رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

الشارع السودانى يرفض عروض الترضية

استمرت المظاهرات الرافضة للاتفاق الموقع بين الفريق عبدالفتاح البرهان رئيس المجلس السيادى، وعبدالله حمدوك رئيس مجلس الوزراء يوم 21 نوفمبر فى الشارع السودانى، واصفين إياه بأنه يرسخ لانقلاب 25 أكتوبر الماضى، فيما جدد البرهان حرصه على إنجاح الفترة الانتقالية للبلاد، مؤكدا دعمه الكامل لحمدوك فى تشكيل الحكومة الجديدة بحرية مطلقة.

وأكد البرهان عدم ترشحه على منصب الرئيس حتى لو دعى إلى ذلك، وانتهاء دوره بتسليم السلطة لرئيس مدنى منتخب، من جهته أشاد النائب الأول لرئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو "حميدتى"، عقب لقائه فولكر بيرتس مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، بالتعاون الكبير بين السودان والأمم المتحدة لترتيب المرحلة الانتقالية، مؤكدا أن الأوضاع تسير فى الاتجاه الصحيح من خلال الالتزام بتنفيذ الإعلان السياسى.

من جانبه قدم فولكر بيرتس تقريرا لمجلس الأمن الدولى عن الأوضاع فى السودان، مشيرا إلى أنه استمع إلى جميع الأطراف بما فى ذلك الشباب، داعيا إلى أهمية وضع أسس للانتقال السياسى، موضحا أنه ناقش خلال لقائه بحميدتى تطورات الأوضاع فى دارفور وشرق السودان، وأن الجهود مستمرة لتشكيل القوات المشتركة إلى جانب مواصلة المشاورات مع الأطراف لإيجاد حل لأزمة شرق السودان.

وأعلن رئيس الوزراء السودانى عبدالله حمدوك، عن خطوات لبناء ما يسمى بـ"تحالف شامل" يؤدى إلى إعلان سياسى لإعادة البلاد لمسار الانتقال، وذلك خلال لقائه مجموعة سفراء دول الاتحاد الأوروبى المعتمدين بالخرطوم، بعد ساعات من تقارير تحدثت عن إعلان سياسى جامع يجرى صياغته بتوجيه من رئيس الوزراء لاستئناف عملية الانتقال الديمقراطى فى البلاد.

وأشار بيان صحفى من البعثة الأوروبية بالخرطوم، إلى أن حمدوك أطلع السفراء على التطورات السياسية فى البلاد منذ ٢١ نوفمبر، كما أطلعهم على كل ما يتعلق ببناء تحالف شامل يؤدى إلى إعلان سياسى لإعادة البلاد إلى مسار الانتقال، مؤكدين دعمهم لانتقال السودان إلى الديمقراطية منذ بدأت الثورة السلمية فى شهر أكتوبر 2018.

وقال الدكتور محمد عبدالوهاب أستاذ التاريخ والعلاقات الدولية بجامعة عين شمس، إن الوضع الاقتصادى فى السودان متدهور بشدة ويعانى نسبة كبيرة من الشعب من الفقر المدقع، علما بأنها دولة غنية بمواردها الطبيعية وتعداد شعبها أقل من نصف سكان مصر، ومع ذلك لم تحسن الحكومات المتعاقبة استغلال تلك الثروات.

أوضح لـ"الزمان" أن المواطن السودانى يرى أن الوجوه السياسية ثابتة دون تغيير، رغم كونها لم تحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع لخفض نسبة الفقر الذى يعانى منه غالبية الشعب السودانى، لافتا إلى عدم توصل الحكومة برئاسة حمدوك إلى اتفاق نهائى بشأن سد النهضة.

وأضاف الخبير الاستراتيجى أن السودان تعرض لفيضانات مدمرة عامى 2020، 2021، أثناء التخزين الأول والثانى لبحيرة سد النهضة نتيجة عدم التنسيق بين إثيوبيا والسودان فى إدارة السدود، مما نتج عنه تدمير آلاف المنازل وتشريد مئات الألوف من السكان، وهو أمر مقلق للمواطن السودانى.

حذر الدكتور عبدالوهاب من احتمال حدوث تقسيم جديد للسودان حتى تستغل كل ولاية ثرواتها، وتحول الحكومة المركزية إلى حكومة فيدرالية، وهو ما يمثل خطورة على الأمن القومى لمصر، نظرا لأن مصر تريد حكومة مركزية حتى تستطيع التعامل معها فى القضايا المشتركة.

وأوضح الدكتور أحمد عبدالدايم أستاذ التاريخ بكلية الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، أن مظاهرات الشارع السودانى يقف وراءها مجموعة من الأحزاب السياسية، خاصة حزب "الأمة"، و"الاشتراكيين"، و"الحركة اليسارية"، التى كانت تلعب دورا كبيرا فى اختيار أسماء الوزراء وولاة الأقاليم، ويرون أن الاتفاق يقلص دورهم السياسى فى الشارع.

وأضاف الخبير الاستراتيجى أن هناك مجموعة من الشباب الذين لا ينتمون لأى حزب سياسى، ولكنهم كانوا شرارة الثورة الأولى عام 2018، ويرفضون أن يتولى الجيش ادارة شؤون البلاد، كما يرون أنه يجب إشراكهم فى إدارة شؤون البلاد، وسيهدأون إذا تم استيعابهم فى البرلمان الجديد، أو أسند إليهم بعض الوظائف السياسية.

أكد أستاذ التاريخ عودة الهدوء إلى الشارع السودانى بعد تشكيل الحكومة الجديدة بشرط تحقيقها نتائج ملموسة على أرض الواقع، لا سيما بعد إعلان البرهان رفض الجيش للسلطة وأنه حريص على تسليم السلطة لرئيس مدنى منتخب.

استبعد الدكتور عبدالدايم حدوث انقسام فى السودان فى هذه المرحلة، خاصة أن الحكومة لم تتخلَ عن الاتفاقيات الموقعة مع الحركات المسلحة، متوقعا أن تتحول مستقبلا لدولة فيدرالية، حيث تتحول إلى مجموعة من الأقاليم فى الغرب والشرق والوسط والشمال حيث يكون لكل إقليم حاكم ومجلس تشريعى مستقلين.