في ذكرى إصداره.. مركز الأزهر ينشر «جدد حياتك» للإمام الغزالي

أعاد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية نشر كتاب "جدد حياتك" لفضيلة الشيخ محمد الغزالي، وذلك في إطار مشروعه التثقيفي للأمة الإسلامية وشباب الوطن.
بدأت حكاية كتاب «جدد حياتك» عندما قرأ «الغزالي» كتابَ المؤلِّف الأمريكي «ديل كارنيجي» الذي كان يحمل عنوان: «دع القلق وابدأ الحياة»، فعزم فور الانتهاء من قراءته على أن يردَّ دروس الكتاب ومعانيه إلى أصولها الإسلامية؛ لا لنقل الكاتب الأمريكي شيئًا عن الإسلام في كتابه؛ وإنما لاتفاق ما توصل إليه -من وجوه لا حصر لها- مع نصوص الوحي الشريف قرانًا وسنة؛ سيَّما وأنَّ ما توصَّل إليه من خلاصات كان بعد استقراء واسع لأقوال الفلاسفة، والمربين، وأحوال الخاصَة، والعامة.
كما اشترط الكاتب على نفسه -وفق تعبيره- أن يكون الكتاب مقارنة بين تعاليم الإسلام كما وصلت إلينا، وبين أصدق وأنظف ما وصلت إليه حضارة الغرب في أدب النفس والسلوك، يرى القارئ خلالها معالم التوافق بين وحي التّجربة ووحي السماء. جدير بالذكر أن الإمام الغزالي، ولد في قرية: نكلا العنب - مركز إيتاي البارود - محافظة البحيرة.
سمّاه والده «بالغزالي»؛ تيمُّنًا بالإمام العَلَم أبي حامد الغزالي رحمه الله تعالى، وقام على رعايته منذ صغره؛ فأرسله -كعادة الناس في ذلك الوقت- إلى كُتّاب القريةِ؛ فأتمَّ حفظ القرآن في سنٍّ مُبكِّرةٍ.
التحق الغزالي بعد ذلك بمعهد الإسكندرية الأزهري، ثم بكلية أصول الدين بالقاهرة؛ ليتخرج عام (1941م)؛ مُتخصّصًا في الدّعوة، والإرشاد الدّيني، ثم حاصلًا منها على درجة العالمية.
كما تلَقَّى العِلمَ على يد عدد من علماء الأزهر الشريف أمثال: (فضيلة الشيخ عبد العظيم الزُرْقاني، وفضيلة الشيخ محمود شلتوت، وفضيلة الشيخ محمد أبو زهرة، وفضيلة الدكتور محمد يوسف موسى)، وغيرهم؛ ممن كان لهم بالغ الأثر في تكوين شخصيته، وصقل ملكاته ومواهبه.
بدأ الشيخ الغزالي عمله إمامًا وخطيبًا بمسجد العتبة الخضراء بالقاهرة، ثمّ تدرّج في الوظائف حتى صار مُفتشًا، ثمّ وكيلًا لقسم المساجد، ثمّ مديرًا للمساجد، ثمّ مديرًا للتدريب، فمديرًا للدَّعوة والإرشاد.
وفي عام (1981م) عُيِّن الشيخ وكيلًا لوزارة الأوقاف المصرية.
وقد أُعِيرَ الشيخُ للتدريس في جامعة أم القرى بمكّة المكرّمة، كما درَّس في كلية الشريعة بقطر، وجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بالجزائر، التي تولى بها رئاسة المجلس العلمي للجامعة مدة خمس سنوات، وكانت آخر مناصبه.
عاش الغزالي حياته حاملًا على عاتقه همومَ وطنه وأمته، ومؤدِّيًا حقَّ دينِه ودعوته؛ تاركًا تراثًا علميًّا ومعرفيًّا ضخمًا بين مقروءٍ ومسموعٍ، تربو مؤلفات الشيخ فيه على خمسين مُؤلَّف.
تميزت كتابات الشيخ بحسن العرض، ودقة العبارة، وأدبية الأسلوب، وبراعة الاستدلال، وقوة الحجة، وصدق اللهجة، سواء في هذا نصحه، ووعظه، ومحاورته، ومناظرته.
وكان من أبرّ الدّعاة المدافعين عن اللغة العربية، المناهضين للفكر المتطرف، والموقِّرين لأصحاب العلوم والمعارف وإن خالفهم الرأي.
توُفِّي الشيخ محمد الغزالي رحمه الله عام (1996م) في المملكة العربية السعودية أثناء مشاركته في مهرجان الجنادرية الثقافي حول موضوع: الإسلام وتحديات العصر، ودُفِنَ بالبقيع في مدينة سيِّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم.