الزمان
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

في ذكري ميلاد صاحب الابحاث المذهلة بالفيزياء والبصريات والتجارب العلمية

ابن الهيثم في يوم ميلاده عام 1040 رائد الحياة البشرية

العالم الجليل ابن الهيثم
العالم الجليل ابن الهيثم

اليوم يمثل ميلاد لشخصية رائدة في عدة مجالات علمية وهو ابو الحسن بن الهيثم حجيث ولد مثل اليوم 6 مارس من عام 1040

ويعد أبو علي الحسن بن الحسن بن الهيثم من اه العلماء الذين اناروا الطريق للبشرية بعلمهم ..

هو) عالم عربي مسلم قدم إسهامات كبيرة في الرياضيات والبصريات والفيزياء وعلم الفلك والهندسة وطب العيون والفلسفة العلمية والإدراك البصري والعلوم بصفة عامة بتجاربه التي أجراها مستخدمًا المنهج العلمي، وله العديد من المؤلفات والمكتشفات العلمية التي أكدها العلم الحديث.

 

صحح ابن الهيثم بعض المفاهيم السائدة في ذلك الوقت اعتمادًا على نظريات أرسطو وبطليموس وإقليدس، فأثبت ابن الهيثم حقيقة أن الضوء يأتي من الأجسام إلى العين، وليس العكس كما ساد الاعتقاد آنذاك، وإليه تُنسب مبادئ اختراع الكاميرا، وهو أول من شرّح العين تشريحاً كاملاً ووضح وظائف أعضائها، وهو أول من درس التأثيرات والعوامل النفسية للإبصار. كما أورد كتابه المناظر معادلة من الدرجة الرابعة حول انعكاس الضوء على المرايا الكروية، ما زالت تعرف باسم "مسألة ابن الهيثم".

 

يعتبر ابن الهيثم المؤسس الأول لعلم المناظر ومن رواد المنهج العلمي، وهو أيضاً من أوائل الفيزيائيين التجريبيين الذين تعاملوا مع نتائج الرصد والتجارب فقط في محاولة تفسيرها رياضياً دون اللجوء لتجارب أخرى.

 

انتقل ابن الهيثم إلى القاهرة حيث عاش معظم حياته، وهناك ذكر أنه بعلمه بالرياضيات يمكنه تنظيم فيضانات النيل. عندئذ، أمره الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله بتنفيذ أفكاره تلك. إلّا أن ابن الهيثم صُدم سريعاً باستحالة تنفيذ أفكاره، وعدل عنها، وخوفًا على حياته ادعى الجنون، فأُجبر على الإقامة بمنزله. حينئذ، كرّس ابن الهيثم حياته لعمله العلمي حتى وفاته.

ولد ابن الهيثم في البصرة سنة 354هـ/965م في فترة كانت تعد العصر الذهبي للإسلام، واختلف المؤرخون أكان من أصل عربي أم فارسي. مع ترجيح كونه عربي الاصل ،بدأ بطلب العلم خلال تلك الفترة التي قضاها في البصرة، حيث قرأ العديد من كتب العقيدة الإسلامية والكتب العلمية. من غير المؤكد أكان ابن الهيثم سني أم شيعي، فبعض المؤرخين يؤكد أنه سني أشعري كضياء الدين سردار ولورانس بيتاني ومعارض للمعتزلة، والبعض قال أنه معتزلي كبيتر إدوارد هودجسون، أو شيعي كعبد الحميد صبرة. مع ارجحية كونه من السنة .

 

جاء في كتاب إخبار العلماء بأخبار الحكماء للقفطي على لسان ابن الهيثم: «لو كنت بمصر لعملت بنيلها عملاً يحصل النفع في كل حالة من حالاته من زيادة ونقصان.» فوصل قوله هذا إلى الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله الذي دعاه إلى مصر لتنظيم فيضانات النيل، وأمده بما يريد للقيام بهذا المشروع، وهي مهمة التي تطلبت حينئذ بناء سد في الموقع الحالي لسد أسوان، وبعد أن تفقّد الموقع أدرك عدم جدوى هذا المشروع لضعف الإمكانات المتاحة في ذاك الوقت، وخوفًا من غضب الخليفة، إدعى الجنون، فاحتجز بمنزله من عام 401 هـ/1011م حتى وفاة الحاكم في عام 411 هـ/1021م. وخلال تلك الفترة، كتب كتابه الأشهر المناظر.

