إياكم وهواء الخريف

بعد قيظ فصل الصيف، يستقبل المواطنون فصل الخريف بالفرحة، فالخريف بجوه المعتدل فرصة للسهر فى الهواء الطلق، وربما النوم فيه أيضًا، وهو يوفر عليهم أعباء فاتورة الكهرباء الباهظة نتيجة إغلاق المراوح والمكيفات، لعدم الحاجة لها، فالشبابيك المفتوحة تسرب هواء جميلًا منعشًا.
وما يجب أن يتنبه إليه الناس فى غمار فرحتهم أن الخريف من أخطر فصول السنة على الصحة، فهواؤه يخل بالتوازن الداخلى للجسم وجهاز المناعة، عبر ما يدخله من طاقة سلبية تتسبب فى عديد من الأمراض، وأكثرها انتشارًا الحساسية وأمراض البرد والأنفلونزا "أو أنف العنزة كما كان أجدادنا القدامى يسمونها قبل أن يحرفها الأوروبيون إلى الاسم الحالى".
والخريف هو الفصل المفضل للأنفلونزا وأمراض البرد، ويساعد على انتشاره أن الأبناء – عادة – يعودون إلى فصول الدراسة المزدحمة، التى تكتظ بهم مما يساعد على نقل نزلات البرد من زكام وأنفلونزا والتهابات الحلق إليهم، ويكفى أن يسعل أو يعطس طالب مريض لتنتقل الفيروسات عبر الهواء غير المتجدد فى الفصول إلى زملائه، وهناك أيضًا مرض لا ننتبه إلى أسبابه، هى حساسية عث الغبار المنزلى، إذ أكدت الدراسات أن مستويات عث الغبار يمكن أن تزيد 2-3 مرات أواخر فصل الخريف، مقارنة مع مستويات الصيف نظرًا إلى ارتفاع نسبة الرطوبة 50٪، إضافة إلى نوع مرضى للكآبة مرتبط بفصلى الخريف والشتاء.
لذا ينصح بالابتعاد عن مصادر الغبار، وتغيير الوسائد والأغطية والملاءات المصنوعة من القطن أو الصوف والريش، وتناول الأعشاب المدرّة للبول والمليّنة للمعدة، فالأمعاء من آليات دفاع الجهاز المناعى، والحرص على نيل قسط كاف من النوم، فالنوم الصحى يجدد الخلايا ويمنحها المساحة الكافية لإنتاج المزيد من البروتين والكولاجين، وامتلاك جهاز مناعى قوى يهاجم الفيروس ويقضى عليه، كما يجب تجنب النوم فى الخلاء خلال فترة الخريف، تجنبًا للإصابة بأمراض الحساسية، فالخريف موسم حبوب لقاح النباتات البرية، والتى تتسبب فى ازدياد أعراض حساسية الصدر والأنف والعين من سعال وعطاس وضيق فى التنفس واحتقان فى الزور، وصداع وحكة فى العينين، وغير ذلك من أمراض الحساسية.
وخير علاج يمكن وصفه يتمثل فى ممارسة الرياضة من يوغا ومشى وسباحة، فممارسة النشاط الرياضى ولو لنصف ساعة يوميًا تنشط الجسم وتحفز الدورة الدموية، مما يساعد على التخلص من السموم، ويقوى آليات الجسم الدفاعية الطبيعية دون حاجة إلى دواء صناعى.
أعود لأحذر "إياكم وهواء الخريف"، وصدق الإمام على بن أبى طالب – رضى الله عنه – إذ يقول: "اجتنبوا البرد فى أوله، واستقبلوه فى آخره، فإنه يفعل بكم ما يفعل بالشجر".