رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقال رئيس التحرير

يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬والعلامات‭ ‬الكبرى‭ ‬

نتابع‭ ‬الحديث‭ ‬حول‭ ‬العلامة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬علامات‭ ‬الساعة‭ ‬الكبرى‭, ‬والتى‭ ‬ستقع‭ ‬آخرها‭, ‬وهى‭ ‬خروج‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬وإفسادهم‭ ‬فى‭ ‬الأرض‭, ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فتحوا‭ ‬السد‭ ‬وفق‭ ‬إرادة‭ ‬الله‭ ‬ومشيئته‭.‬

‭ ‬ولقد‭ ‬حاولنا‭ ‬أن‭ ‬نكشف‭ ‬عن‭ ‬القصة‭ ‬ومكانتها‭ ‬وأثرها‭ ‬فى‭ ‬تشكيل‭ ‬الوجدان‭ ‬وتهذيب‭ ‬المشاعر‭ ‬وتقويم‭ ‬النفوس‭ ‬وإثراء‭ ‬الحياة‭ ‬بالنماذج‭ ‬الصالحة‭ ‬للاقتداء‭ ‬بها‭ ‬والانتفاع‭ ‬بسيرها‭ ‬وأخذ‭ ‬العبرة‭ ‬واستنباط‭ ‬الحكمة‭ ‬من‭ ‬ملابسات‭ ‬حياتها‭ ‬المختلفة‭, ‬هذا‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تذكير‭ ‬الناس‭ ‬بحجم‭ ‬المعاناة‭ ‬ومدى‭ ‬الجهد‭ ‬والمشقة‭ ‬التى‭ ‬بذلوها‭ ‬مما‭ ‬يقر‭ ‬الإيمان‭ ‬فى‭ ‬قلوبهم‭ ‬ويلهب‭ ‬مشاعرهم‭ ‬نحو‭ ‬امتثال‭ ‬طرقهم‭ ‬واتباع‭ ‬سبلهم‭ ‬والهناء‭ ‬بهديهم‭, ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬نسمع‭ ‬فى‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬قول‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬فبهداهم‭ ‬اقتده‮»‬‭. ‬

وفى‭ ‬المقابل‭ ‬نجد‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬فى‭ ‬كتابه‭ ‬يذكرنا‭ ‬بالطالحين‭ ‬من‭ ‬عباده‭, ‬وما‭ ‬آلت‭ ‬إليه‭ ‬أمورهم‭, ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬حتى‭ ‬نأخذ‭ ‬العبرة‭ ‬ونستوعب‭ ‬الدرس‭ ‬ونستفيد‭ ‬من‭ ‬أخطاء‭ ‬الآخرين‭.‬

‭ ‬ولقد‭ ‬كان‭ ‬لقصة‭ ‬ذى‭ ‬القرنين‭ ‬وعلاقته‭ ‬بيأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬من‭ ‬الفوائد‭ ‬والحكم‭, ‬وخاصة‭ ‬فى‭ ‬تجسيد‭ ‬الخلاف‭ ‬بين‭ ‬الشر‭ ‬والخير‭, ‬وأن‭ ‬الخير‭ ‬يحتاج‭ ‬فى‭ ‬تغلبه‭ ‬على‭ ‬الشر‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬وتخطيط‭ ‬وأخذ‭ ‬بالأسباب‭ ‬وشجاعة‭ ‬وقيادة‭ ‬واعية‭ ‬ورشيدة‭, ‬ولقد‭ ‬تحقق‭ ‬هذا‭ ‬كله‭ ‬فى‭ ‬النموذج‭ ‬الذى‭ ‬تكلمنا‭ ‬عنه‭, ‬وهو‭ ‬ذو‭ ‬القرنين‭ ‬الذى‭ ‬مكنه‭ ‬الله‭ ‬فى‭ ‬الأرض‭ ‬وأعطاه‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬الموصلة‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬الأرض‭ ‬وأبعد‭ ‬مكان‭ ‬للعمران‭, ‬هذا‭ ‬بالإضافة‭ ‬لقدرة‭ ‬نادرة‭ ‬على‭ ‬إحقاق‭ ‬الحق‭ ‬وإنكار‭ ‬المنكر‭ ‬ومحاسبة‭ ‬المقصر‭ ‬ومكافأة‭ ‬المحسن‭, ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الصفات‭ ‬أعانته‭ ‬على‭ ‬إتمام‭ ‬مهمته‭, ‬وإنجاز‭ ‬ما‭ ‬أعده‭ ‬الله‭ ‬له‭ ‬بثبات‭ ‬ونجاح‭ ‬بالغ‭, ‬فحجز‭ ‬شر‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬وإفسادهم‭ ‬عن‭ ‬العالم‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ ‬التى‭ ‬يريدها‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭.‬

