رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

خير أجناد الأرض

أكتوبر.. انتصار أمة

إن نصر أكتوبر العظيم يمثل النموذج والقدوة لأبناء الوطن من تضحية وفداء أذهلت وغيرت المفاهيم العسكرية العالمية وأنارت المستقبل لتنمية الوطن والحفاظ على سلامة ووحدة أراضيه, ويعتبر نصر أكتوبر 1973 الأول فى تاريخ مصر منذ عهد الفراعنة بعد أن أسست الأسرة السابعة عشر قبل الميلاد أول قوات مسلحة نظامية فى تاريخ العالم.

لم يحدث انتصار حقيقى للجيش المصرى وهو يقوده ضباط من أبناء الوطن حتى نصر أكتوبر المجيد بقيادة الرئيس محمد أنور السادات حيث انتصرت مصر فى حروب عديدة منها الصليبيون فى موقعة حطين بقيادة صلاح الدين الأيوبى والتتار بقيادة قطز ولكن صلاح الدين وقطز لم يكونا مصريين.

إن العقيدة القتالية ظلت متوارثة جيل بعد جيل فى العسكرية المصرية منذ حرب الهكسوس، وحتى حرب العاشر من رمضان ضد العدو الصهيونى والتى أسقطت أقوى حصن فى التاريخ الحديث (خط بارليف) بنفس ما حمله الأجداد من الإيمان والعقيدة القتالية للدفاع عن حدود الوطن، وقبل أن يصل الإسلام إلى مصر قال عنهم الرسول صلى الله علية وسلم: "هم خير أجناد الأرض".

إن الشعب المصرى هو صاحب الانتصار الحقيقى فى معركة العبور العظيم لأنه أصر على النصر هذا الشعب الذى ربط الحزام حتى يستعد الجيش للمواجهة العسكرية مع إسرائيل فبدون استقرار الجبهة الداخلية لم يكن هناك انتصار.

فقد كانت نكسة 1967 ضربة موجعة للشعب المصرى ولقواته المسلحة ولكنه تماسك ووقف بجوار جيشه حتى استعاد ثقته بنفسه، كان الشعب يداً واحدة مسلماً ومسيحياً يصعب التمييز بينهما فكان كل شاب يقدم مساعدة فى تخصصه فلولا تماسك وترابط هذا الشعب العظيم لما استعاد عافيته مرة أخرى بعد نكسة 67 وخاض الجيش المصرى معركة النصر التى هزت العالم وأسقطت هيبة الكيان الصهيونى وقضت على أسطورة «الجيش الذى لا يقهر» حيث ساهمت المرأة فى حملات تطوع فى التمريض، والتبرع بالدم.

كما جمعت تبرعات لصالح المجهود الحربى وقامت العديد من القرى بالتبرع بمخزونها من الأرز والقمح والذرة للجيش كما رفعت أم كلثوم بعد النكسة شعار الفن من أجل المجهود الحربى، وقالت "لن يغفل لى جفن وشعب مصر يشعر بالهزيمة" وتسابق أدباء وفنانو مصر ليحذوا حذو أم كلثوم، مع قادة مصر وزعمائها ورجال الأعمال والمهنيين والحرفيين فى التبرع، ضمن حملة خاصة لدعم المجهود الحربى، التى هدفت إلى دعم قدرات الجيش المصرى وتعزيز إمكاناته.

وإذا نظرنا إلى أحداث 25 يناير عندما تحملت القوات المسلحة المسئولية لمدة عامين عانت فيها الكثير من المصاعب وقاسى أبناءها ضباطا وجنودا من أحداث جسام عصفت بالبلاد وانحازت لمطالب الشعب فى الميادين المختلفة، وكانت جهود المؤسسة العسكرية لتأمين وسلامة المتظاهرين فى ميادين مصر خاصة ميدان التحرير كبيرة جدا.

