الرأي الشرعي لـ«الرسائل المتداولة».. «أرسلها لعشرة أشخاص» و« إن لم تفعل فاعلم أن شيطانك هو الذي منعك»

وفقهاء: هؤلاء يتكهنون على الله فيما لم يرد به نص
«أرسلها لعشرة أشخاص، وستجد فرحة لا مثيل لها، وإن لم تفعل فقد تحل عليك لعنة السماء، ولربما كان شيطانك هو الذى منعك».. كانت هذه أولى الرسائل التى غاصت فيها عيناى المتعبتان فى صباح يوم جديد، لم يشغلنى المحتوى الأصلى للرسالة قدر ما شغلتنى الجمل الاستهلالية المحفزة والأخرى المهددة.
تجاهلت الأمر، وانتقلت إلى يومياتى ويوميات الآخرين أتفحصها وأتصفحها فاصطدمت بإحدى «البوستات» والذى ذيله صاحبه بجملة «لو دوست لايك تبقى مؤمن ولو مدوستش تبقى كافر»، جمل وعبارات ترسل على «فيسبوك» و«الواتس آب» يتم تداولها بين المستخدمين، فمنهم من يستجيب لعله يجد ما يسره، ومنهم من يعتبرها خرافة لأناس ليس لديهم فى الحياة ما يشغلهم.
«الزمان» تستعرض آراء فقهاء الشريعة والمعنيين بالفتوى، لبيان حكم الانسياق وراء هذه الرسائل ونشرها ومشاركتها، كذلك حكم تجاهلها والوعيد بتركها لكل مسلم.
ورد الدكتور مجدى عاشور، مستشار أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، بأن ما نراه على «فيسبوك»، فى المنشورات والرسائل من «أرسلها لفلان وعلان» لم يرد فى القرآن الكريم أو نص فى السنة النبوية، ولا دليلًا صحيحًا عليه، بل هو اعتقاد من المتكلم إن شاء الله أثابه عليه وإن لم يشأ فالأمر موكول له، لافتًا إلى أن الأحلام التى تقول ذلك لا يترتب عليها سن الحكم الشرعى والعمل به.
وأضاف عاشور فى تصريحات خاصة لـ«الزمان» أن ثواب الأعمال الصالحات لا يكون إلا بورود ذكر هذه الأعمال فى سنة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، إلا أن الوحى انتهى بموت النبى – صلى الله عليه وسلم- فلا يجرؤ أحد على أن يردد أجرًا ما لم يرد فى الشرع على عمل ما حتى ولو ورد فى الشرع، إنما يأتى أحد ويحجر وكأنه يشرع من جديد من أرسل كذا سيجد كذا.
وأكد، أن النبى صلى الله عليه وسلم وردت عنه أقوال وعبادات وذكر وتسابيح هو من الله سبحانه وتعالى يكون فاتحة خير إذا ربى الإنسان لسانه عليه أما غير ذلك من الأمور من التكهن على الله وعلى رسول الله، محذرًا هؤلاء من الجزم بشيء لم يتواتر على لسان الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يكتب فى قرآنه.
الدكتور سيف رجب قزامل، عميد كلية الشريعة بطنطا، أوضح أن من الجميل كون منشورات «فيسبوك» مبادرات خير ودعوات إلى جلب الفضائل واستحسانها، مشيرًا إلى أن تحول الكلام ونبرة الدعوة على «فيسبوك» من مجال الأمر بالمعروف إلى التأويل والكذب على الله ورسوله أمر غير مقبول البتة.
وأضاف قزامل لـ«الزمان»، أنه لا يجوز نشر مثل هذا، ولا اعتقاده، ولا العمل بموجبه، لأن من عمِل بالرؤى فقد استدرك على النبى صلى الله عليه وسلم، والدِّين قد تَمّ وكَمُل، مستدلًا بقوله تعالى: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينً».واستطرد بأن الرؤى يُستَبْشَر بها، ولا يُعوّل عليها، وقد بين ذلك الإمام الشاطبى رحمه الله فى كتاب «الاعتصام» كما أن تلك الرسالة التى انتشرت عبر رسائل الهاتف الجوال تتضمن الإخبار بالغيب وهو لا يجوز.
وكان الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، قد أعلن فى تصريحات صحفية موقفه من رسائل «أرسلها لعشرة أشخاص» قائلًا: «يعجبنى أحيانًا بعض المنشورات أو البوستات لا سيما التى تظهر حمية على الإسلام، ودفاعًا عن ثوابته، وأهم بتشييرها -مشاركتها- ليعم نفعها، فإذا بناشرها يكتب المؤمن يدوس لايك والكافر يطنش».
وأضاف أن هذا الأمر من الأخطاء الفادحة لمستخدمى مواقع التواصل، وأوقن ساعتها أن هؤلاء أخطر على الإسلام وسماحته من أعدائه، فعلى هؤلاء الكف عن استخدام هذه العبارات التى أحجم تمامًا عند مطالعتها عن نشر ما صاحبها وإن أعجبتنى.