 

رغم أن هناك حكايات طويلة حول فرار ابن الهيثم إلى الشام، ثم مغامرته بالانتقال إلى بغداد في وقت لاحق، وقيل البصرة حيث تظاهر بالجنون، لكن من المؤكد أنه بقي في مصر حتى عام 428 هـ/1038م. خلال فترة وجوده في القاهرة، ارتبط ابن الهيثم بالجامع الأزهر، الذي كان بمثابة جامعة المدينة، وبعد انتهاء فترة إقامته الجبرية في منزله، كتب عشرات الأطروحات الأخرى في الفيزياء والفلك والرياضيات. ثم سافر بعد ذلك إلى الأندلس، حيث كان لديه متسع من الوقت لمساعيه العلمية والتي شملت البصريات والرياضيات والفيزياء والطب، والقيام ببعض التجارب العلمية؛ وكتب العديد من الكتب في تلك الموضوعات.

 

عرف ابن الهيثم بالبصري نسبةً إلى مسقط رأسه في مدينة البصرة، وعرفه الغرب باسم Alhazen (نقحرة: الهَزَن)، ولقّبوه ببطليموس الثاني (باللاتينية: Ptolemaeus Secundus) وبالفيزيائي في أوروبا القرون الوسطى. يعد ريزنر هو أول من أطلق عليه اسم "Alhazen"، بعدما كان يعرف باسم "Alhacen"، وهو الاسم الأقرب للنطق العربي. حظي هذا العمل بسمعة كبيرة خلال العصور الوسطى. في عام 1834، اكتشفت أعمال لابن الهيثم حول مواضيع هندسية في مكتبة فرنسا الوطنية في باريس، كما توجد بعض المخطوطات الأخرى في مكتبة بودلين في أكسفورد ومكتبة ليدن.

 

أعماله

كان لابن الهيثم إسهامات جليلة في مجال البصريات والفيزياء والتجارب العلمية، كما كانت مساهماته في علوم الفيزياء بصفة عامة وعلم البصريات خاصةً، محل تقدير وأساس لبداية حقبة جديدة في مجال أبحاث البصريات نظريًا وعمليًا. تركزت أبحاثه في البصريات على دراسة النظم البصرية باستخدام المرايا وخاصة على المرايا الكروية والمقعرة والزيغ الكروي، كما أثبت أن النسبة بين زاوية السقوط وزاوية الانكسار ليست متساوية، كما قدم عددًا من الأبحاث حول قوى تكبير العدسات.

 

وفي العالم الإسلامي، تأثر ابن رشد بأعمال ابن الهيثم في علم البصريات، كما طوّر العالم كمال الدين الفارسي (المتوفي عام 1320م) أعمال ابن الهيثم في علم البصريات، وطرحها في كتابه تنقيح المناظر . كما فسّر الفارسي وثيودوريك من فرايبرغ ظاهرة قوس قزح في القرن الرابع عشر، اعتمادًا على كتاب المناظر لابن الهيثم. واعتمد العالم الموسوعي تقي الدين الشامي على أعمال ابن الهيثم والفارسي، وطوّرها في كتابه نور حدقة الإبصار ونور حقيقة النظر عام 1574م.

 

تكريمًا لاسمه، أطلق اسمه على إحدى الفجوات البركانية على سطح القمر، وفي 7 فبراير 1999، أطلق اسمه على أحد الكويكبات المكتشفة حديثًا، وهو "59239 Alhazen". وفي باكستان، تم تكريم ابن الهيثم بإطلاق اسمه على كرسي طب العيون في جامعة آغاخان. وفي العراق، وضعت صورته على الدينار العراقي فئة عشرة دنانير منذ ثمانينيات القرن الماضي ثم 10,000 دينار الصادرة في عام 2003، كما كان اسمه يطلق على واحدة من المنشآت البحثية التي خضعت للتفتيش بواسطة مفتشي الأمم المتحدة الباحثين عن الأسلحة الكيميائية والبيولوجية في عهد الرئيس صدام حسين.

