولة الأولى من مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان، والتى سرعها احتمال احتواء الرقعة المتنازع عليها على نفط أو غاز، بمشاركة وفدين فى مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة لحفظ السلام فى لبنان «اليونيفيل»، جنوبى البلاد، حسبما أوردت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام.

وعقب انتهاء الجولة، أكدت عدة مصادر للوكالة اللبنانية، انعقاد جولة ثانية من المفاوضات بين البلدين فى 28 أكتوبر الجارى.

كما كشفت الوكالة، أن الوفد اللبنانى، ضم 4 أعضاء عسكريين ومدنيين، هم العميد بسام ياسين والعقيد الركن مازن بصبوص، والخبير التقنى نجيب مسيحى، وعضو هيئة قطاع البترول، وسام شباط، وفى المقابل، يضم الوفد الإسرائيلى، 6 أعضاء بينهم المدير العام لوزارة الطاقة، أودى أديرى، والمستشار الدبلوماسى لرئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، رؤوبين عازر، ورئيس دائرة الشئون الاستراتيجية فى جيش الاحتلال.

وأكدت الوكالة اللبنانية، أن الحكومة اللبنانية، اعترضت على آلية تعيين وفد التفاوض التقنى على ترسيم الحدود الجنوبية مع إسرائيل، من قبل الرئاسة اللبنانية، فيما أعلنت الخارجية الأمريكية، مشاركتها بمبعوث ووسيط فى المفاوضات.

وبدوره، أفاد الرئيس اللبنانى، ميشال عون، خلال بيان صدر عشية انطلاق الجولة الأولى من المفاوضات، خلال ترأسه اجتماعًا مع وزيرة الدفاع، زينة عكر، وقائد الجيش جوزيف عون، وأعضاء الفريق التفاوضى: «بأن مفاوضات بلاده مع إسرائيل، تقنية وقاصرة فقط على ترسيم الحدود البحرية، برعاية الأمم المتحدة ووساطة الولايات المتحدة لتسهيل عملية التفاوض».

كما أوصى عون، وفد بلاده: «بالتمسك بالحقوق اللبنانية، المعترف بها دوليا والدفاع عنها»، معربا عن أمله فى التوصل إلى حل منصف يحمى الحقوق السيادية للشعب اللبنانى.

وفى ذات السياق، التقى الرئيس اللبنانى، المنسق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة فى لبنان، يان كوبيتش، لاستعراض موقف بلاده بشأن ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع إسرائيل.

وفى إسرائيل، صرح وزير الطاقة الإسرائيلى، وفال شطاينتس، خلال مؤتمر صحفى: «بأن الأمر مهم لإسرائيل، لكنه أيضاً حاسم بالنسبة للجانب اللبنانى»، لافتا: «إلى أن المفاوضات قد تحتاج بضعة أشهر فقط إذا لم يكن هناك عوائق».

وأضاف شطاينتس، قائلا: «هدفنا أن نحل النزاع حول ترسيم الخط البحرى»، مشددا:«لا أوهام لدينا، ليس هدفنا أن نخلق نوعاً من التطبيع أو عملية سلام».

وفى غضون ذلك، ذكر موقع «واللا» العبرى، أن تل أبيب، مستعدة لتقديم تنازلات ومنح لبنان، مساحة أوسع بالمنطقة المتنازع عليها - دون الكشف عن حقيقة وجوهر هذه التنازلات - وذلك بغرض التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود بأسرع وقت ممكن.

وكشف الموقع الإسرائيلى، أن الخلاف بين إسرائيل ولبنان، حول ترسيم الحدود، لا يتمحور حول المياه الإقليمية للبلدين، وإنما أساس الخلاف يتعلق بقضية المياه الاقتصادية، وهى المنطقة التى يحق فيها لكل دولة استخدام الموارد الطبيعة، وبضمنها التنقيب عن الغاز والنفط واستخراج الطاقة والموارد الطبيعية والبحرية.

