بريطانيا تعلن زيادة الانفاق الدفاعي للبلاد إلى 2.5% بحلول عام 2030 وزير المالية: تعيين 120 ألف شاب خلال العام المالي القادم مصر ترحب بالاتفاق بين أرمينيا وأذربيجان وزير المالية: 12 مليار دولار من إيرادات مشروع رأس الحكمة لصالح الخزانة العامة مجلس الوزراء: وتيرة الإفراج الجمركي عن البضائع عادت لطبيعتها قبل الأزمة الأخيرة النواب يحيل البيان المالي وخطة التنمية للجان النوعية ومجلس الشيوخ نتائج جهود أجهزة وزارة الداخلية لمكافحة جرائم الإتجار في المواد المخدرة نتائج جهود الأجهزة الأمنية بالقاهرة لمكافحة جرائم السرقات د. عصام فرحات يترأس اجتماع مجلسي كليتي الطب البشري والتربية الرياضية انفوجراف وفيديو.. تعرف على أنشطة وجهود مديريات الزراعة والطب البيطري خلال آخر أسبوع وزير المالية: تخصيص 636 مليار جنيه للدعم والمنح و575 مليار جنيه للأجور في الموازنة الجديد هالة السعيد أمام النواب: 179 مليار جنيه استثمارات موجهة لأنشطة الزراعة والري بخطة العام المالي القادم
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقال رئيس التحرير

قانون «جاستا» .. ظاهره شر وباطنه رحمة

يبدو‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬دفعه‭ ‬من‭ ‬عالمنا‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬إزاء‭ ‬أحداث الحادى عشر من سبتمبر في ‬أمريكا‭ ‬من‭ ‬إلصاق‭ ‬التهم‭ ‬وإهدار‭ ‬الكرامة‭ ‬وإراقة‭ ‬الدماء‭ ‬وتمزيق‭ ‬عرى‭ ‬عالمنا‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬كافيا‭ ‬أو‭ ‬شافيا‭ ‬للحقد‭ ‬الدفين‭ ‬الذي‭ ‬تكنه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والغرب‭ ‬لعالمنا‭.... ‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬كافيا‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬نتج‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬المدبرة‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬ودمار‭ ‬وتخريب‭ ‬وتغريب‭ ‬وتغيير‭ ‬وسطو‭ ‬وانتهاك‭... ‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬كافيا‭ ‬حالة‭ ‬الإهانة‭ ‬والمهانة‭ ‬والتقسيم‭ ‬والمحو‭ ‬الذي‭ ‬يشهده ‬عالمنا‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭... ‬إزاء‭ ‬هذه‭ ‬الحادثة‭ ‬الماكرة‭.. ‬ ولعل‭ ‬ما‭ ‬انتهى‭ ‬إليه‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬يوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬الماضي‭ ‬من‭ ‬رفض‭ ‬الفيتو‭ ‬الذي‭ ‬اتخذه‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي ‮‬أوباما‮ نحو‭ ‬قانون ‬‮«‬جاستا»‬‭ ‬ أكبر‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭.. ‬فمنذ‭ ‬عام‭ 1983 ‬أصدر‭ ‬رؤساء‭ ‬أمريكا‭ ‬المتتابعين‭ ‬نحو‭ ١٢ ‬فيتو‭ ‬كلهم‭ ‬نالوا‭ ‬احترام‭ ‬الكونجرس‭... ‬ سوى‭ ‬هذا‭ ‬الفيتو‭ ‬ترى‭ ‬لماذا؟‭!...

أتدرون‭ ‬لماذا؟؟‭ !!... ‬إنه‭ ‬لسبب‭ ‬بسيط‭ ‬للغاية‭ ‬لأن‭ ‬طبيعة‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬المسمى ‭‬‮بالـ «جاستا»‬‭ ‬ يتيح‭ ‬فرصة‭ ‬انتهاك‭ ‬سيادة‭ ‬الدول‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬لطبيعة‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ...‬وما تقتضيه وتفرضه من احترام سيادة الدول... لذلك رفض الكونجرس بأغلبية ساحقة فيتو الرئيس الأمريكى الحالى «أوباما»...

