تفاصيل اليوم الأخير لقاضي الإسكندرية قبل الانتحار .. وإشادة زملاؤه بحسن خلقة
خيّم الحزن على الساحة القضائية في مصر، خاصة في محافظتي الإسكندرية وطنطا، بعد الإعلان عن وفاة أحد رجال القضاء، رئيس محكمة الجنح المستأنفة بالإسكندرية، داخل استراحة القضاة بمنطقة سموحة. حادثة مفجعة انتهت معها مسيرة قاضٍ معروف بخلقه الرفيع واتزانه، تاركة وراءها موجة من التساؤلات الحائرة حول ما جرى في الدقائق الأخيرة من حياته، وسط شهادات متطابقة تؤكد أنه لم يبدِ أي مؤشر على اضطراب أو أزمة نفسية.
وكان أقدم رئيس محكمة الجنح المستأنفة بالإسكندرية على الانتحار داخل استراحة القضاة في سموحة، عقب انتهاء يوم عمله بصورة طبيعية.
وتبين من المعاينة الأولية أنه أطلق النار على نفسه باستخدام سلاحه الشخصي، فيما انتقلت قوات الأمن والنيابة العامة إلى موقع الحادث لمباشرة التحقيقات واتخاذ الإجراءات القانونية.
وقد صرحت جهات التحقيق بدفن الجثمان بعد انتهاء تقرير الطب الشرعي، بينما لم تكشف التحقيقات حتى الآن عن دوافع الانتحار أو أي ملابسات تشير إلى وجود ضغوط أو تهديدات.
ورغم السماح بإجراءات الدفن، شددت النيابة العامة على أن التحقيقات لا تزال جارية، مؤكدة أن التفاصيل النهائية ستُعلن في بيان رسمي فور الانتهاء من مراجعة الأدلة الفنية، وما تتوصل إليه كاميرات المراقبة، إضافة إلى الاستماع إلى أقوال الشهود.
وجاء الحادث بعدما تلقى اللواء رشاد فاروق، مدير أمن الإسكندرية، إخطارًا من مأمور قسم شرطة سيدي جابر، يفيد بورود بلاغ إلى غرفة عمليات النجدة بشأن العثور على مستشار متوفَّى إثر إصابة نارية، يُرجَّح أنها جاءت نتيجة مروره بحالة نفسية سيئة وفقًا للبلاغ الأولي.
وعلى الفور، انتقلت قوات الشرطة وسيارة الإسعاف إلى موقع الحادث، حيث أظهرت المعاينة المبدئية وجود جثمان القاضي داخل الغرفة وقد فارق الحياة إثر عيار ناري تسبب في جرح دخول وخروج من مسافة قريبة. كما عُثر بجواره على سلاحه الشخصي، ما عزز فرضية إطلاق النار على النفس، في انتظار ما ستكشفه التحقيقات الفنية النهائية.
اليوم الأخير للقاضي الراحل
ووفق مصادر قضائية، بدأ الراحل يومه كأي يوم عادي؛ حيث ترأس الجلسات ووقّع على القضايا دون أن تظهر عليه أي علامات توتر أو قلق.
وبعد انتهاء الجلسات، توجه إلى الاستراحة، حيث أطلق على نفسه رصاصة من مسدسه الشخصي.
وتشير التحقيقات إلى أن العزل الصوتي للغرفة منع سماع صوت الطلقة، ولم يُكتشف الأمر إلا بعد تأخره في الخروج، ليعثر أحد الموظفين عليه جثةً داخل الغرفة.
حزن واسع على منصات التواصل
وامتلأت صفحات القضاة ووكلاء النيابة بمنشورات النعي، حيث أجمعوا على أن الراحل كان مثالًا للشرف والنزاهة وحسن الخلق والاتزان. واعتبر كثيرون رحيله خسارة كبيرة للهيئة القضائية.
لا تزال وفاة القاضي الراحل تحمل الكثير من علامات الاستفهام التي ينتظر الجميع إجاباتها من التحقيقات الجارية. وبينما يستعد الوسط القضائي في طنطا والإسكندرية لتشييع رجل عرفوه بأخلاقه وهدوئه، يبقى السؤال قائماً.. ماذا حدث في الدقائق الأخيرة داخل استراحة سموحة؟
ورغم غموض النهاية، يبقى ما أجمع عليه زملاؤه من أخلاقه وسمعته ومسيرته القضائية خير ما يُذكر بعد رحيله المؤلم.

