ويل سميث: الكتابة واحدة من أكثر التجارب التي غيّرت مجرى حياتي
التقى جمهور معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025 بالممثل الأمريكي ويل سميث في جلسة حوارية حملت عنوان "قوة السرد القصصي"، استعرض خلالها سميث رحلته الفنية، وفصولاً من حياته الشخصية، كاشفاً عن فلسفته في التمثيل والحياة، ومشاركاً بعض الدروس التي تعلمها من السرد الواقعي والخيالي خلال كتابته سيرته الذاتية Will، مؤكداً أهمية الصدق مع الذات ومساعدة الآخرين كسبيل حقيقي للسعادة والنجاح.
قال سميث خلال الجلسة: "الأشياء التي شاركتها مع العالم تمثل فقط حوالي 10% مما يحدث داخلياً. لم أكن شجاعاً بما يكفي لأقول إن لديّ أحلاماً ورؤى، لكنني الآن سأحاول إيجاد الشجاعة للتعبير الكامل عمّا يجري هنا في داخلي"، مؤكداً أهمية الحفاظ على الثقافة والخيال والغريزة الإنسانية للبحث عن المعنى من خلال الحكاية.
وتطرق سميث في حواره مع الإعلامي الإماراتي أنس بوخش، للحديث حول تطور المشهد الثقافي لمنطقة الشرق الأوسط والإمكانات الإبداعية الهائلة فيها، مشيراً إلى أنها واحدة من المناطق القليلة في العالم التي تمتلك إرثاً سردياً يمتد لآلاف السنين، والذي لم يُستثمر بعد على المستوى العالمي. وقدم سميث مقاربة لظهور السرد القصصي العالمي للأمريكيين من أصول إفريقية، مشدداً على أن الأفكار العالمية تتجاوز العرق واللون والثقافة.
وتناول سميث أهمية استمرار التواصل مع جماهير من كافة الأعمار ومواكبة تطلعاتهم واكتساب ثقتهم، مشيراً إلى أن ذلك لا يحدث مصادفة، بل بتناول تجارب يمر بها الجميع، وبالبحث عن الجزء من القصة الذي يفهمه الجميع والذي يُكتب بلغة عالمية لا تحتاج إلى ترجمة، وهي لغة السرد القصصي.
وأكد سميث أن السرد القصصي هو الجوهر الذي ينظم العقل ويشكل تجربتنا في الحياة، باعتباره ليس مجرد أداة للترفيه، بل طريقة طبيعية يعمل بها العقل لفهم العالم والتفاعل معه، موضحاً أن القصص، سواء كانت واقعية أو خيالية، تمنحنا القدرة على التعاطف، وتساعدنا على فهم تجارب الآخرين وتاريخهم، وتعلمنا كيفية مواجهة التحديات.
وأشار كذلك إلى أن التجربة الأدبية والسينمائية منذ الطفولة كانت حاسمة في تشكيل وعيه، حيث تركت أفلام مثل "حرب النجوم" انطباعاً عميقاً على مخيلته، وجعلته يدرك قدرة السرد على تحويل العقل والقلب، كما ربط سميث بين السرد الشعبي وفهم الثقافة الإنسانية، معتبراً أن القصص المشتركة عبر الثقافات هي الطريقة التي يتواصل بها البشر، ويعبرون عن مخاوفهم وطموحاتهم، ويعيدون صياغة خبراتهم الشخصية بطريقة تعليمية وعاطفية في آن واحد.
وتطرق سميث للحديث عن دور المعاناة والصعوبات في تشكيل الشخصية والنجاح، مؤكداً أن القصص القوية تعلمنا أن النمو الحقيقي لا يتحقق دون تحديات، قائلاً: "يجب على المرء أن يكون مستعداً للمعاناة مهما كلف الأمر لتحقيق حلمه، الصعوبات هي التي تصنع الشخص الذي نطمح أن نكونه".
وركز سميث على مسألة الصدق مع الذات كعنصر أساسي لفهم الآخرين وبناء التعاطف الحقيقي، موضحاً أن عملية سرد القصص الشخصية تمنح الإنسان فرصة لاكتشاف نفسه بعمق، قائلاً: "تأليفي لكتاب عن سيرتي الذاتية كانت واحدة من أكثر التجارب تحويلاً في حياتي، فقد جعلتني أعرف نفسي بصدق، وأواجه الفارق بين من أنا فعلاً وبين الصورة التي كنت أتصورها عن نفسي"، وأشار إلى أن عملية الكتابة ليست مجرد مراجعة للذكريات، بل وسيلة لفهم كيفية تأثير الأفكار والأوهام السابقة على حكمنا على الآخرين وعلاقاتنا معهم.
وشدد سميث على أن السعادة الحقيقية لا تأتي من المال أو الشهرة، بل من القدرة على استخدام المواهب والخبرات لمساعدة الآخرين وترك أثر إيجابي في حياتهم. قائلاً: "الشيء الوحيد الذي يسعدني حقاً هو معرفة أن موهبتي تساعد الآخرين"، موضحاً أن المكاسب المادية وحدها غير قادرة على منح الإنسان شعوراً بالرضا.
وأشار سميث أن الوقوف على المسرح والتفاعل الحي مع الجمهور يمنحه شعوراً لا يمنحه له أي شكل آخر من أشكال الترفيه التي يقدمها، لافتاً إلى أن الموسيقى أكثر هواية يحبها ويستمتع بها.
في ختام الجلسة تحدث سميث عن أهمية الانفصال عن وسائل التواصل الاجتماعي ولو قليلاً، قائلاً: "من الضروري جداً قضاء بعض الوقت بعيداً عن مواقع التواصل الاجتماعي في الطبيعة، أو في القراءة، لأن التعرض المستمر للمحتوى غير الهادف يُسمم العقل والفكر، ولكي تستهلكوا المحتوى من دون أن يؤثر ذلك عليكم لا بد من التمتع بالحكمة الحقيقية والتوقف عن المقارنات، عليكم أن تمنحوا أنفسكم مساحة حقيقية بعيداً عن الصور المزيفة والمعايير غير الواقعية"، مؤكداً أن هذا الانقطاع ليس مجرد وسيلة للحفاظ على الصحة النفسية، بل خطوة أساسية لفهم الذات بشكل أفضل.