وحتى نقترب من المشهد أكثر... دعونا نتأمل فى طبيعة هذا القانون ولمن تم تفصيله ؟!...

هذا القانون يسمح للمواطنين رفع دعاوى قضائية ضد حكومات أجنبية وحتى نزيد الأمر وضوحا.. فلقد كان قبل صدور هذا القانون يُسمح لضحايا الأعمال الإرهابية بمقاضاة الدول التى تصنفها الخارجية الأمريكية فقط بأنها دول إرهابية كدولة إيران وغيرها... أما الآن فالأمر مختلف فبإقراره يمكن لأى فرد مقاضاة أى دولة إذا كانت هناك مجرد مزاعم لدعم الإرهاب....

وعلى الرغم من وجود قانون أمريكى يسمى بقانون «الإخلال بالواجب» وهو قائم بالفعل هناك وفيه يطالب المدعى بإثبات أن هذا الدعم الذى تلقته الجماعة الإرهابية والتى قامت به دولة ما... لعب دورا جوهريا فى الإصابات التى نالت الضحايا.... وهو مطلب يصعب إثباته فما كان من الكونجرس إلا أنه أصدر هذا القانون الجديد لسد فراغ قانونى يستشعره حتى ولو كان على حساب انتهاك سيادة الدول...

لذلك يقول خبراء القانون: «إن قانون جاستا جاء فى سياق توفير أوسع نطاق ممكن للمتقاضين المدنيين للحصول على تعويض من الأشخاص أو الجهات أو الدول الأجنبية...

دعونا نقف على هذا الحرص البالغ من الكونجرس بعدم تجميد هذا القانون والسبب الكامن من ورائه...

أيها السادة إنها السعودية !!!!!!... فلقد تم تفصيل هذا القانون من أجل الضغط عليها وابتزازها على الرغم من طبيعة العلاقات الأمريكية السعودية التى قد تبدو أنها علاقات إستراتيجية إلا أنها المصالح التى تعتبر فى الفكر الأمريكى فلسفة... تقوم عليها وتعيش بها وتتنفسها....

لذلك فآن لدولة برجماتية لا تنظر لمصلحةٍ سوى مصلحتها...

وآن لدولة كأمريكا لا تطمع فى أموال دولة عربية وإسلامية بلغت أصولها لديها ما يزيد عن ٧٥٠ مليار دولار؟!!!...

بل آن لدولة كأمريكا لا تعبأ بإحراج رئيسها .. رئيس أكبر دولة فى العالم !!!!

إذا لا اعتبار لدى أمريكا ولا يشغلها البتة انتهاك سيادة الدول أو حتى إهدار لمبادئ القانون الدولى التى تدعى احترامه والالتزام بمواده أو حتى إحراج رئيس دولتها!!!!...

ليس من المهمل أن يصفع الكونجرس الأمريكى رئيس دولته أو حتى ينقلب على دولة كالسعودية ... وإذا كانت السعودية أدركت تماما سر هذا القانون وعبرت بأسلوب دبلوماسى عن قلقها إزاء صدوره... فلقد أعلنت الكثير من الدول العربية والإسلامية وقوفها بجانب السعودية فى مواجهته....

والحق أن هذا القانون إذا كان يحمل فى ظاهره الشر فمن الممكن أن يكون فاتحة خير للعالم أجمع وخاصة عالمنا العربى والإسلامي...

أليس من الممكن أن تتذرع دولا أخرى باستصدار قانون فى دولتها على هذا النحو يطالب أمريكا أو حتى لشركاتها التى تقع هنا أو هناك؟؟!!..

ما أكثر الجرائم التى ارتكبتها أمريكا ضد شعوب العالم ؟؟!!!....

من الذى محى سكان أمريكا الأصليين من على وجه الأرض؟؟!!!!..... إنها أمريكا .... سمعت أن دعاوى ترفع لبعض من أفراد وعائلات ترجع أصلهم للسكان الأصليين لأمريكا للمطالبة بالتعويض...

