رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

اتحاد ”مصرى قبرصى يونانى” لمواجهة العبث التركى فى البحر المتوسط

أردوغان يسعى لاحتلال الأجواء الليبية.. وأنقرة تتحدى أمريكا وأوروبا للتنقيب عن الغاز

أردوغان
أردوغان

قال الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، إن بلاده ماضية فى تنفيذ الاتفاق مع ليبيا، مؤكدا على أن مواقف مصر وقبرص واليونان لن تؤثر عليها، وذلك عقب توقيع أنقرة مع طرابلس برئاسة رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج، الذى زار تركيا نهاية نوفمبر الماضى، مذكرتى تفاهم بشأن التعاون العسكرى وترسيم الحدود فى البحر المتوسط، واعتبر أردوغان الاتفاق "حق سيادى" لتركيا وليبيا ولن يناقش هذا الحق مع أحد، وأثارت هذه الاتفاقية توترات خارجية وانتقادات داخلية بين دول حوض المتوسط، فهى من ناحية ستفتح لأنقرة الطريق لإرسال الدعم إشعال الأزمة الليبية من خلال الميليشيات المسلحة، بالإضافة إلى كون طرابلس بوابة أنقرة لاستغلال للاستحواذ على مصادر الطاقة.

ولم يتم الإعلان عن تفاصيل الاتفاق، الذى تم توقيعه فى إسطنبول فى 27 نوفمبر الماضى، ومن جانبه قال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، حامى أقصوى، أن الاتفاق المتعلق بتحديد مناطق النفوذ البحرية لتركيا، موقع وفقا للقانون الدولى، وتمتد المنطقة الموقع الاتفاق بشأنها من جنوب غرب تركيا إلى شمال شرق ليبيا عبر المنطقة التى تطالب بها اليونان وقبرص حاليًا، حيث توجد خطط مستقبلية لخط أنابيب الغاز بربط حقول غاز شرق البحر المتوسط بالأسواق الأوروبية.

وفى أعقاب توقيع المذكرة، أصدرت لجنة الشئون الخارجية والتعاون الدولى بمجلس النواب الليبى بيانًا قالت فيه إن الصفقة ستمنح أنقرة حق استخدام المجال الجوى الليبى والمياه الإقليمية، الأمر الذى يسمح لتركيا ببناء قواعد عسكرية على الأراضى الليبية.

وجاء توقيع مذكرة التفاهم فى الوقت الذى تواصل فيه السفن التركية أنشطة الحفر والتنقيب عن الغاز داخل المياه الإقليمية لقبرص، وتعتبر مطالبات أنقرة ضرورية لضمان تقاسم عائدات الغاز بين جمهورية قبرص وجمهورية شمال قبرص التركية، الأمر الذى كان من تداعياته تهديد العاصمة اليونانية أثينا بطرد السفير الليبى فى حال عدم الإفصاح عن تفاصيل الاتفاق العسكرى بحلول اليوم الجمعة، وأعلن رئيس الوزراء اليونانى، كيرياكوس ميتسوتاكيس، أن بلاده طلبت بالفعل الدعم من الناتو وقال ميتسوتاكيس إن "الحلف لا يمكنه الوقوف بلا مبالاة عندما ينتهك أحد أعضائه القانون الدولى ويسعى إلى إلحاق الضرر بعضو آخر".

ورداً على الاتفاقية التركية الليبية، زار وزير الخارجية اليونانى نيكوس دندياس القاهرة لإجراء محادثات مع نظيره المصرى سامح شكرى، قال دندياس على هامش الاجتماع إن رئيس حكومة الوفاق السراج "ربما يفتقر إلى الشرعية اللازمة للتوقيع على هذه المذكرات"، "لكنهم يعملون كعوامل مزعزعة للاستقرار فى المنطقة".

وأوضح جليل حرشاوى، باحث متخصص فى ليبيا فى معهد كلينجيندال، أن المسئولين الأتراك على الأرجح ذلك كان ردهم على عزلة بلادهم عن تطورات الطاقة الجارية فى المنطقة عقب إنشاء منتدى شرق البحر المتوسط للغاز فى وقت سابق من العام الجارى بين جمهورية قبرص، اليونان، إسرائيل، الأردن، فلسطين، مصر وإيطاليا.

وقال حرشاوى للمونيتور: "إن تركيا مهتمة بشدة بالدفاع عن تفسيرها لقانون المياه الإقليمية"، وأورد أن "تركيا تحتاج من أجل تعزيز خطابها القانونى على المسرح الدولى إلى شريك آخر غير شمال قبرص، وهذا ما تتوقعه تركيا من حكومة الوفاق الوطنى فى طرابلس".

وقال حرشاوى إن أنقرة تسعى إلى الحصول على سابقة للتطورات المستقبلية فى شرق البحر المتوسط، حيث أشار المسئولون الأتراك مرارًا إلى أن أنشطة التنقيب عن الغاز ستستمر على الرغم من التهديد المتزايد للعقوبات من جانب الاتحاد الأوروبى فيما يتعلق بالتنقيب.

ومن جانبها وصفت وزارة الخارجية الأمريكية ذلك الاتفاق بين أنقرة وطرابس بأنه "غير مفيد واستفزازى"، قائلة إنه يخاطر "بإثارة التوترات فى شرق البحر المتوسط فى وقت حساس".

وقال هارى تسيميتراس، مدير مركز أوسلو لبحوث السلام فى قبرص، إن أنقرة "تزيد المخاطر" فى المنطقة من خلال جلب لاعب جديد إلى المنافسة على الموارد، ومتابعا أن هذه الخطوة تشكل عقبات كبيرة أمام مسئولى الاتحاد الأوروبى لأن تركيا لم تعد تعمل بمفردها فى سياسة الطاقة وستحتاج التداعيات إلى توريط طرابلس.

وفى هذا السياق، أوضح الدكتور عادل بدير الخبير بالشأن التركى، أن الاتفاق الذى أبرمه "السراج" مع تركيا ليس اتفاقية دولية ولا معاهدة دولية، وإنما فقط عبارة عن مذكرة تفاهم، فإن ما سيحدث بناء على هاتين المذكرتين ستعتبر إجراءات مؤقتة، لأن الطرفين لم يودعا المعاهدة لدى الأمم المتحدة، وإذا أودعاها فإنه حينها سيحق لمصر واليونان وقبرص الاعتراض لدى الأمم المتحدة.

وأضاف، أن الاتفاق الليبى التركى بواسطة حكومة غير شرعية، هو إعلان حرب فى المنطقة، وتعمل على خلط الأوراق فى شرقى المتوسط من جديد والاتفاق من شأنه الادعاء بحماية حقوق تركيا ومنع اليونان وقبرص من القيام بخطوات استباقية إلى جانب أنه يتيح لتركيا التحرك عسكرياً لحماية تلك المناطق بشكل يتوافق مع الاتفاقيات الثنائية مع اليونان والقانون الدولى، وهو ما يجعلنا نشعر بأننا قادمون على مرحلة خطيرة.