وفى 30 يونيه استجابت القوات المسلحة لإرادة الشعب ضد الحكم الفاشى وتحملت عبء حماية أرواح المواطنين من حمامات الدم التى كان يخطط لها عناصر الجماعة الإرهابية حسب تصريحاتهم وافتدى أبناء القوات المسلحة بأرواحهم العمليات الغادرة والخسيسة فى العديد من الأحداث وقام أبناء الوطن بحماية الأرواح والممتلكات والمنشآت العامة والخاصة حفاظا على استقرار البلاد وتركزت العمليات الإرهابية ضد أبناء القوات المسلحة فى منطقتى رفح والعريش بعد أن استوطن فيها أعداد كبيرة من العناصر التكفيرية الهاربة من السجون فى 28 يناير بالإضافة إلى العائدين من أفغانستان وسوريا وتلقيهم تدريبا وأسلحة ومتفجرات وعناصر معاونة عن طريق أنفاق رفح مع دعم مالى ولوجستى كبير من قبل أجهزة مخابرات عدة دول إقليمية ولأول مرة تواجه دولة تهديدات خارجية من كل الاتجاهات الاستراتيجية لها فنجد الشمال الشرقى العدو الإسرائيلى بالإضافة إلى العناصر التكفيرية التى تتسرب من خلال الأنفاق برفح وأيضا غربا مع ليبيا لمسافة أكبر من 1050 كيلومترا بعد أن فقدت القوات الحكومية السيطرة على مقاليد الأمور وانتشار العناصر التكفيرية والإرهابية بها.

لقد ساعد الدور الذى قام به الجيش فى تأمين وحماية مطالب الشعب والتعهد برعاية الوصول إليها نقلة تاريخية لمسار الحياة المصرية وحقق الجيش المصرى العظيم ما تعهد به فى يناير 2011 وكانت التحية العسكرية التى قدمها لأرواح الشهداء اعترافا وتقديرا من المؤسسة العسكرية بمكانة وأهمية ما قدموه لصالح ومستقبل مصر وهو ما يؤكد أن الجيش والشعب سيخطوان معا نحو مستقبل مشرق جديد حتى تصل مصر للوضع والمكانة التى تستحقها وأشرف الجيش على المرحلة الانتقالية بكل أمانة ونفذ تعهده بتنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية وتسليم السلطة لبرلمان ورئيس منتخب.

إن العجلة الحربية التى اخترعها المصريون القدماء كانت أبرز تطور للجيش والتى أصبحت سلاحاً هجومياً تميز بالسرعة فى مفاجأة العدو وساعد فى طرد الهكسوس من مصر كما زاد تسليح حملة الرماح والرماة، حيث استخدموا أسلحة جديدة مثل الهراوات والسيوف القصيرة والأقواس المركبة بعيدة المدى، وارتدى الجنود قميص الحرب وهو مصنوع من الجلد ومغطى بقشور البرونز لحماية الجندى وبالتنظيم والتسليح والتدريب أصبح أقوى جيوش العالم فى عصره وأنشأ أسطولاً حربياً حديثاً وأصبحت مصر سيدة بحار العالم بفضل هذا الأسطول وهذا ما تقوم به القيادة السياسية الآن بتسليح القوات المسلحة بأحدث الأسلحة مثل طائرات الرافال الفرنسية التى يمتد مدى عملها لأكثر من 3500 كم والغواصات الألمانية ومنظومة صواريخ الدفاع الجوى "إس 300" الروسية ومقاتلات ميج 35 بالإضافة إلى حاملتى الطائرات (الميسترال) جمال عبدالناصر وأنور السادات لتأمين المصالح الاقتصادية طبقا لحدودها البحرية الاقتصادية لتأمين اكتشافات الغاز فى البحر المتوسط وكذا تأمين الملاحة فى البحر الأحمر كما أن الرؤية الاستراتيجية لم تفصل الأمن القومى المصرى عن الأمن القومى العربى فهو امتداد له والمحافظة عليه يحقق الأمن بمفهومه الشامل فى وقت تمر به منطقة الشرق الأوسط بالعديد من التحديات ومحاولات خارجية لإعادة تقسيم المنطقة، بمساعدة دول من قلب الشرق الأوسط، وأخيرا انتشار ظاهرة الإرهاب العابر للحدود والذى أصبح يمثل التهديد الأهم بالنسبة للمنطقة.