رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

انتعاش سوق زيت الطعام المستعمل

انتشرت خلال الأيام القليلة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعى إعلانات شراء زيت الطعام المستعمل حيث تم تسعيره بـ٧ جنيهات للكيلو، وذلك بعد زيادة سعر الزيت، وأصبح الشغل الشاغل عند الكثير من المواطنين بسبب الزيادة التى قررتها وزارة التموين والتجارة الداخلية التى تقدر بـ٤ جنيهات على السعر الأصلى، مما أدى إلى زيادة ترويج بيع الزيت المستعمل، وأيضاً من خلال الباعة الجائلين المتخصصين فى بيع الزيوت، وادعى هؤلاء أن الهدف من تجميع الزيوت المستعملة هو المحافظة على البيئة وإعادة تدويرها مرة أخرى واستخدامها فى صناعة الصابون والوقود الحيوى، ولكن الهدف الحقيقى هو إعادة تدوير الزيوت واستخدامها مرة أخرى فى مطاعم الوجبات الجاهزة، وتشن وزارة التموين ومباحث الشرطة العديد من الحملات على مصانع بير السلم والتى تقوم بإعادة تكريرها لطرحها بالأسواق، وتكون جميعها مجهولة المصدر وغير صالحة للاستخدام الآدمى.

وتوصلت "الزمان" مع إحدى صفحات بيع الزيوت المستعملة، وكانت البداية عند السؤال عن سعر اللتر، فأجاب نشترى زيت الطعام بـ٧ جنيهات للتر الواحد، وطلب معرفه المحافظة والمنطقة، وأخبرنى بأنه سيجعل إحد مندوبى المنطقة يتواصل معى لتحديد ميعاد الاستلام الزيت، وسألتنى بالفعل عن الكمية الموجودة لدى، لكى يحضر المندوب إلى عنوان المنزل لاستلام الزيت المستعمل.

ولكن السؤال هنا هل يصل هذا النوع من الزيوت إلى أصحاب المطاعم الوجبات السريعة والشعبية بعد غلاء سعر الزيت خاصة أنهم يستهلكون كمية كبيرة بشكل يومى.

قال م. ع، عامل بإحدى المطاعم الشعبية: إن الأسعار كل يوم فى زيادة والزبائن عاوزين سعر الفول والفلافل مش يزيد، ولا ينظرون إلى ارتفاع أسعار الزيت، ونشترى جركن الزيت ولا أعلم نوعه ومصدره يكون حوالى ٢٠ كيلو حتى نتمكن من ملء الإناء بالزيت الغزير، متابعاً: يتم تغيير الزيت كل صباح وأثناء اليوم تقل الكمية فأضيف إليها كمية أخرى أو عند تغير لونه لأغمق بنزود عليه زيت، والباقى يتم تصفيته من الشوائب ونضيف عليه زيت جديد فى اليوم التالى.

وقال سيد صالح، أحد بائعى الزيت المستعمل، إننى أشترى أى كمية من الزيت سواء كانت كبيرة أو صغيرة دون النظر إلى جودتها، متابعاً، كى أستفاد وست البيت تستفاد أيضاً بتبيع الزيوت بعد استخدامها نظير أموال، مؤكداً، أنه يتواصل مع بعض شركات الصابون والجلسرين لشرائه ويقوم ببيع الزيت لهم لكى تتم إعادة تدويره مرة أخرى فى أشياء مفيدة، لافتاً، إلى أن التجارة فى الزيت المستعمل مشروع مربح للغاية.

وأردف عبدالله محمد، بائع زيت مستعمل: بمر يومياً على بعض المناطق، مصطحباً جراكن وأقوم بشراء الزيت بسعر ٦ جنيهات للكيلو من ربات البيوت، وبيعه لمصانع الجلسرين والصابون لإعادة تدويره مرة أخرى، متابعاً، أن تجميع زيت الطعام المستخدم من المنازل، فكرة سهلة ولكن تحتاج إلى مجهود فى البحث بشكل مستمر ويومى، مضيفاً، أنا براعى ضميرى ولا يمكن أن أبيع الزيوت للمطاعم، ولكن هناك البعض يفعل ذلك ويكسب أكثر بكثير.