أعماله في علم الفلك

تشكيكه في نظريات بطليموس

انتقد ابن الهيثم في مخطوطته شكوك على بطليموس التي نشرها بين عامي 416 هـ و419 هـ، العديد من أعمال بطليموس بما في ذلك كتبه المجسطي والكواكب المفترضة والبصريات، مشيرًا إلى الكثير من المتناقضات التي وجدها في هذه الأعمال. اعتبر ابن الهيثم أن بعض الأجهزة الرياضية التي استخدمها بطليموس في علم الفلك، وخاصة معدل المسار، فشلت في الخصائص الفيزيائية للحركة الدائرية المنتظمة، وكتب نقدًا لاذعًا حول الواقع المادي لنظام بطليموس الفلكي، مشيرًا إلى عبثية اقتراحه بالربط بين الحركات الفيزيائية، والنقاط والخطوط والدوائر الرياضية الوهمية.

 

ابن الهيثم افترض بطليموس نظامًا لا يمكن أن يتواجد، والحقيقة أن هذا النظام الذي تخيله حول حركة الكواكب، لا يعفيه من الخطأ الذي افترضه في هذا النظام، فحركة الكواكب الموجودة لا يمكن أن تنتج وفق هذا النظام المفترض... فتصور الرجل لدائرة في السماء يدور فيها الكوكب ليست هي الدافع لحركة الكوكب. ابن الهيثم

وجّه ابن الهيثم المزيد من الانتقادات لأعمال بطليموس سواءً بالتجربة أو الملاحظة أو الاستنباط، لاستخدام بطليموس للحدس في نظرياته بدلاً من تسجيله لملاحظات حول الظواهر، وهو ما لم يرض عنه ابن الهيثم بسبب اصراره على استخدام التجارب العلمية. وخلافًا لبعض علماء الفلك الذين انتقدوا في وقت لاحق نظام بطليموس على أساس كونه يتعارض مع فلسفة الفيزياء الأرسطية، كان ابن الهيثم يعارضه بملاحظاته التجاربية والتناقضات الداخلية في أعمال بطليموس. وقد قال ابن الهيثم في مخطوطته، معلقًا ابن الهيثم على صعوبة تحقيق المعرفة العلمية:

 

ابن الهيثم الحقيقة ذاتها تبحث عن الحقائق، المغمورة في الشكوك (مثل أعمال بطليموس الذي قال أنه يحترمه كثيرًا) وليست بمنأى عن الخطأ... ابن الهيثم

وقال أن نقد تلك النظريات التي تسيطر على كتاب المجسطي، سيكون لها دورًا كبيرًا في نمو المعرفة العلمية :

 

ابن الهيثم إن الباحث عن الحقيقة ليس هو من يدرس كتابات القدماء، على حالتها ويضع ثقته فيها، بل هو من يُعلّق إيمانه بهم ويتساءل ما الذي جناه منهم. هو الذي يبحث عن الحجة، ولا يعتمد على أقوال إنسان طبيعته يملأها كل أنواع النقص والقصور. وبالتالي فإن من الواجب على من يحقق في كتابات العلماء، إذا كان البحث عن الحقيقة هدفه، هو أن يستنكر جميع ما يقرأه، ويستخدم عقله حتى النخاع لبحث تلك الأفكار من كل جانب. وعليه أن يتشكك في نتائج دراسته أيضًا، حتى يتجنب الوقوع في أي تحيز أو تساهل. ابن الهيثم

مخطوطة تكوين العالم

في مخطوطته تكوين العالم، على الرغم من انتقاداته الموجهة إلى بطليموس، تقبّل ابن الهيثم حول نظرية بطليموس حول كون الأرض مركز الكون، وقدّم وصفا تفصيليا للمجالات السماوية في تلك المخطوطة :

 