صحيح‭ ‬أنهم‭ ‬حاولوا‭ ‬مرارًا‭ ‬وتكرارًا‭ ‬الخروج‭ ‬على‭ ‬أهل‭ ‬الأرض‭ ‬وإفساد‭ ‬معاشهم‭, ‬ولكنهم‭ ‬لم‭ ‬يستطيعوا‭ ‬أن‭ ‬يخترقوا‭ ‬هذا‭ ‬السد‭ ‬لشدته‭ ‬وقوته‭, ‬ولم‭ ‬يستطيعوا‭ ‬كذلك‭ ‬أن‭ ‬يتسلقوه‭ ‬فيعبروا‭ ‬من‭ ‬فوقه‭, ‬فسبحانه‭ ‬من‭ ‬شاءت‭ ‬إرادته‭ ‬أن‭ ‬يمنع‭ ‬شرهم‭ ‬عن‭ ‬الناس‭ ‬بهذا‭ ‬السد‭.‬

وقبل‭ ‬أن‭ ‬نتوسع‭ ‬فى‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬محاولات‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مخرج‭ ‬لتجاوز‭ ‬السد‭ ‬وإشباع‭ ‬رغبتهم‭ ‬فى‭ ‬التعدى‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭, ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نؤكد‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬هامة‭ ‬تتعلق‭ ‬بهم‭, ‬وهى‭ ‬هل‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬جنس‭ ‬البشر‭ ‬أم‭ ‬أنهم‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭????? ‬نقول‭: ‬إنهم‭ ‬بشر‭ ‬من‭ ‬نسل‭ ‬آدم‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭, ‬وأنهم‭ ‬كانوا‭ ‬فى‭ ‬زمن‭ ‬إبراهيم‭ ‬الخليل‭, ‬ولنذكر‭ ‬بداية‭ ‬الأحاديث‭ ‬التى‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬البشر‭, ‬وأنهم‭ ‬من‭ ‬نسل‭ ‬آدم‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭, ‬وعلى‭ ‬الأخص‭ ‬من‭ ‬نسل‭ ‬نوح‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬من‭ ‬بعده‭, ‬لهلاك‭ ‬البشر‭ ‬فى‭ ‬عهد‭ ‬نوح‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭, ‬فلم‭ ‬يبق‭ ‬أحد‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬ذريته‭ .‬

فهم‭ ‬بشر‭ ‬كبقية‭ ‬البشر‭ ‬فى‭ ‬أشكالهم‭ ‬وصفاتهم‭, ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬فى‭ ‬صفاتهم‭ ‬غير‭ ‬هذا‭ ‬فلا‭ ‬يصح‭ ‬ولا‭ ‬يثبت‭ ‬منه‭ ‬أى‭ ‬شيء‭, ‬غير‭ ‬أن‭ ‬فيهم‭ ‬ظلم‭ ‬وخروج‭ ‬عن‭ ‬أمر‭ ‬الله‭ ‬كغيرهم‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬الظالمة‭, ‬كعاد‭ ‬وثمود‭ ‬وغيرهم‭, ‬فهم‭ ‬جبابرة‭ ‬طغاة‭ ‬أهل‭ ‬كفر‭ ‬وظلم‭ ‬وعدوان‭ .‬

وعن‭ ‬أم‭ ‬حبيبة‭ ‬بنت‭ ‬أبى‭ ‬سفيان‭ ‬عن‭ ‬زينب‭ ‬ابنة‭ ‬جحش‭ ‬أن‭ ‬رسول‭ ‬الله‭, ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭, ‬دخل‭ ‬عليها‭ ‬يومًا‭ ‬فزعًا‭ ‬يقول‭: ‬لا‭ ‬إله‭ ‬إلا‭ ‬الله‭ ‬ويل‭ ‬للعرب‭ ‬من‭ ‬شر‭ ‬قد‭ ‬اقترب‭, ‬فتح‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬آدم‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭, ‬وحلق‭ ‬بإصبعيه‭ ‬الإبهام‭ ‬والتى‭ ‬تليها‭, ‬قالت‭ ‬زينب‭ ‬ابنة‭ ‬جحش‭: ‬فقلت‭ ‬يا‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬أفنهلك‭ ‬وفينا‭ ‬الصالحون؟ ‬قال‭: ‬نعم‭ ‬إذا‭ ‬كثر‭ ‬الخبث‭.‬