وفى سياق متصل، قال الدكتور محمد إبراهيم، استشارى أمراض الباطنة، إن إعادة تدوير زيت الطعام بعد استخدامه ليعاد تكريره مرة أخرى يمثل خطورة شديدة على الصحة، منها رفع نسبة الكوليسترول فى الدم وتكون الدهون الثلاثية التى تعمل على ارتفاع ضغط الدم وإنزيمات الكبد مما يؤدى إلى تصلب فى الشرايين وحدوث جلطات، وأمراض القلب وانسداد الشرايين وارتفاع ضغط الدم، وأمراض كلى والكبد، وأيضاً الإصابة بالسرطان وذلك بسبب وجود نتيجة الأكسدة الناتجة عن كثرة الاستخدام لعدة مرات، متابعاً، أن استخدام الزيت أكثر من مرة يزيد من فرص زيادة الخلايا السرطانية داخل الجسم ولا تظهر على الإنسان إلا بعد سنوات طويلة.

وأضاف استشارى أمراض الباطنة، أن سبب التغيرات الكيميائية التى تحدث به نتيجة تكسر روابطه أثناء الغليان ويتغير خصائصه من حيث اللون والطعم والرائحة، ويصبح غير صالح للاستخدام الآدمى مرة ثانية، مشيراً، إلى أن إعادة تدوير هذه الزيوت بعد إعادة تنقيتها من الشوائب، واستخدامها مرة أخرى فى المطاعم، تعد جريمة تستوجب المحاسبة والعقاب، مشدداً، على أهمية الدور الرقابى فى ضبط المخالفين للحفاظ على صحة العامة للمصريين، وضرورة زيادة وعى المواطنين بشأن خطورة شراء الزيوت من مصادر مجهولة أو الأكل من خارج المنزل لحماية صحة جميع أفراد الأسرة.

ومن جانبه، قال أيمن محفوظ، الخبير القانونى: أصبحنا نسمع طوال اليوم صوتا صادرا من بائع متجول من خلال ميكرفون جهير يعلن عن استعداده لشراء الزيوت المستعملة فتفرح بالصفقة فالزيوت المستعملة من وجهة نظرى هى نفايات، ولكن ستتحول إلى مبلغ مالى مهما صغر فتلك ستكون صفقة رابحة من وجهة نظرك، والأغلبية لن تسال عن مصير تلك الزيوت المستعملة بعد بيعها، والبعض يعلم أنها تستعمل فى صناعة الصابون والمنظفات، متابعاً: ولكن الواقع أغرب من الخيال فتلك الزيوت غير الصالحة للاستهلاك الآدمى تباع للمطاعم ليتم إعادة استخدامها مرة أخرى دون النظر لصحة المواطن ولكن الأخطر هو إعادة تنقية تلك الزيوت بمصانع بير السلم وبيعها مرة أخرى للمستهلك بأسعار أقل من أسعار الزيوت النقية وبالطبع المستهلك يفرح أنه حصل على زيت بسعر قليل نسبيا وهو لا يعلم أنه يشترى سموما لأسرته وتلك مسألة تتم عن جشع رهيب من المتهمين واستهتار بصحة المواطن نظير الحصول على أرباح خيالية من تلك التجارة الحرام.

وأضاف الخبير القانونى فى تصريحات لـ"الزمان": قد لاحظنا فى الآونة الأخيرة انتشار ظاهرة غش المواد الغذائية، وقد تؤدى إلى الوفاة وذلك من ضعفاء النفوس وغالباً ما يتم بيعها بأسعار أرخص من مثيلتها قليلاً لتشجيع المواطن الفقير أن يستهلك تلك الزيوت ويكون المتهمون واقعين تحت تأثيم التجريم مشيراً، إلى أن فى قانون الغش التجارى طبقا للقانون ٤١ لسنة ٤٨ بالمادة 2 (بالقانون 281 لسنة 1994): كل من صنع أو طرح أو عرض للبيع أو باع مواد مما يستعمل فى غش أغذية الإنسان، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تجاوز 40 ألف جنيه، وتعدم تلك المواد على نفقته، وفى حالة إصابة إحدى الضحايا من تلك السلع بالإصابة بعاهة مستديمة أو تسبب ذلك بالوفاة فتصل العقوبة إلى السجن المؤبد.

وأكد "محفوظ"، أننا قد طالبنا كثيرا بتشديد العقوبة لتصل إلى الإعدام فى مشروع قانون يصدر من البرلمان لتغليظ العقوبة ولكن للأسف مشاريع القوانين لم تظهر للنور حتى هذه اللحظة، لافتاً، إلى أنه لا بد من تقديم نصائح للمواطنين من خلال الصحافة والإعلام لتسهيل معرفة الفرق بأن لا يكون الشراء إلا من خلال الأماكن الموثوق بها مع تشديد الرقابة على كافة منافذ بيع الأغذية حتى نحاول سد أى ثغرة لتمرير تلك الزيوت المسرطنة إلى يد المستهلك.