رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

3 سيناريوهات للصراع المسلح بين إقليم التيجراى وآبى أحمد

بدأ المبعوث الأمريكى الخاص للقرن الأفريقى "جيفرى فيلتمان" زيارته إلى كل من دول جيبوتى وإثيوبيا والإمارات يوم الأحد الماضى وتستمر جولته بالمنطقة حتى يوم 24 أغسطس الجارى، بهدف مناقشة تعزيز السلام والاستقرار فى القرن الأفريقى، فيما قال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومى الأمريكى إن الرئيس جو بايدن طلب من مبعوثه الخاص الذهاب إلى إثيوبيا للحث على وقف القتال.

وتزامنت الزيارة مع المزيد من التصعيد والمواجهات العسكرية بين الجيش الحكومى والجبهة الشعبية لتحرير تيجراى التى أحرزت قواتها تقدما ملموسا فى إقليم أمهرة ومحيطها فى مساعى منها للتوجه نحو العاصمة أديس أبابا من جهة الجنوب، إضافة إلى إعلانها رسميا عن تحالف عسكرى بينها وبين جماعة جبهة تحرير إقليم "أورمو" بقيادة "كومسا ديريبا"، والتى صنفتها الحكومة الإثيوبية برئاسة آبى أحمد على أنها جماعة إرهابية".

وأعلن ديربيا أنهم يتعاونان لمواجهة نفس العدو، خاصة فى المجال العسكرى، وأن المحادثات جارية بشأن تحالف سياسى أيضا، كما أكد على أن هناك مجموعات أخرى فى إثيوبيا منخرطة فى مناقشات مماثلة، لتكوين تحالف كبير لإسقاط نظام آبى أحمد".

وإثر هذا التطور، سارع آبى أحمد بإصدار بيان أعلن فيه "إلغاء وقف إطلاق النار الأحادى الجانب، وإعلان التعبئة العامة موجها الدعوة للمواطنين المدنيين للتجنيد والانضمام للجيش لدحر جبهة التيجراى وداعميها الإقليميين والدوليين مؤكدا أن جبهة التيجراى تسعى إلى تدمير إثيوبيا بمساعدة العديد من القوى المحلية والأجنبية.

وقال اللواء سامح أبوهشيمة المحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية، إن هناك ثلاثة سيناريوهات للأزمة الأول تدخل دول الجوار الأفريقى، خاصة كينيا وإريتريا للتوسط بين الطرفين لوقف الصراع المسلح بين الطرفين.

أضاف لـ"الزمان" أن السيناريو الثانى أن يقدم آبى أحمد تنازلات لخصومة بالتنسيق مع وسطاء أفارقة لوقف نزيف الدماء، وأن السيناريو الثالث تصاعد حدة المواجهات بين الأطراف المختلفة بصورة تؤدى فى النهاية إلى قيام حرب أهلية.

وحول تأثير تلك المواجهات على أزمة سد النهضة لفت اللواء أبوهشيمة إلى تدخل عدة دول إقليمية ودولية فى الأزمة على رأسهم "إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا وتركيا".

أوضح الخبير العسكرى أن الصين لديها مصالح اقتصادية مع إثيوبيا، وكانت تسعى لإنشاء خط سكة حديد بين ميناء جيبوتى على البحر الأحمر والعاصمة "أديس أبابا" باعتبار أن إثيوبيا دولة حبيسة لا تطل على مجرى بحرى، ولديها قاعدة عسكرية فى جيبوتى ولكنها تسعى فى نفس الوقت للحفاظ على علاقتها مع مصر.

وقال المحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية إن لدى تركيا مصالح اقتصادية مباشرة مع إثيوبيا والسودان، وتسعى إلى المصالحة مع مصر، دون أى تدخلات عسكرية فى دول الجوار مع مصر وخاصة ليبيا، مؤكدا أن ملف سد النهضة مجمد باستثناء الحفاظ على حصة مصر من مياه النيل، وهذا هو سر تصريح الرئيس السيسى للمصريين لا تقلقوا من أزمة سد النهضة، متوقعا ألا تزيد قدرات السد عما وصلت إليه.