أخرج‭ ‬الحاكم‭ ‬وابن‭ ‬مردويه‭ ‬من‭ ‬طريق‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬عمرو‭ ‬أن‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬من‭ ‬ذرية‭ ‬آدم‭ ‬وراءهم‭ ‬ثلاث‭ ‬أمم‭, ‬ولن‭ ‬يموت‭ ‬منهم‭ ‬رجل‭ ‬إلا‭ ‬ترك‭ ‬من‭ ‬ذريته‭ ‬ألفًا‭ ‬فصاعدًا‭.‬

قال‭ ‬الحافظ‭ ‬ابن‭ ‬حجر‭ :‬‮«‬وَيَأْجُوج‭ ‬وَمَأْجُوج‭ ‬قَبِيلَتَانِ‭ ‬مِنْ‭ ‬وَلَد‭ ‬يَافِث‭ ‬بْن‭ ‬نُوح‮»‬‭, ‬وذَكَرَ‭ ‬اِبْن‭ ‬هِشَام‭ ‬فِى‭ ‬‮«‬التِّيجَان‮»‬‭ ‬أَنَّ‭ ‬أُمَّة‭ ‬مِنْهُمْ‭ ‬آمَنُوا‭ ‬بِاللَّهِ‭ ‬فَتَرَكَهُمْ‭ ‬ذُو‭ ‬الْقَرْنَيْنِ‭ ‬لَمَّا‭ ‬بَنَى‭ ‬السَّدّ‭ ‬بِأَرْمِينِيَّةَ‭ ‬فَسُمُّوا‭ ‬التُّرْك‭ ‬لِذَلِكَ‭.‬

وقال‭ ‬ابن‭ ‬كثير‭ ‬فى‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭ ‬‮«‬حَتَّى‭ ‬إِذَا‭ ‬فُتِحَتْ‭ ‬يَأْجُوجُ‭ ‬وَمَأْجُوجُ‮»‬‭: ‬إنهم‭ ‬من‭ ‬سلالة‭ ‬آدم‭, ‬عليه‭ ‬السلام‭, ‬بل‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬نسل‭ ‬نوح‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬أولاد‭ ‬يافث‭ ‬أبى‭ ‬الترك‭, ‬والترك‭ ‬شرذمة‭ ‬منهم‭, ‬تركوا‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬السد‭ ‬الذى‭ ‬بناه‭ ‬ذو‭ ‬القرنين‭.‬

وقال‭ ‬السعدى‭ ‬فى‭ ‬تفسيره‭: ‬وهما‭ ‬قبيلتان‭ ‬عظيمتان‭ ‬من‭ ‬بنى‭ ‬آدم‭, ‬وقد‭ ‬سد‭ ‬عليهم‭ ‬ذو‭ ‬القرنين‭ ‬لما‭ ‬شكى‭ ‬إليه‭ ‬إفسادهم‭ ‬فى‭ ‬الأرض‭, ‬وفى‭ ‬آخر‭ ‬الزمان‭, ‬ينفتح‭ ‬السد‭ ‬عنهم‭, ‬فيخرجون‭ ‬إلى‭ ‬الناس‭.‬

