مركز مهم لأوروبا.. مصر تراهن على مستقبل الطاقة المتجددة‎

بعد أن حققت الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، تسير مصر بخطوات سريعة في مجال الاعتماد على الطاقة المتجددة، إذ تسعى إلى التحول لمركز إقليمي للطاقة مستندة إلى البنية الأساسية المتوافرة لديها.

فعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي واجهتها مصر في قطاع الطاقة لديها خلال الفترة السابقة، تمكنت من اتخاذ عدد من الإجراءات وسياسات الإصلاح لإطلاق عملية التحول في الطاقة وفتح أسواق للاستثمارات في مختلف مجالات الطاقة.

برز هذا الأمر جليا من خلال توقيع مذكرة تفاهم بين مصر والاتحاد الأوروبي، تتضمن العمل المشترك بين الجانبين في مجالات الدعم لقطاع الطاقة المصري بشقيه من البترول والغاز، والكهرباء، بالإضافة إلى مجال الطاقة المتجددة..

هذا ما أكده سفير الاتحاد الأوروبي بالقاهرة، إيفان سوركوش، إذ قال إن الغاز في دول البحر المتوسط وخصوصا في مصر "مهم" بالنسبة لأوروبا، وإن الاستثمار في البلاد أمر ضروري لتنويع مصادر الغاز في أوروبا التي تعتمد على الغاز الروسي بشكل شبه حصري، مضيفا أن هذا الأمر "ليس جيدا لأمن الاتحاد".

وأكد سوركوش، خلال تصريحات صحفية، دعم الاتحاد لمساعي الحكومة المصرية للتحول إلى مركز طاقة إقليمي، مشيرا إلى دعمه لمنتدى "غاز شرق المتوسط" والمقرر عقده في القاهرة.

ويشكل "منتدى غاز شرق المتوسط" فرصة للدول المتوسطية لتحقيق تعاون أكبر يعود بالنفع عليها، خصوصا مع وجود احتياطات كبيرة من الغاز فى هذا الإقليم، التي تقدر بنحو 122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.

تصدير الغاز

وفي السياق ذاته، قال  الدكتور أحمد البلتاجي، رئيس قطاع الطاقة والنقل في بعثة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة، إن العام المقبل سيشهد بدء تصدير الغاز، مشيرا إلى أن التصدير قد لا يقتصر على الغاز المسال المستخرج من الحقول المصرية فقط، بل قد يمتد إلى "غاز الترانزيت"، مؤكدا دعم الاتحاد الأوروبي لتمويل عمليات التخزين والنقل إلى الخارج، ما يوفر ربحا أكبر في تحول مصر لمركز إقليمي للطاقة.

تنويع مصادر الطاقة

وعلى الرغم من وجود تلك الاحتياطيات الكبيرة من الغاز، تسعى القاهرة لتنويع مصادر الطاقة لتلبية متطلبات التنمية وتحسين حوكمة منظومة الطاقة في مصر، وفقا لتصريحات البلتاجي.

وأشاد مسؤول الاتحاد الأوروبي بقدرات السوق المصرية للطاقة، في ظل تبني الحكومة لاستراتيجية الطاقة 2035، والتي تتضمن تكثيف مشاركة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة التقليدية لتصل نسبتها إلى نحو 40% حتى عام 2035.

ولفت البلتاجي، إلى أن قطاع الطاقة المصري شهد تغييرات جذرية على مدار السنوات الأخيرة، إذ وصلت نسبة الطاقات المتجددة إلى نحو 8%، ومن المتوقع أن ترتفع لتصل إلى 20% فى عام 2022".

وأوضح أن هذا التحول برز من خلال العديد من المشروعات التي عملت على تحسين كفاءة الطاقة، في محاولة لتحقيق استراتيجية البلاد العام 2035.

مشروع بنبان

وعن أبرز مشروعات الطاقة المتجددة التي أقيمت في مصر، تحدث البلتاجي بشأن مجمع "بنبان" الذي يعد أكبر مجمع للطاقة الشمسية في العالم، و تبلغ تكلفته 2.8 مليار دولار، ويقع بمحافظة أسوان.

ولفت إلى أن هذا المشروع وفر الآلاف من فرصة العمل الأمر الذى ساهم بدوره أيضا فى خفض نسبة البطالة، منوها بأن مصر تسعى إلى أن تتحول إلى منصة لإنتاج الطاقة.

ويشار إلى أن البنك الدولى، كان قد أعلن فوز مشروع الطاقة الشمسية فى بنبان بمحافظة أسوان، بأفضل مشروعات البنك تميزًا على مستوى العالم.

كما أشادت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية، بهذا المشروع قائلة إن "هذا المشروع سيؤدى إلى إحداث ثورة فى إمدادات الطاقة للأمة"، مضيفة أن هذا المشروع سوف يضع مصر بمفردها على خريطة الطاقة النظيفة.

مزارع الرياح

لم يكن "بنبان" الطفرة الوحيدة التى شهدتها بمصر بقطاع الطاقة المتجددة، إذ قام الاتحاد الأوروبى بالتعاون مع وزارة الكهرباء والطاقة، بتدشين أضخم مزرعة رياح فى إفريقيا بمحطة الزعفرانة وجبل الزيت وخليج السويس.

وتشكل مزارع الرياح جزءًا مهمًا فى استراتيجية الطاقة طويلة الأمد لمصر، والتى تهدف إلى استغلال مصادر الطاقة المتجددة المتوفرة بكثرة فى البلاد. وتبلغ الميزانية الإجمالية للمشروع 340 مليون يورو تشمل منحة بقيمة 30 مليون يورو مقدمة من الاتحاد الأوروبى.

وتساهم تلك المشروعات فى تلبية احتياجات مصر من الطاقة من خلال تشجيع استخدام الطاقة المتجددة للاستفادة من الموارد المحلية المميزة فى توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

ونتيجة لما سبق، أصبح عدد كبير من المستثمرين على ثقة فى قطاع الطاقة المصرى، إذ تقدم العديد منهم للاستثمار فى مشاريع القطاع الذى نجح فى الحصول على عروض بسعر تنافسى للطاقة المنتجة من محطات الطاقة الشمسية، وتلك المنتجة من مزارع الرياح.