كيف رفع الجيش المصري جاهزيته في سيناء بعد تصريحات نتنياهو عن حلم إسرائيل الكبري؟

في ظل تصاعد التوتر بين القاهرة وتل أبيب إلى مستويات غير مسبوقة منذ توقيع معاهدة السلام عام 1979، كثف الجيش المصري نشاطه على مختلف الاتجاهات الاستراتيجية، في خطوة تعكس تعزيزًا للجاهزية الدفاعية وتصعيدًا في “رسائل الردع” الموجهة لأي تهديد محتمل للأمن القومي المصري.
وتأكيدًا على ذلك، وجه الفريق أول عبد المجيد صقر، القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربي، خلال لقائه مقاتلي القوات الخاصة في وحدات الصاعقة والمظلات، بضرورة الحفاظ على أعلى مستويات الكفاءة والاستعداد القتالي. يأتي هذا اللقاء ضمن سلسلة من الجولات الميدانية التي شملت الأسبوع الماضي قيادات ومقاتلي الجيش الثاني الميداني، بهدف رفع القدرات الدفاعية والعملياتية للقوات المسلحة.
تزامن هذا الحراك العسكري مع تصريحات مثيرة للجدل للواء خالد مجاور، محافظ شمال سيناء، الذي أكد في رده على سؤال حول احتمال اندلاع مواجهة مع إسرائيل: “أي شخص يفكر في الاقتراب من الحدود المصرية، فإن الرد المصري سيكون مفاجئًا للعالم بأسره”. وأضاف مجاور، مستندًا إلى خبرته العسكرية الطويلة التي امتدت لأكثر من 41 عامًا، والتي شغل خلالها منصبي قائد الجيش الثاني الميداني ورئيس الاستخبارات العسكرية: “هذا الكلام ليس انفعاليًا”.
وتأتي هذه التحركات في سياق سياسي متوتر، شهد استدعاء مصر لسفيرها لدى إسرائيل العام الماضي، وتأخيرًا في الموافقة على اعتماد السفير الإسرائيلي الجديد في القاهرة، أوري روثمان. كما يتزامن هذا النشاط مع تصعيد إسرائيلي في قطاع غزة، وإعلان حكومة بنيامين نتنياهو خطة لاحتلال مدينة غزة ومناطق أخرى بالقطاع.
وفي تحليل للعقيدة العسكرية المصرية، يرى اللواء الدكتور نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق وأستاذ العلوم الاستراتيجية، أن مصر تعتمد استراتيجية ردع ثابتة. وأوضح في تصريحات صحفية أن “مصر أمة غير معتدية، لكنها لا تقبل المساس بأي ذرة تراب من أرضها”. وأضاف: “هناك قاعدة عالمية مفادها: إن أردت أن تمنع الحرب، فعليك الاستعداد لها. وهذا ما يجسده موقف القيادة السياسية والعسكرية في مصر، ويعكس إجماع الشعب المصري بأسره”.
ويؤكد سالم أن تحقيق الردع الشامل يتطلب امتلاك قدرات تتجاوز القوة العسكرية لتشمل الجوانب السياسية، والدبلوماسية، والاقتصادية، بالإضافة إلى الموارد الحيوية مثل الزراعة، والثروة الحيوانية، وغيرها من مقومات الأمن القومي.
وفي الوقت ذاته، يرى خبراء الشؤون الإسرائيلية أن القاهرة تستعد لاحتمال مواجهة مع إسرائيل، خاصة في ظل وجود حكومة يمينية متطرفة. وفي هذا الإطار، اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي مع رئيس مجلس الوزراء وقيادات إعلامية، موجهًا بضرورة وضع خريطة طريق لتطوير الإعلام المصري، وتعزيز دوره في بناء الشخصية الوطنية ورفع وعي المواطنين. وفي تعليقه على ذلك، أشار أيمن عبد المجيد، رئيس تحرير جريدة “روز اليوسف”، إلى أن هذه التوجيهات تأتي في “مرحلة حساسة تتطلب منظومة إعلامية قادرة على مواجهة التحديات وتعزيز حصون الوعي”.
واختتم اللواء سالم تحليله بالتأكيد على أن “المصريين يدركون تمامًا حجم المخاطر المحيطة بوطنهم، وهناك حالة تعبئة داخلية استعدادًا لأي سيناريو محتمل. فالتحذيرات الموجهة لمن يفكر في الاقتراب من الحدود المصرية جادة ولا تحتمل التأويل”.