ولعل‭ ‬هذا‭ ‬الحديث‭ ‬الشريف‭ ‬يلفت‭ ‬الأنظار‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬العقائدية‭ ‬والإيمانية‭ ‬ينبغى‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مسلم‭ ‬أن‭ ‬يقف‭ ‬معها‭, ‬ويأخذها‭ ‬مأخذ‭ ‬الجد‭ ‬والاهتمام‭ ‬بل‭ ‬الإيمان‭ ‬والإذعان‭, ‬منها‭ ‬أن‭ ‬الفتن‭ ‬ستغزو‭ ‬عالمنا‭ ‬العربى‭ ‬والإسلامى‭ ‬عبر‭ ‬السنين‭ ‬والقرون‭ ‬اعتبارًا‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬سيدنا‭ ‬عثمان‭ ‬وإلى‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬الساعة‭, ‬ثانيًا‭ ‬أن‭ ‬فتنة‭ ‬المال‭ ‬والمناصب‭ ‬والإمارة‭ ‬ستكون‭ ‬المدخل‭ ‬لتلك‭ ‬الفتن‭ ‬سواء‭ ‬بالفتوحات‭ ‬التى‭ ‬جلبت‭ ‬للرعيل‭ ‬الأول‭ ‬المال‭ ‬أو‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بظهور‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬والذى‭ ‬نبه‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬مناطقنا‭ ‬واتخذنا‭ ‬عدوًا‭ ‬لسلبها‭ ‬والإيقاع‭ ‬بيننا‭ ‬واستغلال‭ ‬كل‭ ‬ثغرة‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬ينفذ‭ ‬إلينا‭ ‬منها‭, ‬لذلك‭ ‬تعيش‭ ‬أمتنا‭ ‬بين‭ ‬الاستعمار‭ ‬والاستحواذ‭ ‬والهيمنة‭ ‬والضغط‭ ‬والمؤامرة‭, ‬وتأمل‭ ‬حديث‭ ‬النبى‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭: ‬يوشك‭ ‬أن‭ ‬تداعى‭ ‬عليكم‭ ‬الأمم‭ ‬كما‭ ‬تداعى‭ ‬الأكلة‭ ‬على‭ ‬قصعتها‭, ‬فعلى‭ ‬كثرتنا‭ ‬عددًا‭ ‬ومددًا‭, ‬لذلك‭ ‬يقول‭ ‬القرطبى‭ ‬فيما‭ ‬نقله‭ ‬ابن‭ ‬حجر‭ ‬عنه‭ ‬فى‭ ‬الفتح‭: ‬الفتوح‭ ‬التى‭ ‬فتحت‭ ‬بعد‭ ‬فكرت‭ ‬الأموال‭ ‬بسببها‭ ‬فى‭ ‬أيديهم‭, ‬فوقع‭ ‬التنافس‭ ‬الذى‭ ‬جر‭ ‬الفتن‭, ‬وكذلك‭ ‬التنافس‭ ‬على‭ ‬الأمره‭, ‬وأيضًا‭ ‬فى‭ ‬الحديث‭ ‬آيات‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬إرادة‭ ‬الله‭ ‬النافذة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منع‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬من‭ ‬تجاوز‭ ‬السد‭ ‬أو‭ ‬إفقادهم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬حفره‭, ‬لذلك‭ ‬يقول‭ ‬ابن‭ ‬عربى‭ ‬فى‭ ‬الحديث‭ ‬ثلاث‭ ‬آيات‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬منعهم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يحاولوا‭ ‬الرقى‭ ‬على‭ ‬السد‭ ‬بسلم‭, ‬فلم‭ ‬يهمهم‭ ‬ذلك‭ ‬ولا‭ ‬علمهم‭ ‬إياه‭, ‬بأن‭ ‬صدهم‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬يقولوا‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭, ‬حتى‭ ‬يجيء‭ ‬الوقت‭ ‬المحدد‭, ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬فيهم‭ ‬أهل‭ ‬صناعة‭ ‬وولاية‭ ‬ورعاية‭ ‬تطير‭ ‬من‭ ‬قومها‭.‬

وفى‭ ‬الحديث‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬الخير‭ ‬يهلك‭ ‬بهلاك‭ ‬الشرير‭, ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يغير‭ ‬عليه‭ ‬خبث‭, ‬وكذلك‭ ‬إذا‭ ‬غير‭ ‬عليه‭, ‬لكن‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬جديد‭ ‬ذلك‭ ‬ويصر‭ ‬الشرير‭ ‬على‭ ‬عمله‭ ‬السيئ‭ ‬ويفور‭ ‬ذلك‭, ‬ويكثر‭ ‬حتى‭ ‬يعم‭ ‬الفساد‭ ‬فيهم‭ ‬القليل‭ ‬والكثير‭ ‬ثم‭ ‬يحشر‭ ‬كل‭ ‬أحد‭ ‬على‭ ‬نيته‭.‬

وعلى‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬القدر‭ ‬المفتوح‭ ‬من‭ ‬السد‭ ‬قد‭ ‬يزيد‭ ‬إذا‭ ‬ازدادت‭ ‬المعاصى‭ ‬والذنوب‭, ‬والجهر‭ ‬بها‭ ‬وعجز‭ ‬أهل‭ ‬الخير‭ ‬عن‭ ‬صد‭ ‬أهل‭ ‬الشر‭ ‬والوقوف‭ ‬أمامهم‭.‬

وعلينا‭ ‬أن‭ ‬ننتبه‭ ‬إلى‭ ‬خطورة‭ ‬المعاصى‭ ‬والجهر‭ ‬بها‭, ‬وعدم‭ ‬الاستهانة‭ ‬بها‭, ‬التى‭ ‬تجلب‭ ‬الشر‭ ‬المحدق‭ ‬والقحط‭, ‬وتزيد‭ ‬من‭ ‬العداوة‭ ‬والصراعات‭ ‬والأزمات‭ ‬والنزاعات‭ ‬بين‭ ‬أبناء‭ ‬الأمة‭ ‬مما‭ ‬يضعف‭ ‬شأنهم‭.‬

وأنها‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬مفتاح‭ ‬الفتن‭ ‬وعنوان‭ ‬الإحن‭ ‬والمحن‭ ‬التى‭ ‬تصيب‭ ‬البلاد‭ ‬وتنال‭ ‬من‭ ‬العباد‭, ‬فاعتبروا‭ ‬يا‭ ‬أولى‭ ‬الألباب‭.‬