من جانبه قال الدكتور أشرف مؤنس مدير مركز بحوث دراسات الشرق الأوسط بجامعة عين شمس أن إقليم التيجراى يضم نحو 4.5 مليون نسمة، وكان مسيطرا على مقاليد السلطة حتى عام 2018 عندما وصل آبى أحمد للسلطة، فيما يقدر تعداد سكان الأورومو الذين تحالفوا معهم بنحو 26 مليون نسمة، بينما يقدر تعداد سكان إثيوبيا بنحو 120 مليون نسمة.

أضاف الخبير الاستراتيجى أن كل إقليم منهم يسعى للحصول على الحكم الذاتى له بعيدا عن الحكومة الفيدرالية، غير أنه أكد على وجود تحالف بين مجموعات عرقية أخرى مثل إقليم أوجادين الذين يقدر تعدادهم بنحو 4.5 مليون نسمة ويطالبون بالانفصال عن إثيوبيا، وكذا سكان إقليم بنى شنقول المقام عليه السد والمقدر تعدادهم بنحو 600 ألف نسمة.

وحول السيناريو المحتمل فى التعامل مع سد النهضة حال وصول المعارضة للسلطة أوضح مدير مركز بحوث الشرق الأوسط، أن مصر لا تعارض إنشاء السد، ولكنها تطالب بمد فترة ملء بحيرة السد من 3 إلى 7 سنوات، وأن يكون هناك اتفاقا ملزما ينظم عملية إدارة وتشغيل السد حتى لا تتعرض مصر والسودان لأزمة مياه خصوصا فى سنوات الجفاف الطويلة.

أِشار الدكتور مؤنس إلى أهمية وجود خبراء من الدول الثلاثة لمتابعة إدارة وتشغيل السد، لافتا إلى وجود تدخلات أجنبية واضحة حيث فوجئت مصر بروسيا فى مجلس الأمن تطالبها بعدم استخدام القوة، وحل المشكلة عن طريق الاتحاد الأفريقى الذى فشل فى حل الأزمة على مدى عشرة أعوام، كما لا توجد إرادة صادقة لدى الاتحاد الأفريقى لحل الأزمة بدليل أنه لم يقدم حلا للأزمة خلال رئاسة دولتى جنوب أفريقيا والكونغو الديمقراطية للاتحاد.

توقع مدير مركز بحوث الشرق الأوسط أن تنهك الصراعات الداخلية الحكومة المركزية فى إثيوبيا وتجبرها على العودة الجادة للتفاوض الجاد، لافتا إلى ربط المصلحة المائية بين الحكومتين المصرية والسودانية، والتنسيق بين مواقفهم فى المحافل الدولية للتوصل لحل ملزم للجانب الإثيوبى.

فى سياق متصل أكد الدكتور عدلى سعداوى العميد السابق لمعهد البحوث والدراسات الاستراتيجية لحوض النيل بجامعة الفيوم، أن أبى أحمد تعامل بعنف شديد مع سكان التيجراى، وصل إلى حد اغتصاب النساء والأطفال، واستخدم الطائرات لقهر سكان الإقليم مما خلق نوعا من الثأر بين سكان الإقليم والحكومة المركزية.

أضاف الخبير الاستراتيجى أن عددا كبيرا من ضباط الجيش خلعوا ملابسهم وسلموا أنفسهم للأقليات التى ينتمون إليها، أو إلى السودان وبذلك خسر الدعم الدولى الذى تمتع به منذ حصوله على جائزة نوبل للسلام.

لفت الدكتور سعداوى إلى وجود تدخل أمريكى قوى لحل الأزمة وفى حالة فشل جهود الوسيط الأمريكى "فيلتمان" فإن البديل قيام حرب أهلية شاملة، ستؤدى حتما إلى تصدع الدولة الإثيوبية، بل وستقتل فرص جذب استثمارات أجنبية، وستعيد إثيوبيا إلى عصر مانجستو هيلاماريام خلال حقبة الثمانينيات من القرن الماضى عندما كانت واحدة من أفقر عشر دول فى العالم.