ابن الهيثم الأرض ككل كرة مركزها هو مركز العالم، وتتمركز في وسطه، وهي ثابتة لا تتحرك في أي إتجاه بأي نوع من الحركات، فهي دائمًا ساكنة. ابن الهيثم

في الوقت الذي كان فيه ابن الهيثم يحاول دراسة نظرية بطليموس تلك رياضياتيًا، قال بأن كل من كواكب بطليموس لها فلكها الخاص بها. تُرجم هذا العمل إلى العبرية واللاتينية في القرنين الثالث والرابع عشر الميلاديين، وكان له تأثير على علماء فلك مثل جورج فون بيورباخ في أوروبا العصور الوسطى وعصر النهضة.

 

نماذج حركات الكواكب السبعة

كانت مخطوطته نماذج حركات الكواكب السبعة التي كتبها عام 428 هـ عن علم الفلك. احتوت النسخة التي لا تزال باقية من هذه المخطوطة، والتي تم اكتشافها مؤخرًا رغم فقد معظمها، لذلك لم تنشر، وكما فعل في مخطوطة شكوكه على أعمال بطليموس. وصف ابن الهيثم أول نموذج بعد نموذج بطليموس حول حركة الكواكب. لم تكن المخطوطة متعلقة بعلم الكون، حيث وضع فيها دراسة هندسية منهجية حول ميكانيكية الحركة، وهو ما أدى بدوره إلى تطورات مبتكرة في هندسة متناهيات الصغر.

 

كان تجربته لنموذجه أول رفض لأفكار معدل المسار والدوائر الفلكية، والفلسفة الطبيعية في علم الفلك. طرح نموذج أيضًا فكرة دوران الأرض حول محورها، وأن مراكز الحركة نقاط هندسية دون دلالات مادية، مثلما أثبت يوهانس كيبلر ذلك بعد قرون. وفي المخطوطة، وصف ابن الهيثم أيضًا تصوّرا مبكرا لشفرة أوكام، حيث افترض وجود بعض الخصائص التي تميز الحركات الفلكية في حدها الأدنى، في محاولة منه في نموذجه للكواكب لتجاهل الفرضيات الكونية التي لا يمكن ملاحظتها من الأرض.

 

أعمال فلكية أخرى

فرّق ابن الهيثم بين علم التنجيم وعلم الفلك، وفنّد دراسة التنجيم، وذلك بسبب الأساليب التي يستخدمها المنجمون التي تعتمد على التخمين بدلاً من التجربة، ولتعارض التنجيم مع الإسلام.

 

في كتاب المناظر، كان ابن الهيثم أول من اكتشف أن المجالات السماوية لا تتكون من أجسام صلبة. اكتشف أيضًا أن الفضاء أقل كثافة من الهواء، وهو ما أثبته بعد ذلك ويتلو، وكان لها تأثير كبير على أعمال كوبرنيكس وتيخو براهي في علم الفلك.

 

كتب ابن الهيثم أيضًا أطروحة بعنوان في درب التبانة، والذي حل فيها المسائل المتعلقة بالمجرة وتزيح درب التبانة. قديمًا، اعتقد أرسطو أن درب التبانة تكوّن نتيجة ألسنة نيران بعض النجوم الكثيرة الكبيرة المتقاربة من بعضها البعض، وأن هذه النيران تشتعل في الجزء العلوي من الغلاف الجوي في مجالات أقمار تلك النجوم. استنكر ابن الهيثم ذلك لأنه ليس لمجرة درب التبانة تزيح، وهي بعيدة جدًا عن الأرض ولا تنتمي لغلاف الأرض الجوي. وكتب أنه إذا كانت مجرة درب اللبانة تقع حول الغلاف الجوي للأرض، "يجب على المرء أن يجد فرقًا في الموقع بالنسبة للنجوم الثابتة." ووصف طريقتين لوصف تزيح مجرة درب اللبانة : "إما عندما يلاحظ المرء درب التبانة في مناسبتين مختلفتين من نفس البقعة من الأرض، أو عندما ينظر أحد إليها في وقت واحد من مكانين متباعدين فوق سطح الأرض." وقدم أول محاولة لمراقبة وقياس تزيح مجرة درب اللبانة، وأثبت أنه ما دام ليس هناك تزيح لمجرة درب التبانة، فهي لا تنتمي إلى الغلاف الجوي.