هذا‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬ثابت‭ ‬فى‭ ‬حقهم‭ ‬أنهم‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬النار‭, ‬لما‭ ‬ارتكبوه‭ ‬

من‭ ‬ترويع‭ ‬الآمنيين‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬إفسادهم‭ ‬فى‭ ‬الأرض‭ ‬ونشرهم‭ ‬الظلم‭ ‬والعدوان‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬دون‭ ‬وجه‭ ‬حق‭, ‬عَنْ‭ ‬أَبِى‭ ‬سَعِيدٍ‭ ‬الْخُدْرِيِّ‭ ‬عَنْ‭ ‬النَّبِيِّ‭ ‬صَلَّى‭ ‬اللَّهُ‭ ‬عَلَيْهِ‭ ‬وَسَلَّمَ‭ ‬قَالَ‭ :‬يَقُولُ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬تَعَالَى‭: ‬يَا‭ ‬آدَمُ‭, ‬فَيَقُولُ‭: ‬لَبَّيْكَ‭ ‬وَسَعْدَيْكَ‭ ‬وَالْخَيْرُ‭ ‬فِى‭ ‬يَدَيْكَ‭, ‬فَيَقُولُ‭: ‬أَخْرِجْ‭ ‬بَعْثَ‭ ‬النَّارِ‭, ‬قَالَ‭: ‬وَمَا‭ ‬بَعْثُ‭ ‬النَّارِ‭? ‬قَالَ‭ : ‬مِنْ‭ ‬كُلِّ‭ ‬أَلْفٍ‭ ‬تِسْعَ‭ ‬مِائَةٍ‭ ‬وَتِسْعَةً‭ ‬وَتِسْعِينَ‭, ‬فَعِنْدَهُ‭ ‬يَشِيبُ‭ ‬الصَّغِيرُ‭, ‬وَتَضَعُ‭ ‬كُلُّ‭ ‬ذَاتِ‭ ‬حَمْلٍ‭ ‬حَمْلَهَا‭, ‬وَتَرَى‭ ‬النَّاسَ‭ ‬سُكَارَى‭ ‬وَمَا‭ ‬هُمْ‭ ‬بِسُكَارَى‭, ‬وَلَكِنَّ‭ ‬عَذَابَ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬شَدِيدٌ‭ .‬

قَالُوا‭: ‬يَا‭ ‬رَسُولَ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬وَأَيُّنَا‭ ‬ذَلِكَ‭ ‬الْوَاحِدُ‭? ‬قَالَ‭: ‬أَبْشِرُوا‭ ‬فَإِنَّ‭ ‬مِنْكُمْ‭ ‬رَجُلًا‭, ‬وَمِنْ‭ ‬يَأْجُوجَ‭ ‬وَمَأْجُوجَ‭ ‬أَلْفًا‭, ‬ثُمَّ‭ ‬قَالَ‭: ‬وَالَّذِى‭ ‬نَفْسِى‭ ‬بِيَدِهِ‭: ‬إِنِّى‭ ‬أَرْجُو‭ ‬أَنْ‭ ‬تَكُونُوا‭ ‬رُبُعَ‭ ‬أَهْلِ‭ ‬الْجَنَّةِ‭.. ‬فَكَبَّرْنَا‭, ‬فَقَالَ‭: ‬أَرْجُو‭ ‬أَنْ‭ ‬تَكُونُوا‭ ‬ثُلُثَ‭ ‬أَهْلِ‭ ‬الْجَنَّةِ‭.. ‬فَكَبَّرْنَا‭, ‬فَقَالَ‭: ‬أَرْجُو‭ ‬أَنْ‭ ‬تَكُونُوا‭ ‬نِصْفَ‭ ‬أَهْلِ‭ ‬الْجَنَّةِ‭ ‬فَكَبَّرْنَا‭, ‬فَقَالَ‭: ‬مَا‭ ‬أَنْتُمْ‭ ‬فِى‭ ‬النَّاسِ‭ ‬إِلَّا‭ ‬كَالشَّعَرَةِ‭ ‬السَّوْدَاءِ‭ ‬فِى‭ ‬جِلْدِ‭ ‬ثَوْرٍ‭ ‬أَبْيَضَ‭, ‬أَوْ‭ ‬كَشَعَرَةٍ‭ ‬بَيْضَاءَ‭ ‬فِى‭ ‬جِلْدِ‭ ‬ثَوْرٍ‭ ‬أَسْوَدَ‭.‬

