رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

الأوقاف تلبي نداء الرئيس السيسي.. وتجمع أئمة الدين تحت سماء قاهرة المعز للاجتهاد في المسائل الدينية

وزير الأوقاف: باب الاجتهاد مفتوح بل مشاع إلى يوم القيامة ولكن بأصول وضوابط


«الخطاب الديني لا بد أن يواكب العصر، والإرهاب فكرة شيطانية هدفها ضرب مركز ثقل الديني للإنسانية.. أدعو علماءنا وأئمتنا ومثقفينا إلى بذل مزيد من الجهد في دورهم التنويري».. تصريحات أدلى بها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، دعى من خلالها علماء الأديان للوقوف بجانب بعضهم البعض لمحاربة التطرف وأفكار الجماعات المتشددة، بل وحث الرئيس خلال العديد من لقائته ومؤتمراته على ضرورة الاجتهاد والتطور في البحث العلمي.

فما كان من وزارة الأوقاف المصرية بقيادة الأستاذ الدكتور محمد مختار جمعةـ إلا أن تلبي نداء الرئيس السيسي وتبذل قصارى جهدها للاجتهاد في علوم الدين مستعينة بفئة ليس بالقليلة من العلماء الأجلاء، جمعتهم في المؤتمر الدولي 33 للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، تحت عنوان: "الاجتهاد ضرورة العصر: صوره – ضوابطه – رجاله – الحاجة إليه"

وذلك بحضور وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية، والمفتين، والعلماء، والمفكرين، والمثقفين، والبرلمانيين، والإعلاميين، والكتَّاب، من مختلف دول العالم.

وأكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أنه على رأس كل مائة سنة يرسل للأمة من يجدد لها دينها، وطبيعي هذا التجديد لا يكون إلا بالاجتهاد والنظر ومراعاة ظروف العصر ومستجداته.

وأشار وزير الأوقاف خلال مؤتمر الاجتهاد ضرورة العصر إلى أن باب الاجتهاد مفتوح بل مشاع إلى يوم القيامة، ولكن له أصوله وضوابطه ورجاله الذين أفنوا حياتهم في طلب العلم الشرعي، وفهم أصوله وقواعده وما آلت إليه الأمور ومقاصدها ممن يدركون معنى ثقل المقاصد، ومتى تكون المصلح مقدمة على المفسدة؟ ومتى تحتمل المفسدة اليسيرة لتحقيق المصلحة العظيمة؟ وكيف يكون الترجيح بين مصلحة ومصلحة باختيار أعظمهما نفعا؟ وكيف يكون الترجيح بين مفسدة ومفسدة باختيار المفسدة الأخف منهما.

وأوضح الدكتور مختار جمعة أن الاجتهاد الذي نسعى إليه يجب أن ينضبط بميزان الشرع والعقل معا، وألا يترك نهبا لغير المؤهلين أو غير المتخصصين أو المتطاولين على دين، ويريدون هدم الثوابت تحت دعوى الاجتهاد أو التجديد، فالميزان دقيق والمرحلة في غاية الدقة والخطورة بما يكتنفها من تحديات جسام في الداخل والخارج وعلى المحيط العالمي.

أمين منتدى الهند الإسلامي: المؤتمر يناقش موضوعات تمثل محاولات الفقهاء في إصدار الفتاوى الصحيحة

من جانبه قال الأمين العام لمنتدى الهند الإسلامي للوسطية والحوار الدكتور محمد سليم الندوي، إن مؤتمر الأوقاف رهيب وعظيم بشأنه فقد جاء في أوانه ومكانه، فهو جمع المسلمين على قلب رجل واحد.

وأضاف الدكتور الندوي في تصريح خاص لـ"الزمان" حينما حضرنا إلى تلك البلاد الطيبة مصر شعرت وأنني في موطني الهند، فهناك تشابه كبير بين شعبي الهند ومصر في الحضارة والمعاملة والثقافة وغيرها من الأشياء.

وأكد الأمين العام لمنتدى الهند الإسلامي للوسطية والحوار أن مصر وما تقوم به ما تطوير على جميع الأصعدة يسطره التاريخ بالذهب، خاصة في باب الاجتهاد بالدين، والمسائل الفقهية التي تمثل إشكالية بين طوائف المسلمين، باختلاف مذاهبهم.