 

في عام 1858م، إدعى محمد والي بن محمد جعفر في كتابه "شجراف نامه"، أن ابن الهيثم كتب مخطوطة مراتب السماء تصوّر فيها نموذجا للكواكب مشابه لنموذج تيخو براهي، حيث تدور الكواكب حول الشمس والتي بدورها تدور حول الأرض. ومع ذلك، لكن هذا التحقق من هذا الادعاء يبدو مستحيلاً، حيث لم يتم سرد مخطوطته تلك في قائمة كتب ابن الهيثم المعروفة.

 

أعماله في الرياضيات

في الرياضيات، اعتمد ابن الهيثم في عمله على أعمال إقليدس وثابت بن قرة. فقد وضع نظامًا للقطع المخروطي ونظرية الأعداد، والتي تعتبر من أقدم أعمال الهندسة التحليلية، وربط بين الجبر والهندسة، وهو ما استفاد منه رينيه ديكارت في تطوير الهندسة التحليلية وإسحاق نيوتن في التفاضل والتكامل.

 

الميكانيكا

في مجالات الديناميكا والحركة، ناقش ابن الهيثم مخطوطته رسالة في المكان نظريات حركة الأجسام. وأكد أن الأجسام في حركة دائمة ما لم يوقفها قوة خارجية أو يتغير اتجاهها. كان هذا مماثلا لمفهوم القصور الذاتي، ولكنه لم يحقق تلك الفرضية بالتجربة. كانت إضافته الرئيسية في الميكانيكا التقليدية، تعريفه لقوة الاحتكاك، التي أثبتها جاليليو جاليلي بعد عدة قرون، وصيغت بعد ذلك في قانون نيوتن الأول للحركة. وفي نفس المخطوطة، عارض فكرة أرسطو بأن الطبيعة تمقت فراغ، واستخدم الهندسة لإثبات أن المكان هو فراغ ثلاثي الأبعاد بين الأسطح الداخلية للجسم الذي يحتويه. كما اكتشف ابن الهيثم أيضًا مفهوم القوة الدافعة الذي أصبح جزءً من قانون نيوتن الثاني للحركة، في نفس الوقت تقريبًا الذي اكتشف فيه ابن سينا ذلك.

 

وفي كتاب المناظر، وضع العديد من ملاحظات ابن الهيثم التجاربية في الميكانيكا، وكيف استخدم نتائج تجاربه لتفسير ظواهر ضوئية معينة باستخدام القياس الميكانيكي. أجرى ابن الهيثم تجارب باستخدام قذائف، وخلُص إلى أنه "وحدها القذائف العمودية القوية بما يكفي لها القدرة على اختراق الأسطح، في حين أن التي تسقط بزاويا مائلة تحيد.

فعلى سبيل المثال، لشرح الانكسار من وسط قليل الكثافة إلى آخر أكثر كثافة وباستخدام القياس الميكانيكي، ألقى ابن الهيثم كرة حديد على لوح صخري رقيق يغطي حفرة واسعة في صفيحة معدنية عموديًا فكسرته واخترقت، في حين عندما ألقاها بزاوية مائلة بنفس القوة ومن نفس الارتفاع لم تخترق". فأوضح بذلك الفارق بين الاصطدام المرن، وغير المرن، واستخدم ابن الهيثم هذه النتيجة لشرح كيف أن الضوء الكثيف المباشر يؤذي العينين : "بتطبيقه للقياس الميكانيكي ليبين تأثير أشعة الضوء على العين، استخدم ابن الهيثم أشعة ضوئية قوية عمودية وأخرى ضعيفة مائلة، ليثبت أنه وحدها الأشعة القوية التي تخرج عموديًا من كل نقطة على سطح الكائنات المضيئة، هي القادرة على اختراق العين."