قَوْله‭ ‬‮«‬قَالَ‭ ‬وَمَا‭ ‬بَعْثُ‭ ‬النَّارِ‮»‬‭ ‬أَيْ‭ ‬وَمَا‭ ‬مِقْدَارُ‭ ‬مَبْعُوثِ‭ ‬النَّارِ‭, ‬فالحديث‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬من‭ ‬ذرية‭ ‬آدم‭, ‬وأن‭ ‬مآلهم‭ ‬إلى‭ ‬النار‭, ‬وأنهم‭ ‬من‭ ‬الكثرة‭ ‬بمكان‭ .‬

وعَنْ‭ ‬أَبِى‭ ‬هُرَيْرَةَ‭ ‬أَنَّ‭ ‬النَّبِيَّ‭ ‬صَلَّى‭ ‬اللَّهُ‭ ‬عَلَيْهِ‭ ‬وَسَلَّمَ‭ ‬قَالَ‭: ‬‮«‬أَوَّلُ‭ ‬مَنْ‭ ‬يُدْعَى‭ ‬يَوْمَ‭ ‬الْقِيَامَةِ‭ ‬آدَمُ‭ ‬فَتَرَاءَى‭ ‬ذُرِّيَّتُهُ‭, ‬فَيُقَالُ‭: ‬هَذَا‭ ‬أَبُوكُمْ‭ ‬آدَمُ‭, ‬فَيَقُولُ‭: ‬لَبَّيْكَ‭ ‬وَسَعْدَيْكَ‭, ‬فَيَقُولُ‭: ‬أَخْرِجْ‭ ‬بَعْثَ‭ ‬جَهَنَّمَ‭ ‬مِنْ‭ ‬ذُرِّيَّتِكَ‭, ‬فَيَقُولُ‭: ‬يَا‭ ‬رَبِّ‭ ‬كَمْ‭ ‬أُخْرِجُ‭? ‬فَيَقُولُ‭: ‬أَخْرِجْ‭ ‬مِنْ‭ ‬كُلِّ‭ ‬مِائَةٍ‭ ‬تِسْعَةً‭ ‬وَتِسْعِينَ‭, ‬فَقَالُوا‭: ‬يَا‭ ‬رَسُولَ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬إِذَا‭ ‬أُخِذَ‭ ‬مِنَّا‭ ‬مِنْ‭ ‬كُلِّ‭ ‬مِائَةٍ‭ ‬تِسْعَةٌ‭ ‬وَتِسْعُونَ‭ ‬فَمَاذَا‭ ‬يَبْقَى‭ ‬مِنَّا‭? ‬قَالَ‭ ‬إِنَّ‭ ‬أُمَّتِى‭ ‬فِى‭ ‬الْأُمَمِ‭ ‬كَالشَّعَرَةِ‭ ‬الْبَيْضَاءِ‭ ‬فِى‭ ‬الثَّوْرِ‭ ‬الْأَسْوَدِ‮»‬‭.‬

وبالوقوف‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأحاديث‭ ‬يتبين‭ ‬ما‭ ‬للأمة‭ ‬الإسلامية‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬ومكانة‭ ‬كما‭ ‬تكشف‭ ‬الأحاديث‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬خصائص‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬التى‭ ‬تنفرد‭ ‬بها‭ ‬عن‭ ‬سواها‭ ‬أما‭ ‬عن‭ ‬خروجهم‭ ‬وميقاته‭ ‬ففى‭ ‬بيان‭ ‬النبى‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬كفاية‭ ‬لتحديد‭ ‬ذلك‭.‬

عَنْ‭ ‬حُذَيْفَةَ‭ ‬بْنِ‭ ‬أَسِيدٍ‭ ‬الْغِفَارِيِّ‭ ‬قَالَ‭: ‬اطَّلَعَ‭ ‬النَّبِيُّ‭ ‬صَلَّى‭ ‬اللَّهُ‭ ‬عَلَيْهِ‭ ‬وَسَلَّمَ‭ ‬عَلَيْنَا‭ ‬وَنَحْنُ‭ ‬نَتَذَاكَرُ‭ ‬فَقَال‭: ‬مَا‭ ‬تَذَاكَرُونَ‭? ‬قَالُوا‭: ‬نَذْكُرُ‭ ‬السَّاعَةَ‭, ‬قَالَ‭: ‬إِنَّهَا‭ ‬لَنْ‭ ‬تَقُومَ‭ ‬حَتَّى‭ ‬تَرَوْنَ‭ ‬قَبْلَهَا‭ ‬عَشْرَ‭ ‬آيَاتٍ‭: ‬فَذَكَرَ‭ ‬الدُّخَانَ‭, ‬وَالدَّجَّالَ‭, ‬وَالدَّابَّةَ‭ ‬وَطُلُوعَ‭ ‬الشَّمْسِ‭ ‬مِنْ‭ ‬مَغْرِبِهَا‭, ‬وَنُزُولَ‭ ‬عِيسَى‭ ‬ابْنِ‭ ‬مَرْيَمَ‭ ‬صَلَّى‭ ‬اللَّهُ‭ ‬عَلَيْهِ‭ ‬وَسَلَّمَ‭, ‬وَيَأَجُوجَ‭ ‬وَمَأْجُوجَ‭, ‬وَثَلَاثَةَ‭ ‬خُسُوفٍ‭: ‬خَسْفٌ‭ ‬بِالْمَشْرِقِ‭, ‬وَخَسْفٌ‭ ‬بِالْمَغْرِبِ‭, ‬وَخَسْفٌ‭ ‬بِجَزِيرَةِ‭ ‬الْعَرَبِ‭, ‬وَآخِرُ‭ ‬ذَلِكَ‭ ‬نَارٌ‭ ‬تَخْرُجُ‭ ‬مِنْ‭ ‬الْيَمَنِ‭ ‬تَطْرُدُ‭ ‬النَّاسَ‭ ‬إِلَى‭ ‬مَحْشَرِهِمْ‭.‬