مدير المركز النيجيري للبحوث: وزارة الأوقاف المصرية تتوجه نحو رؤية أكثر اتساعا وعمقا

من ناحية أخرى قال الدكتور الخضر عبد الباقي محمد مدير المركز النيجيري للبحوث العربية، إن جاء بعنوان مهم جدا، جاء في توقيته المناسب، فهو يناقش موضوعات تمثل محاولات الفقهاء في إصدار الفتاوى والاجتهاد فيها، والوصول إلى مفهمو صحيح الدين.

وأضاف الدكتور الخضر عبد الباقي في تصريح خاص لـ"الزمان" فاليوم وزارة الأوقاف تتوجه نحو رؤية أكثر اتساعا وعمقا، بيستنير الفقيه ويستنير المجتهد، وذلك بالتواصل مع المختصين وذوي الخبرة ومن ثم نصل للنتائج المرجوة.

ولفت مدير المركز النيجيري للبحوث العربية إلى أن الاجتهاد الآن هو اجتهاد جماعي، وهو التوجه الذي تتوجه له جميع دور الإفتاء ووزارات الأوقاف حول العالم في هذا التوقيت، مشيرا إلى أن وزارة الأوقاف المصرية تقوم بجهود غير مسبوقة في ظل قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وأجمع المشاركون في المؤتمر على إصدار وثيقة القاهرة لتعزيز ثقافة الاجتهاد، لتكون نبراسًا يُستضاء به في هذا المجال وتتضمن الآتي:

1. الاجتهاد ضرورة العصر وكل عصر، وبابه مفتوح بل مُشرَع إلى يوم القيامة، غير أن له أصوله وضوابطه ورجاله الذين أفنوا حياتهم في طلب العلم الشرعي وفهم أصوله وقواعده ومآلات الأمور ومقاصدها ممن يدركون فقه المقاصد والمآلات والأولويات، وتقديم المصلحة على المفسدة، ومتى تحتمل المفسدة اليسيرة لتحقيق المصلحة العظيمة، وكيف يكون الترجيح بين مصلحة ومصلحة باختيار أعظمهما نفعًا، وكيف يكون الترجيح بين مفسدة ومفسدة باختيار المفسدة الأخف منهما ضررًا.

2. التأكيد على الحاجة الملحة لإرساء وترسيخ قواعد الاجتهاد وضوابطه، وبخاصة الاجتهادُ الجماعيُّ في القضايا التي لا يمكن الاعتماد فيها على الأقوال الفردية، والتي تتطلب الفتوى فيها خبرات متعددة ومتكاملة، ولا سيما في القضايا الاقتصادية والطبية والبيطرية والمناخية وشئون الهندسة الزراعية والوراثية وغير ذلك من مفردات حياتنا ومستجدات عصرنا التي تحتاج إلى رأي أهل الخبرة لتُبنَى عليه الفتوى، فالرأي الشرعي في القضايا الحياتية المستجدة يُبنى على الرأي العلمي ولا يسبقه.

3. أن الاجتهاد الذي نسعى إليه يجب أن ينضبط بميزان الشرع والعقل معا، وألا يُترك نهبًا لغير المؤهلين وغير المتخصصين أو المتطاولين الذين يريدون هدم الثوابت تحت دعوى الاجتهاد أو التجديد، فالميزان دقيق، والمرحلة في غاية الدقة والخطورة ؛ لما يكتنفها من تحديات في الداخل والخارج.

4. أن المساس بثوابت العقيدة والتجرؤ عليها وإنكار ما استقر منها في وجدان الأمة لا يخدم سوى قوى التطرف والإرهاب وخاصة في ظل الظروف التي نمر بها؛ لأن الجماعات المتطرفة تستغل مثل هذه السقطات أو الإسقاطات لترويج شائعات التفريط في الثوابت؛ مما ينبغي التنبه له والحذر منه، فإذا أردنا أن نقضي على التشدد من جذوره فلا بد أن نقضي - كذلك - على التسيب من جذوره، فلكل فعلٍ ردّ فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه.