وقبيل انطلاق المفاوضات، أعلن الجيش اللبنانى، خلال بيان صدر عنه: «بأن زورقًا حربيًا تابعًا للعدو الإسرائيلى، خرق بتاريخ 12 أكتوبر 2020، المياه الإقليمية اللبنانية مقابل رأس الناقورة، لمسافة أقصاها حوالى 333 مترا، حيث قام عناصره بإطلاق النار على صيادين لبنانيين، فى البقعة البحرية المذكورة».

وأكد البيان، أنه تتم متابعة موضوع الخرق بالتنسيق مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة فى لبنان.

ويُذكر أن كلا من لبنان وإسرائيل، كانا قد طالبا ببحث ملكية حقول الغاز فى المياه الاقتصادية بالمتوسط، حيث تشير التقديرات بوجود مخزون غاز طبيعى بهذه المنطقة تقدر قيمتها مليارات الدولارات، حيث حال الخلاف بين البلدين من استمرار شركات الطاقة الدولية عن التنقيب عن الغاز بالمنطقة.

كارثة الفقر

وفى الداخل اللبنانى، أعلن مصرف لبنان، أنه سيباشر تقليص الدعم المالى للسلع حتى إلغائه، ما لم يتم إيجاد حلول أخرى نظرا لنقص احتياط البلاد من النقد الأجنبى.

وأفادت مصادر لوكالة «رويترز»، بأن الاحتياطى المتبقى من النقد الأجنبى يبلغ 1.8 مليار دولار، يمكن إتاحته لدعم واردات غذائية أساسية وواردات أخرى، لكنه قد يحتفظ بالاحتياطى لنحو 6 أشهر أخرى عبر إلغاء دعم بعض السلع.

ومن جهتهم، قام مواطنون لبنانيون، وهيئات نقابية باعتصامات فى مختلف المناطق اللبنانية، رفضاً لرفع الدعم، واحتجاجا على الواقع الاقتصادى والمعيشى المتردى.

وجاءت الاعتصامات فى مختلف المناطق اللبنانية، تلبية لدعوة الاتحاد العمالى العام للتحرك فى «يوم الغضب التحذيرى» رفضاً لرفع الدعم، ووسط تدابير اتخذتها عناصر القوى الأمنية، وفقا لوكالة الأنباء اللبنانية.

وبدوره، جدد رئيس حكومة تسيير الأعمال، حسان دياب، رفضه إلغاء الدعم والتركيز على ترشيده للمواد الغذائية والدواء والقمح والمحروقات، حسبما ورد فى موقع رئاسة مجلس الوزراء اللبنانية.

ويجدر الإشارة إلى أن صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، قد حذرت من أن لبنان يواجه خطر "كارثة الفقر" الشتاء المقبل، بعدما بات رفع الدعم مسألة وقت، إثر فقدان "المصرف المركزى" قدرته على تمويل الدواء والمحروقات والقمح، مع بلوغ احتياطى العملات الأجنبية مرحلة حرجة.

أزمة تشكيل حكومة

وقبيل موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس جديد للحكومة المقررة، أعلن رئيس الوزراء اللبنانى السابق، سعد الحريرى، أنه مرشح محتمل لرئاسة حكومة جديدة لوقف الانهيار الاقتصادى فى لبنان، بعد الانفجار الهائل فى ميناء بيروت، وفقا لقناة «إم تى فى» اللبنانية.

وأكد الحريرى، قائلا: «أنا مستعد للقيام بجولة من الاتصالات السياسية خلال هذا الأسبوع إذا كان كل الفرقاء السياسيين ما زالوا متفقين على البرنامج»، فى إشار إلى البرنامج الذى تمت مناقشته مع ماكرون.

كما شدد الحريرى، على أن المبادرة الفرنسية، هى الفرصة الاخيرة لوقف الانهيار وإعادة إعمار بيروت.

ومن المنتظر أن يجرى عون، نهاية هذا الأسبوع مشاورات نيابية لتكليف رئيس وزراء جديد.

والجدير بالذكر أن حكومة الحريرى، كانت قد استقالت تحت ضغط الشارع فى الخريف الماضى، بعد اندلاع احتجاجات حاشدة للمطالبة بإصلاح طبقة سياسية متهمة بالفساد وعدم الكفاءة.

كما استقالت الحكومة التى أعقبتها وترأسها حسان دياب، بعد الانفجار الضخم فى مرفأ بيروت.