ويكون‭ ‬خروجهم‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬مريم‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬ومن‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬المؤمنين‭ ‬من‭ ‬قتال‭ ‬المسيح‭ ‬الدجال‭ ‬وأتباعه‭ ‬من‭ ‬اليهود‭ ‬وغيرهم‭, ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬حَتَّى‭ ‬إِذَا‭ ‬فُتِحَتْ‭ ‬يَأْجُوجُ‭ ‬وَمَأْجُوجُ‭ ‬وَهُمْ‭ ‬مِنْ‭ ‬كُلِّ‭ ‬حَدَبٍ‭ ‬يَنْسِلُونَ‮»‬‭, ‬و«حدب‮»‬‭ ‬أى‭ ‬مرتفع‭ ‬من‭ ‬الأرض‭, ‬و‮«‬ينسلون‮»‬‭ ‬أى‭ ‬يسرعون‭ ‬المشي‭.‬

قال‭ ‬السعدي‭: ‬فى‭ ‬آخر‭ ‬الزمان‭, ‬ينفتح‭ ‬السد‭ ‬عنهم‭, ‬فيخرجون‭ ‬إلى‭ ‬الناس‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬والوصف‭, ‬الذى‭ ‬ذكره‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬مرتفع‭, ‬وهو‭ ‬الحدب‭ ‬ينسلون‭ ‬أي‭: ‬يسرعون‭, ‬وفى‭ ‬هذا‭ ‬دلالة‭ ‬على‭ ‬كثرتهم‭ ‬الباهرة‭, ‬وإسراعهم‭ ‬فى‭ ‬الأرض‭, ‬إما‭ ‬بذواتهم‭, ‬وإما‭ ‬بما‭ ‬خلق‭ ‬الله‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬التى‭ ‬تقرب‭ ‬لهم‭ ‬البعيد‭, ‬وتسهل‭ ‬عليهم‭ ‬الصعب‭, ‬وأنهم‭ ‬يقهرون‭ ‬الناس‭, ‬ويعلون‭ ‬عليهم‭ ‬فى‭ ‬الدنيا‭, ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يد‭ ‬لأحد‭ ‬بقتالهم‭, ‬‮«‬أى‭ ‬لا‭ ‬قوة‭ ‬ولا‭ ‬طاقة‭ ‬لأحد‭ ‬بقتالهم‮»‬‭.‬

وكما‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭ ‬فى‭ ‬سورة‭ ‬الكهف‭: ‬‮«‬قَالَ‭ ‬هَذَا‭ ‬رَحْمَةٌ‭ ‬مِنْ‭ ‬رَبِّى‭ ‬فَإِذَا‭ ‬جَاءَ‭ ‬وَعْدُ‭ ‬رَبِّى‭ ‬جَعَلَهُ‭ ‬دَكَّاءَ‭ ‬وَكَانَ‭ ‬وَعْدُ‭ ‬رَبِّى‭ ‬حَقًّا‮»‬‭, ‬أى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬السد‭ ‬الذى‭ ‬بناه‭ ‬ذو‭ ‬القرنين‭ ‬رحمة‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬للعباد‭, ‬من‭ ‬شر‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭.. ‬فإذا‭ ‬أذن‭ ‬الله‭, ‬دك‭ ‬هذا‭ ‬السد‭ ‬وصار‭ ‬ترابًا‭ ‬وانطلق‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬على‭ ‬أهل‭ ‬الأرض‭, ‬وإذا‭ ‬خرجوا‭ ‬أخبر‭ ‬الله‭ ‬عيسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬بخروجهم‭, ‬وأمره‭ ‬بأن‭ ‬ينحاز‭ ‬هو‭ ‬ومن‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬إلى‭ ‬جبل‭ ‬الطور‭, ‬كما‭ ‬يأمره‭ ‬بأن‭ ‬يختبئ‭ ‬منهم‭ ‬ولا‭ ‬يتعرض‭ ‬لقتالهم‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬قدرة‭ ‬لأحد‭ ‬على‭ ‬مواجهتهم‭, ‬ولا‭ ‬طاقة‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ‬لأحد‭ ‬بقتالهم‭.‬

