رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

شبح «الثانوية العامة» يحاصر الأسرة المصرية

«الزمان» تقدم روشتة نفسية للتغلب على أزمات المرحلة التعليمية المميتة

حالات إغماء ووفاة مع انطلاق ماراثون الثانوية العامة

خبراء: «مفيش حاجة اسمها كليات قمة وقاع»

 

تمثل الثانوية العامة كابوسا مخيفا لطلاب وأولياء الأمور، وشبحا يطاردهم، آناء الليل وأطراف النهار، وتعيش فيها الأسرة الذى يخضع أبناؤها لهذه الشهادة المرهقة أسوأ تجربة فى سنوات الدراسة كلها، وسط ضغوط وحالة صعبة يعيشها الطلاب التى قد تشبه الحرب النفسية وتسبب فى إصابتهم بالاكتئاب الشديد إلى جانب عزوفهم تحت مشاعر الضغط والتوتر إلى ترك المادة العلمية والتمرد على كل القيود التى تفرض عليهم.

ومع انطلاق ماراثون الثانوية العامة بمادة اللغة العربية والتربية الدينية، ظهرت حالات من فقد الوعى والانتحار والوفاة بين عدد من الطلاب، وهو الأمر الذى أصبح يتكرر كل عام لتصبح الثانوية بعبع يطارد أرواح الأسر المصرية.

وفقدت طالبة بالشرقية حياتها إثر تناولها جرعة زائدة من العقاقير المهدئة للتخلص من إصابتها بالخوف والقلق من امتحاناتها، وذلك داخل منزل أسرتها بقرية هربيط التابعة لدائرة مركز شرطة أبو كبير، إلا أن الجرعة أحدثت نزيفا بالمعدة، ولفظت أنفاسها أثناء نقلها إلى المستشفى، وبالعرض على النيابة العامة صرحت بالدفن لعدم وجود شبهة جنائية.

كما ارتفع عدد الحالات المصابة فى لجان الثانوية العامة إذ سجلت ما يقرب من 35 حالة ففى محافظة قنا، 5 حالات من بينهم ملاحظ لجنة، أصيبوا جميعا بإغماء ومغص كلوى خلال أدائهم امتحان مادة اللغة العربية للثانوية العامة فى لجان مختلفة.

وأصيب أيضا 6 طلاب بإعياء شديد وتوتر عصبى ومغص كلوى، خلال امتحانات الثانوية العامة بعدد من لجان مراكز كوم حمادة وأبو حمص وحوش عيسى وإدكو بمحافظة البحيرة، وجرى نقلهم إلى المستشفيات لإسعافهم وتقديم العلاج اللازم لهم.

من جانبه قال الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة، إن الجميع ينظر إلى الثانوية العامة على أنها أهم مرحلة فى الحياة لكونها تمثل المرحلة المفصلية، أو عنق الزجاجة للعملية التعليمية ككل، ولكن هذا ليس بصحيح، فلكل مرحلة من مراحل التعليم أهميتها فى تشكيل وعى الطالب وتهذيب سلوكه، فالأمر ليس مقتصرا على المجموع الكبير الذى يحصل عليه طالب الثانوية العامة ودخوله أحد كليات القمة.

وأضاف فرويز لـ«الزمان» أن الثانوية العامة أصبحت كابوسا يطارد الطلاب، بسبب الضغط النفسى الذى يتعرض له الطالب أو الطالبة من الأسرة، الأمر الذى يؤدى لإصابته بخوف شديد حال الفشل وقد يصل الأمر إلى الاكتئاب الذى يجعله يتخذ قرار الانتحار بصورة مفاجئة بلا تفكير، إذ يشعر بأن حياته بلا قيمة ويجب عليه الابتعاد عن أسرته وعن العقاب الذى ينتظره.

وفى نفس السياق، استنكر الدكتور عمار على حسن، أستاذ علم الاجتماع، ما وصلت إليه المعتقدات والأفكار الخاطئة لدى المجتمع المصرى، مشيرا إلى أننا المجتمع الوحيد الذى يتمسك بمسميات غريبة مثل كليات القمة والقاع، مشددا على ضرورة التخلص من مشاعر الرهبة والخوف من امتحانات الثانوية العامة وعدم التعامل معها على أنها مسألة حياة أو موت، مؤكدا أن هناك بعض الطلاب لا يصلحون لكلية بعينها لمجرد كونها كلية قمة أو لأنها ليس لها علاقة بسوق العمل.

ووجه أستاذ علم الاجتماع من خلال «الزمان» نصائح قوية لأولياء الأمور نظرا لأن المسئولية الكبرى تقع على عاتقهم، إذ أن التوتر والقلق يبدأ من المنزل فى المرتبة الأولى، لافتا إلى ضرورة التعامل مع امتحانات الثانوية العامة على أنها امتحان عادى وطبيعى لا يشعر الطالب فيه بالإرهاق أو التوتر.

 وأشار إلى وجود فروق فردية متفاوتة بين الأبناء فلا يجب مقارنتهم مع أحد، مما قد يتنافى مع طبيعة تلك الفروق والسمات الفردية فيزداد القلق المؤدى إلى الإحباط.

وأكد الخبير التربوى، محمد عبدالعزيز، أنه على طلاب الثانوية العامة أن يضعوا فى مخيلتهم أنها ليست نهاية العالم، لكنها سنة عادية، وامتحان مثل أى امتحان، موضحا أن الهدوء النفسى عامل أساسى فى الامتحان، لكى يستطيع أن يجيب على نموذج الامتحان، ولا بد من قيام وزارة التربية والتعليم بطمأنة الطلاب بين الحين والآخر، والسيطرة على ظاهرة تسريب الامتحانات حتى لا يفقد الطلاب حماسهم ويضيع تعبهم ومجهودهم.

وناشد عبدالعزيز الطلاب قائلا: «الامتحان اللى يعدى منفكرش فيه تانى.. ولا نبكى على اللبن المسكوب.. وأن نبتعد عن الناس اللذين ينشرون الطاقة السلبية ومشاعر التوتر والقلق النفسى».

وانطلقت امتحانات الدور الأول لشهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة للعام للفصل الدراسى 2018/2019، السبت الماضى، والتى من المقرر أن تستمر لمدة 20 يوما.

ويؤدى أكثر من 669 ألف طالب وطالبة فى الشعب الأدبية والعملية امتحانات الثانوية العامة على مستوى الجمهورية، بينهم 192 طالبا وطالبة مكفوفين فى 23 لجنة بالمحافظات.