من الذى شن الهجوم النووى على مدينتى هيروشيما وناجازاكي؟!!!!! ... أودى بحياة ما يزيد عن ١٤٠٫٠٠٠ ألف شخص فى «هيروشيما»..... و٨٠٫٠٠٠ ألف شخص فى «ناجازاكي».... بحلول نهاية عام ١٩٤٥... ولا زالت إلى الآن تعانى اليابان من آثار هذه الجرائم الشنعاء.....

من الذى شتت شعبا بأكلمه وفرق عراه ودب روح الطائفية فيه؟؟!!!!.... حتى أصبح أشتاتا متفرقة يعانى ويلات الخراب والتدمير.... لقد ذهبت العراق وأخشى ألا تعود... وكانت ديتها اعتذار!!!!!....

إن دولا كثر عانت ويلات التدخل الأمريكى الصارخ فى شئونها فمن سيدفع لها عوضا عمن أصابها من مكروه وسوء؟؟!!!!...

ولعل هذا القانون يكفل لمواطنى العالم العربى بصفة خاصة الحق فى مقاضاة جميع الدول وليست أمريكا فقط التى ساهمت فى وجود ضحايا ومشردين وقتلى بالوطن العربى فى حروب كثيرة وما أكثر هذه الدول؟؟!!!!!...

ولعل هذا القانون أن يكون مسمارا فى نعش أمريكا وبداية حقيقية لنهايتها كدولة عظمى...

يبدو أن الولايات المتحدة لم تدرك بعد أن هذا القانون قد ينقلب عليها ويصبح مدعاة لتداعيات سلبية عليها نفسها من وقف حجم الاستثمارات السعودية والخليجية فيها ومن بيع أصول سعودية تقدر قيمتها بالمليارات .... الأمر الذى يترتب عليه تأثر الاقتصاد الأمريكى ويصبح عرضه لتصفية العديد من شركاته الكبرى ومؤسساته العملاقة...

علما بأنه قد سبق أن أعاد مستثمرون سعوديون أموالا تقدر بالكثير إلى بلادهم والشرق الأوسط والأقصى خوفا من استهداف أصولهم ومن المتوقع أن يتكرر هذا الإجراء بعد صدور هذا القانون المشئوم على أمريكا قبل غيرها...

لذلك أطالب دول العالم أن تتحرك دفاعا عن حريتها وعن إرادتها التى كادت أن تسلب ... تدافع عن سيادتها التى من الممكن أن تغتال فى أى وقت وتحت أى مبرر...

كما أطالب الدول العربية والإسلامية أن تقف بجانب السعودية لا تقبل الضيم أكثر من ذلك على نفسها وعلى عروبتها وإسلامها...

وكفاه ما قامت به الولايات المتحدة من العمل على نشر الفوضى والإرهاب فى عالمنا الذى يئن فيه... فلا ينبغى أن نكتفى بالغضب وإن اتسعت رقعته فى عالمنا العربى إزاء هذا القانون....

كما لا ينبغى أن نرمى أمريكا بالخيانة دون أن نتحرك بصورة تتناسب مع حجم الموضوع وتتفق مع آثاره ونتائجه..

وإذا كانت السعودية مستهدفة وتسعى لتحصين نفسها فإن من واجب الأمة العربية والإسلامية أن تشد من أزرها وتقف بجوارها بشكل إيجابى فاعل وبصورة حقيقية ...

آن لنا أن نحمى أنفسنا لعل الفرصة الآن مواتية لتوحيد الصف العربى والإسلامى أمام هذه التحديات العضال....

كما آن للسعودية أن تعيد النظر فى حجم استثماراتها خارج عالمنا العربى والإسلامى وأن تعمل على الاستفادة به فى دولنا العربية والإسلامية... ليتحقق به الخروج من حالة التيه التى نعيشها والتمزق والضعف والاستهانة بنا وبقدراتنا.....