فإذا‭ ‬خرج‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬سعوا‭ ‬فى‭ ‬الأرض‭ ‬فسادًا‭, ‬قتلوا‭ ‬الخلق‭, ‬وأكلوا‭ ‬الطعام‭ ‬وخربوا‭ ‬الديار‭ ‬وشربوا‭ ‬الماء‭ ‬ولم‭ ‬يدعوا‭ ‬شيئًا‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الأرض‭ ‬إلا‭ ‬قضوا‭ ‬عليه‭.‬

حتى‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الفتنة‭ ‬لهم‭ ‬أنهم‭ ‬يرمون‭ ‬بحرابهم‭ ‬إلى‭ ‬السماء‭, ‬فترجع‭ ‬إليهم‭ ‬مخضوبة‭ ‬دمًا‭, ‬فيقولون‭ ‬قتلنا‭ ‬أهل‭ ‬الأرض‭ ‬وقتلنا‭ ‬أهل‭ ‬السماء‭, ‬فيلهم‭ ‬الله‭ ‬نبيه‭ ‬عيسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬الدعاء‭, ‬فيدعو‭ ‬عليهم‭, ‬ويرسل‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬دودًا‭ ‬فى‭ ‬رقابهم‭ ‬فيموتون‭ ‬جميعًا‭ ‬كموت‭ ‬نفس‭ ‬واحدة‭, ‬حتى‭ ‬تمتلئ‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬زخمهم‭ ‬ونتنهم‭.‬

ويرسل‭ ‬المؤمنون‭ ‬رجلًا‭ ‬منهم‭ ‬يتحسس‭ ‬لهم‭ ‬الأخبار‭ ‬فيجدهم‭ ‬قد‭ ‬ماتوا‭ ‬جميعًا‭, ‬فيخبرهم‭ ‬بذلك‭, ‬ويدعو‭ ‬عيسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬الله‭ ‬بأن‭ ‬يطهر‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬أبدانهم‭ ‬فيرسل‭ ‬طيورًا‭ ‬ضخمة‭ ‬تحملهم‭ ‬إلى‭ ‬حيث‭ ‬شاء‭ ‬الله‭.‬

ويرسل‭ ‬الله‭ ‬المطر‭ ‬فيغسل‭ ‬الأرض‭, ‬ويخرج‭ ‬عيسى‭ ‬ومن‭ ‬معه‭ ‬فعيشون‭ ‬فى‭ ‬رخاء‭ ‬ونعمة‭ ‬ورغد‭ ‬وسعة‭ ‬عيش‭, ‬ويضع‭ ‬الله‭ ‬الأمان‭ ‬فى‭ ‬الأرض‭, ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬الوحوش‭ ‬لا‭ ‬تؤذى‭ ‬أحدًا‭.‬

ثم‭ ‬يموت‭ ‬عيسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬مكثه‭ ‬فى‭ ‬الأرض‭ ‬أربعين‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬بداية‭ ‬نزوله‭ ‬آخر‭ ‬الزمان‭, ‬ويدفنه‭ ‬المسلمون‭.‬

ثم‭ ‬يرسل‭ ‬الله‭ ‬ريحًا‭ ‬طيبة‭ ‬تقبض‭ ‬أرواح‭ ‬المؤمنين‭ ‬جميعًا‭, ‬ولا‭ ‬يبقى‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬إلا‭ ‬شرار‭ ‬الخلق‭ ‬وعليهم‭ ‬تقوم‭ ‬الساعة‭.‬

ولما‭ ‬كان‭ ‬لون‭ ‬السد‭ ‬قد‭ ‬ورد‭ ‬ذكره‭ ‬فى‭ ‬كتب‭ ‬السنة‭ ‬المطهرة‭, ‬مما‭ ‬له‭ ‬صلة‭ ‬بيأجوج‭ ‬ومأجوج‭, ‬فلنا‭ ‬معه‭ ‬حديث‭, ‬ولكن‭ ‬فى‭ ‬الحلقة‭ ‬المقبلة‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭.‬