 

الهندسة

في الهندسة، طوّر ابن الهيثم علم الهندسة التحليلية وربط بين الجبر والهندسة. كما اكتشف ابن الهيثم صيغة إضافة أول 100 عدد طبيعي، واستخدم ابن الهيثم برهانًا هندسيًا لإثبات تلك الصيغة.

 

كانت أول محاولة لابن الهيثم لإثبات مسلمة التوازي الإقليدية والمسلمة الخامسة في كتاب العناصر لإقليدس، باستخدام البرهان بنقض الفرض، حيث قدم مفهومي الحركة والتحويل في الهندسة. كما اكتشف رباعي أضلاع لامبرت، الذي سماه بوريس إبراموفيتش روزنفيلد بـ "رباعي أضلاع ابن الهيثم-لامبرت"، وحاول أيضًا إثبات أوجه تشابهها مع مسلمة بلاي فير. كانت نظرياته حول رباعيات الأضلاع بما في ذلك رباعية لامبرت، أولى النظريات في الهندسة الإهليجية والهندسة الزائدية. هذه النظريات، إضافة إلى بدائلها المسلم بها مثل مسلمة بلاي فير، يمكن اعتبارها أول بداية للهندسة اللا إقليدية. كان لأعماله تأثيرًا كبيرًا على علماء الهندسة الفرس كعمر الخيام ونصير الدين الطوسي والأوروبيين كويتلو وجرسونيدس وجون واليس وساتشيري وكريستوفر كالفوس.

 

في الهندسة الأولية، حاول ابن الهيثم في مخطوطته مقالة في تربيع الدائرة حل مسألة تربيع الدائرة باستخدام الأشكال الهلالية، ولكنه توقف حينما وجدها مهمة مستحيلة. تناول ابن الهيثم أيضًا مشاكل أخرى هندسية أولية (إقليدية) ومتقدمة (أبولونية وأرخميدية)، وكان أول من حلّ بعضها.

 

نظرية الأعداد

 

ابن الهيثم على عملة من فئة 10,000 دينار عراقي

تضمنت اسهاماته في نظرية الأعداد أعماله حول الأعداد المثالية. وفي مخطوطته مقالة في التحليل والتركيب، كان ابن الهيثم أول من يدرك أن كل عدد مثالي له الصيغة 2ن−1(2ن − 1) حيث 2ن − 1 هو عدد أولي، لكنه لم يتمكن من إثبات هذه النتيجة بنجاح (أثبت أويلر ذلك في القرن الثامن عشر).

 

حلّ ابن الهيثم مسائل تتضمن حالات التطابق باستخدام ما يسمى الآن مبرهنة ويلسون. وفي كتابه المناظر، قال ابن الهيثم أنه لحل نظام من التطابقات، هناك طريقتين، "الأولى" الطريقة الكنسية مثلما ذكر ويلسون، و"الثانية" تشبه مبرهنة الباقي الصيني.

 

أعمال أخرى

علم النفس

في علم النفس والموسيقى، كان لابن الهيثم مخطوطة حول تأثير الأنغام على أرواح الحيوانات، والتي تعد أقدم مخطوطة تتعامل مع تأثير الموسيقى على الحيوانات. في تلك المخطوطة، قال سرعة الجمل تزداد وتقل مع استخدام الحداء، وضرب أمثلة أخرى حول كيفية تأثير الموسيقى على سلوك الحيوان وسيكولوجيته، وقد أجرى تجاربه على الطيور والخيول والزواحف. وحتى القرن التاسع عشر، اعتقد معظم علماء الغرب بأن الموسيقى لها تأثير واضح على ظاهر الإنسان، ولكن التجارب أثبتت وجهة نظر ابن الهيثم بأن الموسيقى لها تأثير على الحيوانات أيضًا. كما أكد العالم النفسي السوداني عمر خليفة أنه ينبغي اعتبار ابن الهيثم "مؤسس علم النفس التجريبي"، لعمله الرائد في علم نفس الإدراك البصري والخدع البصرية، وهو أيضًا مؤسس علم النفس الفيزيقي، أحد مقدمات لعلم النفس الحديث.

