رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

سماء عربية

المهرجان القومى للمسرح وعلامات استفهام!

يقام الشهر المقبل وسط جو من الإحباط:

المهرجان القومى للمسرح وعلامات استفهام!

 أحمد عبد الرازق أبو العلا

فى عام 2006 بدأ المهرجان القومى للمسرح المصرى دورته الأولى، بهدف تقديم أفضل العروض المسرحية التى تم عرضها فى الموسم السابق لكل القطاعات والروافد المنتجة، توقف بعدها دورتين خلال عامى 2011 -2012 لقيام ثورة يناير، ثم عاد للانتظام مرة أخرى فى عام 2013 بعد تعديل بعض بنود اللائحة المنظمة لأعماله بالقرار الوزارى رقم (185) ومنها: زيادة عدد عروض المهرجان بالنسبة للشباب المستقل من أربعة عروض إلى عشرة عروض، وعدد عروض البيت الفنى للمسرح من سبعة عروض إلى عشرة عروض، وفرق الجمعيات بزيادة عرضين لتصبح أربعة عروض وكذلك عروض الثقافة الجماهيرية لتصبح خمسة عروض والمعهد العالى للفنون المسرحية ليصبح عرضين، وكما هو واضح اهتمت التعديلات بالكم على حساب الكيف ومعيار الجودة الفنية.

 وجاء القرار الوزارى رقم (439) لسنة 2015 محددًا تشكيل اللجنة العليا للمهرجان، ومدتها ثلاث سنوات، بترشيح من لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة، جاعلًا مهمتها وضع التصور العام للمهرجان، واختيار لجنة التحكيم والشخصيات المسرحية التى يتم تكريمها، فضلًا عن تحديد اللجان التنظيمية والإشراف على التنفيذ.

 وتسببت هذه المادة فى تكريس هيمنة أعضاء لجنة المسرح على أعمال المهرجان، وما يرافقها من شللية وتربيطات وتبادل المصالح، وتهميش المسرحيين من خارجها، مهما كانت قدراتهم، وحتى أعمال المهرجان  البحثية، تكفل بها أعضاء اللجنة أيضًا!!

وبرغم أن اللائحة حددت مدة الثلاث سنوات لعمل اللجنة العليا، ولم تشر إلى انطباق الشرط على رئيس المهرجان، إلا أن رئيسها الحالى اختير لثلاث دورات متتاليات، مما أثار حنق عدد من المسرحيين، لما يعنيه من تكريس مفهوم العمل الروتينى على حساب التجديد وتبادل المهام.

والدورة- المقرر إقامتها فى الفترة من 19 يوليو – 8 أغسطس تتضمن 37 عرضًا مسرحيًا يتنافس أصحابها على جوائز قيمتها 340 ألف جنيه من ميزانية المهرجان البالغة مليونًا ومائة ألف جنيه، وتمثل العروض الجهات التالية: (البيت الفنى للمسرح - الهيئة العامة لقصور الثقافة - صندوق التنمية الثقافية - البيت الفنى للفنون الشعبية - الفرق المستقلة والحرة - المسرح الخاص - وزارة الشباب - دار الأوبرا - المعهد العالى للفنون المسرحية – الشركات والعمالى – المسرح الجامعى – المجتمع المدنى)، واختيرت على النحو التالى: العروض الفائزة فى المسابقات التى تنظمها جهات الإنتاج، وكذلك تلك التى لا تنظم مسابقات، وبدورها تشكل لجان متخصصة لاختيار العروض التى تمثلها، أما بالنسبة لاختيار العروض التى لا تندرج تحت أية كيانات (المستقلة – الحرة – المجتمع المدني)، فهى مهمة إدارة المهرجان التى تشكل لجنة لاختيار أفضل العروض.

وتأتى هذه الدورة وسط أجواء يسودها الإحباط، بما يعكس تناقضًا حادًا بين الاحتفاء بالمسرح بينما- واقعيًا - تتسم أحواله بالارتباك، فمسرح الدولة نفسه، لم يستطع تحقيق نصاب العروض العشرة المحددة فى اللائحة، فاشترك بخمسة عروض فقط!! وهو ما يكشف حجم الأزمة التى يمر بها، والأدهى أن معظم العروض الممثلة لمسرح الدولة هى عروض للشباب ذات التكلفة الإنتاجية القليلة، على عكس التكلفة الإنتاجية الكبيرة التى تم صرفها على عروض لم تشارك، ومنها مثلًا عرض (ليلة من ألف ليلة) من إنتاج المسرح القومى ومن بطولة يحيى الفخرانى، ولو سأل سائل لماذا لم يشارك؟ يقولون: النجم رفض، ولا يقدمون إجابة لسبب الاستجابة لطلبات النجم برغم أن العرض من إنتاج الدولة وليس من إنتاج النجم؟!

والأدهى أن المهرجان يقام ومعظم مسارح الدولة مغلقة، إما بسبب الترميمات (المسرح الكوميدى) وإما لرفض الدفاع المدنى عملها لعدم استيفائها الشروط المطلوبة لكى تعمل (السلام – المتروبول – البالون)، فضلًا عن المسارح التى هدمت، مثل مسرح السلام بالإسكندرية، ومسرح المعبد الرومانى الأثرى بالإسكندرية أيضًا، وتلك المشكلة – وحدها - كفيلة بالقضاء على الحركة المسرحية تمامًا، فمع غياب دور العرض المسرحى، لم تبحث الدولة عن بدائل وأنماط إنتاجية أخرى يمكن تقديمها خارج المسارح، مثل عروض المسرح المكشوف على سبيل المثال.

 وفى وسط هذه الأجواء المحبطة نجد مسئولًا كبيرًا هو رئيس قطاع الإنتاج الثقافى بوزارة الثقافة، والذى يتبعه البيت الفنى للمسرح المنوط به القيام بإنتاج عروض مسرح الدولة الرسمى، يقوم بإخراج عرض لفرقة قطاع خاص، ولممثل يثير استياء العامة قبل الخاصة، وكأنه يمهد الطريق أمام المسرح التجارى الباحث عن الربح، ليتبوأ مكانة على حساب المسرح الرسمى الغائب؟؟ يحدث هذا علنًا دون أن يحاسبه على تقاعسه فى أداء عمله داخل الوزارة، ورضاه بإغلاق المسارح، وتقليص حجم الإنتاج وضعفه الفنى.

يقام المهرجان فى الوقت الذى لا تستطيع فيه عروضنا منافسة العروض العربية، حين تشارك فى المهرجانات خارج مصر، وقبلًا كانت مصر قبلة الفنانين العرب، وكانت عروضها المسرحية تمثل علامة فارقة، ينشدون تقليدها، ويسعون لارتداء معطفها.

 وفى تقديرى أن تصحيح مسار المهرجان يحتاج إلى تنفيذ عدة نقاط، منها: العمل على تغيير اللائحة المنظمة لأعماله، مع مشاركة المسرحيين فى ندوة ختامية لوضع وتحديد عناصر التغيير، فضلًا عن تقليص دور أعضاء لجنة المسرح فى أعماله لمواجهة الشللية ومراكز القوى، وتعاون كافة قطاعات الوزارة فى متابعة أعماله، ومشاركة المسرحيين – على تباينهم – فى لجانه وندواته.