5. أن شروط المجتهد الفرد يجب أن تتوفر في مجمل أعضاء المؤسسات العلمية الاجتهادية الجماعية المعتمدة متكاملين.

6. الدعوة إلى تجريم الفتاوى الفردية في قضايا الشأن العام لغير المتخصصين، والعمل على توسيع دائرة الاجتهاد الجماعي المؤسسي.

7. ضرورة الاهتمام بقضية الثابت والمتغير، والاستفادة من القياس على الأشباه والنظائر في ضوء فهم علل الأحكام ومقاصدها، وسعة الشريعة ومرونتها، وذلك لمواكبة النوازل والأمور الحادثة والطارئة والمستجدة مع الحفاظ على ثوابت الشرع الشريف.

8. أن الاجتهاد في القضايا المستحدثة التي تواجه المسلمين وغيرهم في مختلف أنحاء العالم وبخاصة قضايا الأقليات المسلمة هو واجب الوقت؛ لرفع الحرج والمشقة عنهم، والإسهام في اندماجهم الجاد والبناء في مجتمعاتهم التي يعيشون فيها.

9. التأكيد على أن الاجتهاد العصري المنضبط وتعزيز ثقافته بين المجتمعات والأمم والشعوب هو الضمانة الأساسية لإثراء العقل الجمعي بالتجديد المستدام، وحماية البلاد والعباد من مغبة الجمود والتشدد والشذوذ الفكري والسلوكي، وأن الاجتهاد المعتبر هو الاجتهاد المبني على قواعد الشرع الراسخة، وأن مفهوم الاجتهاد بمعناه الصحيح يؤكد عظمة الشريعة الإسلامية ومرونتها وسعتها، ويعفي الأمة من فتاوى الجهال والمنحرفين وغير المؤهلين.

10. التنبيه على خطورة الجمود وتداعياته ومخاطر الأخذ بظواهر النصوص أو استدعاء بعض الفتاوى التي ناسبت ظروفًا معينة في أوقات معينة وإسقاطها على غير مظانها، مع ضرورة تأهيل المجتهدين بالتأهيل العلمي: تفسيرًا وحديثًا وفقهًا وأصولًا ولغة، مع دراسة الواقع وظروف الناس، وصولا لصحيح الفهم والاجتهاد الذي يتسق وفقه الواقع ومقاصد الشرع.

11. على علماء كل عصر أن يجتهدوا لزمانهم في ضوء مستجداته الحضارية، ومشكلاته الجديدة، من خلال التفكير والبحث العلمي، وإعمال العقل في فهم صحيح الشرع، مع التوصية بعمل موسوعة عصرية لقضايا الاجتهاد، وهو ما كلفنا به فريق العمل بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة.

12. أهمية الاجتهاد الجماعي والمؤسسي؛ لأنه أكثر عمقًا ودقة، وأحرى إصابة، كونه يضم الكثير من العلماء والخبراء المتخصصين، كما أنه سبيل ضامن إلى اتحاد الرؤية في حل كثير من المشكلات.

13. ضرورة إعداد جيل من العلماء وتكوين الكوادر العلمية الكافية التي تدرك مقاصد الشرع والمراد منها وتتوفر فيها شروط الاجتهاد وأحكامه وضوابطه؛ لتقوم بفرض الكفاية في تعاملها مع الأحداث والوقائع وإعمال العقل فيما يقع من النوازل الكبرى والحوادث المعضلة، والبحث عن حلول شرعية لها تتسق وفقه الواقع.

14. ضرورة تفكيك خطاب التطرف، والعمل على نشر سماحة الإسلام ووسطيته، وبناء الوعي الصحيح حول مفهوم المواطنة التي هي ركن أصيل في بناء الدول.

15. بيان أهمية التجرد في الاجتهاد، بألا يشوبه ميل حزبي أو طائفي أو عرقي أو قبلي أو أي علة تخرج به عن مساره الصحيح.

16. ضرورة نشر الوعي بين الناس بالتفرقة بين الاجتهاد والتقول بالرأي، فالاجتهاد قائم على أسس وقواعد وضوابط وشروط، أما التقول بالرأي فلا أساس له وقد يَنْسِب صاحبه إلى الشرع الشريف ما ليس فيه لعدم فهمه للنص وعدم تعمقه ومعرفته به.