 

الهندسة المدنية

في مجال الهندسة المدنية، يعد أهم أعماله المدنية استدعاء الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله له لتنظيم فيضان النيل في مصر. أعد ابن الهيثم دراسة علمية مفصلة حول الفيضان السنوي لنهر النيل، ورسم ابن الهيثم خطة لبناء سد، في موقع سد أسوان في العصر الحديث. وأثناء معاينته العملية للموقع لاحقًا، تبين له عدم جدوى هذا المخطط، ثم إدعى الجنون ليفلت من عقاب الخليفة. كما ذكر عبد الرحمن الخازني، أن ابن الهيثم كتب أيضًا مخطوطة تُقدّم وصفًا لعمل ساعة مائية.

 

الفلسفة

في الفلسفة، انتقد ابن الهيثم في مخطوطة رسالة في المكان مفهوم التوبوس عند أرسطو. ففي فيزياء أرسطو، ذكر أرسطو أن المكان هو الشئ ثنائي الأبعاد الساكن الذي يحتوي الجسم ويتصل به. اختلف ابن الهيثم مع ذلك، وأثبت أن المكان هو فراغ ثلاثي الأبعاد بين الأسطح الداخلية للجسم الذي يحتويه. وأوضح أن المكان أقرب إلى فضاء، مما ألقى الضوء على مفهوم المكان عند رينيه ديكارت في القرن السابع عشر. بعد رسالة في المكان، كتب ابن الهيثم مخطوطته قول في المكان، والتي قدّم فيها إثباتًا هندسيًا حول هندسية المكان، يعارض مفهوم أرسطو الفلسفي حول المكان. وقد كتب عبد اللطيف البغدادي المؤيد لرأي أرسطو الفلسفي حول المكان، ردًا على تلك الفكرة بكتابه "الرد على ابن الهيثم في المكان".

 

ناقش ابن الهيثم أيضًا تخيل الفضاء وآثاره المعرفية في كتاب المناظر. كما أدى إثباته بالتجربة لنموذج ولوج الرؤية إلى تغييرات في فهم طريقة الإدراك البصري للفضاء، على النقيض من نظرية انبعاث الرؤية السابقة التي أيدها إقليدس وبطليموس.

 

يعتقد البعض أن نظريات ابن الهيثم حول الألم والإحساس متأثرة بالفلسفة البوذية، فقد كتب أن كل إحساس هو شكل من أشكال المعاناة، وأن ما يدعوه الناس بالألم هو مجرد مبالغة في التخيل؛ إذ لا يوجد فرق نوعي ولكن فقط فرق كمّي بين الألم والإحساس العادي.

 

العلوم الدينية

كتب ابن الهيثم عملاً دينيًا، تطرق فيه للنبوة ووضع نظامًا ذا معايير فلسفية لمقارعة المكذبين في زمنه. كما كتب مخطوطة حول "العثور على إتجاه القبلة بالحساب".

 

وقد كتب في مخطوطته حول شكوكه فيما يتعلق ببطليموس :

 

ابن الهيثم البحث عن الحقيقة في حد ذاتها أمر صعب، والطريق إلى ذلك وعر. فالحقائق يكتنفها الغموض. الله لم يعصم العلماء من الخطأ، ولم يحم العلم من القصور والنقص. لو كان هذا هو الحال، لما اختلف العلماء على أي من مسائل العلم....

 

كتب ابن الهيثم أيضًا أطروحة بعنوان في درب التبانة، والذي حل فيها المسائل المتعلقة بالمجرة

في عام 1858م، إدعى محمد والي بن محمد جعفر في كتابه "شجراف نامه"، أن ابن الهيثم كتب مخطوطة مراتب السماء تصوّر فيها نموذجا للكواكب مشابه لنموذج تيخو براهي، حيث تدور الكواكب حول الشمس والتي بدورها تدور حول الأرض. ومع ذلك، لكن هذا التحقق من هذا الادعاء يبدو مستحيلاً، حيث لم يتم سرد مخطوطته تلك في قائمة كتب ابن الهيثم المعروفة.

click here click here click here nawy nawy nawy